آخر تحديث: الإثنين 15 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
مقومات نصر المقاومة اللبنانية

مقومات نصر المقاومة اللبنانية

تاريخ الإضافة: 2006/08/18 | عدد المشاهدات: 3550
New Page 2

أما بعد، فيا أيها الإخوة المؤمنون:

فكرت ملياً في خطبة اليوم، وصلت في النهاية إلى أن أتحدث باختصار عما يشبه الانتصار الذي كان في لبنان، ومرادي وغايتي في حديثي عن هذا الذي حصل في لبنان: المساهمة في تحديد موقف مشترك بين ثلة من المسلمين السامعين والقارئين والسامعين أيضاً عبر شريط أو قرص.

مرادي أن يكون هناك موقف موحد يساهم في توحيد المواقف الأخرى، عسانا نصل بعد إذ نوحد مواقفنا كلها إلى وحدة تلم شعثنا وتجمع شملنا وترأب صدعنا وتكون غاية مرجوة محققة.

هذه الحرب التي حدثت منذ أكثر من شهر في جنوبي لبنان وضعت أوزارها وقد آن الأوان لتقويمها، ومن أجل تقويم قائم على موضوعية وحيادية أحببت أن أجعل الأمر موضوعنا في هذه الخطبة.

إسرائيل هل دخلت الحرب من أجل الأسيرين ؟ إن كان كذلك، فإسرائيل حسب النتيجة حمقاء وغبية، إن كان الأسيران استعجلا دخول إسرائيل الحرب فإسرائيل حمقاء وغبية لأنها دخلت من أجل جنديين على حد زعم من يقول ذلك فخسرت من أجلهما أكثر من مئة وخمسين جندي حسب اعترافها وأنا أقول الأخبار متأكداً منها، وإن كانت إسرائيل قد دخلت الحرب لأنها تريد أن تدخل هذه الحرب إن لم يكن في هذا الوقت ففي وقت لاحق فهي أيضاً فوجئت بقوة واجهتها ولم تنتظر أن تكون المواجهة على الشكل الذي وقعت، في كلتا الحالتين إذاً حصل خذلان لإسرائيل شئنا أم أبينا، خسرت جنوداً، خسرت عتاداً، خسرت هيبة، خسرت أشياء كثيرة.

إن سميت الطرف المواجه منتصراً فأنت على حق لأن إسرائيل خذلت وإن لم تسم الطرف الآخر منتصراً ناظراً أنت إلى الخسائر التي تكبدها الطرف الآخر إلى الخسائر المادية والخسائر البشرية والخسائر الأخرى فلا أقل من أن تسميه إن لم تسمه انتصاراً فلا أقل من أن تسميه موقفاً شجاعاً، وبذلك نكون قد اتفقنا سميته انتصارا أو لم تسمه انتصارا فإنه في النهاية موقف شجاع. أرأيت إلى هذه المقاومة التي استطاعت أن تقف أمام الجيش الكبير الكبير وأمام العدة الكبيرة الكبيرة وأمام من لم يستطع أن يقف أمامها جيوش بأسرها، وقفت المقاومة أمام هذا الجيش الكبير الجرار أكثر من ثلاثين يوماً وأوقعت فيه خسائر بشرية ومادية ومعنوية ولعل الخسائر المعنوية كانت أكبر الخسائر، من هنا أقول: فلنستفد ولنفد من هذا الذي حصل. المقاومة انتصرت أو وقفت موقفاً شجاعاً موقفاً يكاد يصل إلى موقف الندية أمام جيش كبير عرمرم كما يقال، السؤال الذي أردت أن أطرحه أو العبر التي أردت استخلاصها من هذا هي ما يلي:

ترى ما عوامل هذا النصر أو الموقف الشجاع الذي عجزت دول بأسرها عن أن تقفه، ما مقومات هذا الموقف أو هذا النصر ؟ مقومات هذا النصر أو الموقف الشجاع في رأيي أربعة أمور:

الأمر الأول: الإيمان بالله: المقاومة التي قاومت إسرائيل عبر ثلاثة وثلاثين يوماً مقاومة إسلامية مؤمنة بالله. لذلك أغتنم الفرصة لأقول للجيوش العربية كلها وللضباط العرب في هذه الجيوش وللقائمين على هذه الجيوش: ركزوا الإيمان في قلوب جيوشكم إن أردتم النصر مستقبلاً ، الإيمان بالله عنصر ومقوم من مقومات النصر أو الموقف الشجاع، المقاومة الإسلامية عمقت الإيمان بالله من خلال عبوديتها، والله عز وجل سينصر من آمن به معتقداً تمام الاعتقاد وداعماً هذا الاعتقاد بعمل قوي متين صالح مرضٍ لله عز وجل: ﴿فأوجس في نفسه خيفة موسى قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى﴾  لماذا ؟ لأن الله أراد للمؤمنين أن يكونوا الأعلين ﴿ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين﴾ لذلك نغتنم ونؤكد ونقول: أيتها الجيوش العربية، أيها الحاكمون في كل بلاد العرب: إن أعرضتم عن الإيمان ركيزة أساسية فلن تنصروا شئتم أم أبيتم. قضية وسنة إلهية لا يمكن العدول عنها، الإيمان المتين الإيمان القوي هو العنصر الأول ﴿إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم﴾، ﴿إن ينصركم الله فلا غالب لكم﴾ الأمر واضح، لذلك أؤكد وأكرر وأنادي وأناشد القائمين ويحق لي أن أنادي جيشنا السوري بشكل خاص لأقول له: ركز إيمانك بربك، قوِّ إيمانك بربك ادعم إيمانك بربك بعبودية خالصة فهذا ركن من أركان النصر إن أردته هذا مقوم من مقومات النصر إن ابتغيته وإلا فالقضية لاشية أي لا شيء فيها ولا خير فيها.

المقوم الثاني: الوحدة والاعتصام: وأنا أحمد في هذه المقاومة اللبنانية أن وحدت نفسها مع الشعب اللبناني ومع الشعب العربي ومع الأمة كلها تكلمت باسم الشعب اللبناني كله وتكلمت باسم الشعب العربي كله تكلمت باسم الشعب المسلم كله وكأني بها عقدت العزم على أن تكون تحت قبة الوحدة من أجل الانتصار، والوحدة أساس من أجل النصر أو من أجل الموقف الشجاع ﴿ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم﴾، ﴿إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص﴾ ولا يحب الذين يقاتلون في سبيله متفرقين وإذا لم يحبهم الله فلن ينصرهم، أنا أقول الآن: أيتها المقاومة اسمحي لي أن أوجه لكِ نصيحة محب، فها أنت وقفت موقفاً شجاعاً أو انتصرتِ أنصح نفسي وأنصحكِ أن تعلني الوحدة راية أثناء الحرب وبعد الحرب انتصرت في معركة عسكرية أريد منكِ أن تنتصري في معركة فكرية، أن تنادي بالإسلام الأوسع فلا فئوية ولا حزبية ولا مذهبية بل الإسلام الأوسع هو الدائرة التي نريد أن ندعو المسلمين إليها كافة. نريد أن نتخلى عن صفة زائدة على إسلامنا تفرقنا وتجعلنا شيعاً وأحزاباً، نريد أيتها المقاومة أن تتمسكي بالإسلام الأوسع أن تكوني صاحبة ريادة في إيجاد الوحدة على أرض الواقع. أكرر وأؤكد لا مذهبية لا فئوية لا حزبية وإنما الإسلام الأوسع الذي يجمعنا جميعاً من غير صفة زائدة تفرقنا " لنلتقِ دون ألقاب أفلا يكفينا الإسلام ؟ " الوحدة مبتغانا وحدة المسلمين على القرآن الكريم وشخصية سيدنا وحبيبنا وقرة عيوننا محمد صلى الله عليه وآله وسلم على هذا سنسير معاً. علينا أن ننادي بلا إله إلا الله راية تجمعنا ولا تفرقنا وعلينا أن ننبذ الخلافات التي تفرزها المذهبية الضيقة، المذهبية التي يحترم كل منها الآخر هي رداء جميل نلبسه ونحوزه، لكن المذهبية التي لا تعرف إلا الضيق والشحناء والتباغض والاقتتال رداء نرفضه لأنه يمسخنا ويزيلنا عن مسارنا الذي يرضي ربنا وبالتالي فلن نقبل به.

المقوم الثالث: المقاومة الإسلامية حرصت على المسؤولية الوطنية وبعبارة أخرى أحبت وطنها وأنا أعتقد أن حب الوطن مقوم من مقومات النصر إذا لم تحب وطنك لم تقاتل قتالاً يستمطر النصر، أحبَّ وطنك فالمقاومة الإسلامية في لبنان أحبت وطنها فأحبوا وطنكم أيها العرب اقتدوا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم كان يحب مكة لأن مكة وطنه يوم كان يحب الأرض لأن الأرض كلها مسجد (وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً) فعليك أن تحب الأرض كلها لأنها مسجد ، لكننا نحب بعض الأرض أكثر من بعض وهذا أمر طبيعي، نحب مكة لأنها منطلق البعثة منطلق الإسلام، نحب المدينة لأن المدينة مسكن الضمير وضميرنا هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، نحب القدس أكثر من غيرها لأن القدس هي مركز خلافة إسلامية منتظرة (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين ولعدوهم قاهرين قيل أين هم يا رسول الله ؟ قال: في بيت المقدس وعلى أكناف بيت المقدس) نحن نحب القدس ومكة والمدينة ونحب سائر الأرض لأن مكة والمدينة والقدس رموز وبالتالي لا علينا إن أحببنا هذه الرموز أكثر من غيرها والإنسان يحب الرمز أكثر من غيره ويميل إلى الرمز لأنه إن فقد الرمز ربما فقد المرموز.

عمقوا المسؤولية الوطنية عن أرضكم، عن بلادكم، أحبوا سورية أيها العرب أيها المسلمون أيها الجيش أحبوا سورية أحبوا أرض سورية من أجل أن تدافعوا عن سورية أحبوا فلسطين من أجل أن تدافعوا عن أرض فلسطين، المقاومة أحبت لبنان فدافعت عن لبنان وأحبت القدس فدافعت عن القدس وأقسمت في أن تزيل من احتل القدس وفلسطين وهذه غايتها الاستراتيجية لن تنتهي عنها حتى وإن حوصرت في كل غاية شريفة كما تحاصر في هذه الغاية.

المقوم الرابع: اتخاذ العدة، بنت شبابها اتبعت أمر ربها عندما قال: ﴿وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم﴾ فقد أعدت العدة عملت على أن تملك العدة المناسبة التي تستطيعها والتي تطالها يدها وسعت من أجل ذلك.

أقول: المقاومة الإسلامية في لبنان انتصرت أو اتخذت موقفاً شجاعاً، كانت صاحبة موقف ولا أشكك أبداً على الإطلاق حينما أتحدث عن المقاومة الإسلامية في لبنان بالمقاومة الإسلامية في فلسطين فالمقاومة الإسلامية في فلسطين انتصرت أيضاً انتصرت فعلاً لأنها ثابتة ولأنها صابرة ولأنها متابعة ولأنها تقدم الشهيد تلو الشهيد وهي التي تتابع وهي تقدم الشهداء تتابع القول: إسرائيل يجب أن تتخلى عن فلسطين لأن فلسطين ليست لإسرائيل وإنما فلسطين هي للفلسطينيين.

وضعت المقاومة الإسلامية على اختلاف أسمائها من حماس وجهاد وسرايا القدس والأقصى و... وحتى الفصائل الأخرى فإنني لا أنفي عنها إسلاميتها فالمتبعون لها مسلمون همهم إسلام قد يختلفون في التصورات عن الفصائل الإسلامية الأخرى الأكثر إسلامية والأكثر وضوحاً في انتمائها للإسلام إلا أنهم لم يتخلوا عن إسلامهم فإسلامهم هو الوقود الذي يدفعهم من أجل أن ينشطوا في قتال أو صراع أو حوار أو مهادنة هذا أمر يجب ألا نشك فيه.

أقول: لقد انتصرت المقاومة الإسلامية في لبنان لأنها اتخذت العدة المناسبة (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة) وهذا يعني ضرورة اتخاذ العدة ومتابعة التسلح من أجل موقف كهذا الموقف الذي اتخذته المقاومة الإسلامية في لبنان ومن أجل ساعة الصفر مادام العدو يسلح نفسه باستمرار ومادام العدو يسلح نفسه بأسلحة هي قنابل أحياناً طائرات أحياناً ودبابات أحياناً هي قنابل ذكية كما سمعنا في هذه الحرب أحياناً، فما علينا إلا أن نواجه هذا العدو المتسلح بتسلح أيضاً بحسب إمكانياتنا وقد قلنا أكثر من مرة (من جهز غازياً فقد غزا) أعدوا العدة.

في النهاية فليسمح لي إخوتي في المقاومة الإسلامية في لبنان وفي فلسطين أن أزف لهم بشارة من سيدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما قال: (ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار) و (عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله) والحديثان صحيحان.

أسأل الله عز وجل أن يوفقنا لكل خير وأن يعصمنا من كل شر، اللهم إنا نسألك شفاء من كل داء وأسألك نصراً على الأعداء نعم من يسأل ربنا ونعم النصير إلهنا أقول هذا القول وأستغفر الله.

التعليقات

شاركنا بتعليق