آخر تحديث: الثلاثاء 23 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
الأسرة بين التأسيس والتكوين

الأسرة بين التأسيس والتكوين

تاريخ الإضافة: 2006/11/03 | عدد المشاهدات: 3582

أما بعد، فيا أيها الإخوة المؤمنون:

نحن نتحدث في كثير من الأحيان عن أهمية الأسرة في الإسلام وفي المجتمع، وكلنا يقول ويردد: إذا صلحت الأسرة صلح المجتمع وإذا فسدت الأسرة فسد المجتمع، هكذا نقول ونردد وأعتقد أن قولنا هذا عن قناعة، ومن منا لا يقتنع بأن الأسرة هي أساس المجتمع، ومن منا ينكر أهمية الأسرة من أجل أن يكون المجتمع مجتمعاً صالحاً قوياً متماسكاً، لكن المشكلة هي أن الأسرة اليوم ضيعت، أن الأسرة اليوم تاه أفرادها، أن الأسرة اليوم لم يعرف مُكوِّنوها واجباتهم تجاه بعضهم، ولذلك اعذروني إن قلت بدأ التآكل يزحف نحو الأسرة وبدأ التشتت والتفتت ينال من الأسرة وبدأت الأسر اليوم في مجتمعنا في صورة لاترضي هذا ولا ذاك. الأب مضيع والأم مهملة والأولاد يتناحرون، لا يعرف الأب كيف يمسك بزمام الأسرة ولا تخاف الله المرأة فيما يخص أسرتها فهي تتنادى مع مثيلاتها إلى التبذير، إلى البذخ، إلى التيه، إلى تضييع الوقت، إلى كل الأمور التي تؤدي بالإنسان أخيراً إلى أن يكون لا إنسان.

لذلك قلت بيني وبين نفسي بعد أن طرح عليَّ بعض الأخوة أن تكون إحدى الخطب تتعلق ببر الوالدين، قال لي هذا الأخ: هلا حدثتنا عن بر الوالدين ؟ قلت: لن أحدثك عن بر الوالدين فحسب، سأحدثك عن الأسرة بكليتها، عن هذا الكيان المقدس الذي أراده الإسلام كياناً ناصعاً أبيض طاهراً عفيفاً، حجراً قوياً متيناً، أراده الإسلام لبنة في صرح المجتمع المنشود المتآلف المتضامن المتعاون المتباذل المتناصر، ومن أجل أن يكون الكلام واضحاً وبيناً ومستقبلاً من قبلكم بشكل بين وواضح، سأتحدث عن الأسرة حديثاً مُفَقَّراً، أي ذا فقرات، آملاً أن يكون حديثنا اليوم مورثاً إليكم ومتسقبلاً من قبلكم بشكل مضبوط، عسى أن يكون هذا الشكل وهذه الهيكيلية ماثلة في أذهانكم دائماً، لأنني سأتوجه بالحديث إلى جميع أفراد الأسرة.

قبل الحديث عن جميع أفراد الأسرة أقول لكم: الأسرة في مرحلة التأسيس، والأسرة بعد مرحلة التكوين والتأسيس.

أما ما يخص مرحلة التأسيس علينا أن نهتم بأمرين اثنين، ينبغي أن نجعلهما وفق شريعة ربنا لأن شريعة ربنا جاءت من أجلنا، من أجل صالحنا، جاءت من أجل نفعنا، التأسيس يقوم على أمرين اثنين:

الأمر الأول: هو حسن الاختيار، أيتها المرأة أريدك أن تختاري صاحب الخلق والدين، أيها الرجل أريدك أن تختار صاحبة الخلق والدين.

أنتم مسلمون وأنتم مقتدون بالنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ورسول الله يقول والحديث معروف لديكم ولا شك بأنكم تسمعونه في حفلات الزواج وفي حفلات العقود يقول عليه وآله الصلاة والسلام فيما يخص المرأة: (تنكح المرأة لأربع: لدينها، لمالها، لحسبها، لجمالها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) رواه البخاري وفي رواية لأحمد (فاظفر بذات الدين والخلق تربت يداك)، حدثني عن مجتمع يسعى رجاله إلى ذات الدين والخلق، حدثني عن مجتمع تسعى النساء الأمهات إلى ذوات الدين والخلق من أجل أبنائهن، حدثني عن التقصير الكبير، عن البون الشاسع وعن الفجوة التي تفصلنا في حالنا عن هذا الحديث الشريف الذي نتغنى به دائماً في مجالسنا أمام الآخرين أمام غير المسلمين، نقول لهؤلاء: إن ديننا يحض على اختيار ذات الخلق والدين، إن ديننا عظيم لأنه يحض على اختيار الأمر الذي يبقى مع الإنسان بل يزداد فهو الذي لا يحض على اختيار ذات المال لأن المال ظل زائل، ولا يحض على اختيار ذات الجمال لأن الجمال يذبل، ولا يحض على اختيار ذات الحسب لأن العبرة في الإنسان بعمله أكثر من أن تكون العبرة بحسبه، هكذا نقول للآخرين لكن الواقع مخالف ومباين.

وأما اختيار الزوج فها هو النبي عليه وآله الصلاة والسلام – ولا أزيدكم علماً بالنصوص فأنتم تعرفون هذا – أوليس النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال كما جاء في صحيح الإمام مسلم: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) هل نبحث عن ذي الدين والخلق ؟ هل نقف معلنين القبول أمام ذياك الإنسان الذي يتمتع بالخلق والدين لنفضله على ذي المال، على ذي الجاه، على ذي المنصب، القضية تحتاج إلى دراسة بينكم وبين أنفسكم.

أيها الإخوة: في التأسيس نتحدث عن الاختيار، فاختاروا ما الله أمركم أن تختاروا وما الرسول عليه الصلاة والسلام طلب منكم أن تختاروا.

الأمر الثاني الذي يتعلق بالتأسيس: التيسير المادي، عدم الكلفة، ألم تسمعوا بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الذي يرويه الإمام أحمد: (إن من يُمن المرأة تيسير صداقها) سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن رجلاً تزوج بأربع أواقٍ من فضة فغضب وقال: (كأنكم تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل) لماذا هذا التغالي ؟ أنا لا أتحدث عن التغالي في المهور فحسب، لكنني أتحدث عن السَّرَف والإسراف، عن التبذير الذي يلف العرس كله والذي يلف الزواج كله، فالشباب خائفون والشابات خائفات لأن ما يلزمهم ويلزمهن من تكاليف يفوق القدرة والطاقة، فإن لم يفعلوا ولم يفعلن فسيلقوا وسيلقين المعرة من قبل الآخرين والسبة والشتم، لذلك يفضلون ألا يكونوا في عداد أولئك الممتهنين من قبل الناس وبالتالي يتوجهون فيعدلون عن الزواج، يا ويح أمة شغلها مظهر الزواج عن حقيقته، يا ويح أمة شغلها الإسراف والسرف في عقد الزواج عما يجب أن يسعوا إليه من أسرة رحيمة قوية متماسكة أخلاقية طاهرة عفيفة تبني كينونتها على ضوء من تفاهم وتعايش ودين ومحبة وعمل دؤوب وانتاج ينفع المجتمع.

التأسيس من أجل أن يكون حسناً يجب أن يقوم على أمرين: حسن الاختيار وعلى عدم الإسراف فيما يخص المهر، فيما يخص عقد الزواج، فيما يخص حفل الزواج، فيما يخص ما يجب أن يأتي به الزوج إلى بيته، فيما يخص كل هذه الأمور التي تعرفونها أكثر مني و لاشك في أنكم تعانون ما أعاني وتلحظون ما ألحظ.

أنتقل بعد التأسيس إلى التكوين:

بكل بساطة الأسرة تقوم على أربعة أمور بعد إذ تكونت من أجل أن تكون أسرة ناجحة.

الأمر الأول: طاعة واعية من الزوجة لزوجها، واسمعوا مني بشكل واضح أقول: طاعة واعية من الزوجة لزوجها. ولطالما كررنا حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم القائل عندما جاءت النساء تقول للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من خلال إحداهن: "أنا وافدة النساء إليك يا رسول الله الرجال يجاهدون معك ولا جهاد لنا" وليس لنا من أجر الجهاد شيء فقال لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أبلغي من لقيتِ من النساء أن طاعة إحداكن لزوجها يعدل الجهاد في سبيل الله) أؤكد على أني أنادي إلى الطاعة الواعية من قبل الزوجة لزوجها ولا أريد طاعة عمياء، ولا أريد من الزوج أن يتعسف في استخدام هذا الحق على زوجته تجاهه ليجعل منها دمية تتحرك أو آلة خاضعة بكل مفاصلها وهيكلها وأزرارها إلى نزواته وهفواته وسطواته.

الأمر الثاني: حسن خلق الزوج مع زوجته، أيها الزوج كن ذا خلق حسن مع زوجتك، قال صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في سنن ابن ماجه: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) ويقول صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في البخاري ومسلم: (استوصوا بالنساء خيراً) وجاء في البخاري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا يَفْرَك مؤمن مؤمنة – أي لا يبغض زوج زوجته – إن كره منها خلقاً أعجبه منها آخر) بروايات مختلفة تصب في مصب هذا الذي قلت.

لا تنظر إلى عيوب زوجتك بعد إذ تتزوجها من أجل أن يكون ذلك مبرراً لزواج ثانٍ لا فائدة منه، لا غاية منه سوى أن تشبع النزوة والشهوة، ولا تبرير له أو – لا سمح الله – لا تجعل هذا الكلام مبررا من أجل أن تكون مع الضائعين التائهين المرتكبين للجرائم والآثام، إياك أيها الإنسان فأنت عاقل هكذا نتعامل معك ومن الأصل وبناء على الأصل أنت صاحب خلق ودين فأين الخلق والدين، عندما تتوجه إلى امرأتك وقد كرهت منها خلقاً فلم تنظر إلا إليه ونسيت الأخلاق الأخرى التي تحفك بها والتي تتحفك بها والتي تلفك بها.

الأمر الثالث: بر الوالدين، هيا إلى بر الوالدين، أصبحنا نعيش في مجتمع له رائحة العقوق، بل أصبحت هذه الرائحة تزداد، فما من بيت إلا وهناك ولد عاق لوالديه بحجة أو بأخرى، انظروا بيوتاتنا، وكلنا كما يقال: من حي صغير أو من قرية صغيرة، أو من بلد يعرف أهله بعضهم بعضاً، ما من بيت إلا وفيه عاق هل هكذا أمرتم يا شبابنا ؟ هل هكذا تقتضي المدنية والحضارة والتقدم والتطوير والتحديث ؟ هل يقتضي منكم التطور والتقدم والعلم والمعرفة والدراسة والجامعة أن تكونوا عاقين لآبائكم وأمهاتكم ؟ إياكم والعقوق فالعقوق ظلم عظيم، العقوق كالشرك، تحدتث عن العقوق لا أريد أن أفيض فيه لكنني أؤكد على اجتنابه فهو من الكبائر وهو من الآثام وهو من الأمور التي تضر بالمجتمع وتجعل المجتمع مجتمعاً متفلتاً لا قيم فيه، مجتمعاً لا يصلح أن يكون مجتمع خير أو مجتمع أسوة للمجتمعات الأخرى، نحن نرى أنفسنا ونحن نتعالى على الناس الآخرين في الغرب قائلين لهم: إن الإسلام يجعل العقوق جرماً كبيراً وعظيماً، لكننا وأيم الحق إن لم أقل الجميع لكن جلَّ أبنائنا واقعون في العقوق، اسمع أيها الولد حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي يرويه البيهقي: (ما من ولد ينظر إلى والديه نظرة رحمة إلا كتب الله له بكل نظرة حجة مبرورة، قالوا: وإن نظر في اليوم مئة مرة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: نعم الله أكبر وأطيب، الله أكبر وأطيب).

أيها الأحبة في أي طريق نحن نمشي ونسير ؟ في طريق الدمار والخراب، انظروا إلى مجتمعاتنا أصبحت مجتمعاتنا متناحرة، وهذا أتى نتيجة أن أسرنا أصبحت متناحرة متنافرة، المجتمع بشكل عام يعبِّر عن الأسرة المكونة لهذا المجتمع،أصبحت مجتمعاتنا متناحرة دموية يقتل بعضنا بعضاً، يتناول بعضنا الآخر، لا يحب بعضنا الآخر، يسعى كل واحد منا من أجل أن يزيل الآخر عن مكانه وإن أضر به هذا الأمر لكنه يريد مصلحة نفسه التي يقدمها على كل المصالح الأخرى حتى ولو كانت على حساب مصالح الآخرين، انظروا مجتمعاتنا، انظروا العراق – حمى الله بلادنا مما يحدث في العراق – انظروا لبنان وحمى الله لبنان مما يمكن أن يحدث فيها كما يحدث في العراق، انظروا بلادنا انظروا مدننا انظروا هذه المجتمعات التي نعيش فيها.

المجتمع بشكل عام لا ترضى عنه ولا يمكن أن ترضى عنه، أقول: إن المجتمع مكون من الأسر، نحن لم نحسن إلى الأسرة وبالتالي حصدنا الإساءة من خلال المجتمع من خلال كل المجتمع من خلال أفراد المجتمع من خلال تكوين المجتمع وهكذا.

الأمر الرابع: الإحسان من الوالدين للأولاد، نحن مقصرون أيضاً آباءً وأمهات فيما يتعلق بنظرة الرحمة بالإحسان إلى الأولاد، سمعتم قصة الأقرع بن حابس التي أرددها باستمرار كما جاء في البخاري (دخل الأقرع بن حابس على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرآه – أي رأى النبي – يقبل الحسن والحسين فقال الأقرع: يا رسول الله إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحداً منهم، نظر إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال: أوأملك لك إن كان الله قد نزع من قلبك الرحمة من لا يرحم لا يرحم) قلت لأصدقاء، لأصحاب من منكم يصل ولده إلى التاسعة، العاشرة، الثالثة عشرة، من منكم يتابع تقبيل ولده وقد صار شاباً ؟ من منكم يتناول كل ما يمكن أن يكون جسراً رائعاً طيباً تجاه ولده ؟ من منكم يتابع الكلام الخير المعطاء الذي ينسب إلى الدلال والوصال مع ولده مع ابنته مع حفيده مع أسباطه ؟

كل كلام الآباء إلا من رحم ربي قاسٍ فيه عنجهية، فيه قسوة، فيه نبرة لا تقل لي أيها الأب: أتريدني أن أعامل ولدي العاق معاملة حسنة ؟ نعم أريدك أن تعامل ولدك العاق معاملة حسنة، أنت الذي تقول لي صباح مساء ﴿ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً﴾ ثم تقول لي ﴿ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم﴾ نعم وإلا فأنت لست مؤمناً على المعيار الذي ذكره سيدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الذي يرويه البخاري: (ليس الواصل بالمكافئ لكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها)، أنا لا أريد أن أخاطب الآباء وقد خاطبت الأبناء قبلاً حتى لا يقول الآباء ربما طمعت الأبناء، أنا أتحدث إلى الأبناء والآباء وإلى الزوجات والأزواج المشكلين للأسرة والمكونين لها الذين في النهاية تتكون منهم الأسرة وتعتبر من خلالهم الأسرة.

رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في سنن البيهقي رجلاً جاءه ابنه وكم يفعل هذا كثيرون منا، جاء ابنه الذكر فقبله وأجلسه في حجره ثم جاءت ابنته فلم يقبلها وفي روايه قبلها وأجلسها بجانبه نظر إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم غاضباً وقال له: (والله ما عدلت بينهما).

يا أمة محمد اقرؤوا سيرة محمد فيما يخص هذا الشأن أنتم الذين تقولون عن أنفسكم وتدافعون على حسب رأيي عن سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وتقولون لأولئك الذين رسموا الرسوم تقومون وتتهيجون ولكن أين حفاظكم أين صونكم وأين رعايتكم لتعاليم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ؟ وأين قراءتكم لسيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ؟ إني لأرى الغضب من أجل محمد غضباً من أجلكم أنتم لا أكثر ولا أقل وإلا من يغضب لشتم محمد ينبغي ألا يكون بعيداً عن التأسي والاقتداء بسيرة محمد عليه الصلاة والسلام ؟ أين اتباعكم لمحمد فيما يخص الأسر ؟ أين اتباعك أيها الأب أيتها الأم أيها الزوج أيتها الزوجة أين اتباعكِ لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم ؟ أيها الآباء ورد عن سيدي رسول الله أن هذا النبي كان في بيته يخصف نعله ويرقع ثوبه يكون في خدمة أهله. من منكم أيها الأزواج يفعل هذا ؟

ورد عن السيدة عائشة زوجته حسبما جاء في طبقات ابن سعد بسند حسن سئلت عن رسول الله فقالت: كان ألين الناس بساماً ضحاكاً. هل أنت ألين الناس مع أهلك ؟ هل أنت بسام ضحاك مع أهلك ؟ أم أنت تغير الوجه حينما تدخل بيتك وتلقى أهلك تضع الوجه العبوس القمطرير الذي لا يمت إلى رحمة ولا إلى شفقة ولا إلى مودة بصلة ؟

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال عنه سيدنا أنس خادمه وقد خدمه عشر سنين: ما رأيت أحداً أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

أين رحمتكم أولادكم ؟ أين رحمتكم أزواجكم ؟ أين رحمتكم زوجاتكم ؟ أين رحمتكم أمهاتكم ؟ فكروا في هذا إن كنا جادين ولكننا الآن أمة قوالة وحتى القول لم تعد تحسنه، إننا أمة في أحسن أحوالنا أمة قوالة ولا تعرف العمل ولا تعرف الفعل ولا تتوجه إلى الفعل ولا تتوجه إلى العمل، في أحسن أحوالنا أمة قوالة لا تحسن القول، ولكنها تدعي بأنها تمتلك أقوالاً حسنة غير أنها في حقيقتها إن أرادت أن تقول هذه الأقوال فلن تستطيع لأن لغتها ضاعت وشخصيتها ضاعت ووجودها أصبح وجوداً مقزماً، ولأن الأوضاع التي تلفها أصبحت في حالة من الفوضى لا تمت إلى نظام بصلة ولا تمت إلى أي شيء يمكن أن يسمى إنسانياً بصلة، اسمحوا لي أن أقول لكم في نهاية الخطبة: إسلام أو لا إسلام وكفانا أن يأتي الواحد منا إلى المسجد من أجل أن يقضي ما عليه من فرض، كفانا أن نؤدي الفرض للفرض على أنه فرض ثقيل ولعلكم تلحظون هذا ولا تؤاخذوني إن قلت والعاقل ينصح من خلال الواقع انظروا يوم الجمعة في أيام الشتاء كيف أن المصلين يأتون بعد ربع ساعة وكيف أن المصلين يأتون بعد نصف ساعة انظروا أوضاعنا وهذا يدل على أننا لا نكترث بالفائدة التي يمكن أن تكون مقدمة، لكننا أمة نتعامل مع الله على سبيل المثاقلة، الله يثقل علينا بالفروض تلبية لأوامر الله القوية التي تفرض علينا من قبله وخوفاً من أن ندخل النار مجرمين خالدين فيها فنحن نؤدي الفريضة على أنها ثقل كبير جداً على أكتافنا وقلوبنا وعقولنا وعيوننا، ما هذا يا إخوتي ؟ ما هكذا تورد الإبل يا سعد – كما يقول المثل العربي – أسأل الله أن يوفقنا، صرت أستحي من أن أدعو الله لأننا تركنا العمل واتجهنا إلى الدعاء لكنني على الرغم من ذلك أسأل ربي أن يوفقنا من أجل أن نكون واعين أن نكون صادقين من أجل أن نكون عاملين من أجل أن نكون مخلصين، نعم من يسأل ربنا ونعم النصير إلهنا أقول هذا القول وأستغفر الله.

ألقيت بتاريخ: 3/11/2006

التعليقات

علي كراز

تاريخ :2007/08/06

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اليوم ساتكلم عن بر الوالدين. ان بر الوالدين لهم فضل كبير يسهرون الليل كله عندما نكون صغار او نمرض وقال تعالى(لا تقل لهما اف ولا تنهرهما) كان يوم رجل جالس مع اباه عند المقبرة وكانا يتحدثان ولما غضب الرجل على اباه قام بضربه فمات ابوه عند المقبرة وفي يوم تالي الرجل الذي ضرب ابوه كبر واصبح في المكان الذي ضرب ابه فيه وكان جالس هو وابنه يتحدثان فقام الولد بضرب والده فمات الرجل يا سبحان الله لذا بر الوالدين هو احسن من ان تقول لوالديك اف او تنهرهما لذا يحاسب الله على كل هذه الاعمال وشكراً.

فدوى العلمي

تاريخ :2007/09/27

انا احبكم جميعاكلكم

شاركنا بتعليق