آخر تحديث: الثلاثاء 03 ديسمبر 2024      
تابعنا على :  

نشاطات حلب عاصمة الثقافة الإسلامية

   
لهذا اختيرت حلب عاصمة للثقافة الإسلامية فيا أبناءها برّوها وحيّوها بحب

لهذا اختيرت حلب عاصمة للثقافة الإسلامية فيا أبناءها برّوها وحيّوها بحب

تاريخ الإضافة: | عدد المشاهدات: 3671

نشرت صحيفة تشرين الصادرة في دمشق وضمن ثقافة وفنون بتاريخ: الاثنين 27 آذار 2006 المقال التالي:
لابد في البداية من تعريف الثقافة التي هي ـ في رأيي ـ القدرة على تحويل المعطى المعرفي إلى سلوك، وبناء على ذلك فالثقافة الإسلامية في حلب تعني: المعطيات المعرفية الإسلامية التي حوّلها أبناء حلب إلى سلوك، وأهم هذه المعطيات المعرفية الإسلامية: التسامح الإنساني وحسن الجوار، والعمل النافع من صناعة وزراعة وتجارة، والعلم والتعليم، فلقد شهدت هذه المدينة البيضاء ـ حساً ومعنى ـ منذ منتصف القرن السابع ازدهاراً أدبياً وعلمياً واقتصادياً متزايداً، وكانت خلال مدة غير قصيرة نقطة تواصل فعّال بين الشرق والغرب، وهي المدينة التي ظلّت حتى أيامنا هذه مثالاً ناصعاً لتعايش الأديان والقوميات المختلفة وتعاونها وتعاضدها، وهذا ما حضّ عليه الدين الإسلامي الحنيف ـ دين أغلب الحلبيين ـ عبر نصوصه القرآنية الكريمة والنبوية الشريفة فالله عز وجل قال: ﴿وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم والنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم قال: "اتق الله حيث كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن".

نعم لقد بقي المجتمع الحلبي المكوّن من هذه الفسيفساء الدينية والقومية الواسعة أنموذجاً للمجتمع المتآلف المتسامح، فلم تشهد حلب عبر تاريخها الطويل ما يشبه تلك الفتن والحروب الدينية والقومية التي وقعت في أمكنة أخرى من العالم أمس واليوم.

فأهلاً وسهلاً بكل رواد الثقافة الإنسانية الجادة النافعة الواعية في حلب وهي تُزف ـ عامنا هذا ـ عاصمة للثقافة الإسلامية، ومرحباً بهم في المدينة التي اختارها الإنسان وطناً له منذ الألف الرابعة قبل الميلاد، واستمر على ذلك مدفوعاً بحبها إلى يومنا هذا، وحيّهلا بكل الأطياف الإنسانية وهي تُدعى إلى البلدة الأقدم بين مدن الدنيا، والمدينة الإسلامية الوحيدة في العالم التي تضم تراثاً عمرانياً يمثل كل المراحل الإسلامية ابتداء من «جامع الشعيبية» الذي شُيّد في السنة السادسة عشرة للهجرة، ومروراً بالآثار الشاهدة على العصور الزنكية والأيوبية والفاطمية والمملوكية والعثمانية، وانتهاء بما تنتجه أنامل أبنائها البررة من عمران يشكل حلقة متناغمة مع سائر الحلقات في السلسلة الرائعة النيرة. ‏

فيا حلب سيف الدولة والفارابي وابن سينا وابن خلدون وابن جني وأبي فراس والصنوبري والأصفهاني، ويا مدينة القلعة الحصينة الكبيرة التي ردّت عن ثرى حلب غزوات الطامعين، عهداً أن أذكرك أبداً رد بعض وفاء، وأحميك وأرعاك؛ يا بلدة مرابعي ومراتعي، يا مدرستي وروضتي وملعبي ومسجدي، يا أرضي وسمائي. ‏

وها نحن أولاء "أبناء حلب" قد عقدنا العزم في هذه السنة أن نقيم الندوات والمحاضرات، ونرمّم المساجد والمعابد والمدارس والساحات، ونُزيّن الشوارع والمحال والعاديات، ونتبادل فيما بيننا كل التحيات، التي تدفعنا للتعاون والتسامح والتناصر والتباذل وهذا أقل الواجبات. ‏

فتابعوا يا أبناء حلب نهج الوفاء لمدينتكم وبرّوها فهي البيت والوطن والملاذ والموئل، وهي الواحة الفيحاء نلوذ بها كلما لفحنا هجير الحياة، وليكن عام حلب عاصمة للثقافة الإسلامية انطلاقة لمسيرة بناء وعطاء ورعاية وحماية لحلب الغالية. ‏

وإليك تحية حب في النهاية فاسمعيها يا غالية: ‏

يا مدينة الحب والوئام، يا مدينة الأمن والسلام، يا رائعة الأمصار والأصقاع، ياعظيمة الأماكن والبقاع، يا غاليتنا يا عزيزة على قلوبنا، يا جميلة التاريخ والحاضر والمستقبل. ‏

أنا عاشق الترب الذي يُجلّل أرضك، وودود الهواء الذي يملأ فضاءك، ومحب السماء التي تظللك، أنا يا حلب واله هائم، وأنا يا حاضنتي الحانية لك مدين دائم. ‏

فالله الله ماأحلاك وما أروعك، جارة الوادي أشتاق لها شوقي، وجارتي لم يغادرها إلى سواها شوقي، ودمشق جد معشوقة لدى القباني، ومدينتي ليس ثمة إلا هي في قباني. ‏

حلب يا مدينة الخير تصدّرينه، ومدينة الضيافة تستوردينها، حلب يا روعة الأدب، وحلاوة الطرب. ‏

رجالك يا حبيبتي فرسان، ونساؤك يا جميلتي سمتهن العفاف والفتوة والإيمان. ‏

أحبك وما علي من ملامة، فحيّاك الله على الدوام للفضيلة والعلم والعدل والتعايش رمزاً وعلامة، مواطنوك والمنتسبون إليك عزيزون عليّ، ومحبوك وإن لم يكونوا من أرضك مبجّلون لدي، فاللهم احفظ لنا حلب ومن سكن حلب ومن زار حلب ومن رعى حلب، والسلام ـ أخيراً ـ على كل حلب.

والسلام عليكم

بقلم: الدكتور محمود عكام
 

لقراءة النص من المصدر لطفاً اضغط هنا
 

التعليقات

شاركنا بتعليق