عطفت الحرب على الإسلام في
العنوان ، لأن العطف يقتضي التغاير ، فليس ثمة تجانس بين الإسلام وبين الحرب ،
ومن قال إن الإسلام يقر بالحرب أو يبتغيها فهو عن روح الإسلام في غفلة ، فما
جاء الإسلام إلا ليعمم الإسلام في مختلف الاتجاهات والمسارات ، ودعا المؤمنين
بالسلام المطلق الذي هو الله للدخول في ساحة السلام كافة ومن دون استثناء ،
ووعد أتباعه الصادقين المخلصين بنعيم دار السلام في الآخرة جزاء على نشرهم
الإسلام في الأرض .
وإني على يقين أن الحضارات تعتبر إيجاباً بسعة المسافات التي تنشر فيها السلام
، واتساع المسافات التي تقلص عنها الحرب وتدحرها منها ، وإنهاء الحرب صلح ،
والصلح هو الخير والأفضل ، كما أعلن الدين الحنيف في كتابه الكريم .
وكلما أوقد أهل الفتنة نار الحرب فالله سيطفئها رغناً عنهم ، شريطة أن يكون
رواد السلام على أهبة الاستعداد لممارسة بسط رداء السلم والسلام عبر القول
المكين والفعل المتين .
ولئن كانت أمريكا اليوم تبغي إيقاد جذوة الحرب فإنا لها قائلون : ما هكذا تورد
يا سعد الإبل ، ولا هكذا يعمل المتحضرون ، ولا تداوى احتمالات حرب شاملة بحرب
أكيدة وعدوان لا يميز بين حامل السلاح ورافضه ، ونتابع القول لها متسائلين : هل
عدلتِ عن الحضارة ؟! وهل سئمت قيادةً بالعلم والسلام حتى هممت بتغيير مقومات
السيادة الجادة لتجعلي مكانها مقومات سيادة شراسة وغطرسة . كنا نتمنى - نحن
الذين ننتمي لدين الإسلام أنَّى كان - أن تفكري في تعميق رسالة الأمان ، وتثبيت
صمام ضمان سلام الإنسان ، وكنا نأمل لو أنك ردعت المعتدين من الصهاينة المجرمين
في فلسطين ، لا لأنهم يهود وحاشا ، ولكن لأنهم من السعاة لإشعال نار الفتنة ،
وما كلامي عنهم بخافٍ عن دائرة اطلاعاتك التي لا يخفى عليها شيء كما عَهدناها
.
فيا كل الناس في كل مكان ! سارعوا إلى سلام ينبثق من مبادئكم وأمان تفرزه
أديانكم ، قبل أن يأتي يوم لا يصدق فيه من يبقى من الناس بعد الحرب أن لا عيش
للإنسان إلا بالاعتداء ، ولا شريعة تصلح للأرض إلا شريعة الغاب ، وحينها :
عوى الذئب فاستأنست إذ عوى |
وصوَّت إنسانٌ فكدتُ أطيرُ |
د. محمود عكام
10/1/2003
التعليقات