في هذا اليوم أريد أن أذكّر نفسي وإيّاكم بأمرين اثنين يتعلقان بذكرى مولد سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، لم أُردْ أن أجعل من هذين الأمرين موضوع خطبة، ولكن قلت بيني وبين نفسي: لأحدثنَّ إخواني في جامع التوحيد في وقت اللطيفة عن هذين الأمرين:
- الأمر الأول: أذكركم بقراءة سيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فهذا واجب عليكم.. واجب عليكم.. واجب عليكم.
فالتعرف على النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو واجب تكليفي وليس كما يقال (واجب فاستنتيكي)، لأن الله عز وجل قال: (أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون). وبالتالي يجب أن تتعرف على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من خلال قراءة السيرة المبثوثة في القرآن الكريم وفي الأحاديث الشريفة وفي الكتب التي حملت عنوان السيرة النبوية بشكل خاص.
قلت لكم هذا أكثر من مرة وأؤكد وأعيد القول مرة ومرات أخرى: تعرفوا على نبيكم الكريم. هذا أمر أول.
- الأمر الثاني: أريد من شبابنا بشكل خاص أن يكون لهم ورد يومي من الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أيها الشاب، أيها الإنسان الذي تدرس في الجامعة أو في الثانوي أو في الأساسي... لماذا لا تخص نفسك بورد تكوينه عددٌ من الصلوات على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟
الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم لها غايات كثيرة، ومن هذه الغايات أنها تذكرك بالمؤتَسى به وهو محمد صلى الله عليه وآله وسلم، أنا قلت في هذا الجامع منذ عام منذ 23سنة في أول خطبة، في أول احتفال بعيد المولد النبوي الشريف، قلت لكم هنالك مقولة في علم النفس تقول: "إن في داخل كل إنسان إنساناً" فمَنْ هو الإنسان الذي وضعته في داخلك أنت ؟ الله عز وجل رضي أن تضع في داخلك شخصية تأتسي بها وتقتدي بها، هي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فهل استبدلت بمحمد غيره ؟! أيها الإنسان المسلم وأنا كما يقال من فمك أدينك.
أريدك أن تخصص ورداً للصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كل يوم, ونحن عشنا في فترة من الفترات السابقة، كان شيوخنا وأساتذتنا ومعلمونا ومدرسونا في الابتدائي والإعدادي نسمع منهم بين الفينة والأخرى الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أما اليوم فإني أرى الشباب المثقفين والدارسين كأن قضية الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم يرونَ فيها شيئاً من الإحراج... لا أعرف لماذا، وكأن هذا الإحراج هو إحراج فكري، وكأنه يقول بلسان حاله: هل من المعقول وأنا أدرس في الجامعة، الطب أو الهندسة ... وأقول اللهم صل على محمد ؟! إنما يقوم بهذا الناس العاديون والبسطاء.
يا إخوتي أكثروا من الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فوربّ الكعبة إن الصلاة عليه بركة، وليست كلمة "بركة" كما يفهمها البعض: هي أمور زائدة ونافلة وإنما كلمة "بركة" تعني: الاطمئنان والراحة والاستقرار... أي هي تكفي الهموم، كما ورد في الحديث: أن صحابياً قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي ؟ فقال: (ما شئت)، قال، قلت: الربع ؟ قال: (ما شئت، فإن زدت فهو خير لك)، قلت: النصف ؟ قال: (ما شئت، فإن زدت فهو خير لك)، قال قلت: فالثلثين ؟ قال: (ما شئت، فإن زدت فهو خير لك)، قلت: أجعل لك صلاتي كلها، قال: (إذاً تُكفى همَّك ويغفر لك).
لماذا يُكفَى همّه ؟ لأن الإنسان عندما يذكر من يحب، فإن ذكره من يحب سيسليه عن كل مصيبة تلمّ به أو تقع به أو تكون في ساحته...
آمل أن يكون لنا ورد من الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد قلت لكم هذا، وخاصة الشباب، قلت لكم: اقرؤوا في كل يوم عشر مرات الصلوات الإبراهيمية: (اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد).
المهم أن يكون على الأقل عشر مرات، وإذا اتسع الوقت لأكثر من ذلك فهذا شيء جيد ورائع وممتاز، وأعتقد أن هذا الأمر سيأتيك بالخير العميم، وستكون أنت موضع عناية ورعاية إن شاء الله من ربنا، ومن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من خلال ربنا، الذي سيوصل ذلك إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبدوره النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث هو عند ربه سيكون راضياً وسيكون قلبه عطوفاً عليك.
أختم هذه الكلمة بالحديث الذي رواه النَّسائي وغيره، وقد ضعّفه بعضهم ولكن أكثر علماء الحديث حسّنوه، هذا الحديث يقول فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله أوكل بقبري ملكاً أعطاه أسماء الخلائق من لدن آدم إلى يوم القيامة، فما من أحد يسلِّم أو يصلِّي عليّ إلا قال هذا الملك: يا محمد إن فلاناً ابن فلان يسلِّم عليك).
اللهم إنا نريد ونسعى من قلوبنا من أجل أن تكون راضٍ عنا، اللهم فوفقنا فيما يرضيك عنا يا رب العالمين.
التعليقات