أيها الأعزاء : كل ميلاد وأنتم
بخير ، وكل عام وأنتم بخير ، طبتم وطابت أفراحكم ، وها نحن أولاً نشارككم
ونشاطركم ما أنتم فيه من حبور وسرور ، ونغتنمها فرصة لندعوكم وأنفسنا إلى وقفة
ملؤها الوعي والمعرفة حيال وطننا الحبيب ، ولا سيما في هذا الوقت الصعب العصيب
، فكلنا في الهم شرق .
أيها المواطنون الكرام :
في كل محافلنا ومجالسنا ولقاءاتنا نحرص على الكلام عن الوحدة الوطنية في سورية
، كما نعمل جاهدين على إراءة الآخرين تجلياتها الرائعة وصيغها القويمة السليمة
في رحاب بلدنا الكريم .
لكنني كعادتي في التوجه إلى تحديد المصطلحات ، ومن ثم الدعوة إلى تبنيها
والتحقق بها ، أسائل نفسي عن جذور المعاني لمصطلح الوحدة الوطنية . وها أنذا
أقدم بين أيديكم ما جَنَتْه قريحتي ، فهل أنتم موافقون ؟
إن الوحدة الوطنية ـ يا أعزائي ـ ثمرة تعايش متفاهم ، والتعايش المتفاهم له
ثلاثة أركان :
أولها : أمان يُجَلِّيه احترام يرسله كل طرف في وطننا إلى الأطراف الأخرى .
وثانيها : معرفة كل منا الآخر معرفة موثقة محققة .
وثالثها : تعاون وتضامن على حماية البلد من كل مكروه ، ورعايته ليصل إلى تحقيق
غاياته في العزة والرفعة والتطور والتقدم والأخلاق والسمو والطهارة والنظافة .
ويتوِّج هذه الأركان شعور بالمسؤولية عنها يتنامى باطِّراد ، فمن قصَّر في
رعايتها فقد خان الله والدين والعقل ، ومن أحسن أداءها فهو المكرَّم عند الله
وعند الناس ، في الدنيا والآخرة .
ولعل من المناسب هنا أن نؤكد على انتمائنا السوري وأنه رفعة وشرف ، وعلى
انتمائنا العربي وأنه مساهمة في بناء الحضارة الإنسانية ، وعلى انتمائنا
الإيماني بالله الواحد الأحد وأنه أهم عوامل اطمئناننا وأماننا ، وعلى حرية
الانتماء الديني ، مع فتح باب الحوار البناء الهادف بين مختلف هاتيك الانتماءات
والانتسابات .
اسمحوا لي إن أطلت في معايدتكم ، فما دفعني لهذا إلا لذة الحديث معكم .
طبتم مواطنين ، والمواطنة حصانة ، وطبتم جيراناً ، والجار مكرَّم ، وطبتم
محاوِرين ومحاوَرين ، والحوار تقدير واحترام وطبتم معنا وطبنا معكم متضامنين
متعاونين ، نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ، ولا نخاف في الدفاع عن مقدساتنا
وأراضينا وديننا وعروبتنا لومة صهيوني آثم ، ولا أمريكي متصهين ، ولا متحالف مع
الفساد غادر .
فاللهُ معنا ، وهو ناصرنا على أعداء الإنسان ، وكل عام وكلنا في وطننا ـ بدءً
من أعلى قمة الهرم وانتهاء بأصغر خلية في قاعدته ـ بألف أمان وخير .
وأملنا لا يغادر الوعد الإلهي في القرآن الكريم : ( ولقد كتبنا في الزبور من
بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ) .
25/12/2003
الدكتور محمود عكام
عشية عيد الميلاد 2003
التعليقات