عن دار فصلت للدراسات والترجمة والنشر بمدينة حلب السورية، صدرت حديثاً (1427هـ/2007م) الطبعة الثالثة من كتاب: [الإسلام والإنسان] للمفكر السوري الكبير الدكتور محمود عكام.
والكتاب يتألف من مئة وثماني وعشرين صفحة، وهو مُهدَى للباحثين عن حضارة الإسلام؛ كما جاء بخط المؤلف في الصحيفة الخامسة.
والإنسان في نظر الأستاذ عكام: "كائن حي متميز عن بقية الكائنات بآلية المعرفة وقدرة الاختيار، أهِّل بهذا للتكليف، فكان الأول في النوع خلقاً ومكانة من حيث التصنيف".
أما الإسلام: "فهو دين سماوي يمثله القرآن المُنزَّل على محمد صلى الله عليه وسلم، وأحاديث هذا النبي الكريم، وهما معاً يشكلان نصه الأصلي..".
والغاية من خلق الإنسان هي العبودية: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) الذاريات:56.
والإسلام يريد أن يكون الإنسان (إنساناً): تأهيلاً ووصفاً؛ ليعكس مسؤولية، فلا مسؤولية دون إنسان، و(عبداً): تحققاً ووصولاً ينعكس عن معرفة ودراية و(خليفةً): وظيفة وسعياً وقياماً ينتج عن قيام الولاء والحاكمية لله.
ولقد عرض ربنا عز وجل مسؤولية الإنسان فقال سبحانه: (وقفوهم إنهم مسؤولون).الصافات:24. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه ، وفيما أنفقه، وماذا عمل فيما علم) رواه الترمذي.
ويحدد الباحث مقومات المبدأ المناسب للإنسان في ستّ كلمات:
1- الحرية: إذا المبدأ الخالي من الحرية لا ينجح، والمبدأ المعزول عن الحرية لا يسود، ولا يناسب الإنسان، فالإنسان خُلق حراً، ورضي الله عن الراشد الثاني عمر الفاروق، يوم قال كلمةً مدويةً في سماء وأرض هذا الكون: "متى تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً"؟!
ومن أكبر الكبائر، كما في صحيح البخاري: (ورجل باع حراً فأكل ثمنه).
إن الحرية في الإسلام شاملة لميدان السياسة، ولميدان القضاء، ولميدان العلاقة بين الأخوة، ولكل ميدان إنساني.
وبالوقوف عند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ثانية قال له أحد الحاضرين: "اتق الله يا عمر". فاستعظم أناسٌ أن يقال ذلك لعمر، فالتفت الفاروق وقال لهم: "لا خير فيكم إذا لم تقولوها ولا خير فينا إذا لم نسمعها".
2- العدل: وما أكثر الآيات والأحاديث التي تتحدث عن هذا المبدأ. يقول الله عز وجل (وما الله يرد ظلماً للعباد) غافر: 31. ويقول عز وجل: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى) النساء: 58. ويقول: (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) النحل: 90.
وفي الحديث القدسي الجليل: (يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا).
3- التشريع: وهو يتضمن الشمول بكل الشؤون والعلاقات، والتمام وهو أن يكون التشريع في جانب من الجوانب هو الأفضل والأكثر ملاءمة.
4- العمل: والمبدأ الذي لا يحضُّ على العمل مرفوض، وقد جاء الإسلام بآيات وأحاديث كثيرة تفوق الحصر في خصوص الحض على العمل.
5- الاقتصاد: وهو المقوم الخامس من مقومات المبدأ المناسب لبناء الإنسان، والمكتبة الإسلامية مليئة بالكتب الكثيرة في هذا الخصوص.
6- الجهاد: وفي ذلك يقول القرآن الكريم: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) الأنفال: 60.
أما مقومات الوجود المعنوي للإنسان، بحسب المؤلف، فهي منطلق، ومسار، وغاية، وهدف..
1- المنطلق: والمنطلق بالنسبة للمسلم هو الله سبحانه وتعالى، لأن الله سبحانه وتعالى قال : (اقرأ باسم ربك الذي خلق) العلق: 1. وقال: (إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم) النمل: 30. والانطلاقة تعني: الاستعانة والمعرفة، (وعلم آدم الأسماء كلها) البقرة: 31.
2- المَسَار: والمسار هو المنهاج (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه) الأنعام: 153. وفي آية ثانية: (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) يوسف: 108.
مسارنا (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) البقرة: 2.
مسارنا (وبالحق أنزلناه وبالحق نزل) الإسراء: 105.
مسارنا قرآن ينطق بالحق، مسار واضح كالمحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا زائغ.
3- الغاية: وغايتنا استسلامٌ للذي خلقنا، ولمن وضع لنا المسار وهيأ لنا المنهاج. غايتنا عبادة (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) البينة: 5.
4- الهدف: والهدف إقامة حكم الله في الأرض وأن يجعلنا الله بمفازة من النار، بشرط أن يكون في المنطلق جادين وللمسار منفذين وبالغاية محققين.
بقلم علاء الدين حسن - الحسكة
التعليقات