آخر تحديث: السبت 20 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
ورقة وطنية شرعية إلى قمة دمشق

ورقة وطنية شرعية إلى قمة دمشق

تاريخ الإضافة: 2008/03/28 | عدد المشاهدات: 2509

أما بعد، فيا أيها الإخوة المؤمنون:

اسمحوا لي في هذا اليوم أن أتحدث عن حدث قائم هنا في بلدنا، عن مؤتمر القمة، من منطلق وطني وليس من منطلق سياسي ومن منطلق اجتماعي وشرعي وليس من منطلق دبلوماسي أو سياسي.

بداية: باسم شعبنا هنا نقول لأولئك الحكام والقادة الآتين إلى سورية: مرحباً بكم في بلد مسلم عربي في بلد عريق يحب الضيف ويكرم الضيف، مرحباً بكم في دمشق وحلب وحمص وسائر المحافظات السورية، ونسأل الله لكم إقامة طيبة في ربوع بلادنا الغالية على قلوبنا والعزيزة على عقولنا وأسماعنا وأبصارنا.

وبعد الترحيب ومن منطلق وطني اسمحوا لي أيها القادة أن أتقدم بين أيديكم بورقة وطنية شرعية اجتماعية ملؤها إرادة الخير لكم وملؤها النصح الحاني لكم فنحن مأمورون بالنصيحة على لسان سيدي وقائدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم عندما قال كما في الحديث الصحيح الذي يرويه مسلم وغيره: (الدين النصيحة) قلنا: لمن يا رسول الله ؟ قال: (لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم).

بكل رفق وبكل احترام نتوجه إليكم قائلين:

أولاً، استجيبوا لله ولاءً وطاعة ولا تستجيبوا لغيره ولا تطيعوا سواه: وأكرر بأن نصحنا هذا ملؤه إرادة خير لكم ولنا لبلادنا، استجيبوا لله ولاءً وطاعة، ودعوا الولاء لغيره واتركوا طاعة سواه فإن الاستجابة لله تحييكم، وإن الاستجابة لغيره تؤذيكم وإن طاعته – أعني ربنا – تسعدكم وإن طاعة غيره ولا سيما أولئك الذين لا يقرون لربهم بالولاء والطاعة – تزعجكم وتؤلمكم وتجعلكم في وضعٍ مُزْرٍ، ورب الكعبة إنها لضارة لكم، استجيبوا لله ولاءً وطاعة وإياكم والاستجابة لغيره وإياكم وطاعة سواه، هذا أولاً.

ثانياً، اخدموا شعوبكم: أيها الحكام والقادة اخدموا شعوبكم من حيث الحرية فشعوبكم تريد أن تكون حرة، والحرية قيمة القيم ومن منا لا ينشد الحرية فهي القيمة التي يحملها على ظهره يريد أن يفوز بها حتى ولو ترك وطنه يريد أن يحظى بها حتى ولو ترك أهله فالقهر أمر مرفوض والعبودية لغير الله ثقل ما بعده من ثقل، اخدموا شعوبكم من حيث الحرية اخدموا شعوبكم من حيث الأمن الاقتصادي والاجتماعي، اجتهدوا في أن ترفعوا الغلاء عن شعوبكم اجتهدوا في أن تعيش شعوبكم عيشاً رغيداً هانئاً، لا تشعروا شعوبكم بقلق حيال الرزق، اشتغلوا من أجل أن تكون شعوبكم مؤمنة الحاجات والضروريات ولا أقول مؤمنة التحسينيات، اخدموا شعوبكم أيها الحكام والقادة من حيث الحرية، من حيث الأمن الاقتصادي والاجتماعي من حيث العدل، من حيث الرفق: (اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشقَّ عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به) هكذا قال سيدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما في مسلم، تقربوا من شعوبكم تحبكم شعوبكم، تقربوا من أبناء وطنكم فأبناء وطنكم إذ يرونكم قريبين منهم فسيحبونكم، لا تقتربوا من أعداء شعوبكم لاتقتربوا من أولئك الذين يريدون من شعوبكم الذل والهوان، لا تقتربوا من أولئك الذين لا يرقبون فيكم إلا ولا ذمة، لا أريدكم أن تكونوا متعايشين عيش الكريم السخي الرفيق الرفيق مع السفاحين والجلادين، احذروا هذا فإن عاقبته وخيمة، احذورا هذا فإن نهايته لا تسر، بل هي في أدنى دركات السوء. اخدموا شعوبكم من حيث الحرية والأمن اقتصادي والاجتماعي، ومن حيث العدل ومن حيث الرفق والرحمة ومن حيث القرب.

ثالثاً، ابنوا أوطانكم: أريدكم أن تكونوا بناة وطنٍ سلمكم الله عز وجل زمامة، أريدكم أن تشعروا بمسؤولية بناء الوطن الذي ترأسونه والذي تقفون فيه على أعلى مستوى منصبين قائمين، ابنوا أوطانكم علماً ومعرفة وتحسيناً وتطويراً وتجميلاً، اسعوا من أجل أن يكونوا الوطن على علم ومعرفة، نريد أموالاً تصرف للبحث العلمي للمعرفة نريد أموالاً تصرف من أجل التحسين والتطوير ومن أجل أن يكون البلد أنموذجاً لأن دينكم ودين أغلبكم على الأقل وحتى الأديان الأخرى تأمر الإنسان المتبع لدينه أن يكون خادماً لوطنه أن يكون بانياً لوطنه فبناء الوطن عبادة بل هو من أعظم العبادات إلى الله عز وجل، فأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله، فهيا أيها القادة المرحب بهم هنا، هيا إلى بناء الوطن علماً ومعرفة تحسيناً وتطويراً وخدمة ورعاية وعناية.

رابعاً، قاتلوا عدوكم وادفعوه عن أرضكم واسترجعوا منه أرضكم: قاتلوا عدوكم وادفعوه عن ثرواتكم وادفعوه عن رموزكم. لئن كان هذا العدو يتجلى من خلال بعض أذنابه بكلام يسئ إلينا من خلال التطاول على رموزنا أو من خلال التطاول على الرمز الأعظم لنا وهو رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم فما أريدكم أن تفعلوه هو أن تتوجهوا جميعاً إلى مقاتلة العدو الذي احتل الأرض واستباح العرض واعتدى على مقام الرمز ونهب الثروات، أريدكم أن تكونوا أصحاب وقفة عز مع الجلاد، لا أريدكم أن تكونوا محتفين بالجلاد والسفاك، إن اقتضى الأمر لقاءً فاللقاء جاد وإن اقتضى الأمر حواراً أو حديثاً فالحديث جاد والجبين مقطب والوجه شبه عابس، أما أن تضحكوا في وجه الجلاد وأن تكونوا مع الجلاد والسفاك في غاية كرم الضيافة فهذا لا يليق بعروبتنا التي علمتنا الشجاعة والشهامة ولا يليق بديننا الذي علمنا الوقوف عند الحدود والذي علمنا أن نكون أقوياء في استرداد ما سلب من حقوقنا وأن نقول لأولئك الذين يتربصون بنا الدوائر إن لم نستطع أن نجابههم فلا أقل من أن نقول لهم لستم على حق ولستم على موقف سليم.

أيها الحكام مع التقدير الكبير لكم قاتلوا عدوكم ادفعوه عن أرضكم عن عرضكم عن ثرواتكم عن بلادكم أكرموا إخوانكم وجيرانكم، اسمحوا لي أن أقول أمراً ولو كان بسيطاً: بعضنا يسمح لشعبٍ ليس بيننا وبينه مشتركات كثيرة بل ولا قليلة نأن يأتي بلادنا وأنا أتكلم عن بعض البلدان، لأن سورية بفضل الله ومنه وكرمه تجاوزت هذا الأمر، يسمح للذي بيننا وبينه مشتركات أن يدخل البلد دخولاً حراً لا يُسأل عن جواز سفر ولا يسأل عن وثيقة أما الذي بيننا وبينه مشتركات في الدين في العروبة في الخلطة فهذا يطلب منه ما لا يطلب من العدو اللدود ويحتج من يحتج على أن هذا الذي بيني وبينه مشتركات يريد أن يأتي ليعمل. يا هؤلاء إن جاء هذا الذي جاء وهو أخ لكم وقريب لكم ومشترك معكم في أمور كثيرة إن اختاركم من أجل أن يعمل عندكم فلماذا تمنعونه ؟ علموه أن العروبة شهامة وأن العروبة ضيافة وأن العروبة تعاون وأن العروبة حضارة علموه أن الإسلام أخوة وأن الإسلام علاقة لئن أساء هو في هذه العلاقة فعلموه من خلال الخلق الحسن كيف يجب أن تكون هذه العلاقة.

أيها الحكام مرحباً بكم في دمشق، استجيبوا لله، اخدموا شعوبكم حرية وأمناً وعدلاً ورفقاً وقرباً ورحمة، ابنوا أوطانكم علماً ومعرفة تجميلاً وتحسيناً، قاتلوا عدوكم وادفعوه عن أرضكم وعرضكم وثرواتكم وعن إساءات يريد أن يكون بطلها تصل إلى حد الوصول إلى مقام الرمز الأعظم إنسانياً وهو محمد صلى الله عليه وآله وسلم، أتدرون أيها الحكام كيف تطبقون ذلك ؟ تطبقون ذلك وأنا لكم ناصح ومقدر ومحترم تطبقون ذلك بالتعاون لأن ربكم أمربكم بالتعاون: ﴿وتعاونوا على البر والتقوى﴾ تطبقون ذلك بالتضامن بالتباذل بالتناصح بالحوار البناء بالعلاقة القائمة على الإشعار بأنك سالم مني ومن لساني، وبأني سالم منك ومن لسانك، وبأنك مؤمن مني ومن لساني وبأني مؤمن منك ومن لسانك، تطبقون ذلك بالتعاون والتضامن بالتباذل بالتناصح فطوبى للمتعاونين في الله وطوبى للمتباذلين في الله وطوبى للمتناصحين في الله، وإني لأسأل الله أن تكون قمة دمشق طريقاً إلى تحقيق ذلك إلى الاستجابة لله إلى خدمة الشعوب إلى بناء الأوطان إلى مواجهة العدو مواجهة قوية بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.

حولوا أيها الحكام ما كنا قد قرأناه ونحن صغار عن وطن عربي يحمل آمالاً وآلاماً واحدة يحمل أرضاً متشابهة متماثلة لا يمكن أن تشكل الحدود بينها فواصل تبعد الأخ عن أخيه فالفواصل والحدود قضية مُصطنعة ليس لها جذر وليس لها أصل. الجغرافية واحدة والتاريخ واحد والأمل واحد والألم واحد والدين واحد والمرجو واحد والمعنى منه واحد، فلسطين همنا الأول وقضيتنا المركزية الأولى، الجولان أيضاً همنا هنا في سورية ويجب أن تكون هم كل عربي ما بقي من لبنان محتلاً، همنا قضية دارفور همنا العراق همنا الساخن همنا القريب همنا النازف... يا أيها الحكام أناشدكم الله أن تتحدوا وتلتئموا وقد عزمت دمشق على أن تكون داعية لهذا الالتحام وهذا التلاؤم وهذا اللقاء وهذا الحوار.

أخيراً: أنتم أيها الشعوب ما طالبنا به المسؤولين والحكام نطالبكم به فأنتم لستم معفيين من هذه المسؤولية، أنتم مطالبون بأن تتضامنوا وأن تتعاونوا وأن تتحدوا وأن تلقوا جانباً الإِحَن والعداوة والبغضاء فيما بينكم أيها الشعب العربي من الرباط إلى أقصى الشرق من الشمال إلى الجنوب أيها الشعب العربي، أخاطبكم باسم ربكم عز وجل من أجل أوبة صادقة إلى دينكم إلى أخوتكم إلى علاقاتكم الطيبة فيما بينكم إلى تماسككم إلى تمسككم إلى ارتباطكم إلى نفي البغضاء من قلوبكم. إننا لنستحي أن نطلب من الله نصراً أو عطاءً أو مطراً وربنا يرانا وقد تفرقنا حين أمرنا أن نجتمع وقد تنازعنا حين أمرنا أن نلتقي ونتعاون أتريدون أن تلقوا ربكم وأنتم على حال لا ترضي ربكم ؟ ما أظنكم كذلك.

في نهاية النهايات ما المانع أيها الصغير أيها الكبير أيها الشيخ أيتها المرأة أيها الشاب أن تخصص لوطنك دعاءً في كل يوم، ما المانع أن تقول صباحاً ومساءً أن تقول: اللهم إني أسألك لبلدي الحماية والرعاية والعناية، اللهم أسألك لوطني العز والرحمة والنجاح والفلاح والتقدم والازدهار، ثقوا أنني ومنذ أكثر من عشر سنوات أردد في كل يوم بيني وبين نفسي دعاء أقول فيه: اللهم إني أسألك لبلدنا الحماية والرعاية والعناية والنجاح والتوفيق والعز والرفعة والازدهار. أقول هذا كل يوم وأسألكم أن تجعلوا من وردكم لوطنكم مع العمل الذي أمرنا أن نقوم به وأن نحققه.

أسأل الله أن يجمع القادة والشعوب على ما يرضيه وأسأل الله أن تنجح قمة دمشق وهي تسعى للاستجابة لله لخدمة الشعوب لبناء الأوطان لمقاتلة العدو، وبعد ذلك فموتوا بغيظكم أيها السَّاعون لتفريق المسلمين والعرب وبعدها موتوا بغيظكم أيها النائلون من جسد هذه الأمة نهشاً وتمزيقاً وتفريقاً وقتلاً وبعد ذلك موتوا بغيظكم أيها الأعداء المتسلطون على الثروات وإنكم ورب الكعبة كما رأيناكم ولسنا بظالمين لكم وإنكم لآكلون من بلادنا الثروات وبعد ذلك تاركونا وتخلفنا وما نحن عليه وما أظن أنكم تسعون لبنائنا لبناء أرضنا لبناء ديمقراطية في أراضينا ما أظنكم كذلك لأن حالكم أبلغ من مقالكم حتى لو كان مقالكم جيداً فحالكم سيء يغلب مقالكم الذي لا يتجاوز الحروف الباهتة.

اللهم إني أسألك بسر أسمائك الحسنى أن توفقنا لما فيه رضاك أن توفق شبابنا وأمتنا أن توفق كل القائمين على أمورهم في بلادنا وأوطاننا على اتساعها، الإسلامية والعربية من أجل أن يكونوا على العهد الذي أبرموه وأبرمته معهم، إنك خير مسؤول، نعم من يسأل ربنا ونعم النصير إلهنا، أقول هذا القول وأستغفر الله.

ألقيت بتاريخ: 28/3/2008

التعليقات

شاركنا بتعليق