استقبل سماحة مفتي حلب الدكتور الشيخ محمود عكام في مكتبه بدار الإفتاء يوم الأربعاء: 7/5/2008 وفداً من جامعة سلجوق التركية ضم نائبي رئيس الجامعة وأمينها ومدير العلاقات الدولية فيها.

وقد رحب الدكتور عكام بالوفد الضيف، وتحدث عن الانتماء المشترك للشعبين العربي والتركي، ثم أبدى إعجابه بالخطوات المتسارعة العلمية التي تقوم بها "تركيا" على المستوى الإنساني والتجريبي، وتأقلمها مع الأوضاع العالمية.

أما الوفد الضيف فقد تحدث عن انفتاحهم على الغرب، وعن محاولتهم ليكونوا مثالاً يحتذى في هذا المجال، ثم بين أن عدد الجامعات التركية وصل إلى /115/ جامعة، وطلبوا من الدكتور عكام تعاوناً مشتركاً في مجال الحقوق والشريعة، فأبدى الدكتور عكام استعداده لذلك.

وفيما يلي نص الحوار:

الدكتور عكام: سعدنا بزيارة الإخوة الأتراك الذين نشعر بانتماء واحد معهم، ولما علمت بالوفد التركي شعرت بأنني أتكلم عن تاريخي، كأنهم الأجداد ونحن الأحفاد، وكأنكم أتيتم لتفقد أحفادكم فاطمئنوا بأننا بخير.

الوفد التركي: نحن نشكركم لأنكم استقبلتمونا، وتشرفنا بمعرفتكم كرجل علم ومفتٍ من المتنورين.

الدكتور عكام: نحن تربينا في بعض العلوم على أجلاء أتراك، فأستاذي في العربية والنحو الأستاذ الشيخ عبد الرحمن زين العابدين، هو من أصل تركي.

الوفد التركي: أعراقنا واحدة وأخلاقنا واحدة وديننا واحد، لا يوجد فرق بيننا.

الدكتور عكام: أَحمدُ لتركيا الخطوات المتسارعة العلمية على المستوى الإنساني والتجريبي، وأحمدُ لها تأقلمها مع الأوضاع العالمية، وهذا يدل على فكرٍ جيد يعمل جيداً.

الوفد التركي: نحن دولة منفتحة على الغرب نحاول أن نكون مثالاً يُحتذى.

الدكتور عكام: بوادر هذا الأمر واضحة ولا يمكن إنكارها، لكن علينا وعليهم أن نصبر وأن نتابع ولا نيأس وسنصل إن شاء الله، لأن هناك تحديات داخلية إن في تركيا أو في سورية أو في أي بلد عربي أو مسلم، وهناك تحديات خارجية، التحديات الداخلية علينا أن نواجهها بالحكمة والصبر والتحمل كما علمنا إسلامنا، والتحديات الخارجية أكبر سلاح نواجهها به هو العلم.

الوفد التركي: نحن نقنع الآخرين أننا بعلمنا سنكون في المراتب المتقدمة.

الدكتور عكام: المعركة اليوم وبالأمس وغداً هي معركة علم، أو لا علم، علم أو جهل، ولذلك لما ذهبت إلى تركيا أكثر من مرة، وسألت عن الجامعات وأخبروني أن هناك جامعات كثيرة قلت هذا هو الطريق الذي يجب أن نعمل عليه.

الوفد التركي: هناك قرارات صدرت أن لكل محافظة يجب أن تكون جامعة، فعدد الجامعات الآن /115/ جامعة.

الدكتور عكام: /115/ جامعة، على الحدّ الاحتمالي الأدنى إذا تخرج منها كل عام خمسة طلاب جيدين فإن هذا يعني أن: /600/ طالب جيد سيتخرج كل سنة، وهذا شيء ممتاز، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إنما الناس كإبل المائة لا يوجد فيها راحلة) أي: إذا كان هناك مائة إبل لا تصلح واحدة منها راحلة، وكان هناك راحلة واحدة فهي أفضل من المائة، وكذلك العالِم بالنسبة لسائر الناس.

الوفد التركي: لذا نحن نعمل على تهيئة رجال العلم المتنورين.

الدكتور عكام: وأنا أريد أن يكون العلم بعيداً عن السياسة، لأن السياسة كلما دخلت مكاناً أفسدته، لذا يُفضَّل عدم تسيس العلم، فإذا ما سُيس العلم غدا رخيصاً، لأننا تعلمنا بيت شعر عندما كنَّا صغاراً يقول:

إن الملوك ليحكمون على الورى        وعلى الملوك لتحكم العلماء

الوفد التركي: في العثمانية عندنا نفس المعنى.

كما تعلمون جئنا إلى سورية بدعوةٍ من جامعة حلب للمشاركة بالعيد الخمسين لتأسيس جامعة حلب، جئنا وفد كبير، وجامعة سلجوق التي أتينا منها تعتبر من الجامعات العشر المتطورة من حيث عدد الطلاب، فنحن الجامعة الأولى من حيث عدد الطلاب، جامعتنا فيها العلوم الاجتماعية والإنسانية، ونعلم أنكم عملتم في مجال الحقوق والشريعة، ونحن لدينا هذين المجالين، ونأمل أن ندخل معكم في تعاونٍ مشتركٍ ونحن جاهزون لذلك. أحببنا شعبَ حلب وسورية، وشعرنا كأننا في بيتنا. ننتظركم في قونية في أي وقتٍ تشاؤون. أريد أن أضيف أن كلية الشريعة في تركيا هي الأكثر تطوراً من كل جامعات تركيا.

الدكتور عكام: هذا يدل على أنهم يعملون ونتمنى لهم دوام الارتقاء في عملهم، وهذا مؤشر عمل جيد وبالنسبة لنا كدار إفتاء وكجامعة نحن جاهزون في كل ما نملك لخدمتكم في جامعتكم. وشكراً لكم.

في نهاية اللقاء، وبعد أن شكر الدكتور عكام لأعضاء الوفد زيارتهم الطيبة، وحرصهم الشديد على متانة العلاقات، قدم لهم نسخاً من كتابيه: "التطرف والاعتدال" و "وإنك لعلى خلق عظيم"، في حين قدم الوفد هدية للدكتور عكام، وهي عبارة عن صحن سلجوقي، وتعريف بجامعة سلجوق.