آخر تحديث: الأربعاء 27 مارس 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
الأمراض المعنوية التي تصيب الشباب

الأمراض المعنوية التي تصيب الشباب

تاريخ الإضافة: 2009/04/10 | عدد المشاهدات: 4099

أما بعد، فيا أيها الإخوة المؤمنون:

سألني سائلٌ يوم أمس، ويريد أن يسجّل إجابتي في صحيفة يُشرف عليها، قال لي: حدثني عن أمراضٍ معنوية أُصيب بها شبابنا اليوم، إن في سورية، أو عالمنا العربي، أو في عالمنا الإسلامي بشكلٍ عام، كان السؤال بحسب الظاهر مفاجئاً، لكنني وأنا أفكر بنفسي وبأمتي لم أعتبره مفاجئاً، لأن هذا هو العمل الذي أسأل الله أن يوفقني من أجل أن أقوم عليه، وقلت له: لو أنك سألت طبيباً في ميدان الصحة البدنية عن الأمراض التي تصيب الشباب أو الأطفال في بلدنا لأجابكَ ولو لم يكن محضّراً لأن هذا الذي سألته عنه عمله الذي يعمل به.

فيا أيها الأخ، يا من سألتني، أجبته فقلت له: في كل يوم أدعو الله ربي الدعاء التالي الذي ورد عن سيدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حسبما جاء في الصحيح، هذا الدعاء: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال).

الأمراض التي يعاني منها شبابنا يا سائلي كثيرة لكنني سأذكر الخطير:

أول مرض هو الجهل: يتحدثون عن الإسلام على أنه دين العلم، وكأن حديثهم عن الإسلام حديثٌ عن أنفسهم، صحيح أن الإسلام دين العلم ولكن هل أنتم مسلمون على أساس أن الإسلام دين العلم ؟ بمعنى هل الشباب اليوم يتمتعون بقدرٍ واعٍ من العلم بحيث يُسمَّون في عرف المجتمع والناس والعقلاء والشرق والغرب يسمون شباباً متعلمين أو عالمين أو علماء ؟

شبابنا يعانون من الجهل، الجهل هو الذي يسيطر على عقولهم وقلوبهم، وبالتالي الدليل على أن الجهل مرضٌ متأصلٌ ومؤثرٌ فيهم، الدليل على ذلك في السلوكات التي تصدر عنهم، هذه السلوكات التي تحدثنا عنها منذ أسبوعين تتشكل بأشكالٍ مختلفة، من جملة أشكالها الجريمة، الجريمة لا تصدر إلا عن جهل، تتشكل بأشكال أخرى يمكن أن تكون هذه الأشكال هي الخنوع، الذل، وهذه التجليات لا تصدر إلا عن جهل وعن جاهل، هنالك أشكالٌ كثيرة لسلوكات تصدر عن جهل، وبالتالي هذه السلوكات تعبّر عن مرضٍ نعاني منه، ألا وهو الجهل. العلمَ العلم. أناشدكم الله وهذا ما قلته لكم أكثر من مئة مرة، وما زلت أكرر، أتريدون لأنفسكم رفعة ؟ بالعلم، أتريدون لأنفسكم ضياعاً ؟ بالجهل، أتريدون لأنفسكم حضارة ؟ بالعلم، أتريدون لأنفسكم خسارة ؟ بالجهل، أتريدون لإسلامكم أن يقبله الآخرون ؟ بالعلم، بتحليكم بصفة العلم. رأيت برنامجاً يوم أمس يُعرض على إحدى قنوات العالم العربي، فوجدت في هذا البرنامج حديثاً عن ربع مليون طفل عراقي مُشوّه أنتجته الأوضاع المأساوية التي حلّت بالعراق، هؤلاء المشوهون من الأطفال تشوهاتهم لم تكن من فعلة أجنبي وإنما كانت تشوهاتهم من فعل مسلمين ببعضهم، هذا سِني فشوَّهه شيعي، وذاك شيعي شوهه سني، وذاك عربي شوهه كردي، وهذا كردي شوهه عربي، وهذا من الموصل فجّره بغدادي، وهذا من بغداد فجّره موصلي، وهكذا دواليك... والأمر ليس بعيداً عنكم، وإياكم والسكوت، هذه مسؤولية، هذا الذي أفرزه هو الجهل، هو الجهل بالإسلام هو الجهل بالإنسان، والجهل بكل ما يمكن أن يشكّل أو يكوِّن منك إنساناً، شئتم أم أبيتم، هذه مسؤوليتكم أنتم، ولا يمكن لأحدٍ منا أن يتنصل من هذه المسؤولية، هي في رقابكم لأنكم تسكتون ولأنكم تمارسون هذا الذي يمارسه الآخرون ولكن على مستوى أقل، فإذا ما أزيحت عنكم الكواليس ارتفعت هذه التصرفات التي تتصرفونها وهي تحملُ معنى العداوة، وعنوان العداوة، وستصل إلى ما وصلت إليه في العراق، لأن العراقيين لا يختلفون عن السوريين، ولأن السوريين لا يختلفون عن العراقيين، ولا يختلفون عن الأردنيين، ولا عن المصريين، ولا عن سواهم من أبناء العالم العربي والإسلامي، كلُ هذا نتيجة حتمية لشيءٍ اسمه الجهل لأننا لا نعرف عن ديننا ونتكلم باسم الدين، لأننا لا نعرف شيئاً عن بلدنا ونتكلم باسم بلدنا، لأننا لا نعرف شيئاً عن إنسانيتنا ونتكلم على أننا إنسانيون من الطراز الأول، لأننا لا نعرف إلا عن أمورٍ لا نختلف بها عن الحيوانات، ونَقلِبها، ونجعل من الباطل حقاً ادِّعاءً لا أكثر ولا أقل، هذا هو المرض الأول، ويكفي أن نقول حديثاً واحداً، قاله سيدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حضَّ فيه أتباعه على العلم، يقول صلى الله عليه وآله وسلم كما في سنن ابن ماجه: (لأن تغدو فتتعلم أو فتعلم – بروايتين – باباً من العلم عُمل به أو لم يُعمل خيرٌ لك من أن تصلي ألف ركعة) أتريدون حضاً على العلم أكثر من هذا الذي ذكره سيدنا وحبيبنا ومعلمنا والعالم الأول على مستوى البشر محمد صلى الله عليه وآله وسلم ؟ فأين أنتم من هذه الفريضة يا ناس ؟ أين هذا الذي يصلي وأين هذا الذي لا يصلي ؟ وأين هذا الذي يسهر ؟ وأين هذا الذي يضيع عمره ؟ ودعونا من أن نكون متكلمين نجلس على رُكبنا أمام التلفاز، فالتلفاز معلّمٌ سيء، نريد أن نتعلم من الكتاب، وأن نتعلم من الأستاذ الذي يشافهك، وأن تجلس أمامه على الرُكب، "يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك"، طالب الجامعة الآن أول ما يَسأل هل الحضور في هذه المحاضرة إجباري أم اختياري ؟ إن قيل له اختياري جاءه الأمان من أجل ألا يحضر، وإن قيل له بأن الحضور إجباري، حضر بالجسم وغاب بالعقل. هذا حال الطالب الجامعي بشكل عام وأنا لا أعمم، وانظروا مدارسنا فالأستاذ لا يعلِّم والطالب لا يتعلم والمدير لا يدير والطالب لا يُدار والموجه لا يوجه والطالب لا يوجَّه، ثم نتحدث بعد ذلك عن دين نحترمه نقول عن هذا الدين بأنه دين العلم ! 

صحيح، الدين الإسلامي دين العلم، ولكن أنتم لستم من هذا الدين بشيء شئتم أم أبيتم، أقررتم أم لم تقروا.

المرض الثاني: الكسل، شبابنا كسالى، (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، ومن العجز والكسل)، قل لي بربك أيها الشاب كم ساعةً تعمل بشكل جاد ؟ وأجب نفسك بنفسك، حدثني عن قراءتك، عن عملك عن نشاطك، وحدثني في الجانب الآخر عن لهوك، عن تضييعك وقتك، عن ترهلك ترى الشاب في عمر الثلاثين وإذ بك من حيث العمل تصفه بعمر الثمانين، يسأل ربه إن كان صالحاً أن يجعله خانة مريحة يذهب إلى عمله صباحاً ويعود من عمله مساءً ويجلس أمام التلفاز ليستمع إلى القناة الدينية الفلانية وبعد ذلك ينام قرير العين، هو كسولٌ بامتياز، وأنا أتحدث عن الذين يقضون أوقاتهم بالمباح حسب الظاهر، ولا أتحدث عن الحرام. كم تكلمنا عن نشاط الصحابة، كم تكلمنا عن عظمة الصحابة في هذا الميدان ؟! أوما تقرؤون  - على سيرة الجامعة، كما يقال - نحن في تدريسنا في الجامعة ترى الطلاب يجلسون أمامك وكأن على رؤوسهم الطير من نعاسهم، من كسلهم، وليس من أدبهم، ساكتون لا يتكلمون، ولا يتحرك فيهم شيء ما يدفعهم من أجل يتحركوا ليفهموا أو ليتعلموا، هم دائماً في حالة تثاؤب، يتثاءبون المرة تلو المرة، والثالثة بعد الرابعة، وإذا ما سمح لهم الظرف في أن يضعوا رؤوسهم على المقاعد وضعوها، وإذا ما سمح الظرف أن يناموا وهم الآن جاؤوا مستيقظين ظاهراً ناموا أيضاً. قال ربي عز وجل في سورة الانشراح التي تقرؤونها: ﴿فإذا فرغت فانصب. وإلى ربك فارغب﴾. العمل متواصل، العمل دؤوب، العمل متكامل، حدثني عن ساعة تقضيها وأنت تقضيها بعملٍ نافع، وبعملٍ دؤوب وبعملٍ مفيد، وبعمل يستند إلى علم، حدثني عن هذه الساعة حتى أقبّل يديك.

ذكرت لكم في يوم من الأيام أنه قيل لقتيبة الباهلي لما دخل الصين: "كيف توغلت في هذه البلاد، وحوادث الدهر بين أجنحة الأيام تقبل وتدبر ؟ قال: بثقتي بالله توغلت، وإذا انقضت المدة لم تنفع العدة".

وقف عقبة بن نافع على حافة المحيط الأطلسي وكان يُطلق عليه بحر الظلمات وقال: "اللهم اشهد لو أني أعلم أن خلف هذا البحر بلاداً لخضته".

شبابنا على أي حافة بحرٍ يقفون ؟ أمامهم بحور الكسل والجهل كثيرة وعظيمة وعرمرمة على مدّها من حيث الامتلاء. هل تريدون أن ننفض عنا غبار الكسل ؟ إذن أين النشاط.

المرض الثالث: الشكوى والتردد، ما رأيت جيلاً متردداً في عمله كهذا الجيل الذي نعيشه:

إذا كنت ذا رأيٍ فكن ذا عزيمة                فإن فساد الرأي أن تترددا

كلنا خائف من كل شيء، وبالتالي فكلنا متردد، هذا متردد لا يعرف ماذا يفعل، أيستيقط الساعة السادسة أم السادسة والربع، وكأن الربع ساعة في حياته لها أهمية كبرى، ومن خلال هذه الربع ساعة سيحقق الإنجازات الكبيرة، هل يستيقظ قبل أن يذهب إلى الجامعة بخمس دقائق أو ربع ساعة، هذا التردد على ميدان مستوى السلوك فما بالك بالتردد الكبير، ماذا يفعل، هل يتابع في الاختصاص أم يغيّر اختصاصه لأن إنساناً قال له: تدرس ماذا ؟ قال له: أدرس اللغة العربية، على سبيل المثال، وهو الآن في السنة الثالثة في كلية الآداب قسم اللغة العربية، يقول له زميله: وماذا ستنفعك اللغة العربية ؟ وهل ستأتي بالكنوز جرّاء دراستك اللغة العربية ؟ إذن هو يعيش التردد ويذهب إلى بيته ويبقى يومين أو أسبوعين يتردد، أيتابع أم يترك ؟ يأتيه شخص يقول له: أنت فلان تعرفه ؟ يقول لك: صديقي. ونعم الرجل.. يقول له: ولكني أعرف عن هذا الرجل أشياء ليست جيدة. وإذ بهذا الذي كان يقول فلانٌ صديقي ينسحب بسرعة تفوق سرعة الصواريخ يقول لك: لا، أنا هكذا أعرف، يتردد حيال صديقه، لو أن إنساناً جاء فشكك في وجودك، شكك بحياتك، بزوجتك، لشككت، لأن الشك، وليس الشك العلمي، فالشك العلمي لا نعرفه، أما الشك الذي يجعلنا نتردد في سلوكنا ويجعلنا منقطعين عما حولنا، والذي يضيعنا هو هذا الشك الذي يلبسنا ونلبسه، هو هذا الذي يجلببنا ونتجلبب به، فاعتقاداتنا وثوابتنا أضحت هشّة، نرى إنساناً يصلي ولا يقرأ الفاتحة على سبيل المثال البسيط جداً وهو حنفي، يسمع من التلفاز من رجل لا يعرفه يقول له قضية قراءة الفاتحة في الصلاة قضية أساسية، وأنت حنفي، وطالب علم، وصار لك تصلي على هذا الشاكلة التي أنت عليها وأنت حنفي عشرين سنة، تأتي وتسأل هل صحيح لا بد من قراءة فاتحة الكتاب ؟ أنت حنفي، نعم،  المأموم لا يقرأ الفاتحة وراء الإمام، وأنت قلت منذ عشرين سنة بأنك حنفي فلماذا تتشكك ؟ أستاذ: هل يصل ثواب الفاتحة للميت ؟ وأنت تقرأ الفاتحة من ثلاثين سنة، سمعت رجلاً في التلفاز يقول، سمعت من فلان يقول، هذا الذي كنت أحضر درسه وهكذا.. نحن من شك إلى شك وهذا ليس شكاً علمياً تعليمياً كما يُقال، الشك العلمي هو أن تشك في المعلومة التي تستقبلها من أجل أن تتوثق منها، من معلومة مشكوك فيها إلى معلومة ثابتة بالأدلة، هذا هو الشك العلمي، لكنني لا أتكلم عن هذا الشك وإنما أتكلم عن الشك الذي يحولك من إنسانٍ متماسك إلى إنسان ضائع، إلى إنسان لا قوام له، لذلك لما سُئل سيدنا الإمام علي رضي الله عنه وأرضاه: هل رأيت الجنة والنار بعينيك حتى آمنت بهما ؟ أجاب: "رأيت الجنة والنار بعيني رسول الله، وعينا رسول الله أوثق من عيني".

المرض الرابع: الانبهار، نحن أمة تعيش انبهاراً في الأشياء المادية، ربي عز وجل قال في سورة طه: ﴿ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خيرٌ وأبقى﴾ لو قمنا بعملية استكشاف لهذا الذي في دماغك لرأيت شيئاً يُستحى منه، فهمّك أن تحصل على السيارة الفلانية، وهمّك في أن تحصل على البيت الفلاني، وهمّك أن تسكن في الحي الفلاني، وهمّك أن تذهب لتقضي فترة من الصيف كما ذهب جارك في البلد الفلاني الغربي أو الشرقي، همّك أن تأكل في يومٍ من الأيام وجبة من ذاك المحل الذي يسمى التسمية الفلانية والتسمية العلانية، همّك أن تلبس القميص الذي تصدّره الماركة الفلانية الشهيرة، هكذا أصبحنا نعيش حدود الجسم حتى هذه الحدود نعيشها بوهم، إذا كان حتى هذا همّنا فإن الحال لا يسعفنا، فاللباس الذي يلبسه شبابنا يدل على أنهم مبهورون وأشكالهم أقل من عادية، وانظروا أشكالهم في جامعاتنا وفي مدارسنا وانظروا أشكال أساتذتنا حتى في هذا الأمر الذي أعرناه اهتمامنا والذي كان موضع بهرنا وانبهارنا لم نعد فيه على مستوىً يمكن أن نعدّه المستوى الأول، التفت إلى داخلك فأنت بالروح لا بالجسم إنسانُ، التفت إلى داخلك، إلى كينونتك، بالأمس سمعت أن عشرة آلاف عملية تجميل في الإمارات أجريت في السنتين الأخيرتين، وأنا أعتقد أن عشرة آلاف عملية تجميل أجريت في سورية منذ ست سنوات إلى الآن، هذا ينظر إلى أنفه في المرآة فيراه قد تجاوز ما يتخيله مليمتر، فيريد أن يقوم بعملية تجميل، وهذا التفكير في فمه في عينه في وجهه في بطنه سيؤثر على كل التفكير الآخر. انظروا إلى هذا، لقد قام بعملية فزرع شعراً، وانظروا إلى هذا قام بعملية فمسح بطنه، انظروا إلى هذا قام بعملية تجميلية فعمل العمل الفلاني، أعاد لأصابعه شكلها وكانت على غير شكلها الصحيح وهذا وذاك... وأنا أعتقد لو أن كل واحد منكم انتم تيسر له أن يقوم بعملية تجميل لن يقصّر، لأن المرض عام، انبهرنا وما أدري بأي شيء انبهرنا، التفت إلى داخلك، إلى عقلك، إلى فكرك، التفت إلى كينونتك الداخلية المعنوية فأنت بها، ولا تلتفت لهذا الشكل الذي تريد أن تعبده، ولذلك قال سيدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح: (تعس عبد الخميصة، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش) تعس فعلاً وهذا إن أردته من باب الإخبار فهو من باب الإخبار وإن أردته من باب الدعاء فهو من باب الدعاء لأن الذي يعبد هذا ينبغي أن يُدعى عليه بالتعاسة، لأن نهايته تعاسة، وهذا أمرٌ طبيعي.

المرض الأخير: الجبن، الخوف في غير محله، ونحن نساهم في أن يخوّف بعضنا بعضاً، والدولة تساهم والشعب يساهم، وكلنا يساهم في أن نعيش الجبن صفة لصيقة بنا لا تنفكّ عنا لا في ليل ولا في نهار، الطالب جبان، والأستاذ جبان، وهذا الذي يدخل إلى المسجد جبان، وهذا الذي يدخل إلى دوائر الدولة جبان، لأن الجبان يورّث الجبن، أما القوي فيورث القوة، وقد قلت منذ عشرين سنة على هذا المنبر: إذا ما رأيت إنساناً يقف أمام الإنسان الآخر ينافق فاعلم أن المنافَق له جبان، لأن الجبن يورّث الجبن، وذكرت لكم أكثر من قصة، هل تظنون علياً رضي الله عنه جباناً ؟ طلب من خادمه أن يأتيه فما أتاه خادمه، قيل له: ما الذي حملك على ألا تلبي نداء الإمام ؟ قال بكل بساطة: أمنتُ عقوبته فتكاسلت. أما أنا لا آمن عقوبتك ولا آمن لسانك ولا تأمن لساني ولا تأمن عقوبتي، ولذلك نحن نعيش في ساحة جبن يورث بعضنا بعضاً هذه الصفة، وكلنا يخوِّف وما عدت ترى إنساناً يقوى على تحمّل النقد. أنت إنسانٌ عالمٌ جليل لكنك قابل للنقد وليكن النقد بلغة لطيفة وبلغة لا تحمل معنى التهديد، أنت طالبٌ معرَّض للنقد، أنت وزيرٌ أنت معرَّضٌ للنقد، قل كما قال الإمام سيدنا عمر: "رحم الله امرءاً أهدى إليَّ عيوبي". قل هذا أيها الإنسان وإلا أنت في ضلالٍ وبعدٍ عن الحقيقة التي يجب أن تكون عليها.

أسأل الله عز وجل أن يوفقنا من أجل أن نُشفى من هذه الأمراض، من الجهل ومن الكسل ومن الشك ومن البهر، فاللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، نعم من يسأل ربنا ونعم النصير إلهنا، أقول هذا القول وأستغفر الله.

ألقيت بتاريخ 10/4/2009

التعليقات

خليل شاوي

تاريخ :2009/12/05

معرفة الداء نصف الطريق الى العلاج ولقد سددت فأصبت كبد الهدف ونرجوا الله أن يبعث الحياة في من لاحياة لهم ولايسمعون اذ تنادي

هالة محمود

تاريخ :2021/05/27

احسنت بارك الله فيك وجزاك خيرا

شاركنا بتعليق