آخر تحديث: السبت 20 إبريل 2024
عكام


نــــــــــــدوات

   
الدور العربي المسيحي في حركة التنوير والنهضة القومية

الدور العربي المسيحي في حركة التنوير والنهضة القومية

تاريخ الإضافة: 2009/04/29 | عدد المشاهدات: 3872

شارك الدكتور الشيخ محمود عكام في الندوة التي أقامها مجلس مدينة حلب ومديرية الثقافة ومجلة أبيض وأسود بعنوان: "الدور العربي المسيحي في حركة التنوير والنهضة القومية" يوم الأربعاء 29/4/2009 في دار الكتب الوطنية بحلب. وشارك فيها إلى جانب الدكتور عكام كل من الأب الياس زحلاوي، والدكتور جورج جبور، والدكتور عبد الهادي نصري، والأستاذ ياسر شمس الدين، وأدارها المحامي إدوار خولي.

وقد بدأ الدكتور عكام حديثه باقتراح على منظمي مثل هذه الندوات في المستقبل أن يكتفوا بمتحدثين اثنين حتى لا يمل المتحدثون أو الحضور.

ثم عرَّف المواطنة والتي هي الرابطة الاجتماعية السياسية الدستورية وأنها التطور الرائع في مواجهة الدولة الدينية والطائفية والعرقية، لأن المواطنة تقتضي أن يكون المواطنون في الوطن الواحد متساوين في الحقوق والواجبات.

ثم تحدث الدكتور عكام عن معطيات انبثقت في ذهنه وقلبه وتبناها في فكره مع قبول نقدها والحوار حولها فتحدث عن أصداء القومية العربية، وأن من تبرأ من دينه مسلماً كان أم مسيحياً لنصرة عروبته، ما أوشكه أن يتبرأ من عروبته نصرة لدينه إذا تبدل حال بحال. ثم عرف التنوير والنهضة، وبين معالم المجتمع المتنور. وفيما يلي نص المشاركة:

بسم الله الرحمن الرحيم

حينما دعيت إلى هذه الندوة لم أتردد في الإجابة، وكنت آمل آلا يكون المتحدثون أكثر من اثنين حتى لا نمل ولا تملوا لأن المتكلم ينظر إلى الوجوه فإذا رأى الأشخاص ملوا فكر كثيراً في كلامه.

العنوان: الدور العربي المسيحي في حركة التنوير والنهضة القومية.

مرّرت هذا العنوان على ذهني فوجدتني أمام معطيات انبثقت من ذهني وانبثقت من قلبي، كنت قد جمعتها عبر سنين طويلة وتبنيتها، غير أن هذا التبني لا يعني أني حددت الأمر ولا أقبل غيرها، أو لا أقبل نقدها، تبنيتها على أن أقبل نقدها وأقبل حواراً معها وأقبل مواجهتها ومجابهتها بعلم ومعرفة.

ابتدأ من الكلمة الأخيرة، النهضة القومية، وسأقول لكم ما انبثق وما خرج من جعبتي حيال هذه الكلمة وكنت قد قلت ذلك من قبل وتبنيته وسجلته في بعض كتبي.

القومية العربية وسأقولها فقرات دون أن أطيل عليكم:

1-العروبة بالنسبة لي أصالة لأهلها ومشاركة في الحضارة العالمية لغير أهلها.

2-قوميتنا طبيعية وحقيقة راهنة استوت على فكرة الإنسان ترعاه السماء وهو عبدٌ لله.

3-لم تكن قضية العروبة والإسلام مشكلة في يوم من الأيام.

4-قوميتنا قوامها لسانٌ سهل ولغة قادرة على السعة والاستيعاب.

5-المنطقة التي نعيش فيها، المنطقة المباركة لها أرومة واحدة هي الجزيرة العربية ولها دين واحد هو دين إبراهيم.

6-إلى المختلفين من العرب مع المسلمين والمسيحيين، وإلى المختلفين من المسلمين والمسيحيين مع العرب: إن من يتبرأ من دينه مسلماً كان أو مسيحياً لنصرة عروبته ما أوشكه أن يتبرأ من عروبته نصرةً لدينه إذا تبدل حالٌ بحال.

7-الشيخ الكبير الجليل أبو الحسن الندوي قال: "لا بقاء للإسلام والمسلمين إذا قامت لهم ألف دولة ودولة وارتفع لهم ألف علم، ولا شرف لهم ولا كرامة ولا هدوء ولا راحة إذا ذلَّ العرب وفقدوا هذه المنطقة التي فيها مقدساتهم".

-كلمات انبثقت في داخلي حيال التنوير:

التنوير: إيقاد النور، أنت تنور هذا المكان أنت تنشر فيه النور، والنور من دون تردد في رأيي هو العلم. تريد أن تنور يعني عليك أن تكون ناشراً للعلم، ليس سوى العلم من نور شئنا أم أبينا، النور هو العلم.

والنهضة هنا هي اليقظة والعمل الذي يستند إلى علمٍ ومعرفة، تعالوا من أجل أن نتحدث عن معالم المجتمع المتنور، أسهم العلم في تكوينه، ملامح المجتمع المنوَّر المتنور والذي اشتغل له ومن أجله المتنورون والمنورون:

1-الحضور المنتج، والحضارة في رأيي من الحضور، أنت حاضر في نفعك للإنسانية إذن أنت حضاري، أنت رائد في إنتاجك النافع للإنسانية إذن أنت حضاري، يمكن أن ندعي الحضارة التي كنا قد أكلنا من نتاجها في فترة من الفترات، وليس الفتى من يقول كان أبي إنما الفتى من يقول ها أنذا في العصر الذي أنت فيه، وعليك أن يُرى فيك عصرك وأن تُرى في عصرك، ولعل كثيراً منا لا يرونَ في عصرهم ولا يُرى عصرهم فيهم وإنما يُرون في عصرٍ عمره ألف سنة. أنت ابن عصرك فهل عصرك فيك وهل أنت في عصرك ؟ هذا الملمح الأول للمجتمع المنور، وحتى أكون شاهداً على عصري ما دامت القضية تتعلق بالمسيحيين وأنا هنا لم آت من أجل أن أشهد، ويعلم عدد من الإخوة أنني لا أقبل الإكراه ولا الإطراء، وأنا أشهد أن الإخوة المسيحيين أسهموا في إنتاج الحضارة، أسهموا في الحضور، أسهموا في التنوير من خلال العلم والمعرفة، ومن خلال ما أنتجه العلم والمعرفة من عطاءات عملية واقعية، وإن أردتم الدليل فالأدلة كثيرة.

2-اعتبار مبدأ المواطنة رابطة اجتماعية دون سواها من دين أو عرق، وهذا ما أنشده باعتباري مسلماً وهذا رأيي، فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمني ومن الشيطان، وإن كان مني أكثر من الشيطان حتى لا أظلم الشيطان أحياناً. لذلك أقول اعتبار مبدأ المواطنة الرابطة الاجتماعية الدستورية وهذا ما نقوله في مواجهة الدولة الدينية والطائفية والعرقية.

والمواطنة تقوم على اعتبار المواطنين في الوطن الواحد متساوين في الحقوق والواجبات بغض النظر عن امتيازات دينية أو عرقية أو طائفية. نحن توَّاقون من أجل مواطنة فاعلة صادقة يدخل فيها كل المواطنين بغض النظر عن أي انتماء عرقي أو طائفي أو ديني على قدمٍ واحد من المساواة أمام الدولة، أردت أن يُنظر إلى الكفاءة في اختيار الموظف، في اختيار المدير، في اختيار الوزير، الكفاءة التي تكلمنا عنها عندما تكلمنا عن الحكومة، نحن نطلب مواطنا كفؤاً في أي مكان يشغله هذا المواطن.

3-بذل الجهد لتوسيع ساحة اللقاء الإنساني على مستوى الأرض كلها، نحن مقصرون لأننا لا نسعى من أجل أن يلتقي الإنسان الإنسانَ عبر الأرض كلها، لذلك المجتمع أو الدولة أو الشعب المتنور هو الذي يوسع اللقاء الإنساني على مستوى الأرض كلها وفق أسس إنسانية أهمها: نبذ البغضاء والعنف والتعصب والنازية والعنصرية وقد شرحت هذه المصطلحات في كتيب لي بعنوان: "التطرف والاعتدال"، تحدثت في هذا الكتيب عن التعصب والنازية والعنصرية والعنف والإرهاب وقدمته ورقةً إلى مؤتمر في روما.

إذن علينا أن نبذل الجهد في توسيع ساحة اللقاء على مستوى الأرض كلها وفق أسس إنسانية أهمها: نبذ البغضاء والعنف والتعصب والنازية والعنصرية والتحلي بالرحمة والتسامح، وعندما أقول الرحمة والتسامح فلست في هذا الميدان أقول كلاماً إنشائياً، وأنا لا أتحدث بلاغةً، وإنما أريد أن يكون حديثي إصابة وإبلاغاً، والحديث الذي يقبل أن يكون إبلاغياً هو الحديث الذي يستند إلى معرفة، والحديث المُبَنَّد والمحدد، لأن المحدد هو الذي يقبل التنفيذ وغير المحدد لا يقبل التنفيذ، التحلي بالرحمة والتسامح، والرحمة عرفتها وقد قرأت عدة كتب من أجل أن أصل إلى تعريف الرحمة فوجدتها في النهاية حسب تعريفي، الرحمة: عطاءٌ نافعٌ برفق.

الإنسان ثلاثة مستويات مستوى البشرية، الإنسانية، الرحموية. الترقي يبدأ من البشرية إلى الإنسانية ومن الإنسانية إلى الرحموية. بالنسبة لي كمؤمن وتابع لمحمد صلى الله عليه وسلم أعتقد أن محمداً استغرقت إنسانيته بشريته، ذابت بشريته في إنسانيته، واستغرقت رحمويته إنسانيته، فذابت إنسانيته في رحمويته، ولذلك جاء وصفه في القرآن الكريم: ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾ أي إنك يا محمد عطاءٌ نافعٌ برفق، وعطاءٌ نافع من غير رفق لا يسمى رحمة، الرحمة: عطاءٌ نافعٌ برفق. ولذلك قال القرآن الكريم: ﴿ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون﴾ فكرت ملياً من هم الصالحون الذين أعطاهم الله الأهلية من أجل أن يكونوا وارثين للأرض ؟ تابعت الآيات فوجدت الآية التي بعدها تقول: ﴿إن في هذا لبلاغاً لقومٍ عابدين. وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾ قلت في نفسي: إذن الصالحون لوراثة الأرض هم الرحماء، من هم الرحماء ؟ الرحماء هم الذين يعطون عطاءً نافعاً برفق.

وفي النهاية قرأت كلمة أعجبتني، استمتعت بها ولعلكم تستمتعون بها، وهي: "الوصول إلى تفوق أهل قوة الحب على أهل حب القوة".

أتريدون في النهاية أن نعيش متآلفين متضامنين عيشاً لا ينفر منا ؟ تريدون أن يكون الناس على سفاراتنا من أجل أن يأتوا إلينا ويستمتعوا بنا ؟ هناك مقولة أعتقد أن سيادة المطران وعلماء الدين المسيحي يعرفونها، ولعل مثل هذه الكلمة موجودة في العهد الجديد والعهد القديم وفي التعاليم السماوية كلها. يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في البخاري: (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) وطوبى للرحماء لأنهم يرحمون ويُرحمون.

4-تهيئة بيئة صالحة خالية من التلوث المادي والمعنوي ولا أريد أن أسهب كثيراً في هذا الأمر فأنتم تدركون خطورة التلوث المعنوي والمادي وآمل أن نرى شيئاً جديداً من الوزارة المحدثة الجديدة وزارة الدولة لشؤون البيئة، أن تتولى هذه الوزارة العمل على تنظيف البيئة معنوياً ومادياً.

وفي النهاية أنا سعيد جداً بلقائي معكم، بلقائي مع المحاضرين، ودعونا أن نسميها سهرة أريحية، جلسة عائلية، وشكراً لكم، والسلام عليكم.

التعليقات

شاركنا بتعليق