نشرت جريدة الجماهير الحلبية بتاريخ 24/11/2004 في زاوية قلعة بلا أبواب المقال التالي :
كلّنا يدندن للوطن ، وقد لا نعرف
حقيقة الدندنة وفحواها ، لكن صاحبها يوّجهها – عندما يُسأل عن مضمونها – لحبّ
الوطن وخدمته ، فتابع يا مُدندن دندنتك الوطنية فنحن بحاجة ماسّة إليها، حتى
وان بقيت في ساحتها اللفظية ولم تغادر الشفاه ، فالأمور الصعبة والقضايا الجادة
تستلزم في البداية دندنة لتتحول بعـدها إلى فكرة ، ومـن ثمّ إلى نظرية فتجربة ،
فقاعدة ، فقانون ، فدستور .
لقد أحيـط الوطن الغالي بالصّـعاب ولفّته القسـوة ، فمن محاسب متغطرس ، إلى
معاقب أثيم ، إلى معتد أفّاك ، فمتهّتم غادر ، ومنتهك من ذوي القـربى وهو أشـد
مضاضة على الوطن من وقع الحسام المهند .
وتتابع نصال الأزمات فيتكسر بعضها على بعض . فمن للوطن الجريح في هذه الظروف
الحرجة إلاكم أيها المواطنون ؟! ومن لإزاحة القَتَام عن وجه الوطن البريء
الوضّاء إلا الأبناء البررة من مسؤولين في مختلف المناصب ، وأفراد على تنوع
المراكز ؟! .
يا أبناء الوطن ويا أحبابه ويا عشّاقه ويا روّاده ويا أيها المستفيدون منه ،
ويا أيها المعتاشون على حساب خيراته : أسرعوا إلى الدندنة ولا تطيلوا البقاء
فيها ، وانتقلوا بعـد ذلك إلى الفـكرة فالنظرية فالـقاعدة فالقانون فالتطبيـق
فالافتداء والتضحية ، ولا يعتمدن أحدكم في انطلاقته في عمله النافع على
انطـلاقة غيره ، بل سابقوا إلى خير الوطن ونصرته بكل ما أوتيتم ، وإلا فما
أصـاب " العراق " ، لا سمـح الله سيصيبنا ، وما حلّ بـ " غزة " و " الضفة " ،
لا سمح الله سيحل بنا ، فماذا تنتظرون ؟!
مالي أراكم نياما في بلهنية وقد ترون شهاب الحرب قد سطعا
دعوا الشعارات ، واهجروا عداوات ما
بينكم والتحموا صفاً كأنكم بنيان مرصوص ، واصدقوا واعدلوا وازرعوا واصنعوا ،
وتحابوا ، وتآلفوا ، وتعاونوا ، وغنوا وأنتم تفعلون كل ذلك : سورية يا حبيبتي ،
ووطني حبيبي ، والله أكبر فوق كيد المعتدي ، وبلاد العرب أوطاني ، وسأعيش رغم
الداء والأعداء ، وبلادي بلادي لك حبي وودادي .
نعم غنوا لتتبنوا ، فمن غنى تبنى ، ومن تبنّى الذي غنى ، كان بفضل الله من أهل
الجنة .
بقلم الدكتور
الشيخ محمود عكام
التعليقات