آخر تحديث: الثلاثاء 23 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
مَلامح عامة في تربية الطفل - 2 -

مَلامح عامة في تربية الطفل - 2 -

تاريخ الإضافة: 2022/05/28 | عدد المشاهدات: 501

أمَّا بعد، فيا أيُّها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

بدأنا الأسبوعَ الفائت حديثاً هو جوابٌ لسؤال وَردني: كيف نربي أطفالنا ؟ أو بالأحرى: ما مَعالم تربيتنا أطفالنا ؟ تحدَّثتُ عن معالم أربعة في الأسبوع الفائت، وقلت: علينا أن نختار لهم أمهاتهم، وأن نُنفق عليهم، وأن نُربِّيهم وأن نُؤدِّبهم على الأخلاق الحميدة ولا سيما الصدق والحياء، وأن نقوِّيَ علاقتهم وصِلتهم بربهم إيماناً ومحبة واعتقاداً وصلة وطاعة وتوحيداً.

واليوم نتابع ونقول:

الملمح الخامس: أن نُربِّي أطفالنا على حُب نبينا صلى الله عليه وسلم وعلى حب آل بيته، وعلى حب الصحابة رضي الله عنهم وعلى تلاوة القرآن: يقول مُعلمنا وقائدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم: (أدِّبوا أولادَكم على ثلاثِ خصال: حُبِّ نبيكم، وآلِ بيتِه، وتلاوةِ القرآن). يوم تُربي ولدك وطفلك على محبة النبي عندئذٍ تضمن أن هذا الطفل قد امتلأ قلبُه حباً حقيقياً، عندما تربي ولدك على حبِّ النبي صلى الله عليه وسلم سترى في ولدك هذا إذ يكبر أنَّ الأسوة التي يبحث عنها حاصلة وقائمة، ولا مجال للالتفات إلى هنا أو هناك، والإنسان بحاجة إلى أسوة، تستقر في داخله يحبها ويعشقها ويتعلَّق بها، ولعلكم تذكرون الفرقَ بين الأُسوة والقدوة؛ فالقدوة: إنسان تعتقد وتقتنع بقياديَّته، تقتنع بأنه صالحٌ للقيادة وبأنه قائد بامتياز، أما الأسوة تعتقد بأنه قائد يصلح للقيادة، تقتنع بقياديته وتحبه، لذلك قال ربنا عز وجل: (لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنة) ولم يقل قُدوة حسنة، ومن هنا نقول لأطفالنا قولوا بملء قلوبكم وعقولكم: يا رسولَ الله أنت أسوةٌ لنا وأنت أسوة فوق القدوة. وحبِّ آل بيته: وأحبوا آلَ محمد لحب محمد، (قُل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودَّة في القُربى)، أحبوا صحابةَ محمد، لأنَّ الله اختار للنبي صلى الله عليه وسلم أصحابه: (إنَّ الله اختار لي أصحابي)، وأدِّبوهم على تلاوة القرآن، وقد قلتُ لكم: التلاوةُ إحسانُ النُّطق، والقراءةُ إحسانُ الفهم، والتَّدبُّر إحسان التطبيق. من أجل أن يُقوَّم اللسان، أصبحت ألسنةُ أطفالنا اليوم بَلْهَ شبابنا مِعوّجَّة لا تَستقيمُ عليها لُغةٌ هي لغة القرآن، افحَصوا وامتَحِنُوا شبابنا في ميدان اللغة، انظروا كتاباتهم على الهاتف النَّقَّال، سَترون الكوارث وقد سُجِّلَت على هذه الوسائل، اللغةُ ضَعيفة إن لم أقل مَيتة، واللسانُ عاجر بل مَيت، والفِكر الذي يتبع اللسان ويقتضي لساناً قوياً أضحى مُهَلْهلاً. وينبغي أن نفهمَ الأبعاد التي ذكرتها وأكثر لهذا الحديث الشريف: (أدِّبوا أولادكم على ثلاث خصال).

الملمح السادس: فَهِّموا أولادكم وأطفالكم قيمة العلم: (قُل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) أضحت الأمور تُعايَر على المال، أضحى العلم أمراً يزهد فيه أبناؤنا. لا حضارةَ إلا بالعلم، كُنا صِغاراً وتعلَّمنا: بأنَّ العِلم يرفع بيوتاً لا عِماد لها، ما لي أراكم تَفرُّون من العلم ؟! لأنَّ العلم في رأيكم لم يَعُد يُعطي مالاً ، ولم يَعُد يُعطي جاهاً، هذا المال والجاه المزيف. هيا إلى العلم: (من سلكَ طريقاً يلتمسُ فيه عِلماً سهَّل الله له به طريقاً إلى الجنة) نريدكم متفوقين في العلم وفي كل ميادينه مبرزين، نريدكم أن تكونوا على قدرٍ وفيرٍ من العلم، فمُحمد صلى الله عليه وسلم لم يسأل ربَّه زيادةً في أمرٍ ما إلا في العلم: (وقُل ربِّ زِدني علماً) وتفضَّل الله عليه وقال: (وعلَّمكَ ما لم تكُن تعلم وكانَ فضل الله عليك عظيماً) اقرؤوا إننا أمةٌ اتُّهمت اليوم – والاتهام صحيح – كم قرأتَ من الصفحات أيها الطفل وأيها الولد وأيها الرجل وأيها المعلم، كم تقرأ من الكتب، من كتاب الله ومن سواه في اليوم أو الشهر أو السنة ؟ اقرؤوا إحصائيات تتعلق بكم في هذا المجال فما من أمة في هذه الأيام أجهل من أمتنا من حيث القراءة والكتابة والاطِّلاع والعلم والتَّعاطي مع المعرفة.

الملمح السابع: أن تعتبر هذا الطفل، هذا الطفل الذي أمامك ليس كائناً لا يُذكَر، بل هو الكائن الذي يُذكر، ليسَ مُهمَلاً، ولو كان مُهمَلاً لما أوجده الله بخلقه وبيديه، (هذا خلقُ الله) اعتَبِر هذا الطفل، اعتَمِد رأيَه، شَاوِره، لا تتجاوزه، لا تنظر إليه على أنه شيءٌ يحتاج إلى مالٍ وحسب، بل انظُر إليه على أنه كائن قد يفوقك وربما كان هو الباني لمستقبلٍ رائع تنتظره. وردَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه أُتي بشرابٍ فشرب منه وبقي شيءٌ في هذا الإناء الذي شرب منه النبي صلى الله عليه وسلم وكان عن يمينه غلام لم يبلغ الحلم، وعلى يساره الأشياخ أبو بكر وعمر وسائر أولئك رضي الله عنهم، فلما شرب النبي صلى الله عليه وسلم وبقي من الشراب شيء في الإناء، والأَوْلَى بالشُّرب بعد الذي يشرب مَنْ هو على يمين الشَّارب فأدنى النبيُّ الإناء من الغلام وقال: أتأذن أن أعطيه الأشياخ ؟!! فقال الغلام: لا يا رسول الله، والله لا أوثر بنصيبي منك أحداً. وأخذَ الغلامُ الشَّرابَ وشربه. هل نعتبر الأطفال أم أننا نحاول أن ننظر إليهم على أنهم دُمَى لا أكثرَ ولا أقلّ. اعتبرهم وشارورهم ولا تتجاوزهم ولا تهملهم وخُذ برأيهم وأَشعِرهم بوجودهم حتى يكونوا في المستقبل أقوياء يواجهون التحديات حتى يشعروا وهم كبار بأنهم بحاجة إلى العلم الذي ندعو إليه.

هذه بعضُ معالم وملامح تربيتنا أطفالنا، فيا أيها الإخوة: أطفالكم وأطفالنا أمانة في أعناقنا، مَنْ أراد أن يَبني مُستقبلاً رائعاً عظيماً فلينظُر إلى الأطفال نظرةَ إكبارٍ وعِناية ورعاية، لأنَّ الأطفال هُم المستقبل الذي تنتظره، إن أحسنتَ إليهم وربَّيتهم وفق هذه المعايير ضَمنتَ مستقبلاً مُنتَظراً رائعاً عظيماً، وإلا فلا تَلُم إلا نفسَك: (فلا تلوموني ولوموا أنفسكم)، اللهمَّ هَيِّئ مِنَّا ومن أطفالنا صالحين مُصلحين يا ربَّ العالمين، نِعْمَ مَن يُسألُ أنت، ونِعْمَ النَّصيرُ أنت، أقولُ هذا القول وأستغفر الله.

أُلقِيت في جامع "السيِّدة نفيسة عليها السلام" بحلب الجديدة بتاريخ 27/5/2022

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/dhZcD8kucA/

 

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

التعليقات

شاركنا بتعليق