آخر تحديث: الأربعاء 27 مارس 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
الطفل عناية ورعاية

الطفل عناية ورعاية

تاريخ الإضافة: 2001/08/10 | عدد المشاهدات: 3807

أمَّا بعد، أيُّها الإخوة المؤمنون :
سئلت في هذا الأسبوع من قبل أكثر من واحد ، والسؤال هو بمَ تنصحني ، وكيف أربي طفلي وولدي ؟ على أي شيء ؟ ما هي الملامح العامة التي يجب علي أن أتبناها لتكون معالم تربية لطفلي وولدي . 
أيها الاخوة المؤمنون : وإذ أجيب فإني أحب أن تكون النصيحة عامة ، وأول من أتوجه إليه بالنصح هو نفسي ، ثم إلى الآخرين لأقول بما يخص هذا الشأن : إن الأساس الشرعي لمسؤولياتك عن ولدك أو طفلك هو قول الله عز وجل : (
قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ) ، وهو قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في سنن النسائي : " إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ ذلك أم ضيعه حتى يسأل الرجل عن أهل بيته " . أنت مسؤول وقد ورد في البخاري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : " ما من مولود يولد إلا على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه " هذا هو المستند الشرعي لمسئوليتك عن ولدك أو طفلك ، أما ماذا تقوم به وماذا تفعله فإليك الملخص والمجمل وأظن أن هذه البنود يمكن أن تكون كافية بإطارها العام ، ومن أراد التفصيل ففي ثنايا كتاب الله المجيد وفي ثنايا حديث النبي العظيم محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
أتوجه أولاً لأقول لهذا الوالد أو لهذا الأب - لاسيما وأنه خُصص يوم في عرف الأمم المتحدة سُمِّي يوم الأب - أتوجه إلى الأب وإلى الأم لأقول للمربي بشكل عام سواء كان أباً أم أماً : أيها الأب ، يا من تبغي لطفلك الخير ويا من تسعى من أجل أن يكون طفلك عنصراً صالحاً في المجتمع ، ويا من ترغب في أن يكون ولدك وطفلك أثراً طيباً يدل عليك بكل خير ، بعد إذ تذهب أنت إلى عالم الآخرة فإنك إن مت فإنه لا يبقى بعد موتك إلا العمل الصالح والصدقة الجارية والولد الصالح الذي يدعو لك فإن كنت ترغب في أن يكون ولدك صالحاً فإليك النصائح : 
أولاً : أحسن اختيار أمه : أحسن اختيار الزوجة . وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : كما يروي ابن عساكر بسند حسن : " تخيروا لنطفكم فإن النساء يلدن أشباه إخوانهن أو أخواتهن " ويقول عليه وآله الصلاة والسلام كما يروي الدار قطني : "اختاروا لنطفكم المواضع الصالحة " هذا أولاً . 
ثانياً : أنفق على طفلك نفقة من مصدر حلال . يروي أبو داود أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : " كفى بالمرء إثما أن يُضيِّع من يعول " ويروي أحمد في مسنده أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : " دينار تنفقه في سبيل الله ، ودينار تنفقه في رقبة ، ودينار تنفقه على مسكين ، ودينار تنفقه على أهلك ، أعظمها الدينار الذي تنفقه على أهلك " .
ثالثاً : أريدك أن تربط ابنك بربك عقيدة وتعلماً وسلوكاً . أما العقيدة فكما قال النبي عليه وآله الصلاة والسلام حسب ما جاء في سنن الترمذي : " يا غلام احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وان اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف " أريدك أن تربط غلامك ، طفلك ، ولدك بالله عقيدة وتعلماً لأن النبي عليه وآله الصلاة والسلام قال كما يروي الطبراني : " أدبوا أولادكم على ثلاث خصال : على حب نبيكم ، وحب آل بيته ، وقراءة القرآن " لأن محبة النبي تَعلُّم ، ومحبة آل بيته تعلم ، ولأن قراءة القرآن تعلم ، بل إن القرآن الكريم هو مصدر علمنا ولا يمكن أن نحيد عنه . أريدك أن تربط طفلك بالله سلوكاً ، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال كما في سنن أبى داود : " مُروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر " بروايات مختلفة رواها غير أبى داود .
رابعاً : أدِّب أولادك بآداب الإسلام . فلقد ورد كما في سنن ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : " أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم " ويروي أحمد في مسنده أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : " ليس منا من لا يرحم صغيرنا ويجل كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه " . أدب أولادك وأطفالك بآداب الإسلام . علمهم الصدق ، علمهم مراعاة الآخرين ، علمهم الأمانه ، علمهم كيف يراعوا جيرانهم .
خامساً : لاطف ولدك وداعبه . وتذكر أن النبي عليه الصلاة والسلام قال - كما يروي البخاري - يوم رآه رجل يدعى الأقرع ابن حابس رأى النبي يقبل الحسن والحسين ، فقال يا رسول : إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحداً منهم . فقال له النبي عليه وآله الصلاة والسلام : " وما أملك لك إن كان الله قد نزع من قلبك الرحمة ؟! من لا يَرحم لا يُرحم " ، ويروي النسائي أن النبي عليه وآله الصلاة والسلام كان يصلي ذات مرة ، فلما سجد أطال السجود حتى إذا ما انتهى سأله من صلى معه : يا رسول الله أطلت السجود فقال : "إن ابني هذا - أي الحسين - ارتحلني - صعد على ظهر النبي وهو ساجد - ارتحلني وأنا ساجد فكرهت أن أعجله " انتظرته حتى ينزل لنفسه . وكلنا يعلم أن النبي عليه وآله الصلاة والسلام كان يحمل الحسن والحسين على صدره الشريف ، وكان يصعد الحسين على صدره ويداعبه ويلاطفه . وأنا أدعو الآباء إلى ذلك . 
سادساً : علِّم ولدك وطفلك الجرأة والشجاعة . علمه أن يكون قوياً ، علمه الرماية وفنون القتال . لقد ورد في كتاب حياة الصحابة عن ابن جرير أن النبي عليه وآله الصلاة والسلام وقف بجانب سعد ابن أبي وقاص وكان يرمي فقال : " ارمِ سعد فداك أبي وأمي " الرسول عليه وآله الصلاة والسلام يقول لسعد : " ارم سعد فداك أبي وأمي " ، ويروي ابن جرير أيضاً بسند حسن أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : " ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً " . علم طفلك الشجاعة ، الكلمة الحرة . أن يقف أمام الناس بكل جرأة ولا يخاف في الله لومة لائم . علِّمه كيف تكون العدة في مواجهة العدو ، علم ولدك أن يكون جريئاً في الحق ، علم ولدك أن افضل الجهاد كلمة حق أمام سلطان جائر ، علم ولدك أن يقول للظالم أنت ظالم ، علم ولدك أن لا يخنع ، علمه أن يكون في هذه الحياة يرفع الرأس معتزاً بالله عز وجل ، عزيزاً بربه ، علم ولدك أن لا يسير وراء أهوائه ومنافعه المادية ، علمه أن يكون قوياً بالله . قل له يا بني : " واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وما أصابك لم يكن ليخطئك " علمه أن يكون صابراً ثابتاً ، علمه القوة ، قل له : إن العدو الصهيوني معتد علينا وان جهادنا له واجب في أعناقنا ، علم ولدك أن الشهادة مطلب ، وأن الشهادة في سبيل الله أمر يجب أن يُسعى إليه ، لأن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون ، تكلم مع طفلك عن حادثة القدس الغربية التي نفذها استشهادي رحمه الله وأسأل الله أن يجعله في علِّيين ، قل لطفلك إن هذا الرجل الاستشهادي ضحى بنفسه من أجل الحق ، رمى الدنيا وراء ظهره قال لها غُرِّي غيري أيتها الدنيا . علم أولادك الاقتداء بالحسين يوم خرج من أجل الإصلاح ، من أجل أن يصلح هذا الذي وقع الناس فيه ، اذكر الحسين والحسن مثالين للشجاعة المطلقة أمام أولادك وأطفالك . وأنا أُذَكِّر أطفال العالم وأطفال بلادنا بشكل خاص لأقول : إن هذه العملية على سبيل المثال إنما كانت من أجلكم أنتم أيها الأطفال ، من أجل الانتقام ومن أجل مقاومة الأعداء ، ورد الظلم الذي وقع عليكم . أيها الأطفال : أما رأيتم الطفل محمد الدُّرَّة يوم قتله الأعداء وهو في حضن أبيه ؟! أما رأيتم الطفلة الرضيعة إيمان حجُّو ؟! أما رأيتم الطفل الرضيع ضياء وقد اخترقت أجسادهم جميعاً رصاصات العدو الغادرة . إن العملية التي صارت بالأمس وأسأل الله أن يوفق إخواننا من أجل تكرراها لتكون درساً للغاشم الآثم . ولا تضعفوا أيها الأطفال ، أيها الشباب من ردة فعل الصهيونيون المجرمين فالصهيونيون مجرمون ويخافون من هذه الأعمال ، وليس هناك شيء أكثر تخويفاً لهم من هذه الأعمال الاستشهادية ولا أريد لأحد من الآباء أن يقول لولده : إن هذه عملية انتحارية فبئس ما يقول إذ يقول هذا الكلام . إن هذه العملية هي استشهادية وان الذي نفذها أسأل الله عز وجل أن يلحقه بالشهداء والصديقين والصالحين في مقام عال عند رب العزة جلت قدرته . علم طفلك الشجاعة والقوة والجرأة ، كفانا أيها الاخوة أننا وضعنا مصالحنا الخاصة والوهمية أمامنا وحرصنا عليها ولم نحرص على ديننا ، فرُبِّيَ طفلنا ونشأ في الترف الموهوم ، نشأ في فلك ودائرة المنافع الوهمية الخاصة فأصبح يخاف من كل صيحة ، وأصبح يخاف من كل قول ، وأصبح يخاف من كل اتهام حتى ولو كان هذا الاتهام من العدو اللئيم . أيها الاخوة علموا أولادكم حب الوطن وأن التضحية في سبيل الوطن من أجل الله ، من أجل رفعة الوطن من أجل عزة الوطن . علِّموا أولادكم حب الوطن والارتباط بالأرض ، علموا أولادكم أن فلسطين وطننا ، وأن القدس بلدنا ، وأن المعتدين الآثمين ليسوا بأصحاب الأرض في فلسطين ، علموا أولادكم أن هؤلاء غرباء عن القدس ، غرباء على فلسطين ، غرباء على بلادنا ، علموهم أن الإسلام هو صاحب المنطق في امتلاكه لسدة هذه الأرض ، لزمام هذه الأرض ، علم طفلك كيف يكون بالله قوياً . 
أيها الاخوة ، يا أطفال المسلمين : اسمحوا لي أن أكون نائباً عن هذا الذي نفذ عملية القدس الغربية يوم أمس لأقول لكم : إنها هدية لكم من أجل الأطفال الذين زاد عددهم عن المائة والخمسين شهيداً استشهدوا في سبيل الله على تراب وطنهم ، ولا أريد أن أعلق على تعليقات لا قيمة لها في عالم المنطق ، على تعليقات صدرت من الغرب ، ومن رجال تُدافع عن الصهيونية من غير سبب وجيه ، لكنها أسيرة هؤلاء ، لا أريد أن أُعلق على تعليقاتهم ، لكننا نقول : إننا سنتابع الانتفاضة . يا أطفالنا ستبقون تتابعون الانتفاضة ضد الصهيونية وضد أمريكا وضد الأوربيين الذين يقفون بجانب الصهيونية ، وضد كل شرقي وغربي يقف بجانب الصهيونية ويدعم الصهيونية . أيها الأب : الأمانة ملقاة على عاتقك . فهيا إلى تربية قوية رشيدة حميدة لطفلك الذي هو أمانة في عنقك . اللهم وفِّقنا من أجل أن نؤدِّ الأمانة ، من أجل أن نقوم بالأمر على خير ما يمكن أن يُقام عليه . - واسمحوا لي أيها الاخوة أن علق على خبر سمعتموه وهو احتجاج بعض الناس في لبنان على الوجود السوري ، لا أريد أن أتحدث في السياسة ولكني أريد أن أضع أطفالنا وأبناءنا بالصورة - كما يقال - هؤلاء الذين يحتجون : إنهم والله يتعاونون مع الصهيونية . أيها الاخوة إنهم من أتباع عون وجعجع ، هذان الشخصان اللذان كانا يتعاونان مع الصهيونية المجرمة ، وهؤلاء الذين يحتجون على الوجود السوري لو أن إسرائيل كانت مكان الجيش السوري لما احتجوا لأنهم يريدون إسرائيل ، ولأنهم يتعاونون مع إسرائيل . هذه وجهة نظري . ومتابعة لطبيعة الخطبة أقول : ضعوا أطفالكم وأولادكم بالصورة لما يجري حولنا فإنهم سيَسألوننا أعني أطفالنا في المستقبل لماذا لم نحدثهم عما يجري في الغرب والشرق ، والتلفاز والمذياع يحدثهم هنا وهناك . حَدِّث ولدك عن رأيك وبكل صراحة واسمح لولدك أن يحاورك ويناقشك . ( يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ) حاور ولدك وناقشه . اليوم هتفت لي فتاة قالت : إن أبي يريد أن يزوجني من إنسان لا أشعر بميل قلبي له ، يريد أن يجبرني على ذلك . قلت لها : حاوريه . قالت : لا يقبل الحوار ( هو يريد أن يَستَبدّ ) . قلت لها : اذكري له حديث النبي عليه وآله الصلاة والسلام يوم جاءت فتاة إليه تقول له يا رسول الله إن أبي هذا يريد أن يزوجني من ابن أخية ليرفع بي خسيسته وأنا له كارهة فقال لها النبي عليه وآله الصلاة والسلام : " اختاري الأمر بيدك " فقالت الفتاة : اخترت ما اختار أبي . فقال لها النبي ولمَ فعلت هذا ؟ قالت : حتى يعلم الناس إن ليس للآباء في هذا الأمر من شيء ، في قضية الإجبار . حَدِّث ولدك في المشكلة الفلانية ليس على سبيل الاستبداد وإنما أَجرِ حواراً . لا تكن أديباً مع الناس وفظاً مع أولادك . لا تكن لطيفاً مع الموظفات وقاسياً على بناتك . مشكلتنا أن الواحد منا إن لقيته خارج بيته - لا سيما إذا ضم المجلس عنصراً نسائياً - ستراه لطيفاً إلى أبعد الحدود يكلم تلك المرأة عن آداب وآداب وبأسلوب رفيع ولطيف ، ولكنه إن أتى داره وبيته رأيت وجهه قد قطب وتجهم وعاد بالقسوة على أولاده . لاطف أولادك وداعبهم واسأل أن يوفقنا إلى ما فيه الخير ، نعم النصير إلهنا ، والحمد لله رب العالمين . 

التعليقات

شاركنا بتعليق