أمَّا بَعدُ، فيَا أَيُّها الإخوةُ المسلمونَ المؤمنونَ إِن شَاءَ الله:
لا شك في أن بعدَ الدُّنيا آخرة، وهذا من إيماننا وإيمان كل مَن يريد الحقيقة، إذاً نحن على الطريق سائرون لنصل إلى تلك الدَّار التي هِي دار الخلود، (وإنَّ الدار الآخرة لهي الحيوان)، وهناك في الآخرة مقامات، إما نعيم وإما جحيم، إما جنة وإما نار، فانظر أيها الإنسان يا من تسير على الطريق في هذه الحياة التي تُوصلك إلى تلك الدار، فهل طريقك هذه التي تقف عليها الآن والتي تسير عليها هل توصلك إلى مقام النعيم، أم إلى مقام الجحيم، هل توصلك إلى الجنة، أم توصلك إلى النار، افحص هذه الطريق التي أنت عليها، تأكَّد منها، أنت الآن على مسار، فإلى أين يفضي هذا المسار ? تسألني: كيف أفحص هذه الطريق التي أنا عليها ? أقول: ثمة طريق عنوانها: "الإيمان والعمل الصالح"، وطريق أخرى عنوانها: "الكفر والإلحاد والإنكار والعمل الطَّالح"، الطريق هذه التي عُنوانها "الإيمان والعمل الصالح" هي التي توصلك وهي التي تُفضي وهي التي تَنتهي إلى النعيم المقيم، إلى الجنة، فهل أنت على هذه الطريق ؟ (إنَّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نُزُلاً)، الأمر واضح، (إنَّ للمتقين مفازاً. حدائقً وأعناباً)، هذه هي الحقيقة، انظر الطريق التي أنت عليها، فإذا كنتَ على طريق الإيمان والعمل الصالح فاعلم بأنَّ نهايتك إلى النعيم المقيم وإلى الجنة بشرط أن تستمرَّ وتثبت، وأن تسألَ اللهَ عز وجل حُسن الختام.
الإيمان معروف: (أن تؤمن بالله وملائكته وكُتُبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره) من الله، تأكَّد من إيمانك في كلِّ يوم، لتتأكد من أنك على الطريق هذه التي توصلك إلى النعيم المقيم، تأكد من إيمانك، عندما تصبح قل: أصبحتُ وأصبحَ الملك لله، لا إله إلا الله، محمدٌ رسول الله، عليها أَحيا وعليها أَموت وعليها أُبعث يوم القيامة، تأكَّد من إيمانك في كلِّ يوم، هل أنت مؤمن بربك، هل أنت مؤمن برسل ربك، هل أنتَ مؤمن بكُتب ربك، هل أنت مؤمن بالقدر خيره وشره، هل تحمدُ الله على كل حال، هل تشكر الله عز وجل في النَّعماء، هل تصبر في الضَّراء ? افحص إيمانك من الناحية النظرية ومن الناحية العملية.
أما العمل الصالح: أنتَ فحصتَ إيمانك فوجدتَ نفسك مؤمناً، والحمدُ لله، وقد وَقَر الإيمان في قلبك واستقرَّ في داخلك، فقل: الحمد لله، واللهمَّ ثَبِّتني، يا وَليَّ الإسلامِ وأهله ثَبِّتني به حتى ألقاك، أما العمل الصالح، فما العمل الصالح ? العمل الصالح له شرطان: الشرط الأول: أن يكون صحيحاً وموافقاً لمعايير الشَّرع، ولذلك: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)، العمل الصالح إما أن يكونَ عِبادةً صرفة كالصلاة والصيام، فعليك أن تصلي وتصوم وفق المعايير الشرعية، وليس وفق معاييرٍ أنتَ تضعها، العمل الصالح له شرطان: الصِّحة، أن يكون وفق معايير الشرع من عبادةٍ صرفة أو من أي عمل، أنت تريد أن تبيع فعليكَ أن تجعلَ بيعك وفق المعايير الشرعية، أنت تريد أن تدرس عليك أن تجعل دراستك وفق المعايير الشرعية. تسألني ما المعايير الشرعية للدراسة للبيع والشراء ؟ أقول لك: (أفضلُ العِبادة الفِقه)، هيا فاسأل، (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)، اسأل عن عملك من أجل أن يكون عملك هذا سواءً أكان عبادة أو عملاً عاماً عادياً من أجل أن يكون موافقاً للمعايير الشَّرعية، وهذا شرط الصحة، أن يكون صحيحاً، يحمل: (اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً. يصلح لكم أعمالكم)، يقول عليه الصلاة والسلام، وإذا سألتَ أهل العلم قبل أن أذكر الحديث عليك أن تسألَ أهل العلم الحقيقيين الذين دَرسوا وبَرعوا واتقوا ربهم عز وجل، لذلك قال عليه الصلاة والسلام: (يَحملُ هذا العلمَ مِن كل خَلَفٍ عُدُوله) هذا العلم له عُدول يحملونه، (يحمل هذا العلم من كل خَلَفٍ يَنفُون عنه تَحريفَ الغَالين) المشدِّدين والمتشددين، وكَم من دَاعٍ إلى الإسلامِ مُتشدِّد، يُحلِّل الحرام، ويُحرِّم الحلال، بل يحرم الحلال أكثر من كونه يُحلِّل الحرام، (ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين)، المبطلون ينتحلون القرآن انتحالاً، والنصوص انتحالاً والعلم انتحالاً ليثبتوا بطلانهم، فعليكَ أن تكون واعياً ومُستيقظا لهذا، واليومَ نسمع المبطلين يَنتحلون هذا العلم ليجعلوا من العلم الشرعي مُبرِّراً لبُطلانهم ، فكَم من أُناسٍ يقولون اليوم: عَلينا أن نُطَبِّع مع إسرائيل، وهذا ما جاء في الشريعة الإسلامية، علينا أن نكون مع أولئك الذين يَركُضون وراءَ أمريكا وسِواها، لأننا نريد أن نُحافظ على أنفسنا، وأن لا نرمي بأنفسنا في التَّهلكة، هؤلاء مُبطلون ينتحلون العلم انتحالاً ولا يتعلَّمونه بجدية ووفاء، (يَنفُون عنه تَحريف الغَالين، وانتِحال المبطلين وتأويل الجاهلين) الجاهلون يُؤولون هذا العلم تأويلاً لا يستقيمُ مع الإنسان، ولا مع العقل، يقولون هؤلاء المجاهدون مُخاطرون، هؤلاء المجاهدون مُغامرون، هذا من تأويل الجاهلين ولا يَمُتُّ كلامهم إلى الحقيقة ولا إلى الواقعِ بِصِلة، بل إنهم استعبدتهم شهواتهم وباطلهم وراحوا يُقدِّمون الوَلاءاتِ تِلوَ الولاءات لأعداء الله عز وجل من حيثُ يشعرون ولا يشعرون.
أعود فأُركِّز: شرطان للعمل الصالح: الصِّحة، أن يكون موافقاً للمعايير الشرعية، والإخلاص، (إنَّ الله لا يَقبلُ من العَمل إلا ما كان خالصاً وابتُغي به وجهه) (وما أُمروا إلا ليعبدوا اله مخلصين له الدِّين)، (المخلصون مَصابيحُ الهدى تَنجلي عنهم كُلُّ فتنة ظلماء) إنما يُنصَرُ بالضُّعفاء بإخلاصهم، الإخلاص شرطٌ ثانٍ من أجل أن يكون العمل صالحاً، الحديث القدسي يقول: (مَن عَمِل عَملاً أشركَ فيه معي غَيري تركتُه وشِركَه) وفي رواية: (فأنا برئٌ منه وهو بالذي أشرك). أتريدون الوصول إلى النعيم المقيم، تأكَّدوا من طريقكم، طريق الوصول إلى النعيم المقيم: إيمانٌ وعَمَلٌ صالح (إنَّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جَنَّاتُ الفردوس نزلاً)، اللهم وفِّقنا من أجل أن نثبت على طريق الإيمان والعمل الصَّالح، نِعم مَن يُسأَلُ أنت، ونِعم النَّصير أنت، أقول هذا القول وأستغفر الله.
ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السلام بحلب الجديدة بتاريخ 15/11/٢٠٢٤
لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا
لقراءة النص من المصدر، لطفاً اضغط هنا
http://www.akkam.org/topics/5318/
الدكتور #محمود_عكام
#طريق_الجنة
#خطبة_الجمعة
ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب
https://www.facebook.com/akkamorg/
لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك
التعليقات