أما بعد ، يا أيها الإخوة
المؤمنون :
في أيام صعبة ، وفي أوقات حرجة ، وفي ظروف تتصف بالقسوة ، وأظن أن الأيام
والظروف التي وصفناها تحفُّنا ونعيش في رحابها ، وبالتالي يتساءل الإنسان : ما
الذي يجب فعله ؟ دولة كبرى تهدد بلدنا ، وعدوان غاشم وكيان آثم يعتدي علينا
بشكل مباشر . ما الذي يجب علينا فعله ؟ لا شك في أن كل واحد منا فكَّر في ذلك ،
وأنا من جملة من فكر ، فقلت : علينا أن نفحص أمرين اثنين ، أن نفحص علاقتنا
بربنا ، ما دمنا نعيش في رحاب شهر فضيل هو شهر شعبان ، علينا أن نفحص علاقتنا
بربنا ، وعلينا أن نمحص وأن نفحص علاقتنا بربنا ، لا أريد أن أتحدث عن العلاقة
الأولى عن علاقتنا بربنا وأترك كل واحد منا يفحص هذه العلاقة بينه وبين ربه ،
وأحب أن أقول : إذا كنت مع ربك قوياً في صلتك به فالله معك ( لا تحزن إن الله
معنا ) التوبة : 40
إذا كنت معه ، وإنما أريد الحديث عن علاقتنا ببعضنا ، وهل نشكل مجتمعين ، هل
نشكل سداً مانعاً لا يُخترق أم أننا جاهزون للاختراق ، وجاهزون من أجل أن ينفذ
من خلالنا من ينفذ ؟! لو سألت نفسي وسألتكم عن عنوان العلاقة فيما بيننا لقلتم
وبسرعة : إنها الأُخُوة . الأخوة عنوان لقائنا وعلاقتنا وعلائقنا ورباطنا ،
وهذا العنوان لتلك العلاقة لم نضعه نحن ، وإنما الذي وضعه الله جلت قدرته حينما
قال : ( إنما المؤمنون إخوة )
الحجرات : 10
ودعانا إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم حينما قال : " وكونوا عباد الله
إخواناً ، المسلم أخو المسلم " هذه العلاقة التي هي الأخوة ، وقد وردت كلمة
الأخوة والأخ والإخوان في القرآن الكريم أكثر من تسعين مرة . ماذا تعني وما
مفاعيلها على الواقع ، وما تجسيداتها في الواقع ؟ كيف نشخصها ، كيف نجسدها ،
كيف نُوَقعِنها في حاضرنا ؟ تقوم على أمرين ، أو بالأحرى على ركنين : الركن
الأول : الحماية ، والركن الثاني : الرعاية .
أما الحماية فتعني أن أحميك ، وأن تحميني من الغش ، فلا غش بيننا ، وكما قال
عليه وآله الصلاة والسلام : " من غشنا فليس منا " والحديث في الصحيحين ، وفي
رواية : " من غش فليبس منا " أن أحميك وأن تحميني من الغش ، أن أحميك وأن
تحميني من الترويع التخويف ، وأؤكد على هذا ، وقد قال عليه وآله الصلاة والسلام
كما روى أبو داوود في سننه : " لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً فإن ترويع المسلم
إثم عظيم " وقلت على هذا المنبر أكثر من مرة أيضاً : لا نريد أن تكون علاقة
السلطة بالشعب علاقة ترويع ، لا نريد لجهة مسؤولة أن تكون مروِّعة للشعب ، ولا
نريد للشعب أن يكون مروِّعاً لذاته ، لبعضه ، ولا للدولة أيضاً . نريد أن تكون
العلاقة علاقة تأمين ، علاقة تطمين ، لا ترويع ، أن أحميك من التخويف ، من
الترويع ، من الرعب ، أنادي كل سِلك في الدولة من أجل أن تكون علاقته علاقة
تطمين مع المواطن وأن يبتعد عما يسمى بالترويع ، أن أحميك من الترويع ، أن
أحميك من الغش ، أن أحميك من الهجر ، أن لا أهجرك وأن لا تهجرني ، وقد ورد عن
النبي عليه وآله الصلاة والسلام كما جاء في صحيح مسلم : " لا يحل لمسم أن يهجر
أخاه فوق ثلاث ، ومن هجر أخاه فمات دخل النار " أن أحميك من الاتهام ، وأن
تحميني من الاتهام ، وقد جاء في صحيح الإمام البخاري أنه عليه وآله الصلاة
والسلام قال : " من قال لأخيه يا كافر أو يا عدو الله إلا حار عليه " أي رجع
عليه هذا الوصف . أن أحميك من التحريش وأن تحميني من التحريش ، إن الشيطان هكذا
قال عليه وآله الصلاة والسلام كما في صحيح الإمام مسلم : " إن الشيطان قد يئس
أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن بالتحريش بينهم " أي اكتفى بأن يحرش
بعضهم على بعض ، وبأن يتهم بعضهم بعضاً ، وأن يسوق كل واحد منهم للآخر السمعة
غير الطيبة إن الشيطان رضي بذلك وهذا حاصل بيننا ، أن أحميك من الغيبة ، هكذا
قال القرآن الكريم ( ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً
فكرهتموه ) الحجرات : 12
أن أحميك وتحميني من النميمة يقول عليه وآله الصلاة والسلام كما جاء في البخاري
: " لا يدخل الجنة نمام " وما أكثر ما نعمل ونفعل النميمة فيما بيننا ، فلان
ينقل الكلام ليفسد علاقتك بفلان ، وفلان ينقل ليفسد علاقة فلان بك ، وهكذا
دواليك ، أن أحميك وأن تحميني من الحقد والغل ( ولا
تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا )
آل عمران : 10
إذا كان في قلبك غل على مؤمن فما عليك إلا أن تتأكد من صحة إيمانك فإيمانك على
شفا جرف هارٍ ، إيمانك أقرب إلى الضياع والتلاشي منه إلى الوجود والازدياد
والثبات ، أن أحميك وأن تحميني من كل مكروه ، ولذلك من أجل أن أثبت هذا العنوان
الأخوة القائم على ركني الحماية والرعاية علينا أن نتفكر فيما إذا كنا نحمي
بعضنا من هذه السيئات ، من هذه القضايا الفاسدة والمفسدة أم لا ؟ وبكل صراحة
إني لأجد أننا بعيدون جداً عن أن يحمي أحدنا أخاه ، فنحن بدلاً من أن نحمي
إخوتنا وأخوتنا ، بدلاً من أن نحميهم نقوم ليهتك كل واحد منا ستر الآخر ،
ليتكلم على الآخر ، ليسيء للآخر ، ليحدث الناس عن سيآت أخيه ، لا من أجل شيء
وإنما من أجل سَريان فساد في مجتمعاتنا .
وأما الركن الثاني الذي تقوم عليه الأخوة بعد الحماية الرعاية ، أنا أحميك وأنت
تحميني ، أنا أرعاك وأنت ترعاني ، تنصحني ، تزورني ، تعينني ، تعاونني ،
تباذلني ، تبذل لي وأبذل لك ، وإلا هل تتوقعون - لا سمح الله - إذا ما حدث أمر
ونحن على هذه الحال أن نصمد ؟ لا . لا أرى مقومات الصمود ، فالعلاقات بيننا غير
جيدة إن لم أقل سيئة للغاية ، وصلاتنا بيننا فيما بيننا مقطوعة إن لم أقل فاسدة
، وعلاقاتنا فيما بيننا ، فيما بين الدولة والشعب ، فيما بين الشعب والشعب ،
فيما بين الشعب والدولة ليست على المستوى المطلوب ، ولذلك نحن جاهزون كما قلت
للاختراق ، سنخترق بسهولة إذا كنا على هذه الحال مستمرين وباقين ، وانظروا سنن
التاريخ تنبئكم بأن الأمة المتفككة من الداخل لن تصمد ولو لحظة أمام أي هجوم أو
تَعدٍّ من الخارج ، ونحن نعيش اليوم التعدي والتحدي ، أن تبذل لي الرعاية أن
تعاونني ، وإلا أين نحن من قوله تعالى ( وتعاونوا على البر والتقوى )
المائدة : 2
أين نحن من قول سيدنا
المصطفى عليه وآله الصلاة والسلام عن رب العزة جلت قدرته كما جاء في موطأ
الإمام مالك : " طوبى للمتحابين فيَّ ، طوبى للمتزاورين في ، طوبى للمتعاونين
في ، طوبى للمتباذلين في " وأين نحن من قول المصطفى عليه وآله الصلاة والسلام
عن رب العزة جلت قدرته كما جاء في الإمام مسلم يوم ينادي الحق يوم القيامة : "
أين المتحابون في ؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي " سؤال أطرحه : لماذا
نُستهدف ؟ الجواب على ذلك : لأننا متفرقون ، لأننا متشتتون ، لأننا غير آمنين
فيما بيننا ، لأن الواحد لا يؤمِّن أخاه ، ولأن الواحد لا يؤمن أخاه الآخر ،
لأننا متفرقون وعدونا يبحث عن متفرقين ، ويبحث عن مجتمعين ليفرقهم حتى يغتالهم
ويستعمرهم ، فما بالكم حينما يجدنا جاهزين ، حين يجدنا متفرقين ، هو يريد أن
يفرق ليسود ، وتعلمون أنه رفع شعاراً في بداية القرن ما قبل الماضي فَرِّق تسد
، ولكننا الآن مفرقون ، فهيا أيها المستعمر لتسود فنحن جاهزون ، كنت تسعى على
تفريقنا ففرَّقنا أنفسنا من غير سعي منك ، فهيا فكن سيداً علينا ، فرق تسد
لأننا متفرقون لذلك يستهدفنا عدونا ، وأمر آخر لأننا مسلمون ، نعم أيها الإخوة
، لأننا مسلمون ولكن للأسف الشديد لا نعطي إسلامنا حقه ( ولن ترضى عنك اليهود
والنصارى حتى تتبع ملتهم )
البقرة : 120 سلوا
الدستور الأوروبي المعدَّل ، والدستور الأمريكي الآن المعدل ينبئكم عن أن
المسلمين مستهدفون من قبل الغرب لأنهم مسلمون ، ولكننا استهدفنا لإسلامنا غير
أن علاقتنا مع الإسلام ليست جيدة ، ولكنهم يَستهدفوننا حتى للعنوان ، هل نتخلى
عن الإسلام من أجل أن لا نُستهدف ؟ لا ، لا ، ولكن أريد أن نثبت الإسلام وأن
ننمي الإسلام فينا ، لأننا إذا استهدفنا على أساس الإسلام وكنا مسلمين أقوياء
في ديننا صمدنا ، صمدنا وكنا قوة غير قابلة للاختراق ، ومن كان مسلماً حقاً كان
رب الإسلام معه ، وكان الله معه ، وكان الحق معه ، لأن الإسلام دين الحق .
نحن ستهدفون ثالثاً : لأننا نملك ثروات في أرضنا ، لأننا نملك نفطاً ، لأننا
نملك حديداُ ، لأننا نملك ونملك ، ولأننا نملك شباباً ، وقلت لكم منذ أكثر من
عشر سنوات : إن دوائر المخابرات الأمريكية والأوروبية سجلت في سجلاتها بأنها
تخاف من الشباب الذي يتكاثر في المجتمعات الإسلامية . لأن شبابنا كثر ، لأننا
نملك طاقة شبابية ، وهل بغير هذا ندافع عن حقنا في فلسطين ، سلاحنا شبابنا في
فلسطين ، سلاحنا أولادنا في فلسطين ، قال لهم قائل منهم : إن الأرحام التي
تولِّد شباباً مجاهدين منتفضين مصانع لا تستطيعون أن تبنوا مثلها ، ولكن أسائل
شباب وطني عن غاياتهم ، عن أهدافهم ، عن وضعهم ؟ أين أنتم يا شبابنا ؟ هل
تسخرون هذه الطاقة من أجل الدفاع عن الوطن ، من أجل تنمية الوطن ، من أجل تطوير
الوطن ، من أجل الصمود في الوطن ، من أجل علاقة بالله قوية ؟! لأن شبابنا
كثيرون . يشكون في أمريكا وفي أوروبا من قلة الشباب ، ولذلك قرأت البارحة أن
أوروبا وأمريكا تدعو أناساً من هنا من بني جلدتنا لمجرد اتصافهم بصفة - لا أريد
أن أفصح عنها - لمجرد اتصافهم بصفة من أجل أن يكونوا حائزين على الجنسية
الأمريكية والأوروبية ، ولكن يشترطون مع هذه الصفة أن يكون هذا الإنسان في سن
الشباب . لا أريد أن أرعب أحداً ، ولكن القضية خطرة ، وإذا لم نتلافى التقصير
فسنقتحم ، ولا يكفي الادعاء ، ولا يكفي أن نتكلم شعارات ، ولا يكفي أن ندندن
ونطنطن بقوة مزعومة ، بل علينا فعلاً أن يتعاون الجميع ، أن يتضافر الجميع ، أن
تكون الدولة والشعب على صلة متينة ، أن يتعاون أهل الحكم مع الشعب ، والشعب مع
أهل الحكم من أجل وطن قوي ، من أجل وطن مدعوم من الله عز وجل ، من أجل وطن
مستقل يأكل ما يزرع ، ويلبس ما يصنع ، وصلته فيما بين أبنائه صلة قائمة على
الوفاء ، على الحصانة ، على الرعاية ، على الحماية ، وإلا فالخسارة أمامنا
كبيرة ، لا نريد أن نخسر ، نريد أن نتعظ ، نحن لا نريد أن نقاتل أحداً ولكننا
نريد أن نقاتل الفرقة التي استحكمت بيننا ، نريد أن نقاتل الجهل الذي انتشر
فينا ، نريد أن نقاتل الأمراض المستشرية فينا ، وبعد ذلك يأتي قتالنا عدونا
سهلاً ، لأن الأمة التي لا تتماسك في داخلها ، ولا تتعافى في داخلها لا يمكن أن
تنتصر على عدوها الخارجي ، الانتصار على العدو الخارجي نتيجة تلقائية لانتصارنا
هنا على كل ما يؤذينا ، لتلافي التقصير ، نتيجة حتمية ، ونتيجة تلقائية بفضل
الله عز وجل لأن الله قال : ( إن تنصروا الله ينصركم )
محمد : 7
كيف ننصر الله ؟ ننصره
بالأخوة فيما بيننا ، لأن الله يريد منا ذلك ، ننصره بالعلم ، لأن الله يريد
منا أن نكون على قدر كبير من العلم ، ننصر الله عز وجل من خلال ارتباط قوي به ،
لأنه من كان مع الله كان الله معه ، ننصره بالقضاء على كل المفاسد الاجتماعية
التي تؤثر على أخلاق شبابنا ، التي تؤثر على أخلاق فتياتنا ، التي تؤثر على
أخلاق أطفالنا ، ننصره بكل هذا ( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم )
محمد : 7
، و ( إن ينصركم الله فلا
غالب لكم ) آل عمران : 160
.
أيها الإخوة : المعركة الداخلية مع الفساد ، مع الأمراض ، مع الفرقة ، مع الجهل
، مع الاتهام ، مع التحريش ، مع الغيبة ، مع النميمة ، هي أساس وهي البنية
التحتية للنصر على العدو .
نتوجه إلى أمريكا التي تحاول أن تستصدر قانون محاسبة سوريا ، نقول لها : لماذا
؟ تقول : لأننا نساند الإرهاب ، ولأننا نمتلك أسلحة دمار شامل . من نساند ؟
نساند ضعفاء ، نساند أصحاب حق ، نساند أناساً شردوا من أرضهم ، نساند أناساً
لهم كل الحق في أرضهم ، وهذا الكلام ليس من باب الادعاء ، وابحثي أيتها
الولايات المتحدة ابحثي عن تاريخ فلسطين . هؤلاء المشردون نريد أن نعيدهم إلى
بلادهم ، إلى أرضهم ، إلى حقهم . هل هذه المساندة هي مَعَرَّة ، هي تِرَة ؟!
لأننا نساند المقاومين ، أو نساند المشردين ، نساند الضعفاء ، وأمريكا تساند
المعتدي ، وأمريكا تساند إسرائيل ، وإسرائيل في عرف المؤرخين وفي عرف العقلاء
معتدية شئنا أم أبينا ، ولولا اعتقادنا بذلك ما قاتلناها ، نحن لا نقاتل هواية
، ولا نقاتل حباً في القتال ، نحن لا نحب القتال ( وهو كره لكم )
البقرة : 216
هكذا قال الله تعالى ( كتب
عليكم القتال وهو كره لكم )
البقرة : 216 لا
نقاتل حباً في القتال ، ولا يقاتل إخواننا في فلسطين حباً بالقتال ، ولكن
يقاتلون لأنهم قوتلوا ، لأنهم شردوا ، لأنهم هوجموا ، لأنهم حوصروا ، لأنهم
قتلوا ، لأن نساءهم قتلت واستبيحت ، لأن أراضيهم جرفت ، لأن بيوتهم هدمت ،
يقاتلون دفاعاً ، بل أقل الدفاع عن أنفسهم . والأمر الثاني أمريكا قالت : لأننا
نملك أسلحة دمار شامل . يا بؤسك يا أمريكا ! هل نحن نملك أسلحة دمار شامل ؟ نحن
جاهزون كما قال الناطقون باسم دولتنا ، نحن جاهزون من أجل تفتيش ولكن عليكم أن
تفتشوا هذا الكيان الغاصب الآثم ( وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين )
سبأ : 24
إن إسرائيل المعتدية هي التي تملك أسلحة دمار شامل ، أما نحن فلا نملك أسلحة
دمار شامل بل نحن ندمر بعضنا بعضاً ، بل نحن يدمر الواحد منا الآخر ، أين أسلحة
الدمار الشامل ، ولو كان عندك أيتها الولايات المتحدة أدنى دليل صادق لكشفت
الأمر ، لكشفت وتحدثت ولكنك تتهمين ، وفي إطار الاتهام فقط تستمرين ، ولا أكثر
من اتهام . أنا لا أريد أن أتحدث في السياسة ولكنني أريد أن أوقظ نفسي لأيام
ستأتي قد تكون هذه الأيام تحمل إشكاليات وإشكاليات ، نريد أن نتجهز لها ، أن
نكون على مستوى الأيام الصعبة القادمة من حيث التماسك ، من حيث التلاحم ، من
حيث القوة ، من حيث العلم ، من حيث التطوير ، من حيث التعاون بين الدولة والشعب
، من حيث التباذل ، من حيث الوفاق ، نريد من مسؤولينا أن يعيشوا هموم الشعب ،
أن يعيشوا هموم أولئك الناس ، أن يكونوا على تماس لما يعيشه الفرد منا ، حتى
نكون لحمة واحدة وكتلة واحدة وأمة واحدة ، ونحترم وبكل وضوح ، نحن نحترم في هذا
الوطن كل أبنائه على اختلاف جنسياتهم وأعراقهم وأديانهم ، لأن هذا الوطن يضم
أنواعاً متنوعة وكلهم محترمون ، وكلهم لهم حقوق وواجبات ، لا نفرق بين مواطن
وآخر مهما كان دينه ، مهما كان مبدؤه ، مهما كان عرقه ، مهما كان ، لا نفرق بين
مواطن وآخر ، وعلى الجميع أن يثبتوا صدق انتمائهم لهذا الوطن من خلال الدفاع
عنه ، من خلال تطويره ، من خلال تنميته ، من خلال العمل على ازدهاره ، من خلال
التضحية من أجله ، من خلال الوفاء له ، وإلا فالوطن ليس من أجل نفع محض ، وليس
من أجل ادعاء وشعار ، وإنما الوطن من أجل عمل ، ومن أجل جهاد ، ومن أجل متابعة
، ومن أجل حصانة ، ومن أجل رعاية ، ومن أجل تضحية إن لزم الأمر ، فالذي يقتل
دون عرضه فهو شهيد ، والذي يقتل دون أرضه فهو شهيد . الله أسأل أن يحفظ بلادنا
من كل مكروه ، وأن يحفظ سوريا من كل فرقة ، ومن كل تحريش ، ومن كل اتهام ، ومن
كل غيبة ، ومن كل نميمة ، أسأل الله أن يوفقنا جميعاً لنكون إخوة على مستوى
الإسلام ، ومواطنين أوفياء على مستوى الوطن ، أسال الله أن يجعلنا من الذين
يسعون لخدمة الإنسان ، وبناء الأوطان ، وإرضاء الديان ، نعم من يسأل ربنا ،
ونعم النصير إلهنا ، أقول هذا القول وأستغفر الله .
التعليقات