آخر تحديث: الثلاثاء 23 إبريل 2024
عكام


كتب و مؤلفات

   
من مقولات الفكر الإسلامي: رؤية جادة لموضوعات هامة

من مقولات الفكر الإسلامي: رؤية جادة لموضوعات هامة

تاريخ الإضافة: | عدد المشاهدات: 5941

قليلة هي الدراسات الإسلامية التي تلامس القلب والعقل الإنساني بأسلوب فيه الكثير من المحاجة البسيطة ، والتي تسعى إلى شدنا للدين ، ليس بتساهلها ولكن بقوة حجتها . 
الكتاب الذي أصدره الباحث الدكتور محمود عكام " من مقولات الفكر الإسلامي " واحد من هذه الدراسات التي ينسحب عليها هذا الحكم ، فمن خلال مقولاته التي طرحها في هذا الكتاب يحاول باحثنا جاهداً أن يكشف عن الجوهر ، جوهر النص بما يحمل من أفكار ، وليس عظات وأوامر ونواهي فحسب ، فهو في قراءة " مقولاته " يرى أن النشاط العقلي - عمليات التفكير - يجب أن لا تتوقف ما دام النص مفتوحاً للقراءة . 
توزعت مقولات الكتاب على ثمانية وعشرين فصلاً ( مقولة ) ، كل واحدة منها تتناول قضية تفتح حواراً . نذكر منها : 
1- الحضارة مفهوماً إسلامياً . 
2- رؤية أولية لتفعيل دور الإسلام في الغرب . 
3- هل الديمقراطية مطلب إسلامي ؟ 
4- الفكر الإسلامي والنهضة . 
5- دور الدين في التحرر القومي : الصراع العربي - الإسرائيلي نموذجاً . 
6- الثورة الإسلامية في إيران . 
7- أهل البيت أمن من الزيغ وأمان من الضلال . 
8- علي المرتضى عليه السلام بين الثناء والولاء . 
9- ثورة الحسين ثورة الإنسان على الطغيان . 
10- التحكيم في الفقه الإسلامي . 
11- رؤية حول الاستنساخ والإنسان . 
12- الإسلام والمخدرات . 
13- الإسلام والموسيقا . 
في مقولته عن ( الإسلام والموسيقا ) يقول : " إذا كانت الموسيقا تعني : النغمات الموزونة التي يترقرق فيها الصوت الحسن ، الحامل للكلمة الطيبة النافعة المنتجة ، فما أروعها إذاً من صيغة يتبناها العقل المتدين والدين المتعقل " ص 413 . هذا موقف جرئ ومن مفكر إسلامي لا ينظر نظرة ( دوغمائية ) جامدة إلى الدين ، بل هو ينظر نظرة فاحصة تفاعلت مع النص بشقيه ، محاولة تبسيط الأوامر والنواهي التي فيه ، بما يقرّب ما بين الناس وبين دينهم . هو لا يفتي ، هو يدرس ويحلل ويصل إلى استنتاجات تزيد من ثقة البشر بربهم . 
أما في مقولته ( القضاء والقدر في الإسلام ) وبعد أن يستند إلى النصين " القرآني والنبوي " في تعريفهما ، يذهب فيثير موقف الأمويين من القدر ، ومن النظرية ( القدرية ) التي شكلت جبهة ضدهم وحاولت إرزاحتهم ، ومن ثم رد الأمويين على القدريين ، وقتلهم " لمعبد الجهني وغيلان الدمشقي " الذي استعان به الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز على إصلاح شؤون المسلمين بعد أن اشترط على الخليفة عمر بأن يتولى " غيلان " بنفسه بيع ما في خزائن بني أمية من متاع وذهب وجواهر فوافقه عليها ، وجمع غيلان متاعهم ونادى في أهل دمشق : تعالوا إلى متاع الظلمة ( يقصد بني أمية ) . تعالوا ...... من يعذرني ممن يزعم أن هؤلاء كانوا أئمة هدى ؟ وهذا متاعهم والناس يموتون من الجوع !! طبعاً الباحث العكام هو يشير إلى ، هو يثير ، يفتح باب الحوار . القدرية ربما تكون ذريعة أكثر منها سبباً أو حزباً أو مذهباً لدفع الصراع - تفجيره - ما بين الظالم والمظلوم ، فما نعرفه أن معبداً الجهني هذا ذهب مع عطاء بن يسار إلى الحسن البصري وقالا له : يا أبا سعيد ! هؤلاء الملوك يسفكون دماء المسلمين ويأخذون أموالهم ، ويقولون : إنما تجري أعمالنا على قدر الله تعالى ! فقال لهما الحسن البصري : كذب أعداء الله . 
في مقولته ( هل الديمقراطية مطلب إسلامي ؟ ) نرى أن الباحث الدكتور محمود عكام يحاول أن يكون أكثر إحاطة وقوة في الرد على هذا السؤال : إن الإسلام ليس فقط ما سجله الفقهاء السابقون واللاحقون من أحكام ومعارف ، بل هو كل ما يراه العقل حسناً ، وما يحكم الذوق السليم بالخيرية ، وما يؤكده العلم الصحيح من حقائق الإسلام خير مؤكد ونفع موثق ، ولا عليك بعدها من سعي لوصل هذا بظواهر النصوص . ص 121 . لندقق في كلماته : ( العقل - الذوق ) رؤية العقل وحكم الذوق ، وكيف يترك للفكر وللحس أن يتوصل إلى النتيجة . فالعقل الذي من أول مهامه بعد بلوغه سن الرشد أن يعرف الله ، مرّ في مراحل تم تقييده وتكبيله كي لا يبحث إلا عن شقائه ، وعن طاعته للسيد المستبد ، فيقدم له خدمات على حساب حريته . الدكتور محمود عكام يحترم العقل ويدفعه للبحث عن استقلاله ، إنجاز ثقته بالله التي كثيراً ما تتعرض للزعزعة . 
من مقولات الفكر الإسلامي - بحث رزينا فيه أن الدكتور محمود عكام قرأ فيه النص ، فسَّره في حدود المنطق ، ربما لامسه بشيء من الفلسفة ، لكنه بقي منطقياً ، بقي في الواقع حتى لا يدخل في التجريد خصوصاً وأنه يناقش مقولات ، ولا يناقش نظريات . المقولات هي موجودات نختلف فيها وعليها ، في تفسيرها وفي تطبيقها ، وهو في مقولاته يحاول أن يصل إلى ما انقطع بيننا وبين ما استعصى علينا فهمه من النص لقلة بحثنا أو تقييدنا عقلنا حتى لا يجتهد ، فالحكم عند الدكتور العكام إذن هو وصل موضوع تمّ بتره ، إعادة الحياة إليه ، وهو إنما يأخذ حكمه لا على أنه قطعي ( هو يجتهد ) مستنداً إلى النص القرآني والنص النبوي ، ولا على أنه حكم فرضي لأنه لا نقاش ولا حوار ( لا جدل ) فيه ، ولا على أنه حكم يقيني تحصّل بالحجة . في مبحثه المقولات هو يخرج من إطار المنطق الصوري المحض ، هو ليس ذلك السلفي الذي يتدثر بالتراث عندما يهاجمه البرد ، برد الطغاة الذين يجيّرون النص لخدمة أهدافهم ومآربهم الدنيوية ، هو يذهب إلى النص ليس محتكماً فحسب ، بل ليستنبط منه باجتهاده ، بالمنطق المعرفي الاستدلالي الأحكام التي تهوّن علينا مصيبة ألمت بنا ، وهو يليّن القلب ولا يقسّيه .

التعليقات

شاركنا بتعليق