آخر تحديث: الثلاثاء 23 إبريل 2024
عكام


أخبار صحـفيـة

   
حوار إذاعة مونت كارلو

حوار إذاعة مونت كارلو

تاريخ الإضافة: 2006/01/30 | عدد المشاهدات: 2329
استضافت إذاعة مونت كارلو الدكتور الشيخ محمود عكام في برنامجها (صباح الورد) ضمن فقرة (أنت وأنا) الساعة التاسعة والنصف من صباح الثلاثاء 31/1/2006. وقد سعى البرنامج إلى معرفة المشكلات التي تواجه الخاطبَين في سعيهما إلى بناء بيت الزوجية، والعقبات التي يمكن أن تصادفهما خلال هذه المرحلة الانتقالية التي يستعدان فيها لمغادرة بيت الأهل وإنشاء أسرة ذات كيان مستقل. وقد استمع الدكتور الشيخ محمود عكام في بداية البرنامج إلى مصارحات أدلت بها فتاة تحضر نفسها وخطيبها للزواج، تكلمت فيها عن مشكلة تكوين بيت الزوجية تحت وطأة ضعف القدرة المادية، وعن بعض التوترات التي تشوب العلاقة مع أهل الزوج، وخاصة أمه. ثم جرى الحوار التالي: مونت كارلو: بعد هذا الحديث العفوي نستمع الآن إلى تعليق المفكر الإسلامي الدكتور محمود عكام على ما استمعنا إليه. الدكتور محمود: ما سمعته يكاد يكون عادياً، فهو يماثل ما أسمعه من كل المقبلين على الزواج، من شبان وفتيات. ولكن هذا لا يعني أنه مقبول بالنسبة لي شخصياً، أو بالنسبة إلى ما نطمح أن نرى عليه المقبلين على الزواج. لقد لاحظنا فيما استمعنا إليه اهتماماً بالأشياء المادية كبيراً، فلقد تحدثت هذه الفتاة – التي نرجو لها السعادة والتوفيق – عن شراء البيت واختيار مفروشاته، وأخبرتنا كيف تحضّر نفسها لذلك، ورأينا كيف أنها تحمّل نفسها الهمّ والتبعة، وأنها كانت في شبه مشاكسة مع أهل زوجها. إن الاهتمام المبالغ فيه بالشكليات أشعرني بحرج داخلي، فلقد كنت أتمنى عليها الاهتمام ببعض الأمور المعنوية. كنت أنتظر أن أسمع منها كلاماً ترسم فيه ملامح مستقبلها، تصورها لعلاقتها مع زوجها، مع أمه، مع الأولاد... عما رأت في خطيبها من أمور تسعى إلى إصلاحها ... إلخ لقد كنت مسروراً وأنا استمع لهذا التخطيط لإنشاء الأسرة، ولكني قلت: هذا الإنشاء ناقص، فقد وجدت فيه انزياحاً عن الميدان المعنوي إلى الميدان الحسيّ، وهذا الانزياح يشكل عبئاً على المربين، لأن هذا الاهتمام المادي يجعلهم ينتظرون ولادة مادية، وأعني بالولادة المادية أن تربية هذين الزوجين الجديدين لأولادهما في المستقبل ستكون تربية مادية، يسعى فيها الوالدان لتوفير احتياجات الأطفال المادية من ملبس وطعام وشراب وما إليه، دون العناية بالعلم والمعرفة والطاقة المعنوية للأولاد. مونت كارلو: لقد تحدثتم دكتور محمود عكام عن هذا الانزياح في عملية الانتقال نحو بناء الأسرة، ولا شك في أن للمجتمع دوراً في ذلك، ولكن لو أردنا أن نعطي توصية للأزواج الجدد... على أي شيء يركزون في المرحلة الانتقالية التي تسبق تركهم لبيت الأهل الذي عاشوا فيه الطفولة والمراهقة وبداية الشباب، والانتقال إلى سقف يجمعهما معاً، حيث يتدبرون شؤونهم اليومية، ويتخذون قراراتهم بأنفسهم ؟ الدكتور محمود: يجب أن يفكر الخاطبان في اتساع دائرة المسؤولية، وحسناً ما يفعلان عندما يتخذان بيتاً خاصاً لهما، وأنا مع هذا الأمر، لأن الإنسان يهوى المسؤولية والحرية. لكني أريد أن يلتفت كلٌ من الخاطبين إلى نفسه من أجل أن ينمِّي مسؤوليته وشعوره بالمسؤولية أولاً، وعليهما أن يعرفا أن مقومات النجاح أمور ثلاثة: الأمر الأول: تقوية الشعور بالمسؤولية، فلقد غدا لهما اليوم بيت، فعلى الزوج أن يشعر بمسؤوليته عن بيته وزوجته، وعلى الزوجة كذلك. يجب أن يكون هناك تبادل في الشعور بالمسؤولية وتقويتها، فهناك اليوم بيت، وهناك آخر، وهناك أولاد في المستقبل. و أعني بالمسؤولية المسؤولية عن الأمور المادية والأمور المعنوية، المسؤولية عن الإنسان كله. طبعاً أنا لا أدعو إلى نبذ الأمور المادية، ولكن أدعو إلى تقوية وتنمية الشعور بالمسؤولية عن الأمور المعنوية، وأن لا ينسى الزوجان العناية بالأمور المادية بشرط ألا تتجاوز هذه العناية طبيعتها وحدودها، وأن تبقى في حدود ما تقتضيه هذه العناية، فنحن عندما نتكلم عن الإنسان نتكلم عن أمور أخرى هي أسمى من المادة: أقبل على النفس واستكمل فضائلها فأنت بالروح لا بالجسم إنسان طبعاً أنت بالروح والجسم معاً، ولا أقول أنت بالروح فقط، بل أنت بالروح والجسم إنسان. هذا أمر أول تقوية الشعور بالمسؤولية وتوسيع دائرتها. الأمر الثاني: أوصي الخاطبين بضرورة أن يضعا مرجعية لهما من أجل أن تفضّ النزاع أو الاشتباك السلبي إن حصل، وآمل منهما أن يتفقا على هذه المرجعية ليعودا إليها عندما يختلفان. الأمر الثالث: أناشد كل زوجين وكل خاطبين في كل الدنيا الاعتناء بقضية الحب، لأن الحب هو الماء الذي يروي شجرة الزوجية ويحفظها غضة طرية مزهرة معطية نافعة. وهذا الحب ينبغي ألا يتجه إلى التعلق بظاهر الآخر أو جماله، بل أتمنى أن يُصدّر كل واحد منهما - أن يصدّر الزوج إلى زوجته، وأن تصدّر الزوجة إلى زوجها - الحبّ إلى داخل الآخر وكينونته وجوهره وحقيقته. إذن: الشعور بالمسؤولية والمرجعية والحب أركان ثلاثة أو دعائم يقوم عليها عشّ الزوجية الناجح والصالح. مونت كارلو: دكتور محمود كيف يمكننا وضع حد للعلاقة الشائكة وسوء التفاهم بين الحماة والكنّة، والذي يكون في كثير من الحالات سبباً لتوقف الحياة الزوجية. فهل يمكن أن نستمع منك إلى توصية بحكم موقعكم؟ الدكتور محمود: أولاً - أتوجه للزوج بالنسبة إلى أم زوجته، وللزوجة بالنسبة إلى أم زوجها: أقول للزوجة: اعملي ما شئتِ، ولكن لا بدّ من أن تعلمي أن إرضاء أم الزوج أو الحماة يُسعد الزوج، فلا أقل في النهاية من أن تقومي بإدخال السعادة إلى من يحب زوجك ويحبه زوجك. (فمن أجل عين ألف عين تُكرم). وأتوجه إلى الزوج أيضاً لأقول له: (من أجل عين زوجتك ألف عين تُكرم). فإذا كنت أحب زوجتي فانا أحبها وأحب من تحبه زوجتي، وإذا كانت زوجتي تحبني فهي تحبني وتحب من يحبني ومن أحبه أنا. ولا سيما إذا كنّا نتكلم عن الوالد والوالدة في كلا الطرفين، عن والدة الزوجة ووالدها، وعن والدة الزوج ووالده. ثانياً - أقول للزوجين: أنتما في المستقبل ستكونان أماً وأباً، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "ما أكرم شاب شيخاً لسنّه إلا قيّض الله له من يكرمه عند سنّه"، فالدنيا تقوم على تبادل المواقع. أنتِ اليوم زوجة، ولكنك غداً ستكونين أماً، لذا ارحمي أمومتك من خلال رحمتك أم زوجك. وأنت أيها الزوج ستكون أباً، لذا ارحم أبوتك من خلال رحمتك أم زوجتك وأباها. ثالثاً – أوصي الجميع – من أجل أن يرتبط الماضي بالحاضر والحاضر بالمستقبل ارتباطاً جميلاً – بالبر لأنه لا رباط إلا ببر الوالدين وإكرام الأقرباء والأهل، فبالإكرام نصل التيار الذي يحمل الطاقة التي تنير المجتمع بالأنوار الخيّرة. وبالتالي فالقضية متواصلة، فأتمنى أن لا يقتصر الأمر على إكرام أم الزوجة وأم الزوج، بل أريد أن يطال هذا الإكرام كل من يتعلق بالزوجة من أخوات وإخوة وأقرباء وأصدقاء، لأن الحب بطبيعته يتسع، لأن الحب كبير، ومن صغّر الحبّ فقد صغّر كبيراً، والحبّ لا يحتمل التصغير. مونت كارلو: د. محمود... لقد أحببت أن أختم بحديث وسؤال عن الحماة لأنك شددت في وقت سابق على المرجعية، وكانت رسالة صغيرة للدعوة إلى بر الوالدين وعدم الخوف من تدخلهم في حياتنا. شكراً كبيراً لك على هذا الوقت الذي خصصته لنا، وعلى هذا الكلام الرائع والجو الحلو، والذي أتمنى أن يصل إلى قلوب كل المستمعين.

التعليقات

شاركنا بتعليق