آخر تحديث: الثلاثاء 23 إبريل 2024
عكام


لطيفة قرآنيــــة

   
واتل عليهم نبأ إبراهيم-2

واتل عليهم نبأ إبراهيم-2

تاريخ الإضافة: 2006/02/17 | عدد المشاهدات: 3304

لا زلنا في الحديث عن بعض لطائف سورة الشعراء، والحقيقة أن هذه السورة الكريمة غنية بالمواقف التي يجدر بكل مسلم الوقوف عندها وتأملها، ومنها تلك الحوارات التي يديرها الأنبياء -صلوات الله تعالى عليهم- مع أقوامهم، وأنا أدعوكم إلى قراءة هذه السورة والتفكر في تلك المحاورات، كمحاورة موسى ونوح وهود وصالح وغيرهم من النبيين صلى الله عليهم وسلم.

والأنبياء صلوات الله عليهم أرباب حوار، وليسوا بأصحاب جدال، والفرق ما بين الحوار والجدال، كما ذكرنا في مناسبات سابقة، هو أن:

الجدال: أن تضع في ذهنك فكرة مسبقة وأنت تناقش الآخر، لتثبت له الفكرة التي لديك. بغض النظر عما إذا كانت فكرتك صحيحة في أصلها أم لا.

أما الحوار فهو: أن تناقش الآخر ويناقشك للوصول إلى فكرة صحيحة، سواء أكانت هذه الفكرة الصحيحة فكرتك أنت، أم فكرته هو، أم فكرة ثالثة جديدة. فالمهم في الحوار الوصول إلى فكرة ثابتة صحيحة.

أما المهم في الجدال فهو إفحام المقابل وإلزامه بالفكرة التي تحملها.

وقد شهد الله لنبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم -في سورة المجادلة- بأنه حوّل الجدال إلى حوار، فقال تعالى: ﴿قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما. فقد جاءت تلك المرأة النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم مجادلة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حوّل الجدال إلى حوار، لذلك نسب القرآن الكريم الجدال إلى المرأة وحدها، ولكنه عندما نسب الأمر إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عبّر عنه بكلمة الحوار فقال: ﴿والله يسمع تحاوركما.

ونتابع في هذا الأسبوع وقفتنا عند محاورة إبراهيم صلى الله عليه وسلم لقومه، وقد وصلنا إلى قوله تعالى: ﴿الذي خلقني فهو يهدين.

يقول الله تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام: ﴿قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون * أنتم وآباؤكم الأقدمون * فإنهم عدو لي إلا ربَّ العالمين * الذي خلقني فهو يهدين * والذي هو يطعمني ويسقين * وإذا مرضت فهو يشفين * والذي يميتني ثم يحيين * والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين * ربِّ هب لي حكماً وألحقني بالصالحين.

إن إبراهيم عليه السلام -الذي أعلن عداوته لما كان يعبد قومه من دون الله -يبين لقومه هنا بعض صفات ربّ العالمين الذي أعلن أنه عبد له. فيقول عليه السلام:

1- ﴿الذي خلقني فهو يهدين: يبدأ إبراهيم عليه السلام بهذه القضية وكأنه يريد من ذلك أن يقول لهم: إنها قضية بَدَهية لا تحتاج نقاشاً لإثباتها، فما دام الله تعالى هو الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، وصوّره فأحسن صورته، فهو وحده الجدير بأن يلتمس منه الإنسان سبل الهداية إلى أقوم طريق، إلى الطريق التي تنتهي به إلى الفلاح.

2- ﴿والذي هو يطعمني ويسقين: المقصود: الذي خلق لي الطعام والشراب، ويسّر لي أسباب الحصول عليهما، وليس المراد أنه يناولني الطعام والشراب.

3- ﴿وإذا مرضت فهو يشفين: فالله تعالى هو الشافي، وليس المعالج، وإنما المعالج هو الإنسان الخبير بأنواع الداء وأصناف الدواء، وقد أخرج أبو داود وأحمد أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إني رجل طبيب. فقال له صلى الله عليه وآله وسلم: "الله الطبيب، بل أنت رجل رفيق، طبيبها الذي خلقها".

4- ﴿والذي يميتني ثم يحيين: وهذه صفة رابعة يذكرها إبراهيم عليه السلام لله رب العالمين، ثم يرفع بعدها -مغتنماً فرصة الثناء على الله عز وجل وجل وتمجيده-أربع دعوات لله تعالى، وكأنه يقابل تلك الصفات الربانية الأربع بحاجات أربع منه، سائلاً ربه أن يستجيب له.

يقول إبراهيم عليه السلام:

1- ﴿والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين: الفرق بين الخطأ والخطيئة، أن الخطيئة هي فعل الخطأ متعمداً، مع العلم أنه خطأ. فإذا لم يفعله متعمداً، أو لم يعلم أنه خطأ، بقي خطأً. قال صلى الله عليه وآله وسلم: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان".

2- ﴿ربّ هب لي حكما وألحقني بالصالحين: العقل هو القوة أو القدرة على التصور والمحاكمة، على تصور المفاهيم والربط بينها برابط صحيح. على سبيل المثال: (البحر) مفهوم يتصوره العاقل، و (الواسع) مفهوم آخر يتصوره العاقل، و (السمين) مفهوم ثالث يتصوره العاقل أيضاً. فإذا قلنا: (البحر سمين) فقد ربطنا بين المفهومين برباط غير منطقي ولا صحيح. أما إذا قلنا: (البحر واسع) فقد ربطنا بين المفهومين برباط صحيح، فنتجت عندنا قضية منطقية صحيحة. وعملية الربط الصحيح هي الحكم، والصالح هو الذي يتصور المفاهيم ويربط بينها بشكل صحيح في النظر والتطبيق. فإبراهيم عليه السلام يسأل الله تعالى هنا أن يهبه الحكم الصالح الذي يعني – في جملة ما يعني – القدرة على التصور الصحيح للمفاهيم، والقوة على الربط المنطقي فيما بينها لا ستخراج قضايا صادقة.

التعليقات

خالد الطيب

تاريخ :2007/07/26

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تعالى الرحمان عما يصفون، ولله الحمد من قبل ومن بعد، الذى خلقنا فأحسن خلقنا وخليقتنا وهادينا إلى طريق الصلاح والفلاح، ورازقنا مفاتح أبواب الرزق لنا من علم غيبه وشافينا من كل داء وهو الشافى المعافي، طبيب أنفسنا وهو الأول والاّخر الرحمان المستجاب الله انى أطمع ان تغفر لي خطأى وخطيئتى يوم حسابك وهب لى ربى ما يرشدنى للصراط المستقيم فلا يضل من هاديت ولا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت الله منا الطلب ومنك الاجابه

شاركنا بتعليق