أما بعد، فيا أيها الإخوة
المسلمون:
إن أخوف ما يخافه الإنسان على أمته وعلى بقاع الإسلام ودُورِ الإيمان الفتن
الداخلية التي تؤدي إلى حروب طائفية أو إلى نزاعات بين المسلم والمسلم. إن أخوف ما
يخافه المسلم على أفراد أمته أن تأخذ البغضاء دورها فيما بينهم، والبغضاء كما سماها
سيدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " الحالقة " يتابع سيدي رسول الله فيقول: "
لا تحلق الشعر ولكنها تحلق الدين " فالبغضاء والشحناء – لا سمح الله – إذا زرعتا
وكانتا رابطة ما بيننا نحن الذين ننتمي للإسلام عند ذلك بطن الأرض خير لنا من
ظهرها.
فيا أمة محمد، ويا أمة الحبيب الأعظم، يا أمة سيد الناس، يا من تغارون على سيدي
رسول الله وقد رأيتم ما رأيتم وقد رأينا ما رأينا منكم ومن تصرفاتكم التي تدل على
الحب في هذه القضية أناشدكم الله ألا تدعوا مجالاً للبغضاء من أجل أن تكون وشيجة
بينكم، أناشدكم الله أن تمنعوا الفتن من أن تزرع فيكم في أراضيكم، في مساجدكم،
أناشدكم الله أيها المسلمون في كل بقاع الدنيا احذروا الفتن، احذروا البغضاء،
احذروا الشحناء، احذروا التعصب الذي يؤدي إلى التقاتل، احذروا التنازع الذي يؤدي
إلى الفشل، أناشدكم الله واسمحوا لي أن أناشد الشعب العراقي والحكومة العراقية أن
أناشد السنة والشيعة، أن أناشد العرب والأكراد ولعلي ناشدتهم في يوم من الأيام
وأكرر المناشدة، وما المناشدة هذه إلا تعليق مني على ما حدث قبل يوم أمس، هذه
الخطبة اليوم لا تعدو أن تكون مناشدة ثم بعد ذلك سنقف خاشعين نستمع إلى أحاديث
النبي صلى الله عليه وآله وسلم فعسانا ونحن نسمع توصيات النبي صلى الله عليه وآله
وسلم أن نستجيب كما استجبنا للنصرة التي قام شبابنا شكر الله سعيهم حينما أعلنوا
غضبتهم لربهم وحينما أعلنوا غضبتهم وهم يريدون أن ينصروا شرعة نبيه صلى الله عليه
وآله وسلم .
يا شعب العراق...
أناشدكم الله أناشدكم الله أن تلتقوا على الإسلام في مجاله الأوسع..
أناشدكم الله أن تتبنوا الإسلام في أقوالكم وسلوككم وأن تُروا الناس جميعاً أثر
الإسلام فيكم وأثر حضارته في تصرفاتكم..
يا شعب العراق أناشدكم الله أن تجتمعوا في بوتقة الوطن على كلمة الحق وفعلة الخير
ورفعة الفضيلة ونبذ التفرقة ومعاداة أولياء الشيطان وقرناء الرذيلة..
أناشدكم الله أن تتابعوا الجهاد ضد الشر والاحتلال الغاشم وأهله وليكن همكم في
جهادكم إرضاء الديان وبناء الأوطان وخدمة الإنسان..
أناشدكم الله أن يحب الواحد منكم لمواطنه ما يحب لنفسه..
أناشدكم الله أن تحافظوا على بغداد الحضارة، بغداد العلم، بغداد الصمود في وجه
الغازين والنازيين الداخليين والخارجيين، في وجه المستكبرين والطغاة والمارقين
والمفتنين..
أناشدكم الله رعاية لجار وإجارة لمستأمن وحرمة لمقدس..
أناشدكم الله حباً لحقيقة كراهية لزيف وباطل..
أناشدكم الله أن تتحققوا بما تدّعون من إسلام في أنفسكم ومساجدكم ومدارسكم
وجامعاتكم...
أناشدكم الله ألا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم، لمن عاش في وطنكم ترعونه ويرعاكم..
أناشدكم الله وأناشد نفسي وأمتي وشعبي وحكومتي هنا في سورية أن نكون أوفياء لأخوة
إيمانية، وأن نكون معاً على قدم الصدق في تحقيق أمان الإنسان وأمنه وخيره ونفعه،
وأن نستجمع أمرنا في مواجهة التهديدات الظالمة لنكون يداً واحدة وقلباً واحداً..
أناشدكم الله أن تقدسوا مقدساتكم وأن تحترموا شعائركم وأن تعظموها فالمسجد شعيرة
عظيمة، فالمسجد لكل الفرقاء المسلمين، لكل المذاهب المسلمة شعيرة معظمة لدى
الجميع..
فيا أبناء العراق أناشدكم الله الإسلامَ الإسلام، اللهَ الله في مساجدكم، اللهَ
الله في دمائكم، اللهَ الله في أعراضكم، اللهَ الله في أخوتكم، اللهَ الله في
مصاحفكم، اللهَ الله في هذا البلد الذي يحاول المستعمر الآثم أن ينهب ثرواته وأن
يترك أبناءه يتعادون فيما بينهم، إنه المستعمر المحتل الآثم الذي تعاون من أجل أن
يشعل بينكم نار العداوة من خلال إثارة الفتن عبر طريق الطائفية أو المذهبية أو
العرقية، فاللهَ الله، أناشدكم اللهَ أن تتعرفوا على عدوكم فعدوكم ليس بمسلم ولا
يحب الإنسان ولا يحب الخير ولا يحب الاستقرار والأمان لكم، أناشدكم الله يا أهل
العراق، يا أبناء العراق أناشدكم الله ألا تكونوا موطناً لسريان نار الفتن، فنار
الفتن إذا سرت فيكم في هشيمكم فستحرقكم وستحرقنا وستبيدكم وستبيدنا وستنهال علينا
باالإبادة الكاملة.
يا إخوتي في العراق: ﴿واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا﴾، ﴿ولا تنازعوا
فتفشلوا﴾، ﴿إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص﴾.
يا إخوتي في العراق وصايا سيدي رسول الله الذي نلتقي عليه جميعاً سنة وشيعة، عرباً
وأكراداً إنسانيين في كل مكان، فالإنسانية كما قلت لكم الأسبوع الفائت تُقدر وتُعظم
سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأحرِ بنا أن يكون سيدي رسول الله موطن
اتفاق، وأن نقف أمامه خاشعين نستمع وصاياه ، فيا سيدي يا رسول الله ها نحن نقف أمام
وصاياك خاشعين في سورية، في العراق، في الأردن، في مصر، في كل البلاد من العالم
العربي والإسلامي، يا سيدي يا رسول الله أنت الرحيم بنا، أنت الرؤوف بنا، ومن منطلق
الرحمة بنا ورأفتك بنا ها نحن نتلو وصاياك على أمتك اليوم من أجل أن تَرْعَوي عن
غيٍ أصابها، أو عن فساد أصاب بعض أفرادها، أو عن أمر مسها أو عن بغضاء نالت من
قلبها أو من رأسها، من أجل أن ترعوي.
يقول سيدي رسول الله كما جاء في صحيح الإمام مسلم: " لا ترجعوا بعدي كفاراً – كيف
بعدك كفاراً يا سيدي يا رسول الله – يضرب بعضكم رقاب بعض " إذا ضرب بعضكم رقاب بعض
فأنتم رجعتم كفاراً.
يا أبناء العراق ويا أبناء سورية ويا أبناء الوطن العربي ويا أيتها الحكومات في
البلاد العربية والإسلامية ويا أبناء لبنان ويا أبناء كل مكان فيه مسلم: " لا
ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض"، "المسلم أخو المسلم، بحسب امرئ من الشر
أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه ماله عرضه " مساجدنا عرضنا،
مساجدنا مالنا، مساجدنا ديننا، يقول سيدي رسول الله كما جاء في البخاري: " سباب
المسلم فسق وقتاله كفر " فلا تسبوا بعضكم. لماذا تعودنا أن يسب بعضنا بعضاً وتلك
سجية مرفوضة إسلاماً، مرفوضة قرآنا، مرفوضة من قبل سيدي وقائدي وسيدكم وقائدكم
وحبيبكم الذي تحبونه، يقول سيدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً كما جاء
في مسلم " إن الشيطان قد أيِسَ أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش
بينهم " أي اكتفى في التحريش بينهم، فها هو الشيطان يحرش إخوتنا في العراق، المسلم
على المسلم وها هو الشيطان يحرك أبناء لبنان، فيا أبناء لبنان ويا أبناء العراق ويا
أبناء سورية ويا أبناء مصر ويا أبناء الأردن ويا أبناء الجزائر ويا أبناء ليبيا ويا
أبناء المغرب ويا أبناء الخليج ويا أبناء السعودية ويا أبناء العالم الإسلامي إيران
وباكستان وأفغانستان وأندونيسيا وماليزيا، يا هؤلاء جميعاً في كل البقاع: أناشدكم
الله أن تقفوا خاشعين أمام وصايا سيدكم وحبيبكم وسيدنا وحبيبنا شئنا أم أبينا،
وأغتنمها فرصة لأخاطب شبابنا أن يكثروا من الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام في
يوم الجمعة خاصة، أن يكن لك ورد من الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلعل
الصلاة على النبي تقربك من أخيك المسلم الذي يصلي على النبي أيضاً عليه وآله الصلاة
والسلام، يقول سيدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في البخاري: " من
دعا رجلاً بالكفر – انتبهوا يا مسلمون – أو قال يا عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه
" أي إلا رجع عليه هذا الوصف فكان هذا الواصف هو عدو الله وكان هذا الواصف هو
الكافر .
يقول سيدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في سنن أبي داود : " لا يحل
لمسلم أن يروع – يخوف - مسلما فإن روعة المسلم – تخويفه - ظلم عظيم " يا هؤلاء نحن
أصبحنا نخاف من تصرفات جرت في العراق نخاف من آثار هذه التصرفات – لا سمح الله – أن
تصل إلى هنا وتلك كارثة نسأل الله المعافاة والعفو، اللهم إنا نسألك العفو عن كل
خطيئة والمعافاة من كل رذيلة جسمية أو معنوية يا رب العالمين "لا يحل لمسلم أن يروع
مسلماً فإن روعة المسلم ظلم عظيم" يقول سيدي رسول الله كما جاء في صحيح الإمام مسلم
: "من غشنا فليس منا" خارج عن الأمة، إيانا والغش لبعضنا على الأقل، نحن أمة نهيت
عن أن تغش حتى غير المسلم فما بالكم بالمسلم "من غشنا فليس منا" يروي أبو داود في
سننه أيضاً أن سيدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لا يحل لمسلم أن يهجر
أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار".
أيها الإخوة مناشدة، ووصايا مناشدة للأمة بشكل عام، وللشعب العراقي بشكل خاص،
ووصايا نقف أمامها على الركب قاعدين خاشعين أمام حضرة مولانا وسيدنا وحبيبنا وقرة
العين سيد البشرية شئنا أم أبينا.
يا سيدي يا رسول الله نتوسل بك إلى الله من أجل أن يجعلنا ربنا قرة عين لك، نحب
بعضنا ونتعاون فيما بيننا، يحترم المسلم أخاه المسلم، يسعى لحبه، يسعى من أجل أن
يقدم له كل ما يساعده على حياته وعلى أخراه، يا سيدي يا رسول الله نتوسل بك إلى
الله من أجل أن نكون أمة على الخير متفقة، أمة متماسكة ترعى أوطانها، ترعى ذممها،
ترعى الآخرين لأننا مسؤولون عن الناس، ومن نصَّب نفسه مسؤلاً عن الناس عليه أن
يتحملهم وخلاصة التحمل كلمة سيد الكائنات: "اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون" هذا
فيما يخص غير المسلمين، أما فيما يخص المسلمين: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما
يحب لنفسه"، اللهم حققنا بذلك يا رب العالمين، نسألك بتجلياتك النيرة النورانية أن
تلهم شعبنا في العراق الوحدة والاتحاد، أن تلهم إخوتنا في العراق الاتفاق
والائتلاف، أن تلهم إخوتنا في العراق التوبة عن فعلة لا ترضيك والإقبال على عمل
يرضيك يا رب العالمين، نعم من يسأل أنت ونعم النصير أنت أقول هذا القول وأستغفر
الله.
التعليقات