آخر تحديث: الإثنين 15 إبريل 2024
عكام


لطيفة قرآنيــــة

   
العقل في القرآن

العقل في القرآن

تاريخ الإضافة: | عدد المشاهدات: 4923

سألني عدة إخوة منكم عن العقل الذي ذُكر في القرآن الكريم كثيراً، فما المراد به ؟

لذا أردت أن تكون اللطيفة لهذا الأسبوع عن العقل في القرآن الكريم وما يتصل به، سائلاً الله ربنا أن يجعلنا ممن يسمعون ويعقلون.

وردت مادة العقل /ع ق ل/ بمشتقاتها المتعددة تسعاً وأربعين مرة في القرآن الكريم.

أما عن تعريف العقل، فهو في رأيي: قدرة على المحاكمة.

وللتوضيح أقول: إن للأذن وظيفة هي السمع، وللعين وظيفة هي البصر، وللدماغ وظيفة هي العقل.

العقل وظيفة الدماغ. والعقل هو: قدرة على المحاكمة، أو اقتدار. ولن أشرح الآن الفرق بين الكلمتين "القدرة والاقتدار"... العقل قدرة على المحاكمة - أو اقتدار - بناء على بَدَهيات رُكّب عليها هذا العقل.

من هذه البدهيات مثلاً: أن الجزء أصغر من الكل وأن الكل أكبر من الجزء وأن النقيضين لا يجتمعان معاً، وغير ذلك مما هو مشروح في كتب المنطق.

هذه القدرة لها وظيفتان:

الأولى: تصور الشيء على ما هو عليه، أو إدراكه. فالدماغ هو الذي محل الوعي الذي يدرك ما يراه البصر مثلاً.

والثانية: التمييز ما بين الخير والشر. فالقدرة على المحاكمة خيّرة في ذاتها. والدليل على ذلك أن المشركين سيقولون يوم القيامة: ﴿لو كنّا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب الجحيم الملك: 10.

هذا عن تعريف العقل وعن وظيفته... وهناك كلمات أخرى وردت في القرآن الكريم تتصل بالعقل، منها:

1- اللب: وقد وردت الكلمة بصيغة الجمع ست عشر مرة في القرآن الكريم. كقوله تعالى: ﴿إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب. واللب يعني بالنسبة إلى العقل مرتبة ومنزلة أرقى، فعندما يشتغل العقل فيدرك الأشياء على حقيقتها، ويميز ما بين الخير والشر، ويصل إلى "العبرة" أو "الذكرى" عندها يغدو العقل لبَّاً: ﴿لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب يوسف: 111.

﴿إنما يتذكر أولو الألباب الزمر: 9.

2- النهى: وقد سمى ربنا العقل "نهى" فوردت هذه الكلمة مرتين في الآية /54/ والآية /128/ من سورة طه: ﴿إن في ذلك لآيات لأولي النهى.

النهى: النهاية الخيِّرة للعقل واللب. فإذا حافظت على عقلك عاملاً بما يجب أن تعمل به حتى آخر حياتك فأنت صاحب نهى.

والنهاية نهايتان: نهايتي أنا ونهاية الآخر الذي يقابلني، وسوف يلتقي السائرون على خط العقل في نهاية واحدة خيّرة.

3- الحِجر: والحجر هو العقل نفسه، وقد وردت الكلمة بهذا المعنى مرة واحدة في القرآن الكريم: ﴿هل في ذلك قسَمٌ لذي حجر الفجر: 5.

والحجر هو ما يحجرك ويمنعك، وينبغي للإنسان أن يكون لديه حِجر يحجر ما بين إنسانيته والحيوانية، وهناك حجر واحد فقط هو العقل، فهو المانع من أن ينقلب الإنسان فيعود حيواناً.

أخيراً نعود إلى تعريف العقل الذي قلنا إنه قدرة على المحاكمة. وقد وردت في القرآن الكريم والحديث الشريف أمثلة كثيرة على المحاكمات، وسأذكر منها قصة واحدة فقط من السيرة النبوية الشريفة. يوم دخل ذلك الأعرابي كافراً على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وخرج من عنده مؤمناً، ولما سئل عن سبب إيمانه قال: "والله ما أمرَ بأمر قال العقل ليته نهى عنه، ولا نهى عن أمر قال العقل ليته أمر به".

كما أذكر أخرى من القرآن الكريم، يوم جاء ذلك المشرك في مكة وقد أخذ بيده عظماً قد رمّ، فجعل يفتته بيده ويقول للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: أتزعم أن ربك يحيي هذا ؟!

فأنزل الله تعالى قوله: ﴿وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم * الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون * أو ليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم * إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون * فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون يس: 78-83.

التعليقات

شاركنا بتعليق