أدى فضيلة الدكتور الشيخ محمود عكام صلاة العشاء والتروايح في جامع أبي هريرة في حي المغاير بحلب يوم الخميس 19/رمضان/1427 الموافق: 12/10/2006 وذلك بدعوة من إدارة الجامع.
وقد ألقى الدكتور عكام كلمة في الإخوة المصلين تحدث فيها عن دروس شهر رمضان، فقال:
رمضان دورة تدريبية لها دروسها، كما إن لكل دورة دروساً، فإن تحقق الإنسان بدروس الدورة التي اشترك فيها، واكتسب منها ما ينبغي أن يكتسبه لكان أهلاً لأن يذكر بين الناجحين فيها وممن يستحقون مكافأة الدورة.
فلو سألنا أنفسنا: هل نحن ممن اكتسبوا الرحمة والمغفرة في الثلث الأول والثلث الثاني من رمضان، وهاهم يستعدون لنيل العتق من النار في الثلث الأخير ؟
لو سألنا أنفسنا هذا السؤال، لكان علينا أن ننظر تحققنا بدروس رمضان، فمن لم يتحقق برمضان ودروسه لم تنله الرحمة أو المغفرة أو العتق من النار. ولكن ما هي دروس رمضان ؟
لرمضان دروس كثيرة من أهمها ثلاثة دروس هي:
1- الأخلاق الحسنة: فمن صام فليصم سمعه وبصره عن الكذب والغيبة وليدع أذى الجار، وليكن عليه سكينة ووقار، ورب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع العطش.
ولقد ذكرنا دائماً أننا مكلفون في رمضان بالصوم والصيام معاً، أما الصيام فهو الإمساك عن المفطرات الحسية، وأما الصوم فهو الإمساك عن المفطرات المعنوية.
2- القرآن الكريم: رمضان شهر القرآن، وفيه الليلة التي أنزل فيها، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتدارس القرآن في رمضان أكثر مما يتدارسه في غيره، وكذلك كان الصالحون والعلماء في كل زمان.
3- صلاة الجماعة وصلاة القيام: فصلاة الجماعة سنة مؤكدة، وكذلك صلاة القيام، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه.
هذه بعض دروس رمضان، فهل وعيناها في رمضان ؟
هل صمنا صياماً وصوماً ؟ أم لعلنا أمسكنا عن الطعام والشراب والمفطرات الحسية، واطلقنا جوارحنا في المفطرات المعنوية من كذب وغيبة وسباب وكلام فاحش ؟
هل قرأنا القرآن في رمضان ؟ والقرآن ينبغي أن يكون مقروءاً في كل يوم من أيام السنة، لكنه في رمضان أكثر وجوباً.
هل حافظنا على صلاة الجماعة وعلى صلاة القيام في رمضان ؟ وهل أديناهما بالإتقان والخشوع المطلوب ؟
هذه دروس رمضان. فهل وعيناها في رمضان ؟ وهل سنحافظ عليها بعد رمضان ؟
كم مضى عليك من السنوات وأنت تصوم يا أخي ؟ هل صمت عشرين رمضان أم ثلاثين أم لعلك صمن أربعين وخمسين ؟
نحن نتحفز للعمل في رمضان، حتى إذا انقضت أيامه تراخينا وكسلنا وتراجعنا، فلا يأتي رمضان الذي بعده إلا وقد ضيعنا خلال السنة أكثر مما جنينا في رمضان، فكنا كتلك التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً.
ابنِ على رمضان هذا الذي صمته، وتابع البناء خلال شهور العام الأخرى، حتى إذا جاء رمضان الذي بعده تابعت البناء وتابعت التقدم، ولم تكن من أولئك الذي استوت أيامهم، بَلْهَ أولئك الذين خسروا في يومهم التالي أكثر مما ربحوا في يومهم الأول.
حاسب نفسك في أمور دينك كما تحاسب في أمور دنياك، وليكن لك سجل تحصي فيه على نفسك ما يهمك من أمر آخرتك.
من تخلق بدروس رمضان كان مرشحاً لنيل الرحمة والمغفرة والعتق من النار، وكان له أن يفرح بالعيد.
ليست الفرحة أن تحضر الدورة، ولكن الفرحة أن تنجح فيها. لقد دُخل على سيدنا علي كرم الله وجهه يوم العيد وهو يأكل خبز شعير، فقيل له: أخبز شعير في يوم عيد ؟! فقال: اليوم عيد من قُبل بالأمس صيامه، وحَسُن بالليل قيامه، اليوم لنا عيد، وغداً لنا عيد، وكل يوم لا نعصي الله فيه فهو لنا عيد.
لقد سمعت من بعض الإخوة حديثاً عن الصحوة التي يراها، وعن المساجد التي غصَّت بالمصلين، لكن أسال أين ثمار ذلك كله ؟
ما فائدة كثرة المصلين والصائمين إن لم يتمثلوا دروس رمضان ويحافظوا عليها ؟
الأخلاق الحسنة أول دروس رمضان فتمسكوا بها.
والقرآن الكريم من أهم دروس رمضان فلا تدعوه بعد رمضان، ولو أن يقرأ أحدنا نصف صفحة من القرآن كل يوم، ليس المهم أن أكثر، ولكن المهم أن أتابع التلاوة ولقراءة والتدبر.
صلاة الجماعة وصلاة القيام من دروس رمضان، فأين محافظتنا عليها بعد رمضان، وأين صلاة التهجد في رمضان وبعد رمضان ﴿كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون* وبالأسحار هم يستغفرون﴾.
لا تدع صلاة القيام وصلاة التهجد بعد رمضان ولو أن تصلي ركعتين فقط.
وفي نهاية الكلمة توجه الدكتور الشيخ محمود عكام بخطاب خاص إلى طلاب العلم، فقال:
وصيتي إلى طلاب العلم خاصة أن يتمتعوا بأربعة أمور: نور الذكر، وقوة الفكر، وسَعَةِ الصدر، وروح العصر.
فلنتحلَّ بهذه الصفات، واسأل الله تعالى أن يجعلنا في هذا الشهر الكريم من المرحومين المغفور لهم، والذين أعتق الله رقابهم من النار.
التعليقات