آخر تحديث: الإثنين 15 إبريل 2024
عكام


مـــــــــؤتمرات

   
دلائل محبة الله للعبد/ الجامع الأموي الكبير بحلب

دلائل محبة الله للعبد/ الجامع الأموي الكبير بحلب

تاريخ الإضافة: 2007/04/19 | عدد المشاهدات: 4089

ألقى الدكتور الشيخ محمود عكام درساً عن علامات حب الله للعبد، وذلك بعد صلاة العصر من يوم الخميس: 1 ربيع الآخر 1428 هـ الموافق: 19/4/2007 في الجامع الأموي الكبير بحلب، وفيما يلي نص الدرس:

 بسم الله الرحمن الرحيم، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً

سهل علينا أمورنا يا رب العالمين.

كنت قد وعدت الإخوة بأن آتي كل شهر من أجل أن ألقي درساً في هذا المكان المبارك، وإني لأستشعر فضل هذا المسجد عليَّ، فلقد عشت في جنباته وتمتعت وأنا أصلي في رحابه سنواتٍ من عمري، وهذا المسجد فعلاً هو المسجد الجامع، لأنه يجمع أبناء المدينة كلهم، وما من أحد في حلب إلا ويأتيه، ولأن فيه مقاماً لشيخ الأنبياء سيدنا زكريا عليه الصلاة والسلام.

فاللهم اجعل عملنا خالصاً لوجهك قبل كل شيء، واجعل اجتماعنا هذا اجتماعاً مرحوماً وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل فينا شقياً ولا مطروداً ولا محروماً.

سأفتتح هذا الدرس بدعاءٍ لسيدنا الحسن بن علي رضي الله عنهما كان يقول هذا الإمام: "إلهي نعمتني فلم تجدني شاكراً، وابتليتني فلم تجدني صابراً، فلا أنت أزلت النعمة بترك الشكر، ولا أنت أدمت الشدة بترك الصبر، إلهي، أنت الكريم ولا يكون من الكريم إلا الكرم".

ربنا يتعامل معنا بكرمه وإحسانه وفضله، فلنتعامل معه بعبادة وطاعة وخضوع وإيمان ويقين،واستسلام وحب.

سأبتدئ بسؤال: عندما تدخل مكاناً ما وترى هناك أناساً يعرفونك، فإنك تُسر، وتقول: انظروا فهؤلاء عرفوني.

وكلما زاد من يعرفك في المجلس زاد سرورك، ولكن أقول: متى ستسر أكثر وأكثر ؟ عندما تعلم بأن هؤلاء الأشخاص، بالإضافة إلى أنهم يعرفونك يحبوك. ولو طرح الواحد منا سؤالاً على نفسه فقال: أنا مَن أعبد ؟ طبعاً الجواب الله. ثم يأتي من بعد ذلك السؤال، هل الله عز وجل يحبني ؟

وأحب أن أقول لك لو أن شخصاً ما من قبلك ذهب للقاء رئيس أو ملك وسأل هذا الرئيس أو الملك لهذا الشخص الذي يعرفك عن حالك، فإن أخبرت بذلك وبمعرفته بك فإنك ستسر، فإن أخبرك أكثر من ذلك فقال لك: إنه مع معرفته بك قد أحبك، فإنك عندها ستسر أكثر وتسعد سعادة كبيرة.

فلئن كنت تسر بمعرفة ملك الدنيا بك وتسر أكثر بمحبته، فلماذا لا تحرص على أن يحبك ملك الملوك الله عز وجل ؟!.

وربما هنا تسألني وكيف لي معرفة محبته لي ؟ فملك الدنيا يوجد شخص نقل لي محبته لي، أما ملك الملوك من ينقل لي ذلك عنه جلت قدرته ؟

أقول: هل أنت حريص على محبة ملك الملوك لك ؟ وإن كان الجواب نعم، فسأقول لك علامات إن كانت موجودة ومتوفرة فيك وتتحلى بها، فاعلم بأنه عز وجل يحبك.

العلامة الأولى: إذا كنت تحب الله فالله عز وجل يحبك.

 مرة سألت أستاذي فقلت له يا أستاذ هل تحبني فقال لي :اسمع مني:

وإذا اعتراك الشك في ود امرئ        وأردت تعرف حلوه من مره

فاسأل فؤادك عن ضمير فؤاده        ينبيك سرك كل ما في سره

سئل الحسن البصري من قبل أحدهم: فقال له يا إمام كيف أعرف مكانتي عند الله فقال له الحسن البصري: إذا أردت أن تعرف مكانتك عند الله فانظر مكانة الله عندك.

ولا أحد يعلم بمحبتك لله عز وجل إلا أنت فلا أنا أعرف محبتك له ولا أنت تعرف محبتي له.

العلامة الثانية: هل أنت موفق من أجل القيام بالنوافل صلاة وصياماً وصدقة وقراءة للقرآن الكريم وفعلاً للخير ليس من باب الواجب وإنما من باب التنفل، إذا كنت تكثر من النوافل فاعلم بأن الله عز وجل يحبك، والدليل على ذلك الحديث القدسي الذي يقول فيه الله عز وجل كما في البخاري: (وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذ بي لأعيذنه).

العلامة الثالثة: انظر قلبك هل هو محميٌ من الدنيا ؟ فإن كان قلبك متعلقاً بالدنيا فمحبة الله غير موجودة، وقد ورد في الحديث الذي يرويه الطبراني بسند حسن: (إذا أحب الله عبداً حماه من الدنيا كما يظل أحدكم يحمي سقيمه من الماء) أي المريض الذي يضره الماء.

وقد يسألني بعضكم: وهل هذا يعني ألا أشتغل في الدنيا ؟ طبعاً الجواب ليس المراد هذا وإنما المراد أن لا تدخل قلبَك الدنيا لأن الدنيا إن دخلت القلب وتعشقها قلبك حلت محل ربك، ، وورد في الحديث الذي يرويه الترمذي: (لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال) وورد أيضاً في الحديث: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال له: أريد أن يحبني ربي فقال له صلى الله عليه وآله وسلم: (ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس).

إذاً فالقلب منك يجب أن يكون لربك وأما يداك فللدنيا ولذلك ورد عن سيدنا عبد القادر الجيلاني أنه قال: يا هذا أنا لا أدعوك من أجل أن تترك الدنيا وإنما من أجل أن تخرج الدنيا من قلبك وأن تضعها في يدك حتى إذا ما ذهبت من يدك فلا تكفر، ﴿لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم، فلا تعلق في قلبك شيئاً من الدنيا فإن ذهب كفرت ﴿ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين.

لذا فقلبك منزلك وهناك أثر غير صحيح أحب أن آتي به للاستئناس لا أكثر ولا أقل حديث قدسي يقول فيه ربنا عز وجل: (ما وسعتني سمائي ولا أرضي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن) فكأن ربك يقول لك أريد قلبك فلا تعطه لغيري وإن فعلت تركتك لهذا الغير الذي أعطيته قلبك.

العلامة الرابعة: هل أنت صابر على الابتلاء ؟ إذاً أنت ممن أحبك الله وهناك حديث عن النبي عليه وآله الصلاة والسلام كما يرويه لنا الترمذي يقول فيه صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا أحب الله عبداً ابتلاه ليسمع تضرعه إليه) وكلنا مبتلى أيها الناس فهذا مبتلى بالفقر وآخر بالغنى وثالث بالمرض ورابع بالمنصب وخامس بامرأة غير صالحة وسادس بولد... الخ فماذا تفعل عند الابتلاء هل تضجر وتكفر أم تصبر وتقول الحمد لله وبين أيدينا الحديث الذي يرويه البخاري: (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له) أما أن تضجر حين المصيبة فتلك مصيبة وكذلك ألا تحمد ربك عند وقوع مكروب فهذا شيء يقربك من الكفر ولذلك نقول في عرفنا وفي ديننا الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، وورد في الحديث الذي يرويه الإمام أحمد: (إذا أحب الله قوماً ابتلاهم فمن صبر فله الصبر ومن جزع فله الكفر) وهناك آية في القرآن الكريم رائعة يقول ربي عز وجل: ﴿إنما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب وهنا أريد أن أسأل لماذا قال الله عز وجل هنا ﴿الصابرون ولم يقل: إنما يوفى المصلون أجرهم... مع أن الصلاة من أعظم أركان الإسلام وكذلك لم يقل: إنما يوفّى الصائمون أجرهم... والصيام من أعظم العبادات وإنما قال: ﴿إنما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب والجواب: لأن الجزاء من جنس العمل، فالله عز وجل ابتلاه فصبر ولم يحاسب ربه على هذا الابتلاء ولم يقل لربه: يا رب لماذا ابتليتني فجوزي أيضاً على ذلك بجنس عمله فلن يحاسبه ربه بل ستجاوز عنه قائلاً له: ادخل الجنة من غير حساب.

والآن الخلاصة ولا أريد أن أطيل لكنني أريد أن نخرج بفائدة:

أحب أن أقول بأن كلنا يريد أن يحبه الله عز وجل وأود أن أسأل هل أحد من بينكم لا يريد ذلك ؟ وكلنا يريد بعد ذلك أن يعلم بمحبة الله له من أجل الاطمئنان وهل أحد لا يريد ذلك أيضاً ؟  وكيف نستطيع أن نحصل هذا العلم بهذه المحبة ؟

 وقد ذكرت أربع علامات من خلالها تستطيع معرفة محبته لك وها أنا أذكرها لك مختصرةً و أريدك أن تحكم هذه الأمور على نفسك:

- إذا كنت تحبه فهو يحبك.

- إذا كنت موفقاً لفعل النوافل فهو يحبك.

- إذا كنت محمياً في قلبك من الدنيا فهو يحبك.

- إذا كنت قد ابتليت فصبرت وتضرعت إليه بالحمد والثناء فهو يحبك.

ولتعرض نفسك يا أخي المسلم على هذه الأربع فإن توفرت فيك كلها أو بعضها فالحمد لله وهذا شيءٌ رائع جداً، أما إذا لم يتوفر فيك منها أي شيء فاسعَ من أجل أن تكون مطبقاً ولو لواحد منها.

فاللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربنا إلى حبك يا رب العالمين، ونسأل الله عزو جل أن يتولى أمورنا،اللهم اشفنا وعافنا وارحمنا واغفر لنا واسترنا وارزقنا وأعتق رقابنا من النار وسددنا وثبتنا وزدنا علماً بسر الفاتحة. وجزاكم الله خيراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

التعليقات

سعاد

تاريخ :2007/05/19

في الحقيقة انا انبهرت بهده الصفات و انا في الحقيقة كانت الدنيا همي و الان و انا اصلي وو اتقي ربي و اعلم انالله هو من يسير الامور الحمد الله و جزاكم الله خيرا على ما قدمتموه و الله يهينا و يهدي كل من اتبع الهدى و دين الحق

نورة

تاريخ :2011/03/06

وفقكم الله...الى الامام اخواني

شاركنا بتعليق