آخر تحديث: الجمعة 26 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
صفات المرابط في سبيل الله

صفات المرابط في سبيل الله

تاريخ الإضافة: 2008/04/04 | عدد المشاهدات: 4912

أما بعد، فيا أيها الإخوة المؤمنون:

بالأمس سمعت خبراً عبر التلفاز أن احتمال حرب يمكن أن تكون بين سورية وإسرائيل، فسورية حسب الخبر تستعدّ، وإسرائيل تستعدّ، قلت في نفسي لو أن واحداً من الناس سألني، أما أنت فما رأيك ؟ الجواب: أني لم أستبعد في يوم من الأيام منذ أن نشأت ومنذ أن احتُلّت فلسطين، لم أستبعد هذا الاحتمال، فالاحتمال قائم، وما كان في يوم من الأيام غير قائم، بل ما كان في يوم من الأيام غائباً عن ذهن إسرائيل الكيان المعتدي الآثم البغيض، أتابع الجواب فأقول: أنَسيتم يا من تتحدثون عن احتمال حربٍ بين سورية وإسرائيل، أنسيتم أن إسرائيل هي دولة حرب وليست دولة سلام، أنسيتم أن إسرائيل هي دولة اعتداء، هي دولة ليس لها من مقومات الدولة إلا الاغتصاب، إلا الاعتداء، ولذلك أخطأتم يوم استبعدتم من أذهانكم احتمال حرب تشنها إسرائيل العدو البغيض الأثيم الغاشم، أتابع الجواب لأقول: ثمة فرصة يا أبناء سورية، فرصة أجر يا أبناء سورية على مختلف تشكلاتكم ومذاهبكم على اختلاف مناصبكم ثمة فرصة أجر وثمة فرصة موقف. أتدرون ما هذه الفرصة وما هذا الموقف ؟ إنه موقف المرابطة في سبيل الله عز وجل ما دمنا نتوقع وما دام هنالك احتمال في أن تشن إسرائيل حرباً على سورية، وما دامت الجولان محتلة وما دام شيء من لبنان محتلاً وما دام الاحتمال قائماً وقد ازداد في هذه الآونة فلمَ لا نتحول جميعاً إلى مرابطين ونحن على ما نحن عليه، والفرق بين أن نكون مرابطين وأن لا نكون نية وشيء من المتابعة وشيء من المراقبة وشيء من الإخلاص. لماذا لا تتحول أيها الحاكم أيها المحكوم أيها الطالب أيها الأستاذ لماذا لا تتحول إلى مرابط ؟ ولماذا لا تتحول عينك إلى عين ساهرة في سبيل الله في سبيل الحماية لهذا الوطن ؟ والقضية لا تحتاج إلى أكثر من أن تفكر في وضعك الذي أنت فيه فتلملم هذا الوضع وتضعه في رمته في بوتقة الإخلاص لله عز وجل ومن ثم ستكون مرابطاً، أوَ ما قرأت قول الله عز وجل: ﴿اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله﴾ لماذا لا نتحول إلى مرابطين وإسرائيل تسعى من أجل حرب تريد من خلالها متابعة الاعتداء متابعة الظلم متابعة الإثم متابعة كل قيمة سلبية لا تمت إلى الإنسانية بصلة.

أيها الطالب أتريد أن تكون طالب أجر ؟ أتريد أن تمرر يوماً هو عند الله عز وجل خير من الدنيا وما فيها ؟ اسمع قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما يقول: (رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها) تقول لي كيف أحوّل يومي إلى يوم خيرٍ من الدنيا وما فيها ؟ أقول لك بكل بساطة اجعل النية لله، اتقن دراستك، قل بينك وبين نفسك لئن ناداني ربي من خلال الوطن من خلال الأرض التي هي وطني، لئن نادني الواجب الوطني والديني فأنا جندي في مكاني الذي أنا فيه لأننا في النهاية جميعاً جنود شئنا أم أبينا، لمَ لا تنوِ يا أخي الطالب هذه النية لتحول كل يوم من أيامك إلى أيام خير من الدنيا وما فيها من خلال نية المرابطة، أتريد شرحاً أكثر من أجل أن تكون مرابطاً فعلاً ؟

المرابطة: تمسّك بالشريعة، تمسك بالأحكام التي جاءت بها شريعتنا والتي آمنت أنت بصلاحيتها، وتماسك فيما بيننا: ﴿واعتصموا بحبل الله﴾ يعني تمسك ﴿جميعاً﴾ يعني تماسك،  مقومات المرابطة تمسك بشرع الله وتماسك مع المؤمنين، مع المواطنين مع أبناء هذا الوطن، ثم بعد ذلك إتقان للعمل الذي أنت، فيه عفة في عملك فالمرابطة لا تقبل خائناً ولا تقبل غاشّاً ولا تقبل بطِراً ولا تقبل  لاهياً ولا تقبل ماجناً ولا تقبل إنساناً يبيع وطنه بأبخس الأثمان ولا تقبل إنساناً يرتشي ولا تقبل إنساناً ظالماً ولا تقبل إنساناً عاقاً لوالديه ولا تقبل أباً مهملاً أولاده ولا تقبل أماً لا تُعنى بأولادها ولا تقبل بنتاً تلبس لباس التمرد على القيم والفضائل والأخلاق.

حولوا ما أنتم فيه إلى مرابطة، فالمرابط أجره كبير وعظيم، المرابط كما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما أحمد وأبو داود: (كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطاً في سبيل الله فإنه ينمى عمله إلى يوم القيامة). أتريد أن يُنمى عملك ؟ إذاً كن مرابطاً في وقت يستعد العدو ليتابع عدوانه عليك وعلى جارك الذي يسكن بجانبك قد يختلف عنك في دينه لكنه بالنسبة للعدو هدف ودريئة كما أنت بالنسبة للعدو هدف ودريئة يريد أن يصل إليه إلى الأرض التي تمشي عليها إلى الأرض التي لا تعيرها انتباهاً إلى هذا الوطن الذي لا تتمتع به روحياً ولا نفسياً، ولكنك تحاول قدر الإمكان أن تنهش منه أن تأكل من خيراته ، أنت أيها المواطن مقصرٌ في حيازة أجر كبير بمكنتك أن تحوزه وهو أنك لم تحول نفسك إلى مرابط.

مقومات المرابطة: تمسك بشرع الله، وتماسك فيما بيننا، إتقان للعمل الذي أنت فيه وهذا الكلام ليس إنشائياً، إذا كنت أيها الطالب تتقن دراستك وتتمتع بتمسك بشريعة ربك وتسعى إلى الالتحام مع أبناء وطنك وإذا كنت تخلص لربك في نيتك فأنت مرابط، و: (كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطاً في سبيل الله فإنه ينمى عمله إلى يوم القيامة) لمَ لا تتحول أنت أيها الأستاذ إلى مرابط ؟ لمَ لا تتحول أنت أيها الجندي إلى مرابط من خلال اتصافك بأوصاف المرابط ؟ لمَ لا تتمسك بشريعة ربك، بالقيم بالأخلاق بدينك بمبدئك لمَ لا تتماسك مع إخوانك ؟ لمَ لا تتقن عملك ؟ لمَ لا تخلص النية لربك ؟ أيها الجندي أيها الوزير أيها المدير أيها الطبيب: طبيبنا لم يعد مرابطاً لأنه لم يعد متقناً، محامينا لم يعد مرابطاً لأنه لم يعد متقناً، قاضينا لم يعد مرابطاً لأنه لم يعد عادلاً ولم يعد متقناً، موظفنا لم يعد مرابطاً لأنه لم يعد متقناً وبالتالي لم يعد مخلصاً إذ الإخلاص يقتضي الإتقان والإتقان يستلزم ويطلب الإخلاص لأنك لن تتقن إلا إذا استشعرت مراقبة ربك لك، (الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك) والإحسان إتقان، (إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، فليرح ذبيحته).

أخي الأستاذ أخي الطالب أخي المواطن تحول إلى مرابط في وقت تستعد إسرائيل لشن حرب والاستعداد للحرب بالمقومات التي ذكرناها هي مرابطة والمرابط له أجر كبير: (عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله) هكذا قال سيدي رسول الله كما في الترمذي، عين المرابط (رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها) رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم في سواه في غير المرابطة.

أيها المسلم في كل الوطن العربي، لأن الوطن العربي برمته هدف لإسرائيل لأن إسرائيل كما نعلم وضعت شعاراً لها تريد تحقيقه: حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل، فهل تريدون أن تسلموا لإسرائيل ما تصبو إليه ؟ إن أردتم ذلك فأعلنوا رفضكم المرابطة، وإن أبيتم إلا أن تردوا اعتداء المعتدي فما عليكم إلا بالمرابطة والمرابطة بمكنتم فهيا إليها، فأنا أدعوكم وأدعوا نفسي إلى خير فلمَ العدول عن هذا الخير والمرابطة من جملة مقوماتها الإخلاص لله، أيها الإنسان السوري أخلص لربك وإياك والشرك إياك والرياء لذلك عندما أطالبك وأطالب نفسي بالإخلاص أطالبك بالعمل الصالح فلا يمكن للماجن أن يقول عن نفسه بأنه مرابط لأنه يتمسك بشرع الله فأين التمسك وهو يخالف شرع الله في عمله وأين التماسك وهو يعلن العداوة مع إخوانه من خلال ارتكاب الحرام وأين الإتقان إذ الإتقان منصب على عمل لا يرضي الله ولا يدفع الوطن نحو التقدم والازدهار وإن الإخلاص لا يركَّب إلا مع العمل الصالح المتقن مقومات الارتباط بالله عز وجل والتي تنعكس مرابطة في حياتنا هذا الذي ذكرت فهيا يا أبناء سورية هيا إلى رباط ولكم الأجر والثواب والعطاء، هل أنتم زاهدون في أجر حدثتكم عنه ؟ هل أنتم زاهدون في أن عين المرابط في سبيل الله لن تمسها النار ؟ هل أنتم زاهدون في يوم ترابطون فيه سيكون خيراً من الدنيا وما فيها ؟ وأنا لا أطالبكم بأمر شاق عليكم بل أطالبكم بأمر ينسجم مع فطرتكم وعقلكم وقلبكم لأن العقل والقلب يتطلبان التمسك بشرع الله وعندما نتحدث عن التمسك بشرع الله أتحدث عن التمسك بالقيم والفضائل، أتحدث عن التمسك بالعدل، يا ناس أتريدون لمُلككم أن يكون قوياً إذن اعدلوا فالعدل أساس الملك على مستوى الإنسان وعلى مستوى الديّان، إذا زال العدل من الأرض فستبقى الأرض أرضاً غير أن هذه الأرض التي زال منها العدل لا يمكن أن تكون وطناً، فلا وطن من غير عدل وأنا لا أطالب بالعدل فقط الحاكم والرئيس والوزير والمدير بل أطالب بالعدل كل إنسان منا، أطالب الزوج والزوجة والأستاذ والتلميذ والمدير والطبيب والمحامي، أطالب الجميع بالعدل لأن تمسكنا بالعدل يعني تمسكاً بالشريعة الإسلامية.

اللهم إني أسألك أن توفقنا من أجل مرابطة مقبولة عندك حتى ننعم بالأجر يوم نكون في حمى اليوم الآخر وسننعم بالنصر في هذه الدنيا، وحسبي أن أقول إن معركة من غير مرابطة على مستوى الإسلام الصحيح لا يمكن أن تكون نتيجتها النصر ولا الفتح.

هيا إلى مرابطة استعداداً لحرب نحن لا نريدها لكن العدو يريدها، نحن نرفض الحرب ولا نحب الحرب ولكن ما ذنبنا إن كان عدونا يريد الحرب بل لا يعيش إلا على الحرب لأنه لم يرقَ إلى مستوى الإنسانية بل هو في مستوى الحيوانية والبهيمية والظلم ولذلك هؤلاء لا يعيشون إلا في أجواء الحريب فإذا كانوا يسعون للحرب فلنسعَ إلى المرابطة من أجل استعداد لحرب يشنها العدو ولا نشنها نحن.

أسأل الله عز وجل أن يوفقنا لذلك نعم من يسأل ربنا ونعم النصير إلهنا أقول هذا القول وأستغفر الله.

ألقيت بتاريخ: 4/4/2008

التعليقات

شاركنا بتعليق