شارك الدكتور الشيخ محمود عكام في الندوة التي أقيمت في المركز الثقافي العربي بحلب يوم الخميس 26/5/2011 بعنوان: (شباب تحت سقف الوطن) بدعوة من اتحاد شبيبة الثورة، فرع حلب، وقد شاركه فيها المطران يوحنا إبراهيم، وأدار الحوار الأستاذ حسن عاصي الشيخ، وفيما يلي نص المشاركة:
بسم الله الرحمن الرحيم
السادة الحضور السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نعيش معاً ونأكل خبزنا معاً ونتناول قضايانا وآلامنا وآمالنا معاً يحب بعضنا بعضاً، يحترم بعضنا بعضاً.
أيها الشباب: أقول للشباب لهذه الوجوه الطيبة، وراء الأكَمة ما وراءها بلا شك، والمؤامرة مستمرة، والتآمر على الصامدين سنة تاريخية، والتآمر على من يريد أن يحاسب نفسه قضية قديمة. المؤامرة قائمة باستمرار كالجراثيم لكننا نشعر بها ونحس بأثرها عندما تضعف مناعتنا.
أيها الشباب أتدرون كيف نقوي المناعة من ألا نعير كبير اهتمام لما وراء الأكمة، علينا أن نقوي المناعة، ونقويها بكلمة تعلمناها ونحن صغار، بالعلم:
العلم يرفع بيوتاً لا عماد لها والجهل يهدم بيوت العز والكرم
القيمة الثانية: الأخلاق، وكنا نكتبها على السبورة:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
بالعلم والأخلاق نقوي مناعتنا، نحن نشكو الجهل وسوء الأخلاق، وهذا الذي أضعف مناعتنا، فالرجل الذي يتعلم تقوى مناعته.
لماذا ذكرتُ العلم والأخلاق ؟ ثمة نظرية فلسفية تقول: هل العلم قيمة القيم، أم أن ثمة قيمة أعلى من قيمة العلم يجب أن تحكمه ؟
انقسم الناس فريقين: هناك أناس يقولون بأن العلم قيمة القيم، أما أنا فكنت مع الفريق الثاني الذي يقول أن ثمة قيمة يجب أن تحكم قيمة العلم، وهي قيمة الخُلُق، لأن العلم من دون أخلاق كالمخالب تفترس ربما، لكن هذا العلم يجب أن يتوَّج بالأخلاق، ومن هنا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول فيه: (إذا أتى عليَّ يوم لا أزداد فيه علماً يقربني إلى الله فلا بورك لي في شمس ذلك اليوم) فكلمة يقربني إلى الله تعني الخير، تعني الأخلاق، لأن الله عز وجل يمثله الصالح العام والحق العام.
إسقاط هذا الحديث على الوضع الراهن يعني: إذا أتى عليَّ يوم لا أزداد فيه علماً يقربني إلى الوطن، إلى الجماعة، إلى الصَّالح العام، ينتفع مني الوطن، تنتفع مني الجماعة، فلا بورك لي في شمس ذلك اليوم، ولا بورك لي في هذا العلم، العلم ليقربك إلى الله، مَنْ يمثل الله ؟ أنتم. المصلحة العامة. لذلك وراء الأكمة ما وراءها، لكن لن يخرج ما وراء الأكمة، وسيبقى ما وراء الأكمة، وليكن ما وراء الأكمة ما وراءها فأنا قادرٌ على مواجهة المعتدي، أنا لا أعتدي على أحد، إسلامي وعروبتي تعلمني أن لا أكون ضد أحد، ولكن لا أسمح لأحد أن يكون ضدي.
مدير الندوة: الكل يدرك أن هناك مطالب محقّة، لكن ثمة من ركب على هذه المطالب وخلط المفاهيم، ما موقف الأديان السماوية من عمليات القتل والتخريب التي ينفذها المخربون الذين ركبوا على الحاجات المحقة لشعبنا ؟
الدكتور عكام: الجميع يعلم غاية الأديان السماوية، لأن الأديان فطرة، والفطرة تقول بأن الدين الذي أنزله الله لنتعارف ولنتباذل ولنتعاون، وأي فرد ينسب إلى الدين أنه يريد أن يقتل الناس بعضهم بعضاً فهذا لا يمكن أن يكون كلامه صحيحاً على الإطلاق.
فالدين دينونة، والدين: هو وفاء لدين الله عليَّ، الدَين هو أن الله خلقني ويمدني (الإيجاد والإمداد) وهذا الدَّين يُوفَّى من خلال اعتماد التعاليم بعد التوثق منها، وفاء الدَّين بالطاعة، أن أطيع الله وأن أحترم خلقه. لذلك قلت في مقدمة كتاب لي: (الإسلام والإنسان) قلت: "إلى الباحثين عن حضارة الإسلام يبغونها واقعاً: هيا إلى الإنسان، كرِّموه وقدّروه وارحموه وصونوا دمه وعِرضه وماله وحريته". هذه هي حضارة الإسلام ومَن قال غير ذلك فإنه ينسب إلى الإسلام ما ليس منه.
نحن مستأجرون من قبل الحق المطلق، وأنا أريد أن أقول: الدين لا يقبل القتل دون تردد، لكن كيف نمنع القتل ؟ من جملة الأسباب التي تؤدي إلى القتل وتفشيه منع الإنسان من التعبير بلسانه وعند ذلك سيلجأ إلى التعبير بيده.
ينبغي علينا ألا نُستفز من قبل من يأمرنا بالخروج للتظاهر أو من قبل من يأمرنا أن نكون ضد هذا الذي يخرج من المسجد، لا نُستفز من هنا ولا من هناك، أنا مهمتي أن أكون في الوسط، وقد كتبت مقالة بعنوان مَنْ أنا ؟ وهذا هو ما أظهر به أمام الناس، أنا رجل آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، آمر الدولة بالمعروف وأنهاها عن المنكر، وآمر الشعب بالمعروف وأنهاه عن المنكر، أقول للدولة المعروف الأكبر الذي آمرك به هو العدل، والمنكر الأفظع الذي يجب أن أنهاكِ عنه هو الظلم، وأقول للشعب المعروف الأكبر الذي يجب أن آمرك به هو الأمانة، والمنكر الأفظع الذي يجب أن أنهاك عنه هو الخيانة، ونحن في الوسط، نأمر الدولة ونأمر الشعب، لا نجامل ولا نرائي، هذه مهمة رجل الدين، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، أنا آمر الدولة بالمعروف مع المحبة، وأصف الدواء لها، وقد يكون الدواء مرّاً لكنه دواء في النهاية، وآمر الشعب بالمعروف وأنهاه عن المنكر بالحب أيضاً، ونحن نتكلم بلهجة رفيقة رقيقة نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر بالمعروف، هذا خلاصة ما يمكن أن نقدمه، لذا نقول للشباب إن كنتم من الدولة أو من الشعب، فنحن معكم نحن ناصحون، والأخوة تعني المحبة والنصح، أنا لا أريدك ناصحاً من غير محبة ولا أريدك محباً من غير نصح، النصح من غير محبة قسوة، والمحبة من غير نصح ممالأة، فنحن ناصحون ومحبون، نحن نُراجع ونحاوَر ضمن خط العلم الذي نحن فيه أما أن نُحاسَب فلا، هذا ما لا نريده، لأن هذه مهمتنا.
الإصلاحات بدأت لا شك في ذلك، زيادة الرواتب، تنزيل سعر المازوت، لكن ما أريده أن يكون هو الإصلاح العلائقي أي التواصل، كنا في فترة ما التواصل بيننا في المناسبات ويقوم على نفاق بشكل عام، وخلال هذه الأحداث تواصل السيد الرئيس مع أهل حلب ودرعا وبانياس وسائر المحافظات والقطاعات والفعاليات، لكن باقي المسؤولين لم يتواصلوا مع الناس، على أساس من رحمة وعطاء نافع، بل بقوا على كراسيهم متكبرين إلا مَنْ رحم الله.
فلنتواصل ولنتراحم، فأنا أحب والدي لأنه يحنو علي، وسنبقى نحب سورية لأنها أعطتنا الكثير الكثير، وحنت علينا ورعتنا.
وفي نهاية الندوة أجاب الدكتور عكام على أسئلة المشاركين.
التعليقات