تقوم قناة (نور الشام) الفضائية ببثِّ برنامجٍ يومي خلال شهر رمضان المبارك بعنوان: "واجبات المسلم" وهو من إعداد وتقديم الدكتور الشيخ محمود عكام، وها نحن ننشر هذه الحلقات تباعاً تعميماً للفائدة ونشراً للخير. يذكر أن هذا البرنامج يُبثُّ الساعة الثانية والنصف بتوقيت دمشق ظهيرة كل يوم.
واجباتنا نحو خالقنا عز وجل
الإنسان بين حق وواجب، وعلى الإنسان أن يدرك أن عليه واجباً وأن له حقاً. والناس حيال الحق والواجب ثلاثة أصناف:
فمن قام بواجبه وطالب بحقه فهو العادل، ومن قام بواجبه وتغاضى وتناسى حقه فهو الفاضل، ومن لم يقم بواجبه وطالب بحقه فهو الغافل. وها نحن أولاء في هذه اللقاءات الطيبة نريد أن نتعرَّف على واجباتنا نحو ربنا، ونحو رسولنا صلى الله عليه وسلم، ونحو القرآن الكريم، ونحو أنفسنا. وها نحن اليوم نتحدث عما يجب علينا تجاه ربنا عز وجل.
الواجب الأول نحو خالقنا أن نؤمن به، وأن نوحِّده وأن نذكره وأن نحبه، قال تعالى: ﴿لا إله إلا أنا فاعبدني﴾، وقال: ﴿آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير﴾، وقال أيضاً: ﴿إن في خلق السموات واختلاف الليل والنهار لآياتٍ لأولي الألباب. الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار﴾.
الواجب الثاني تجاه خالقنا جل وعلا أن نطيع أوامره، قال تعالى: ﴿وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير﴾، علينا أن نطيع أوامر ربنا لأن الله الذي خلقنا إذا أمرنا بأمرٍ ما فلأنه ينفعنا، ولأن في هذا الأمر مصلحتنا، لذلك علينا أن نطيع أوامره من أجل أنفسنا ومن أجل صلاحنا ومن أجل فائدتنا.
الواجب الثالث تجاه خالقنا جل وعلا أن نرضى بقضائه وقدره، لأن الإنسان الذي يسعى من أجل أن يكون عبداً لله متحققاً بالعبودية ينبغي أن يسلِّم أمره لربه وأن يرضى بما قدَّره الله عليه، لذلك جاء في الحديث الصحيح الذي يرويه البخاري عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، إن أصابته سرَّاء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وليس ذلك إلا للمؤمن).
أيها الإنسان، يا آمنت بربك وأطعت أوامره، يا من تسعى من أجل أن تذكره دائماً عليك أن ترضى بقضاء الله عز وجل، وأن تستسلم لقدره، وأن تستشعر الرضى الكامل الذي تصطبغ به حيال ما يقضي به عليك ربك جل شأنه.
أما الواجب الرابع تجاه خالقك هو التوبة إلى الله عز وجل والأوبة، ﴿إن الذين اتقوا إذا مسَّهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون﴾ هيا أيها الإنسان إذا ما وقعت في معصية أو ذنب ما عليك إلا أن تتوب إلى الله عز وجل من هذا الذي صدر منك، حتى وإن لم يصدر منك شيء فعليك أن تتوجه إلى ربك بالتوبة ليحوِّلك ربك من سيءٍ إلى حسن، ومن حسنٍ إلى أحسن. فالرسول عليه الصلاة والسلام كان يتوب في اليوم مئة مرة كما ورد في البخاري، وكان يكثر من الاستغفار والتوبة.
الواجب الخامس تجاه ربك أن يكون إرضاء الله همَّك وهاجسك، أن تسعى لإرضاء ربك عبر كل ما يصدر عنك من فعل وقول، ومن لم يكن إرضاء ربه همه فلا يمكن أن يكون مؤدياً لواجباته. أوليس النبي عليه الصلاة والسلام قال كما يروي الترمذي: (من التمس رضاء الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس، ومن التمس رضاء الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس)، ويقول سيدنا موسى عليه السلام: ﴿وعجلت إليك رب لترضى﴾، ويروى عن سيدنا الإمام علي رضي الله عنه أنه كان يقول: "إن في الله خلَفاً عن الناس، وليس في الناس خلف عن الله". إن فاتك الناس فإن الله هو الخلف عن الناس ويعوضك ما فاتك من الناس، أما إن فاتك الله فلا يستطيع أحد أن يعوضك عن فوت الله عز وجل، لأن الله هو الخالق والمدبر والأعظم والأكرم.
نحن بحاجة دائماً أن نتذكر واجباتنا، ومشكلة العصر اليوم أن الناس في غفلةٍ عن واجباتهم، ولو أن كل إنسان منا اليوم تذكر واجباته نحو الله والناس ونفسه وقام بهذه الواجبات لكُفينا ما يحدث في هذا العصر من أزمات ومشاكل، ومن أمور لا ترضينا.
أسأل الله عز وجل أن يوفقنا لأداء واجباتنا الملقاة على عاتقنا نحوه، ونحو من أُمرنا بالقيام بواجباتٍ نحوه، إنه على ما يشاء قدير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لمشاهدة هذه الحلقة على يوتيوب لطفاً اضغط هنا
التعليقات