صُمناك وقلوبنا مُلئت كَمَداً، قُمنا لياليك وقد بلَغت القلوبُ منا الحناجر، أفطَرنا وتناولنا السّحور والأبصار منا زائغة، وكِدنا في كلِّ ذلك نظنُّ بالله الظنون.
وَعَدْنا الناس وبشَّرناهم في العاشر منك، ثم مدَّدنا إلى العشرين، وكذلك تابعنا التمديد إلى ليلة العيد، ولا يزال البلاء يتَتابع ويملأ السَّاحات والشُّرفات والقاعات والمساجد والكنائس والمدارس.
لقد رحلتَ يا رمضان وتركتنا على أحزاننا جاثمين، فهل ستشفع لنا عند ربك بعد الرَّحيل فتحكي حكاية المظلومين والثَّكالى والأرامل واليتامى وهم ينتظرون الفرج ورفع البلاء وإزاحة السِّتار عن عيشٍ أمين.
كلِّم ربَّك يا رمضان، فعسانا نرى خارقةً، أو بارقةَ خارقةٍ ترسلها رحمته فتنقذ القلوب من المحن، والعقول من القلق، والصدور من الضيق بلمح بصر، وما قلنا هذا - يا رمضان - إلا بعد أن تقطَّعت الأسباب وظننا أننا خُذلنا وبدأت الفتنة في الدِّين والإيمان تستعد لغزو قلوب العامة والخاصة.
رمضان أيها الرَّاحل:
عهدناك شهر بدر والفتح، فهلا كنت لنا - ولو بعد رحيلك - شهر انتظار الفرج أو بالأحرى فجاء الفرج، وهلا كنت شهر تربّص الأمل فتحقق الأمل.
أيها الشهر العظيم:
لقد أُشبعت أيامك ولياليك أنيناً وتوجعاً وحزناً، فبالله عليك تعطَّف بالتوجه إلى ربك في حاجاتنا لتُقضى، وفي آلامنا لتُشفى، وفي بلدنا ليَأمن، وفي إيماننا ليقوى، وفي المهجَّرين ليعودوا، وفي الضائعين ليرشدوا.
أيها الشهر العظيم:
خاطبناك على أنك هذا العام شهر الأزمة، بَيْد أنك إن شفعت وتوجَّهت لننادينَّك ونقول: رمضان - هذه السنة - رمضان الأزمة والفرَج، رمضان المحنة والمنحة، رمضان البلاء والعطاء.
فهيا أيها الشهر الكريم وإنا لمنتظرون، وسلامٌ عليك مُذ أُنزل فيك القرآن إلى يوم يؤول فيه الجميع إلى الديَّان.
د. محمود عكام
15شوال 1433
1 أيلول 2012
التعليقات