آخر تحديث: الأربعاء 27 مارس 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
من آفات اللسان -1-

من آفات اللسان -1-

تاريخ الإضافة: 2021/07/02 | عدد المشاهدات: 1015

 

أما بعد، فيا أيها الإخوة المؤمنون المسلمون:

سُئل حَكيمٌ عن سبيل الاستقامة المنشودة ؟ قال: "ضبطُ اللسان". أو إن شئتَ قُل: "حفظ اللسان". وسُئل ابنُ مسعود الصحابي الجليل رضي الله عنه وأرضاه عن المجاهدة في قوله تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينَّهم سُبُلَنا وإنَّ اللهَ لَمَعَ المحسنين) فقال: "ضبطُ اللسان". وها هو ذا سيدُ الكائنات صلى الله عليه وسلم يقول لسيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه بعدَ كلامٍ طويل: (ألا أُخبرك بملاكِ ذلك كُلِّه ؟!) قال: بلى يا رسولَ الله. قال: (كُفَّ عليكَ هذا) وأخذَ بلسانه. فقالَ مُعاذ: وإنَّا لمؤاخذونَ بما نتكلَّم به يا رسول الله ؟! قال: (ثَكِلتكَ أُمكَ يا معاذ، وهَل يَكُبُّ الناسَ في النارِ على وجوههم، أو على مناخرهم إلا حصائدُ ألسنتهم). إلا ما جَنته ألسنتهم، وما صدَر عن اللسان من آفات، وما نتجَ عن عدمِ ضبطِك لسانَك.

احفظ لسانَكَ أيها الإنسانُ                لا يلدغَنَّكَ إنه ثُعبانُ

وتسألني يا أخي، أيها المستمع المصلي المؤمن المسلم المواطن: مِمَّ أضبطُ لساني وعَمَّ أحفظُه ؟ أقول لك: ثمةَ آفات للِّسان، هيا فاحفظ لسانك من أن يرتكبَ هذه الآفات، بل هذه الجرائم.

ودعونا من أجل أن نتصارح، سأعرض هذه الآفات في هذه الخُطبة وفي خُطبٍ لاحقة، وأريدُ من نفسي ومنكم أن يطَّلع وأن يفحص ويعرف هذا الإنسان هذه الآفة وأن ينظرَ في نفسِ الوقت نفسَه: أتراه يرتكبُ هذه الآفة أم إنه في اجتنابٍ لها وإعراضٍ عنها، واسمحوا لي أن أستبقَ لأقول: يكادُ مُجتمعنا كله يَغرقُ في هذه الآفات، ولذلك مجتمعنا - ولا أريد التقريع ولا التوبيخ - ولكنني أقول: نتيجة إهمالنا ضبط اللسان يكادُ مجتمعنا يكون مجتمعَ نقمة وليسَ مجتمع رحمة، كلُّنا ناقمٌ على كلنا، كلنا يُرائي أمام كلنا، كلنا لا يحفظ غَيْبَةَ كلنا، كلنا يكاد يتوجَّسُ من كلنا، الجارُ غير مأمون من جاره، والمصلي لا يكاد يأمن مَن يصلي بجانبه، والذي يعمل لا يكاد في معمله يأمن شريكه أو صانعه أو عامله. تعالوا من أجلِ أن نتعرَّف على ما يجب أن نحفظَ ألسنتنا منها، وأن نضبطَ ألسنتنا عنها، مبتدئين بآفةٍ أو جريمةٍ هي (الغيبة) التي أصبحت دَيْدَناً لبعضٍ منا إن لم أقل لأغلب الأشخاص فينا، تعالوا نتحدث عن الغيبة آفة أولى من آفات اللسان. حينما سُئل سيدُ الكائنات عليه الصلاة والسلام عن الغِيبة قال: (ذِكرُك أخاك بما يكرَه) هل تذكُر أخاك بما يكره في صباحك ومسائك، في بيتك ومدرستك ومعملك ومتجرك ومسجدك. قال يا رسول الله: (أرأيتَ إن كان في أخي ما أقول ؟!) أنا أقول عن أخي وهو غير موجود بأنه مُقصِّر في صلاته، أكلم مَنْ أمامي عن أخي الغائب. قال: (إنَ كان في أخيك ما تقول فقد اغتَبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بَهَتَّه) ونحنُ بين غيبة وبهتان، وسَلُوا أنفسكم، وليحاسب كلٌّ منا نفسه حيال هذه الآفة التي طَغت على مجتمعاتنا وأصبحت سحابةً سوداء داكنة تمطرنا بالبغضاء والشّحناء لأننا أصبحنا نعتاشُ اجتماعاً على هذه الآفة: (ولا يغتَبْ بعضُكم بعضاً أيحبُّ أحدكم أن يأكلَ لحم أخيه ميتاً فكرهتموه) يقولُ سيد الكائنات عليه الصلاة والسلام: (لا تغتابوا المسلمين) هو مسلمٌ إذاً حَرُمَ عليك أن تغتابه ولو كان عاصياً أو فاسقاً على حَدِّ زعمك، أنتَ العاصي إن اغتبته، وأنتَ الفاسق إن اغتبته، احفظوا ألسنتكم من هذه الجريمة التي أصبحت خطراً فظيعاً علينا: (لا تغتابوا المسلمين ولا تتَّبعوا عوراتهم، ومن اتَّبع عوراتِ المسلمين اتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته). يقول سيدنا محمد أيضاً صلى الله عليه وسلم: (مررتُ ليلةَ أُسري بي بأقوامٍ لهم أظفارٌ من نحاس) والحديث صحيح، ولا نأتي إلا بالصحيح والحسن (مررتُ ليلةَ أُسري بي بأقوامٍ لهم أظفارٌ من نحاس يخمشون وجوههم وصدرورهم) من هؤلاء يا جبريل ؟ قال: (يا محمد هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم). ألا من توبةٍ يا إخوة تصبُّ في مَصَبِّ مُعاهدة الله على أن نحفظَ ألسنتنا من هذه الآفة، جرِّبوا ليومٍ أو يومين وانظروا النتيجةَ: عطاءٌ من الله وحياةٌ آمنة، والنتيجةُ رَغَدٌ يتجوَّلُ بينكم وهناء يستقر هنا وهناك في جَنَبات بيوتاتكم ومحالِّكم ومساجدكم ومدارسكم.

هذه آفةٌ نتركها بين أيديكم أمانة لتروا على أساسها كيف تُطبِّقونها، إلى الأسبوع القادم لنتكلَّم عن آفاتٍ بحسب ما يُقدِّرُ العليُّ الكريمُ الكبيرُ جَلَّ جلاله، اللهمَّ إنا نسألك أن تحفظَ ألسنتنا وأن نصونَ كلَّ أعضائنا عن الحرام وعن المكروه وعن الذي لا بأس به، بحق محمد وآل محمد يا رب العالمين، أقول هذا القول وأستغفر الله.

ألقيت بتارخ 2/7/2021 في جامع السيدة نفيسة عليها السلام بحلب الجديدة

مشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/6uW13tw99 -/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

التعليقات

شاركنا بتعليق