آخر تحديث: الثلاثاء 23 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
الأيام صحائف آجالكم -3

الأيام صحائف آجالكم -3

تاريخ الإضافة: 2023/01/06 | عدد المشاهدات: 335

أمَّا بعد، فيا أيُّها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

أذكِّر نفسي وإياكم بسِجِلِّ العُمر الذي يحتوي على صفحات، وهذه الصفحات هي الأيام، ورضي الله عن سيِّدنا الإمام علي كرَّم اللهُ وجهه إذ قال: "الأيام صحائف آجالكم فخَلِّدُوها بأحسن أعمالكم"، ومن هنا انطلقنا للبحث عن العمل الأفضل حتى نملأ به صفحات هذا السِّجل، علينا أن نبحث عن العمل الأفضل وعن العمل الذي هو الأحب إلى الله عز وجل، وقد قلنا ذلك في الأسبوع الفائت. فهل من أعمال أخرى إضافة على تلك الأعمال التي ذكرناها في الأسبوع الفائت والتي هي من الأحب، من أحب الأعمال إلى الله عزَّ وجل، نعم أيها الإخوة، وأسأل الله إذ نذكر هذه الأعمال أن يكون ذكرها لنا دافعاً من أجل التحقق ومن أجل التطبيق ومن أجل التنفيذ، وأن لا يكون ذكرنا لها حُجةً علينا، أن يكون ذكرنا لها حجةً لنا إن شاء الله. يروي سيدنا عبدالله بن عمر رضي الله عنه كما جاء في الطبراني، والحديث صحيح، أنه سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن أحب الناس أولاً، مَن أحبُّ الناس إلى الله ؟ فقال له النبي، وانتبهوا أيها الاخوة إلى هذا الذي سأقول، انتبهوا وافحصوا وتمحَّصوا ومحِّصوا، (من أحبُّ الناس إلى الله ?) وإذ بالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس)، أحبُّ الناس إلى الله أنفعهم للناس، فهل أنت تنفع الناسَ في أجسامهم وفي عقولهم وفي أرواحهم وفي حياتهم وفي سلوكهم ؟ إذاً أنت من أحب الناس إلى الله عز وجل. القضية محسومة، ونحن نتكلم هنا معادلات واضحة، لا نريد من وراء ذلك أن نُرغِّب أو أن نُرهِّب، وإنما نُبيِّن ونوضح ونؤكد، (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس).

يسأله ثانياً: (ما أحب الأعمال إلى الله ?) ذكرنا بعضَها في الأسبوع الفائت، واليوم جواب آخر وأعمال أخرى. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أحب الأعمال إلى الله) لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم أحب الأعمال إلى الله كثرة الصلاة، مع كل الإجلال والتقدير للصلاة وكثرتها، فهي من أحب الأعمال كما ذكرنا في الأسبوع الفائت، لكنها ليست الوحيدة، (أحب الأعمال إلى الله سرورٌ تُدخله على مسلم)، وَيْحَ المسلمين اليوم، هل يُدخِلون السُّرور على بعضهم أم يُدخِلون الرُّعب والخوف والعنف ?! أصبح بعضُ شبابنا حينما تذكُر أمامهم الإسلام يكادون يرتجفون وكأنهم أوشكوا أن يَقعوا في عَتبة الرُّعب لأنهم يرون من بعض المسلمين - وللأسف الشديد - يرون منهم ترويعاً، يرون منهم تنفيراً، يرون منهم تعسيراً، يرون منهم عدم وضوح، يرون منهم غموضاً. أحب الأعمال إلى الله إدخال السرور، فما بالك بمن يُدخل الخوف ?! ما بالك بمن يُدخل الرُّعب ?! ما بالك بمن يُدخل القسوة ?! ما بالك بمن يُدخل الشِّدة ?! (لا يَحِلُّ لمسلمٍ أن يُروِّعَ مُسلماً)، كم عانينا من ترويع المسلمين بعضِهم بعضاً، إدخالُ سُرورٍ (سرور تدخله على مسلم)، أحبُّ الأعمال إلى الله، وقال النبي صلى الله عليه وسلم وتابع ليقول بعضاً من تجليات هذا السُّرور ومن أشكال هذا السُّرور، قال: (أحبُّ الأعمال إلى الله سرورٌ تدخله على مسلم، أو تكشِفُ عنه كُربة). كُلُّنا يقول بأننا نعيش كُرَباً، فما بالنا لا نكشِفُ عن أخينا أو عن إخوتنا الذين ألمت بهم هذه الكُرَب وهو بمقدورنا، ما بالنا لا نكشف عنهم الكُرَب، والأمر بيدنا وبمقدورنا، (أو تكشفُ عنه كُربة، أو تقضي عنه دَيْناً، أو تَطردُ عنه جُوعاً)، هذا كلام نبيكم يا إخوة عليه الصلاة والسلام، هذا كلام المصطفى المجتبى، مُعلِّم الإنسانية، (أو تطردُ عنه جوعاً)، (واللهِ لا يُؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن مَن باتَ شبعان وجاره إلى جانبه جائع وهو يعلم) ربما قال بعضهم: أنا لا أعلم، وهو يعلم، أي عنده قوةُ العلم، يستطيعُ أن يعلم لكنه تكاسل فلم يَعلم، (والله لا يُؤمن)، (أو تطردُ عنه جُوعاً)، ولأَن، هكذا يقول النبي الأعظم سيد الناس: (ولأَن أمشي في حاجةِ أخٍ لي) أمشي في حاجةٍ من أجل أن أقضيها له، (ولأَن أمشي في حاجةِ أخٍ لي أحبُّ إليَّ من أن أعتكف في مسجدي هذا شهراً) في مسجد المدينة، في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم. (ولأن أمشي في حاجة أخٍ لي أحبُّ إليَّ من أن أعتكف في مسجدي هذا شهراً، ومَن كَتَم غضبه سَتَرَ الله عَورته)، وما لي لا أرى إلا الغضبَ يتفشَّى فينا، وكُلُّنا غاضب، حتى وصلَ الأمرُ بأن غَضبنا على الله، وغَضبنا على قَدَرِه، وغَضِبنا على قَضائه، (ومَن كتم غضبه سَتَر الله عورته)، (ومن كظم غيظه)، وليسمع الناس كافةً على اختلاف مناصبهم ووظائفهم، في أيِّ مكان كانوا، في أيِّ وظيفة وُجدوا، في أيِّ شريحةٍ نبتوا، (ومن كَظَم غيظه ملأَ اللهُ قلبه يوم القيامة رجاءً، وإنَّ سوء الخُلُق)، واسمعوا يا أيها المسلمون، يا أتباع صاحب الخُلُق العظيم، (وإن سوء الخلق يُفسِدُ العمل) ولو كان العمل صالحاً، (وإن سوء الخلق يُفسِد العمل كما يُفسِدُ العَسَلَ الخَلُّ).

هذه أحب الأعمال، أو من أحب الأعمال إلى الله عز وجل، فأين نحن منها ? أين نحن من تكاتفنا ? أين نحن من تيسيرنا لأمورنا ? أين نحن من قضاء حوائج بعضنا ? أين نحن من كتم غضبنا ? أين نحن من كظم غيظنا ? أين نحن من هذه الأعمال ? أناشدكم الله، ولا أريد أكثر من ذلك، أناشدكم الله أن تنظروا صفحاتِكم التي قلبتموها، أن تنظر صفحة الأمس، أن تنظر إليها اليوم، أن تُعيد النظر إليها، هل ملأتها بأحبِّ الأعمال، هل ملأتَها بأفضل الأعمال، هل ملأتها بعمل صالح، يَكتَنِفُه خُلُقٌ حَسَن ? إذاً اشكُرِ اللهَ عزَّ وجل، وسَلْهُ الزِّيادة، وإلا فَكِّر وأعِد النظر بإسلامك، بإيمانك، بدينك، وإنا لواثقون أن مَن قصد الله عزَّ وجل صادقاً وفَّقه الله لكل مَكرُمة، اللهم وفِّقنا من أجل أن نقوم بالأعمال التي تُحبُّها، بل التي هي الأحبُّ إليك يا ربَّ العالمين، نِعْمَ مَنْ يُسأَلُ أنت، ونِعْمَ النَّصيرُ أنت، أقولُ هذا القول وأستغفر الله.

ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السلام بحلب الجديدة بتاريخ 6/1/2023

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/hU2xOTdo6L/

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

التعليقات

شاركنا بتعليق