ها هي الأيام فعلاً
تُداول بين الناس فيوم للإنسان وآخر عليه ، وما أظن أن المراد باليوم يومٌ
معهودٌ ، ولكن اليوم فترة وعهد وحقيقة تطول وتقصر ، فقد يكون اليوم الذي لك
سنوات ، وقد يكون ذاك الذي عليك أسابيع أو شهوراً ، وذلك مرهون بقدرة
التداول ، أو بالأحرى باقتدارك على تداول مظروف الزمن من أحداث ، وأعني
بالتداول : معرفة توجيه الأحداث وتوجيهها فعلاً لتصب في غاياتك وأهدافك
المرسومة والموسومة قبلاً .
وعلى هذا فاليوم الذي لنا - نحن المسلمون - غادَرَنا منذ أن ضَعُفنا عن
تسيير دفة الأحداث باتجاه الحق المعلن عنه من قبلنا ، وها هو " اليوم "
يتأرجح بين أناس غيرنا يتناوبون عليه مداولة هنا وهناك ، و " هنا " أقصد
بها الغرب ، و " هناك " أعني بها الشرق الذي ليس إيّانا ، على أن الاعتراف
، ضروري فقد تحكم باليوم " الغرب " المتقدم على ذيّاك الشرق في مضمار
التقنية الشاملة والحرية ، وهذا يعني أن هذين الأمرين وأؤكد عليهما "
التقنية الشاملة والحرية الممزوجة بالكرامة الإنسانية " هما سر امتلاك زمام
مداولة الأيام ، فمن تمكن منهما طال يومه الذي له ، ومن ضعف فيهما وعنهما
فقد ساهم في تقصير يومه وتطويل ذاك الذي عليه ، (
وتلك الأيام نداولها
بين الناس ) بتكليف الناس بالقيام والسعي من أجل امتلاك آليات المداولة ،
وإلا فهيهات أن يكون اليوم يومك الإيجابي من فعل غيرك ، وهيهات أن يكون
يومك السلبي كذلك ( ولا يظلم ربك أحداً ).
د. محمود عكام
30/6/2002
التعليقات