آخر تحديث: الجمعة 29 مارس 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
أَركَانُ تَعظيم القُرآن الكَريم

أَركَانُ تَعظيم القُرآن الكَريم

تاريخ الإضافة: 2023/01/21 | عدد المشاهدات: 311

 

مَّا بعد، فيا أيُّها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

لقد ركَّز اللهُ وثبَّت في داخلك دوافع كثيرة، وعِلم الاجتماع يقول بأنَّ عندَ الإنسان دوافع، ومن جُملة هذه الدوافع دافع التعظيم، قُل لي مَنْ تُعَظِّم أَقُل لكَ مَن أنت. أعتقدُ أنَّ شبابنا اليوم يُدخَلُ عليهم من أجلِ تشويه دَواخلهم ومن أجل بَرمجتهم وِفقَ ما لا يُرضي اللهَ عزَّ وجل، يُدخَلُ عليهم من خِلال هذا الدَّافع، فانظروا إليهم مَن يُعظمون، ومَن يقدسون، ومن يُكبِرون ؟ لا أريدُ أن أتكلَّم عن واقعٍ مَرير ولكن أقول: انتبهوا لأولادكم وطلابكم، انتبهوا لتلك القضية فهُنالك مُحاولة من استعمارٍ خبيث ومن أيدٍ ماكرة تريدً أن تَحرِفَ أولادنا عن الجادَّة الصَّحيحة الصَّائبة من خلال هذا الدَّافع. اليوم يُعَظَّمُ الفَن، ونحن لسنا ضد الفن، ولكن الفن لا يُعظَّم، اليوم تُعظَّم الرياضة، ونحن لسنا ضد الرياضة ولكن الرياضة لا تُعظم، إذاً: من الذي يُعظَّم ؟ أقول لكم: (ومَن يُعَظِّم شَعائِرَ اللهِ فإنَّها مِن تقوى القُلوب) عَظِّموا شعائر الله، عَظِّموا اللهَ وعَظِّموا شَعائره، ولعلَّ أهم شعيرةٍ من شعائر الله هي (القرآن الكريم)، فهل أنت تُعظِّم وتُجِلُّ وتُكبِر وتُقدِّس القرآن الكريم ؟ ستقولُ لي: كيفَ يكونُ التَّعظيم ؟! أقول لك فيما يتعلق بالقرآن الكريم كيفَ تُعظِّمه. 

أولاً: أن تعتقدَ بأنَّه كلام الله لا ريب في ذلك ولا شك: (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين)، (وبالحقِّ أنزلناه وبالحق نزل)، (إنا أنزلناهُ قرآناً عربياً)، (الحمدُ لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عِوجاً)، أن تعتقدَ بأنَّ القرآن الكريم هو كلام الله، وأن لا يُخالطك أدنى شك في ذلك، هو حبل الله المتين، هو كلام الله من دون تردد ولا ريب، هذا أول دعائم وأركان التعظيم.

ثانياً: أن تُحِلَّ حَلاله وأن تُحرِّم حَرامه، واحفظ هذا وضَعه في ذهنك، ولهذا قال المصطفى صلى الله عليه وسلم لسيدنا حذيفة: (يا حُذيفة عليك بكتاب الله فتعلَّمه واتَّبع حَلاله) وكررها ثلاثاً.

ثالثاً: أن تُكثر من قراءته وأن تحفظَ شيئاً منه، (اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه) اقرأ القرآن أيها الشاب، وأيها الرجل، وأيها المسلم، اقرأ القرآن، بل أكثر من قراءة القرآن الكريم واجعل لك حِصَّةً في كل يوم تخصصها لقراءة القرآن واحفظ شيئاً من القرآن لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إنَّ الذي ليس في جَوفِه شيء من القرآن كالبيت الخَرِب).

رابعاً: الخشوع: وأنت تقرأ وتسمع القرآن، والخشوع يعني أن تتدبر وتفكر وتشعر بلذة المناجاة، فعندما تقرأ القرآن فإنَّ الله هو الذي يُكلِّمك لتشعر بالصفاء والنقاء، لتشعر بالشَّفافية، لتدمَع عيناك دموع فرح وليست كل الدموع دموع حزن، وإنما الدموع هنا دموع سُرورٍ بالله وسعادة بمرضاة الله عز وجل

رُبَّ دَمعٍ يَنسَابُ إِثر سُرورٍ ......... كاللآلي عَلى الخُدود تَهَامى

الخشوع، اخشع وأنت تقرأ القرآن الكريم، وإياك أن تقرأ القرآن الكريم وقلبك غافل، وعينك شاردة، وإرادتك لا تُعمَّق في فهم هذا الكتاب الأكرم، حدَّثتكم مرة وأُعيد هذه القصة، هناك رجل فيلسوف من بلاد السِّند والهند يعرفه جُلُّكُم يُدعَى "محمد إقبال" يقول هذا الرجل: كنتُ أقرأ القرآن الكريم ويمرُّ عليَّ والدي يقول لي: يا ولدي اقرأ القرآن الكريم، أقول له: وها أنا يا أبت أقرأ القرآن، ويمر في اليوم التالي فيقول لي: يا ولدي اقرأ القرآن الكريم، فأقول له: أنا أقرأ، فيقولُ لي في اليوم الثالث: يا بني، وأنا أنقل لكم هذه الكلمة وأوجهها لكم، يا بني لن تكون قارئاً للقرآن الكريم إلا إذا قرأتَه وكأنه عليك قد أنزل. أنتَ المخاطب عندما تقرأ القرآن الكريم والله يخاطبك فأنت المعنيُّ بهذا الخطاب. لما يقول الله عز وجل في أي آية من آيات القرآن الكريم: (اقرأ) فاقرأ أنت، واجعل نفسَك المخاطَب، لما يقول ربي عز وجل (أنفقوا) فأنت المعني، لما يقول ربي عزَّ وجل (وأقيموا الصلاة)، (وجاهدوا) أنت المخاطَب، (وقاتلوا) أنت المخاطَب، (واعلموا) أنت المخاطَب، وهكذا دواليك، إن فعلتَ هذا فأنت قارئٌ فعلاً للقرآن الكريم.

في النهاية يقول الحسن البصري رضي الله عنه وقد وقف خطيباً أمام جَمهرةٍ من الناس، وأسألُ اللهَ أن نكون كأولئك الذين كانوا مع الحسن البصري، قال لهم: "أيها الناس إن القرآنَ الكريم شِفاء المؤمنين، وإمام المتقين، من اهتَدى به هُدِي، ومن صُرِفَ عنه شَقِي وابتُلي"، فيا إخوتي عَظِّموا القرآن الكريم، أيها الآباء، أيها المعلمون، أيها المسؤولون ، أيها الباحثون، أيها الصانعون، أيها التجار عظموا القرآن الكريم، فمن دون تعظيم القرآن الكريم لن نكون أتقياء، وإذا لم نكن أتقياء فنحن أشقياء، اللهم إني أسألك بحق أسمائك الحسنى أن تجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا وغمومنا يا ربَّ العالمين، نِعْمَ مَن يُسأل أنت، ونِعْمَ النَّصيرُ أنت، أقولُ هذا القول وأستغفر الله.

ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السلام بحلب الجديدة بتاريخ 20/1/2023

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/iawGJJKDKD/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

التعليقات

شاركنا بتعليق