آخر تحديث: السبت 27 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
العمل الصالح في عشر ذي الحجة

العمل الصالح في عشر ذي الحجة

تاريخ الإضافة: 2023/06/16 | عدد المشاهدات: 275

أمَّا بعد، فيا أيها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

نحن نتقلَّبُ من حيث الزمان في أيام فضيلة، في أيام الشَّهر الحرام، وستأتينا أيامٌ أفضل بعد أيام قليلة أو بعد مسافةٍ زمنية قليلة، ستأتينا أيام العشر، العشر الأوائل من ذي الحجة، وقد قال ربي عَزَّ وجَل: (والفجرِ. وليالٍ عشر. والشَّفعِ والوتر. والليلِ إذا يَسر. هل في ذلك قسمٌ لذي حِجر) والشفع والوتر، ما المقصود بالشَّفع والوتر والليالي العشر التي وَردت في هذه السُّورة التي ذكرنا أولها قال عليه الصلاة والسلام كما جاء في الحديث: (ألا إن العشر) أي عشر ليالٍ (ألا إنَّ العشرَ عشرُ النَّحر) عشرُ ذي الحجة (ألا إنَّ العشرَ عشرُ النَّحر، والشفع يوم النحر، والوتر يوم عرفة) باعتباره اليوم التاسع، هكذا قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن تفسير هذه الآية، (ألا إن العشر عشر النحر، ألا إن الوتر يوم عرفة، ألا إن الشفع يوم النحر) فماذا عليك وأنت تنتظر هذه الأيام، فإن داهمتك وجاءتك فما الذي ستفعله ? جاء الحديث الشريف المعروف المشهور ليقولَ لك: اعمل في هذه الأيام عملاً صالحاً: (ما من أيامٍ) هكذا قال النبي الأعظم (ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه) أي من هذه الأيام، من أيام العشر، (ما من أيامٍ العملُ الصَّالحُ فيها أحب إلى الله من هذه الأيام) قال رجل للمصطفى صلى الله عليه وسلم: ولا الجهاد في سبيل الله ? (قال: ولا الجهادُ في سبيل الله) أي العمل الصالح في هذه الأيام أفضل من الجهاد في غيرها، (قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) من عمل صالحاً في هذه الأيام أفضل من الذي جاهد في غيرها، ويُفُوقه المجاهد إن كان قد خرج بنفسه وماله فاستُشهد وقدَّم مالَه في سبيل الله. العملُ الصَّالح في هذه الأيام شأنٌ عظيم وعملٌ عظيم وفوزٌ عظيم وأمرٌ يكادُ يفوقُ حَدَّ التَّصور من حيث الأجر ومن حيث الثواب، لكن السؤال الذي يُطرَح: ما العملُ الصالح الذي يجب أن تقوم به وأن تعمَلَه ؟ في رأيي: ليسَ العمل المراد أن تعمل صالحاً العملَ الصالحَ المعتاد، كثيرون أولئك الذين ينتظرون هذه الأيام الفضيلة ليصوموا وليصلوا وهذا أمر جيد وعمل صالح، لكنني أقول لكم باعتبار أن هذه الأيام أيام فُضلى أي أفضل، فعليك أن تسعى لعمل صالح أفضل، ما العمل الصالح الأفضل ? سأل رجلٌ النبي عليه الصلاة والسلام عن أفضل الأعمال، كان الجواب :(أفضل الأعمال) ولعلكم تستغربون (أفضل الأعمال إدخال السرور على المسلم) رواياتٌ كثيرة حول هذا المعنى: إدخال السرور على المسلم، على المؤمن، كيف أدخل السرور على المسلم ? الروايات جاءت مُتعددة إن جمعنا بينها فالكلام كالتالي: (كيف أدخل السرور على المسلم ? تسترُ عَورته)، اسمعوا أيها المؤمنون ماذا تفعلون وأنتم تصومون وتصلون وتظنون أنكم تعملون عملاً صالحاً بَيْدَ أن العمل الأصلح في غفلةٍ عنه، عنه في غفلةٍ نحنُ نَسْدُر وأنتم سادرون، (تسترُ عورته) وأُراني اليوم أتحدثُ عَمَّن يكشِف عورة الناس، (تستر عورته، تُشبِعُ جَوْعته) فَتِّش عن الجائع، عن جارك عن قريبك، عن مواطنك، (تُشبِعُ جَوْعته، تَقضي حاجته، تكشف كُربته) كم من مكروبٍ حَولك وأنت لا تراه، أو تتعمَّدُ أن لا تراه، كم من مكروبٍ يحتاجُ إلى كشف كربة وأنت قادرٌ على أن تكشف عنه كربته، لكنك لا تفعل. (تَطرُدُ عنه جَزَعاً) أي تطرد خوفاً عنه، لكننا بالعكس يُخيفُ بعضُنا بعضاً، (تقضي عنه ديناً) هكذا قال النبي، أفضل الأعمال إدخال السرور على المسلم، وبَيَّن كيف تُدخِلُ السُّرور، لم يَترك الأمر مُبهَماً ولا خَفيَّاً ولا غير واضح، ولكنه بَيَّن لك كيف تُدخِلُ السُّرور، وهو أفضل الأعمال على المسلم، على المؤمن، على القريب، على الجار، وقد ذكرتُ لكم: (تَقضي عنه دَيْناً) كم من غَارمٍ اليوم ولا يَجِدُ مَن يقضي عنه دَيناً، والحُجةُ التي عند هذا الذي لا يَقضي الدَين وهو يملك قضاء دَيْنِ آخر، عن غارم حُجَّته أن الحال صعبة، وأن الدنيا الآن تضربنا بنار الغَلاء ونار الشدة، لكنك تملك، أنت تملك، أين أنت من قوله تعالى: (إنما المؤمنون إخوة) أين أنت من قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) أين أين أنت أيها الإنسان المسلم ؟ العمل الصالح في هذه الأيام إدخال السرور على المسلم، على المؤمن، ويتوج هذا الإدخال بالأضحية، ولا تقل لي أيها الإنسان المقتدر، لا تقل لي بأن الغلاء استفحل فأنت تملك ما تُضحِّي، انت تملك ثمن الأضحية، الأضحية غالية صحيح، لكنك تملك ثمنها أيها التاجر، أيها الغني، أيها الإنسان تطلبُ من ربِّك أن يُرْخِص لك الأضحية وأن يُغنيك أكثر وأكثر، عَجَباً لك أيها الإنسان، تريد من الله عز وجل أن يعطيك أكثر مما يجب أن تنفق أضعافاً مُضاعفة، بل تشترط على الله أنك لن تتصدق أو لن تعطي حتى تضمن أنه سيرزقك الأضعاف المضاعفة ! أيها المؤمن: أين إيمانك بربك ?! حدِّثني عن إيمانك الذي في داخلك والذي تتحدَّثُ عنه، والذي تتحدث عن آثاره على جوارحك، أين آثار الإيمان عليك ? إدخال السُّرور يُتوَّج بالأضحية: (مَن وَجَد سَعةً ولم يُضحِّي فلا يقربَنَّ مُصلانا)، يقول أيضاً عليه الصلاة والسلام: (إنَّ على أهلِ كُلِّ بيت أُضحية)، وأنتَ أيها الإنسان، أيها المسؤول، أيها الأب، أيها الزَّوج مسؤولٌ عن هذه السُّنة المؤكدة، قال الفقهاء: الأضحية سُنَّةٌ مؤكدة، وقال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه: إنها واجبة، وأنا أقول: إنها حَقٌّ في مالك، حق أخوي في مالك ويندرج هذا تحت ما أسميناه أو ما تحدثنا عنه بإدخال السرور على المسلم. اسعوا يا إخوتي في هذه الأيام لإدخال السرور، فقد أدخلنا على بعضنا، أدخلنا على قلوب بعضنا أياماً كثيرة، أدخلنا على بعضنا الحزن والشدة والخوف والرعب، أدخلنا على جيراننا الأسى والعذاب والضَّنك، أدخلنا على بلدنا الخراب والدمار، أدخلنا على أنفسنا الضيق والضَّنك والرعب والخوف من المستقبل والتشاؤم، كفانا. أدخلوا السرور على أنفسكم، وأدخلوا السرور على إخوانكم، وأدخلوا السرور على وطنكم، وأدخلوا السرور على بلدكم، وأدخلوا السرور على أُسركم، وأدخلوا السرور على كلِّ مَن تلقونه ولو بِبَسمة، ولو بطَلاقة وَجه، ولو بكلمة طيبة كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم. اللهمَّ تقبَّل منا ما كان صالحاً، وأصلح منا ما كان فاسداً، وأصلحنا ظاهراً وباطناً يا ربَّ العالمين، نِعمَ مَن يُسأل أنت، ونِعْمَ النَّصيرُ أنت، أقولُ هذا القول وأستغفِرُ الله.

ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السلام بحلب الجديدة بتاريخ 16/6/2023

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/lc1IvRPOcf/

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

التعليقات

شاركنا بتعليق