آخر تحديث: السبت 27 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
نصيحة لإزالة الشَّدائد عنَّا

نصيحة لإزالة الشَّدائد عنَّا

تاريخ الإضافة: 2023/07/30 | عدد المشاهدات: 256

أمَّا بعد، فيا أيها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

وسيلةٌ إعلامية طلبت مني أن أوجِّه كلمة في هذه الأيام الصعبة، في هذه الأيام الشديدة. قلتُ لهذه الوسيلة: سأكتفي بكلمةٍ واحدة أقولها للإخوة، أقولها للناس، أقولها للشعب، أقولها للمواطنين، أقولها لكل فردٍ من أفراد هذا البلد الحبيب في أيِّ مُستوى كان هذا الفرد، أتوجه إلى الجميع قائلاً: تراحموا يا عباد الله، وليرحم كُلٌّ منا الآخر، وليرحم بعضُنا بعضَاً، وليرحم جميعُنا جميعَنا، وليرحم التاجر زبائنه، وليرحم صاحبُ المصنع عُمَّاله، وليرحم الضابط جنوده، وليرحم الأستاذ طلابه، وليرحم الطلاب أساتيذهم، وليرحم الرجل أسرته، ولترحم الأسرة ربها، رَبَّ هذه الأسرة، وليرحم الزوجُ زوجتَه، ولترحم الزوجة زوجَها، وليرحم المسؤولون مَنْ هم مسؤولٌ عنهم، فليرحمِ الجميعُ الجميعَ، وإلا يا إخوتي لا خَلاصَ لنا من هذا الذي ألمَّ بنا ولو صُمنا وصَلَّينا واستغفرنا، لأن النبي عليه الصلاة والسلام بكلِّ وضوح قالها: (الرَّاحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا مَنْ في الأرض يرحَمُكم (ويرحَمْكم) مَن في السَّماء) قاعدةٌ قَعَّدها المصطفى الرَّحيم بأمته صلواتُ الله وسلاماته عليه، الرسول صلى الله عليه وسلم أعلن عن نفسه، وكلكم يعلم هذا، أعلن عن نفسه بأنه رحمة (إنَّما أنا رحمةٌ مُهدَاة) فإذا لم تكن رحيماً فلا وُجودَ لك تحت هذه الراية، تحت راية الرَّحمة المهداة حتى ولو ادَّعيتَ ذلك، حتى ولو - كما قلت - لك صُمتَ وصلَّيت، الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (مَن لا يَرحَم من لا يُرحَم، لا يَرحمُ الله من لا يرحم الناس) انظر هل أنت ترحم جارك، هل أنت ترحم وطنك، هل أنت ترحم بلدك، هل أنت ترحم مَنْ حولك، هل أنت ترحم الحيوان، هل أنت ترحم الجماد، (من لا يَرحَم لا يُرحَم، لا يَرحَمُ اللهُ مَن لا يَرحمُ النَّاس) هكذا قال سيدُ الناس، سيدُ الرحماء:

وإذا رحمتَ فأنتَ أمٌّ أو أبٌ             هذان في الدُّنيا هما الرحماءُ

يا إخوتي القضيةُ واضحة، لو سألتُ صغيرَكم وكبيرَكم، عالمكم وجاهلكم، هل يمكن أن نَصِفَ مجتمعنا اليوم، قولوا      لي بربِّكم الذي في صدوركم، حدثوني عما في صدوركم، هل يُطلَقُ على مجتمعنا مجتمع الرحمة، وهل نحن أمة متراحمة، وهل يرحمُ بعضُنا بعضاً، سَلُوا شوارعكم سَلُوا أسواقكم سَلُوا مدارسكم سَلُوا مصانعكم سَلُوا ثُكناتكم سَلُوا كُلَّ الأماكن التي تحلُّون بها، لقد نُزِعَت الرحمةُ من صدورنا تجاه بعضنا، وبالتالي كيف يفيض ربُّنا من رحمته على مَن عصوه في اتباع في سلوك طريق الرحمة ? (إنَّما أنا رحمةٌ مُهداة)، (كَتَبَ ربُّكم على نفسه الرحمة) قال عليه الصلاة والسلام: (لا يَدخلُ الجنة الجنة إلا رحيم) قال بعض الصحابة رضي الله عنهم: يا رسولَ الله كُلُّنا رحيم !! فقال النبيُّ، وركِّزوا على هذا يا إخوتي، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس رحمةَ أحدكم نفسه وأهله) لا أتكلم عن رحمة أحدكم لنفسه واهله، (ليس رحمةَ أحدكم نفسَه وأهله، ولكن رحمةُ العامَّة) عليكَ أن ترحمَ النَّاسَ كُلَّهم، أفيجوز يا إخوتي، أفيجوز يا إخوتي أن نستنكر على الآخرين، على الأعداء عدمَ رحمتهم بنا، ثم بعد ذلك يأتي بعضنا ليعلن القسوة والشدة علينا وهو منا ونحن منه، يقتلُ ويضربُ ويسُبُّ ويشتُم ويرفعُ الاسعار ويضربُ الضَّرائب ويتكلم في الأعراض وينهش الأعراض، ثم بعد ذلك يتكلم عن عدوٍ لَدود يتربص بنا الدوائر، لا شك بأنَّ هذا العدو لن تكونَ قوياً عليه إلا إذا كنتَ ضعيفاً على المسلمين، (فسوف يأتي اللهُ بقومٍ يُحبُّهم ويحبونه أذلةٍ على المؤمنين) أذلة على كلِّ المؤمنين من غيرِ انتقاء، نحن ننتقي ونرحم، نحن ننتقي هذا من مذهبنا إذاً نرحمه، ذاك ليس من مذهبنا إذاً لن نرحمه، (لا يدخلُ الجنة إلا رحيم، كُلُّنا رحيم يا رسول الله ! ليس رحمةَ أحدكم نفسه وأهله، ولكن رحمة العامة) أتدرون كيف مدحَ ربُّنا جَلَّت قدرته أصحاب المصطفى عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهم ؟ (محمدٌ رسولُ الله والذين معه أشداء على الكفار رحماءُ بينهم) فهل أنتم أشداء على أعداءِ الله ? أعتقد بأنَّ ذلك غير صحيح لأننا لسنا رحماء فيما بيننا، لا يمكن أن نكون أشداء على الكفار إلا اذا كنا رحماء فيما بيننا. افهموها يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام، أصبح الواحد يخافُ من الآخر حتى ولو صليا معاً في نفس المسجد، حتى ولو سكنا معاً في نفس الحي، حتى ولو درسا معاً في نفس المدرسة، حتى ولو عاشا معاً في نفس المدينة، أفيجوزُ هذا ? أبعد هذا نقول كيف تزول الشدائد عنا ? أمرُ إزالة الشَّدائد بأيديكم أنتم، لأنَّ ذلك وعدٌ من الله على لسان رسوله عليه الصلاة والسلام: (ارحموا مَنْ في الأرض يرحمكم مَن في السماء). أخيراً: قال عليه قال عليه الصلاة والسلام عن رَبِّ العزة جَلَّت قُدرته في الحديث القدسي كما يروي الطبراني: (اطلبوا الخير) أتريدُ الخير، أتريدُ الخيرَ تسعى من أجله. (اطلبوا الخير عند الرحماء تعيشوا في أكنافهم). اللهم عيشاً في أكناف الرحماء، اللهم حَوِّل شدَّتنا فيما بيننا إلى رحمةٍ نعيشها يا ربَّ العالمين، اللهم اجعلنا نرحمُ بعضُنا بعضاً، اللهم اجعلنا من الراحمين الذين وعدتهم بالرحمة من عندك يا أرحم الراحمين، وأدخلنا في رحمتك وأنت ارحم الراحمين، نِعمَ مَن يُسأل ربنا، ونِعْمَ النَّصيرُ إلهنا، أقولُ هذا القول وأستغفِرُ الله.

ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السلام بحلب الجديدة بتاريخ 28/7/2023

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/m63VPKdVbj/ 

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg


التعليقات

شاركنا بتعليق