آخر تحديث: السبت 27 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
واجباتنا تجاه مَسَارِ الحقِّ وأهله

واجباتنا تجاه مَسَارِ الحقِّ وأهله

تاريخ الإضافة: 2023/10/20 | عدد المشاهدات: 246

أمَّا بعد، فيا أيُّها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

هناك مَساران في هذه الدُّنيا خَيرٌ وشَر، حَقٌّ وباطل، فانظر في أيِّ المسارين أنت ? هل أنت في مَسارِ الخيرِ والحق، أم أنت في مسار الباطل والشر ؟ ربما تقول لي وكيف أعرف ذلك ? أقول: لقد كرَّمك الله ورحمك وأعطاك المعيار، والمعيار هو إن وجدت نفسك في خط الأنبياء الذين هم رُسُل الله عز وجل فاعلم أنك في خط الخير والحق، وإن وجدت نفسك في الخط الآخر، في خط المعاداة للأنبياء والمرسلين فاعلم وبكل تأكيد بأنك في خط الشر والباطل. أقول لك أنت أيها المسلم هنا في سورية: هل أنت على خط الأنبياء وعلى خطِّ سيِّدهم وقائدِهم محمد عليه الصلاة والسلام ? ستقولُ لي: أنا أقول دائماً وأردد: (أشهدُ أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمداً رسول الله، آمنتُ بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبالقرآن كتاباً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً) حسناً، إذاً أنت في خطِّ الخير والحق، فابحث عن أولئك الذين في خطِّك، فإذا رأيتَ هؤلاء الذين هم في خطك فما الواجب عليكم جميعاً أنتم يا من تقولون بأنكم في خطِّ الخير والحق ? الواجب عليكم يا هؤلاء ما يأتي:

أولاً: أن لا تتنازعوا، وأن لا تختلفوا فيما بينكم، (ولا تَنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) لا تَختلفوا، هكذا قال نبيُّنا عليه الصَّلاة والسلام الذي نحن في خطه، (لا تختلفوا، فإنَّ مَن كان قبلكم اختلفوا فهلكوا) الواجب إذاً على أهل الحق والخير أن لا يتنازعوا.

ثانياً: الواجب عليهم التمسُّك والتماسك: التمسُّك يعني الاتباع، والتَّماسك يعني الاجتماع، وهذا مأخوذ من قول الله عز وجل: (واعتصموا) أي تمسَّكوا (واعتصموا بحبلِ الله جميعاً) أي اجتمعوا وكونوا كالبنيان المرصوص يَشُدُّ بعضُه بعضاً، (المؤمنُ للمؤمن كالبُنيان المرصوص يَشُدُّ بعضُه بعضاً) التمسُّك والتَّماسك، الاتباع والاجتماع، فهل أنتَ، وأنت الذي قلتَ عن نفسك بأنك في خطِّ النبيِّ الأعظم، هل أنت مُتَّبع أم مُدَّعٍ ? ربما كُنتَ مُدَّعياً، فهل أنت متبع ومجتمع مع إخوانك الذين يُماثلونك ويشابهونك ويقاربونك ؟ أعتقد أنَّ هذه النقطة فيها إشكالية من حيث تطبيقنا لها. نحن من حيث التمسُّك أظن أنَّ هنالك إشكالية في انطباق التمسُّك علينا، ومن حيث التَّماسك أيضاً إشكالية أكبر من حيث تطبيقنا لها، لأننا مختلفون، لأننا نتقاتل، لأنَّ الواحد منا لا يُقاتل أهل الشر، بل يقاتل أهل الخير، المسلمُ الآن يُقاتِلُ المسلم، والأحداث التي مَرَّت كفيلةٌ بالشَّرح، كفيلة بالتوضيح، المتماسكون المفروض أن يكون هؤلاء متماسكين، المتماسكون يتقاتلون، أتباعُ خَطِّ الرحمة، خطِّ الخير، خط الحق يتقاتلون فيما بينهم، ولا يُقاتل هؤلاء أهل الشر الذين سنتحدَّثُ عنهم. لذلك يا إخوتي فكِّروا مَلِيَّاً في هذا الذي قلتم، أنتم تقولون عن أنفسكم بأنكم في خطِّ الخير والحق، لا تنازعوا، تمسَّكوا، تماسكوا، وأظنُّ أن هذا الأمر غير مُحَقَّق بشكلٍ مطلوب أو بالشكل المطلوب.

الأمر الثالث: ينبغي أن نُعِدَّ لمواجهةِ الشَّر وأهلِه، الإعداد الإيماني أن يكون الواحدُ منا مُؤمناً حَقَّاً، فإذا كانَ مُؤمناً بالله حَقَّاً كانَ قوياً، وإذا كانَ قوياً كانَ قوياً على الباطل وليس قوياً على أهل الحق الذين معه، واذا كان قوياً على أهل الباطل قاتَلَهم من أجل أن تكون كلمةُ اللهِ هي العُليا، وليسَ من أجل أمرٍ آخر على الإطلاق، الإعداد الإيماني الذي هو الإخلاص. وقلتُ لكم مرة: جاءَ رجلٌ إلى سيدنا سعد بن أبي وقاص فقال له: لماذا تمنعنا عن مقاتلة هؤلاء، ألم يَقُل اللهُ عَزَّ وجَلَّ: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة) ؟ قال: أنتم لا تقاتلون حتى لا تكون فِتنة، وإنما تقاتلون حتى تكونَ فِتنة. وهذا واقعنا اليوم، نُقاتِل حتى تكون فتنة، لأننا لا نقاتل الباطلَ وأهلَه، وإنما نقاتل أهل الحق لاختلافهم في الرأي معنا. لذلك أعود فأقول: الإعداد الإيماني، والإعداد النَّفسي، والإعداد المادِّي. ينبغي أن نُعِدَّ الأمر إعداداً: (وأعِدُّوا لهم ما استطعتم من قوةٍ ومن رباط الخيل) هذا هو الإعداد المادي، إعداد القوة.

الأمر الرابع والأخير: التَّناصح فيما بين أهل الحق والتَّشاور، ديننا قائمٌ على النصيحة، (الدِّين النَّصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله ? قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) هل نحن نتناصح يا من ندَّعي بأننا من أهل الحق والخير ? هل نحن نتناصح ? هل نتشاور ? هل يُؤخَذُ رأينا ? أعتقد أنَّ القضية في هذا الأمر تحتاج إلى إعادة نظر من أجل أن نكون مُتحقِّقين بكوننا من أهل الخير والحق. الواجب على أهل الخير والحق هذا الذي ذكرتُه، ومما لا شكَّ فيه - أخيراً - أنَّ أهل الباطل هم الذين يَقتُلون الأنبياء، هم الذين يَقفون في مواجهة الأنبياء، أهلُ الشر هم الذين يُعادُون الأنبياء، وهذا ينطبق على أولئك الذين يحتلون فلسطين في أيامنا هذه، هؤلاء فعلاً أهل الشر والباطل، فقاتلوهم يا أهلَ الحق والخير، لكن بالشروط التي ذكرناها، قاتلوهم، قاتلوا أولئك وأنتم تتمسَّكون، وأنتم تُطبِّقون هذه الواجبات التي ذكرنَاها، لا تَنازعوا، تمسَّكوا، تَماسكوا، أعِدُّوا، تناصَحوا، تشاوروا، قاتلوهم بعد أن تتحققوا بهذا لأن الباطل وأهله ليس لهم قوة ذاتية. عندما ينتصر أهل الباطل على أهل الحق ليس لأنهم أقوياء، ولكن لأنكم أنتم ضعفاء، لأن أهل الحق ضعفاء، الباطل لا وجودَ له على الإطلاق، وليس له قوة ذاتية، وهذا ما يجب أن نعتقده، تسألني إذاً لماذا ينتصر الباطل والشر أحياناً ? أقول لأنَّ أهل الحق ولأن أهل الخير يتخاذلون، يختلفون فيما بينهم، يتنازعون فيما بينهم، لا يتمسَّكون، لا يتماسكون، لا يُعِدُّون، لا يتناصحون، لذلك ينتصر أهل الباطل. أقول الآن للمسلمين وللعرب ولأصحاب القضية كما قلت لكم الذين هم المسلمون والعرب والفلسطينيون والشرفاء: يا هؤلاء أتريدون أن تنتصروا ؟ وسننتصر بإذن الله، أتريدون أن تنتصروا وأنتم لا شك في أنكم من أهل الحق، لكن عليكم أن تقوموا بهذه الواجباتأ أعتقد أن النصرَ قريب إذا كنا قد سَلَكنا طريقة، هذه الواجبات التي ذكرناها، وإلا يا إخوتي، وإلا القضية لا تحتاج إلى تصفيق، ولا إلى كلام طويل، ولا إلى شعارات، ولا إلى مظاهرات، ولكن إلى تطبيق (وليَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُره إن الله لقوي عزيز)، فيا ربِّ وفِّقنا من أجل أن نثبت على الحقِّ والخير، وفقنا من أجل أن نطبق واجباتنا نحن الذين التزمنا في أن نكون في هذا الخط، يا رب انصرنا بعد أن توفِّقنا لنكون على هذا الخط، انصرنا على قتلة الأنبياء، على الصهاينة المجرمين، وانصر إخوتنا المجاهدين في فلسطين يا ربَّ العالمين، والنصر قريبٌ إذا عقدتم النية الآن بينك وبين ربك، فقلت بينك وبين نفسك: يا رب، الآن تُبتُ إليك وسأكون مع إخوتي المسلمين، سأكون معهم مُتمسِّكاً ومتماسكاً، سأكون معهم مُؤتلفاً ومتآلفاً، سأكونُ معهم مُتعاوناً، سأكون معهم سَنَداً وسيكونون لي سَنداً، سأكون معهم ناصحاً ومُناصحاً، ولن أكون مُسافحاً ولن أكون مُسالحاً، لن أكون مُسالِحاً، إن كنا مُتسالِحين فيما بيننا فلن نَغلِب أولئك الأشرار الذين يتَّبعون الباطل، والذين يَلبسون الباطل، سأكون مع الإخوة المسلمين مُتماسكاً مُتناصحاً مُتشاوراً، هذا ما يجبُ أن نَعِيَه بشكلٍ عام، أسأل الله العظيمَ رب العرش العظيم أن ينصرنا على أعدائنا أعداء الدِّين، إن لم يوحِّدكم الإسلام فليوحِّدكم هذا العدو الشَّرس اللعين الذي لن يترك واحداً منكم وهو يقول: (لا إله الا الله محمد رسول الله) افهموها حتى ولو تقرَّبتم منه وأصبحتم إياه، فلن يَدَعكم، لأنَّكم بالنسبة له أحد أمرين: إما أن تكونوا مقتولين، وإما أن تكونوا عبيداً لهم، الان هم دَلَّلُوكم بعضَ الشيء، لكن في الحقيقة ينتظرونكم ليفترسوكم واحداً بعد الآخر، اللهمَّ اجعلنا من اليَقِظين، ونَبِّهنا يا ربِّ بتنبيهك العظيم، واجعَل كَلِمتَك هي العُليا، واجعَل القرآنَ ربيعَ قلوبنا وجَلاءَ أحزانِنا، وذَهَاب هُمومنا وغمومنا يا ربَّ العالمين، أقولُ هذا القولَ وأستغفِرُ الله.

ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السلام بحلب الجديدة بتاريخ 20/10/2023

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/nOn36MthHR/

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

التعليقات

شاركنا بتعليق