آخر تحديث: السبت 27 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
واجباتنا تجاه وطننا (فلسطين)

واجباتنا تجاه وطننا (فلسطين)

تاريخ الإضافة: 2023/10/27 | عدد المشاهدات: 296

 

أمَّا بعد، فيا أيُّها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

سألني إنسانٌ يشتغل بالصحافة ويريد جواباً مني قائلاً: لماذا يُقاتل الفلسطينيون الآن ؟ أجبته بكل بساطة: هم أولاً يقاتلون بالأصالة عن أنفسهم، ويقاتلون بالنيابة عن المسلمين الصادقين، وعن المسيحيين الأوفياء، وعن العرب أصحاب النخوة والمروءة، وعن شرفاء العالم الذين يبحثون عن العدالة والعدل. هم يُقاتلون بالأصالة عن أنفسهم وبالنيابة عن هؤلاء، أما لماذا يقاتلون ؟ يقاتلون لأنهم بهذا القتال يُؤدُّون واجبهم نحو وطنهم، لأنَّهم يُوفون بعهدهم الذي عاهدوه مع ربهم من أجل أرضهم، ومن أجل بلدهم، ومن أجل أقصاهم، ومن أجل بيت المقدس، ومن أجل مسرى الرسول ومعراجه، ومن أجل الأنبياء الذين حَلُّوا في هذه البقعة الطاهرة، من أجل أولى القبلتين، من اجل ثالث الحرمين، من أجل المكان الذي جاءه إبراهيم ويعقوب، من أجل هذا المكان الطَّاهر يُقاتلون قياماً بواجبهم نحو وطنهم، ومن أجل أن أذكِّركم أنتم، وأن أذكِّرك أنت أيها السائل بالواجبات نحو الوطن، وفلسطين وطن وأيُّما وطن، هي وطن المسلمين، ووطن العرب، ووطن الشُّرفاء، وواجبنا نحو الوطن: (حُبٌّ وَوَفاء، وبَذْلٌ وعَطَاء، وتَضحِيةٌ وفِداء) إن كنت غافلاً عن واجبك نحو وطنك، نحو الأرض التي رَعَتك ووُلِدتَ عليها وأعطتك من خيراتها، وأعطتك من ثمارها اليانعة الكثيرَ الكثير. تعالَ لنتذكَّر واجبنا نحو هذا الوطن الغالي، واجبنا نحو الوطن:

- حُبٌّ وَوَفاء: وها هو ذا سيدُ الكائنات عليه الصَّلاةُ والسَّلام، ولعلكم سمعتم هذا كثيراً ووفيراً، يقفُ أمام مكة، وقد أُخرِجَ منها، ويقولُ مَقولتَه الشَّهيرة: (إنَّكِ لخيرُ بِقاعِ الأرض، إنك لأحب بقاعِ الأرض إليَّ، ولولا أنني أُخرجتُ ما خَرجت ولا سَكنتُ غيرَك). رِواياتٌ كثيرةٌ حولَ هذا الموقف، موقف المصطفى صلى الله عليه وسلم من موطنه، من مكة المكرمة. يأتيه رجلٌ والنبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلام في المدينة، هذا الرجل اسمه "أُصَيْل الغِفاري" تسألُه السيدةُ عائشة عن مَكَّة، فيُحدِّثها عن مكة حديثاً ذا شُجون، فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم: (إِيْهاً يا أُصيل) أي قف، كفى يا أُصيل، (لقد أبكيتني) لا تُحزِنَّا يا أصيل، إقصي إإني لمكة لمشتاق. حُبٌّ ووَفاء للوطن، إني لمكةَ لمشتاق، ونحنُ لفلسطين لمشتاقون، وهي مُحرَّرة من دَنَس الصَّهاينة المجرمين، إنا لمشتاقون لبيتِ المقدس من أجل أن نُصلِّي فيه، إنا لمشتاقون من أجل أن نُهِلَّ وأن نذهب إلى العُمرة من بيت المقدس، (من أَهَلَّ بِعُمرةٍ أو بحَجٍّ من بيت المقدس غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) كما وَرَدَ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم. ألستم تقولون بأنَّكم مُشتاقون، ويقول بعضكم لبعض: سنصلِّي إن شاء الله في بيت المقدس، أتريدون أن تصلوا من غير ما مقاتلةٍ لأولئك الأثيمين البغيضين، شُذَّاذ الآفاق، هم لن يتركوكم تأتون بيتَ المقدس بالرايات البيض، هم سيقتلونكم ويقاتلونكم، لذلك هؤلاء الذين يُقاتِلون اليهودَ الإسرائيليين الصَّهاينة المجرمين يقومون بواجبهم نحو وطنهم، ونحو وطنك أنت. أنت سوري لكنك فلسطيني، لأنَّ بيت المقدس كما قلت لك رَمزٌ من رُموزِك المقدَّسة، وقد قلتُ لك بأنه ثالث الحَرَمين، وبأنَّه أولى القبلتين، أتريدُ قَدَاسةً أكثر وأقوى وأفضل من هذه القداسة ؟! وصلاةٌ في بيتِ المقدس تعدِلُ خمسَمئة صَلاة، وفي روايات كثيرة ربما كانت الصَّلاةُ في بيتِ المقدس تعدِلُ أكثر فأكثر. فيا أيها الناس: واجبنا نحو وَطننا حُبٌّ ووَفاء، وبَذلٌ وعَطاء. بذل وعطاء: علينا أن نُعطِي وطننا، علينا أن نمنعَ الأذى عنه، وأن نجعَله وطناً مُزدَهراً مُستقلاً مُستقِراً حُراً سَيِّداً، علينا أن نسعى من أجل أن نبذل كل الجهود لتحقيق هذا الأمر.

تَضحِيةٌ وفِداء: تضحيةٌ ومن دون تضحية لا يمكن أن تستعاد الأوطان، إخواننا في فلسطين جزاهم الله خيراً يُقاتلون بالنِّيابة عنَّا، يُقاتلون عَدُوّاً لَدُوداً، اجتمعَ معه واصطَفَّ معه كلُّ أشرار العالم، وكل القِوى التي تحبُّ الظلم، والتي تسعى من أجل أن يسودَ الظُّلم، لذلك: تضحيةٌ وفِداء، و: (مَن قُتِلَ دُونَ أهلِه فهو شهيد، ومَن قُتِلَ دُونَ مَالِه فهُو شهيد، ومَن قُتِلَ دُون عِرضه فهو شهيد) وهل الوطن إلا الأهل والعِرض والمال ؟! حَدَّثتكم حديثاً منذ زمن وقلتُ لكم، وهذا ما يُبرِّر لإخواننا المجاهدين قتالهم: أولاً اعتُدي عليهم، استُعمرت أرضهم، احتُلَّت أرضهم، والقضية الثانية: أنهم دُخِلَ عليهم لِيُسلَبَ مالُهم، لِيُنتَهك عِرضهم. جاءَ رجلٌ إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم وقال له: يا رسولَ الله أرأيتَ إن دَخَلَ عَليَّ رجلٌ يريدُ أخذَ مالي ؟ قال: (لا تُعطِه). لا تُعطِهِ مالك إن دخلَ عليك رجلٌ يريد أخذ مالِك، يريدُ سَلْبَ مالِك، قال: (لا تُعطِه). قال: يا رسولَ الله أرأيتَ إن قاتَلَني ؟! قال: (قاتِله) قال: أرأيتَ إن قتلتُه ? قال: (هو في النار)، قال: أرأيتَ إن قتلني ؟ قال: (فأنت شهيد). فيا إخوتي: دخلَ هذا المستعمر، دخل هذا المحتل، دخل هذا الآثم فلسطين بتشجيعٍ من القوى العظمى الباغية الطاغية، احتل أرضنا، احتل أرض الفلسطينيين، سَلَبَ المال، انتَهَك العِرض، وبأمرٍ من رسول الله عليه الصلاة والسلام نقاتله من خلال أولئك المجاهدين في فلسطين. (قاتله) قال: أرأيتَ إن قتلته ? قال: (هو في النار)، فقتلاكم أيها الصَّهاينة المجرمون، قتلاكم في النار قطعاً ومن دون شك ولا ريب، وأما قتلانا، وأما هؤلاء الذين يُدافعون عن عِرضهم وعن شرفهم وعن مُقدَّساتهم فقتلاهم شهداء، (أحياءٌ عند ربهم يرزقون)، يستبشرون بما وعَدَهم اللهُ عزَّ وجل به من النعيم المقيم، قتلانا شهداء. فاللهمَّ بحَقِّ دِماء هؤلاء الشُّهداء انصُر إخواننا في فلسطين، وفي غيرِ فلسطين، على الصَّهاينة المجرمين وأعوانِهم ومَن كانَ مَعَهم، أسألُ اللهَ عَزَّ وجَلَّ أن يقوي فينا السَّعي الجاد للقيامِ بواجبنا نحو أوطاننا، ولا سيما عندما يكونُ الوطن مُقدَّساً من حيث إيماننا بالله، ومن حيث عقيدتنا، ومن حيث ديننا، وهذا هو وضع فلسطين، وهذا هو وضع بيت المقدس، وهذا هو وضع الأقصى، اللهمَّ وفِّقنا من أجل أن يكون شبابنا شباباً يعتزُّون بدينهم، يعتزون بعقيدتهم، يعتزون بجهادهم المشروع، وأكرر وأؤكد: لا جهادَ اليوم إلا في فلسطين، لا جهادَ إلا مع هؤلاء الغزاة الصهاينة المجرمين، ومَن لَفَّ لَفَّهم، ومَنْ دَارَ في فَلَكهم، ومَن سَعى سعيَهم، ومَن دَعَمهم ومَن كان معَهم، ومن اصطفَّ في صَفِّهم، اللهم أرِنا فلسطينَ وقد تحرَّرت يا ربَّ العالمين، وفِّقنا من أجل أن يكون شبابنا مُعتَزِّين بدينهم، بإيمانهم، بربهم، وفِّقنا من أجل أن يكون المسلمون فيما بينهم إخوة مُتناصِرين، وليسوا إخوةً مُتعادين، وليسوا إخوةً يستعدي بعضُهم على بعض بالأجنبي البغيض الأثيم، بالصُّهيوني وبمن هو يُشبِهُ الصهيونية في اعتدائه واسمه، وفِّقنا لذلك يا ربَّ العالمين، نِعْمَ مَن يُسأَلُ أنت، ونِعْمَ النَّصيرُ أنت، أقولُ هذا القولَ وأستغفِرُ الله.

 

ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السلام بحلب الجديدة بتاريخ 27/10/2023

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/nXmLFQHJcK/ 

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب 

https://www.facebook.com/akkamorg/ 

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

 

التعليقات

شاركنا بتعليق