آخر تحديث: السبت 04 مايو 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
كَفُّ اللسان

كَفُّ اللسان

تاريخ الإضافة: 2024/04/26 | عدد المشاهدات: 91

 

أمَّا بعد، فَيَا أيُّها الإخوةُ المسلمونَ المؤمنون إنْ شَاءَ الله:

سُئل أحد الحكماء عن العاقل فقال: العَاقل مَنْ ضَبَطَ لِسانه. تذكَّرتُ وأنا أقرأُ هذه الحكمة أو هذا التعريف، تذكَّرتُ حَديثاً عن المصطفى صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم، ولو سَألني إنسان: مَن المؤمن ؟ لقلتُ له: المؤمن مَنْ رَبَطَ لِسانَه، ودَليلي على ذلك هذا الحديث الذي تَذكَّرتُه، يقول فيه صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم: (لا يَستقيمُ إيمانُ عبدٍ حَتى يَستقيمَ قلبُه، ولا يستقيمُ قَلبُه حتى يستقيمَ لِسانه)، فالمؤمنُ من ضبط لسانه، وبِضبطِهِ لِسانَه ينضبطُ قَلبُه، وبِضبطهِ قلبَه ينضبطُ إيمانه، لذلكَ تَعلمون حديثَ مُعاذ رضي الله عنه عندما سَألَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم عَمَّا يُدخِلُ الإنسان الجنةَ وعَمَّا يُدخِلُه النَّار، وسَأَله عَن عَمودِ الإسلام، وعن رأسِ الأمر، وعن ذِروة سنامِه وأجابه النبي صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم. بعدَما سألَ مُعاذُ كُلَّ هذه الأسئلة، قالَ لهُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم، وأنتُم قرأتُم هذا الحديث، (يا مُعاذ، ألا أُخبِرك) بعدَمَا سألتني كُلَّ هذه الأسئلة، (ألا أُخبِرك بمِلاكِ ذلك كُلِّه ?) أي بما يُمكن أن تَتمَّ من خلاله الصَّلاة والجهاد والصِّيام والصَّدقة وفعل الخير، هذه الأمور لا تَتِمُّ ولا تكمُل إلا بشيءٍ سَأُخبِرك عنه، (ألا أُخبرك بمِلاك ذلك كُلِّه ?) بما يمكن أن يجعل هذه الأمور مُنضبطةً مَقبولة ؟! (قلتُ بَلَى يا رسولَ الله. فأخَذَ بِلسانه وقال: كُفَّ عَليكَ هذا. فقالَ مُعاذ: وَإنَّا لَمُؤاخذون بما نتكلَّم به ?! قال: ثَكِلَتْكَ أُمُّك يا مُعاذ، وهَل يَكُبُّ الناسَ على وُجوهِهم أو على مَناخِرهم إلا حَصائدُ ألسنتهم ؟!) أي وهل يكونُ سَبب أنَّ الناس يكبُّون في النارِ على وُجوههم إلا الحصاد السَّلبي السَّيء، هو الذي جعل الناس، هو الذي جعل هؤلاء يكُبُّون في النارِ على وُجوههم أو على مناخرهم.

احفظ لسانَك أيُّها الإنسانُ                لا يَلْدَغَنَّكَ إنه ثُعبانُ

وأنا أقول لكم: انظُروا مجتمعَنا، وانظُروا ألسنتنا فإني أراها غير مَكفوفة كما قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم: (كُفَّ عليكَ هذا) ولعلَّك تَسألني عَمَّا أكُفُّ عليه لساني ؟ أقول لك أشياء كثيرة، لكن سأقتصرُ على ثلاثة أشياء هذا اليوم:

الأمر الأول: كُفَّ لِسانَك عَن الكَذِب، رَاقِب نفسَكَ مِن الصَّباح إلى المساء، هل تكذب ولو كُنتَ مَازِحاً، هل تكذب ولو كُنتَ مُداعباً، هل تكذب ولو كُنتَ كما - تَدَّعي - تريد أن تُدخِلَ السُّرور على قلبِ مًسلم، إياكَ والكذبَ في كُلِّ أحوالِه، (إنَّ الكذبَ يَهدي إلى الفُجور، وإنَّ الفُجور يَهدي إلى النَّار، وما يزال الرجلُ يَكذبُ ويَتَحرَّى الكذب حتى يُكتبَ عِند الله كَذَّاباً)، (إنَّما يفتري الكذبَ الذين لا يُؤمنون) إياكم والكذب، عَلِّموا أطفالَكم الصِّدق، وإيَّاهم وإيَّاكم وإيَّانا والكذب.

الأمر الثاني: كُفَّ لِسانَك عن الغِيبة وَتَتبُّع عَوراتِ النَّاس، أتريدون أن نكون مُتصالحين فيما بيننا، مُجتمعنا مجتمعٌ الكذبُ فيه مُتَفَشٍّ، والغِيبة فيه مُتَفَشِّية، وتَتَبُّع العَورات والسَّقطات مُتفشِّية أيضاً، وانظروا أنفسكم، ولن نَنظرَ أَنفُسَ غيرنا، وهذا ما يُمكن أن نتحدَّث عنه بيقين، (ولا يَغتَبْ بَعضُكم بَعْضَاً أَيُحِبُّ أحدُكم أن يَأكُلَ لحمَ أخيهِ مَيْتاً فَكَرهتموه)، الغِيبة وتَتبُّع عَوراتِ المسلمين، يا أيها الذين أسلموا بلسانهم، هكذا قالَ النبيُّ عليه الصَّلاة والسلام: (يَا مَنْ أسلمَ بلسانه، ولم يَدخُل الإيمانُ قلبَه: لا تَغتابوا المسلمين ولا تَتَبعوا عوراتهم، فمَن تَتَبَّعَ عَورةَ أخيه تَتَبَّعَ اللهُ عَورتَه، ومن تتبعَ اللهُ عَورتَه يفضحه ولَو في جَوْفِ بيتِه)، أيها المتتبعُ لعوراتِ المسلمين: تَنبَّه، فالجزاءُ مِن جِنسِ العَمل، سيفضَحُك اللهُ ولَو في جَوف بيتك، ولو في جَوفِ رَحلك، في جوف سَيارتك.

الأمر الثالث الذي يجب أن تَكُفَّ عنه لِسانك: السِّباب والتَّكفير: انظُروا شَوارعنا، فالسِّباب فيها كَبير، وانظُروا بِيئاتنا ومَجامِعنا التكفير فيها وفير، (سِبابُ المسلم فُسُوق، وقِتالُه كُفر)، (المسلمُ مَنْ سَلِمَ المسلمون) على الأقل يا أخي في رواية: (مَنْ سَلِمَ المسلمون) هذه نعتمدها فليسلم المسلمون، ولن نقول لك الرواية الأخرى: (مَن سَلِمَ النَّاسُ مِن لسانه ويده)، (المسلمُ مَن سَلِمَ المسلمون مِن لسانه ويده) فهل سلم المسلمون من لسانك ويدك إذا أنت مسلم، فإن لم يسلم المسلمون من لسانك ويدك فلستَ بمسلم بقاعدةِ المصطفى صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم، هكذا قالَ نبيُّنا الأعظم عليه الصلاة والسلام، فاسمَعوا كلامَ نبيِّكم، ومَن قال لأخيه يا كافر حَارَت عليه، أي عادت عليه، (لا يَرمي رجلٌ رجلاً بالكفر إلا رجعت عليه) وما أكثر ما نقول هذه الكلمة، وما اكثر ما نَتَّهِم الآخرين بالكفر، وما أكثر ما نَسُبُّ ونشتم، احفظوا ألسنتكم أيها المسلمون إن كنتم تُريدون أن تكونوا منالعقلاء، وإن كنتم تريدون أن تكونوا من المسلمين، اسمعوها ثانية وثالثة: (لا يستقيمُ إيمانُ عبدٍ حتى يستقيمَ قلبُه، ولا يَستقيمُ قلبُه حتى يَستقيمَ لسانه) إيانا والكذبَ والغيبةَ، إيَّانا وتتبع عورات المسلمين، إيَّانا والسِّباب، إيانا والتكفير فذاك خَطَرٌ كَبير جَسيم على إيمانكم إن كنتم تحرصون على أن تكونوا مؤمنين، اللهمَّ إنا نسألك أن توفِّقنا لنحفظ ألسنتنا من كل سوء، ولِنجعلَ ألسنتنا تتكلَّم وتنطِقُ في مَرضاتك يا رَبَّنا يا نِعمَ المولى ويا نِعمَ النَّصير، أقولُ هذا القولَ وأستغفِرُ الله   .

 

ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السَّلام بحلب الجديدة بتاريخ 26/4/2024

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/rHuANZQx7-/

لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

 

التعليقات

شاركنا بتعليق