آخر تحديث: الإثنين 05 مايو 2025      
تابعنا على :  

خطبة الجمعة

   
أنواع الصَّبر - 1

أنواع الصَّبر - 1

تاريخ الإضافة: 2024/07/15 | عدد المشاهدات: 339

أمَّا بعد، فَيَا أيُّها الإخوةُ المسلمونَ المؤمنون إنْ شَاءَ الله:

جاء الإسلام بالأخلاق، والأخلاق ركن من أركان الإسلام، لأن الإسلام يعني عقيدة وشريعة وخُلُقاً، والأخلاق نوعان: نوع يتعلق بالذات، ونوع يتعلق بالعلاقات. هنالك خُلُق يُحسِّن ذاتك، يبني ذاتك، يُقوِّي ذاتك، يجعل منك ذاتيةً قوية خيرة، هذه الأخلاق التي ترتبط بالذات تقويةً وتحسيناً تُسمَّى الأخلاق السيادية، وهناك أخلاق ترتبط بالعلاقات، تُحسِّن علاقاتك مع الآخرين. الأخلاق التي ترتبط بالذات تبني ذاتك وتحسنها وتجودها مثالها مثال: الصدق، الصدق خلقٌ ذاتي يقوي ذاتك يبني ذاتك، الصبر، الإخلاص، هذه أخلاق ذاتية، بالصبر بالإخلاص بالصِّدق تبني ذاتك، تكونُ ذاتُك قوية، والأخلاق التي تتعلَّق بالعلاقات مع الآخرين كالتسامح، خُلُقٌ جميل، لكن يتعلق بعلاقتك مع الآخرين التسامح، التعاون، العفو، الكرم... ما يهمني أن أتحدث عن الأخلاق السِّيادية التي تتعلق بذاتك، أريد أن تقف أمام المرآة يوماً لتقوم لتسألَ نفسك: هل أنت صادق ؟ إذا أردت أن تحكم على نفسك بأمانة، هل أنت صادق ؟ هل أنت صابر ؟ إذا ذُكر الصَّابرون فهل أنت صابر ؟ هل أنت مخلص ؟ وهكذا، سأقف اليوم عند الصَّبر، وقد كاد أن يَجُرَّ أذياله من بيننا، فلا يمكن لأحد منا، اللهمَّ إلا ما نَدَر، أن يقول عن نفسه بأنه صابر، ولا أريد أن أستدلَّ على ذلك، لكنني أقول: (اصبِروا وصابروا) ابحثوا عن خُلُق الصَّبر من أجل أن تتحلَّوا به، الصَّبر خُلُق يتعلَّق بذاتك، أراك تضجر من أول مسألة، أراك تضجر إن أنت جلستَ عشرَ دقائق من غير وسيلة ترفيه، أراك تتذمَّر عندما تدخُل بيتك لترى زوجتك والطعام لم ينضج بعد، أراك في كثيرٍ من الأحيان لا تمتُّ إلى الصَّبر بصلة، ومع كل هذا تدَّعي بأنك صابر، لا أريد أن أُسهب وأن أسترسل في هذه القضية، لكنني أقول لكم: الصبر خُلُق ذاتي سِيادي، لأن الله مع الصابرين، (إنَّ الله مع الصَّابرين) لأنَّ اللهَ بشَّر الصَّابرين، لأنَّ النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ما أُعطي أحد خيراً وأوسع من الصبر)، والصبر على أنواع: الصَّبر على فعل الطاعات، والصَّبر على ترك المعاصي والآثام، والصَّبر على أذى الآخرين، والصبر على البلاء والمصائب. هذه أنواع الصبر.

الصَّبر على فعل الطاعات: (واستَعينُوا بالصَّبر والصَّلاة)، فعل الطاعات يحتاج إلى صبر فهل أنت صابر على فعل الطاعات ؟ هل تحبس نفسك على الطاعات على الرغم من أن نفسك تقول لك بلسان حالها تريد أن تتحرر من هذا، تريد أن تنهزم وأن تفر من هذا الذي تجبرها عليه، (واستعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين)، (حُفَّت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات) من أجل الجنة تحتاج إلى صبر على الطاعات، فهل أنت تصبر على الطاعات ؟ يقول عليه الصلاة والسلام أيضاً: (من خاف أدلج) من خاف ربه أدلج أي قام الليل، جعل ليله مضاءً بأنوار الصلاة والذكر، جعل ليله مضيئاً ومضاءاً، (ومن أدلج بلغ المنزل) المنزل المرتضى، بلغ الجنة، (ألا إن سلعة الله غالية) تحتاج إلى صبر على الطاعة، (ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله هي الجنة)، الصبر على فعل الطاعات نوع من أنواع الصبر.

والصبر على ترك المعاصي، وهذا ما أقوله لنفسي ولشبابنا اليوم: (وأما مَن خاف مقامَ ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى) الصبر على ترك المعاصي، المعاصي اليوم كثيرة، وأبوابها مفتوحة مشرعة، وهي سهلة المتناول لكل من يريد، لكن هل أنت قادر على تركها إذاً فأنت صابر، (وغَلَّقت الأبواب وقالت هيت لك) هكذا صبر يوسف فنال نتيجة الصبر أعلى المنازل في الدنيا والآخرة، (وغلَّقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي) الصبر ترك المعاصي، (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله) من جملتهم: (ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ربَّ العالمين) هيا الى بناء الذات من خلال الأخلاق الذاتية السيادية، من خلال الصدق، من خلال الإخلاص، الصبر على ترك المعاصي، ذكرتُ لكم فيما مضى قصة ذلك الغلام الراعي مع ابن عمر رضي الله عنهما، يقول ابن الجوزي في كتابه "صفة الصفوة" عن نافع تلميذ ابن عمر رضي الله عنه قال: خرجت مع عبد الله بن عمر إلى نواحي المدينة للتنزه، لقضاء بعض الوقت، خرجنا ووضعنا السُّفرة، وكان ثمة راعٍ يرعى الغنم، فاستدعاه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فقال إني صائم، استدعاه إلى الطعام، فقال إني صائم. قال: أفي هذه الأيام شديدة الحر ؟ قال: إني أصوم ليومٍ أحر من هذه الأيام. قال: يا غلام أعطِنا شاة نجتزرها، نذبحها، ونأكلها. فقال: ليست الشياه لي وإنما هي لسيدي وأنا أرعاها له. قال له: حسنا بعنا شاة. قال الغلام: سيدي لم يفوضني ببيع شاة من هذه الشياه. قال له ابن عمر رضي الله عنه: إذاً حسناً أعطنا شاة وخذ ثمنها، فان سألك سيدك فقل: أكلها الذئب أو لا يصدقك ؟ التفت هذا الراعي الغلام وقال: يصدقني، ولكن أين الله ؟ قل مثل ما قال هذا الراعي. وذهب ابن عمر إلى سيد هذا الراعي فاشترى الراعي، الغلامَ من سيده وأعتقه واشترى الغنم وأعطاها لهذا الراعي. (وبشر الصابرين) صبر على ترك المعاصي، هل أنت ممن يردد بينك وبين نفسك أين الله ؟ الله شاهدي الله ناظري، الله معي، يا هؤلاء الصَّبرَ الصَّبرَ كما يصبر إخوانكم في فلسطين، يصبرون على الجهاد يصبرون على ترك الشهوات، يصبرون على مُقارعة العدو اللدود، يصبرون على طغاة العالم، اصبروا وصابروا ورابطوا، سنتحدث عن النوعين الآخرين للصبر في الأسبوع القادم إن شاء الله، اللهم تقبل منا ما كان صالحاً، وأصلح منا ما كان فاسداً وأصلحنا ظاهراً وباطناً،

نِعْمَ مَنْ يُسأَلُ ربنا، ونِعْمَ النَّصيرُ إلهنا، أقولُ هذا القولَ وأستغفِرُ الله.

ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السَّلام بحلب الجديدة بتاريخ 12/7/2024

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/tgRbLKSelV/

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

التعليقات

شاركنا بتعليق