آخر تحديث: الثلاثاء 03 ديسمبر 2024      
تابعنا على :  

خطبة الجمعة

   
توثيق اللسان

توثيق اللسان

تاريخ الإضافة: 2024/07/26 | عدد المشاهدات: 276

 

أمَّا بعد، فَيَا أيُّها الإخوةُ المسلمونَ المؤمنون إنْ شَاءَ الله:

جَرت مُحاورةٌ بينَ حَكيمين من حُكماء العَرب يُعدَّان من الحُنفاء، الأول قس بن سَاعدة الإيادي، والثاني أكثم بن صَيفي، قال قس لأكثم: "كم وجدتَ في ابنِ آدمَ من العُيوب ؟ فقال أكثم: أكثر مِن أن تُحصَى، والذي أحصيتُه ثمانية ألف عيب، لكنني وجدتُ خَصلةً إن أنتَ استعملتَها سَترتَ العُيوب كلها. قال: "ما هي ؟ قال: حِفظُ اللسان". (اتَّقُوا اللهَ وقُولوا قَولاً سديداً)، يقول عليه الصلاة والسلام: (لا يَستقيمُ إيمانُ عبدٍ حتى يَستقيمَ قلبُه، ولا يَستقيمُ قلبُه حتى يَستقيمَ لسانُه) ويقول عليه الصَّلاة والسلام: (إذا أصبحَ ابنُ آدم فإنَّ الأعضاءَ كُلَّها تُكَفِّر اللسان) تُذعِنُ له (تقول له: اتقِ الله فينا، فإنَّما نحنُ بك، فإن استقمتَ استقمنا، وإن اعوجَجْتَ اعوجَجْنا)، ويقولُ بعضُ الصَّالحين من السَّلف: "مَثَلُ اللسان مَثل السَّبُع، إن لم تُوثِّقه عَدَى عَليك" وهجم عليك.

حِفظُ اللسان: إياك أن تَتَّهِم، إياكَ أن تُشيعَ فَاحشة، إياك أن تَتكلَّم عن أمرٍ لم تتبيَّن منه، وإياك أن تتكلَّم عن أمرٍ تبيَّنتَ منه لكنه لا يُجدي نَفعاً، إياك أن تَنقُلَ كلاماً من إنسانٍ لإنسان، إيَّاكَ أن تَكذِب، إيَّاكَ أن تقولَ الفُحش، إياكَ أن تطعَن، إيَّاكَ أن تلعَن، كُلُّ ذلكَ ضروري من أجلِ أن تكونَ حَافظاً للسانك، فإذا حفظتَ لِسانَك سترتَ عُيوبك كلها.

احفظ لِسانَكَ أيها الإنسانُ                   لا يَلْدَغَنَّكَ إنَّه ثُعبانُ

كَم في المقابرِ من قتيلِ لسانِه              كانت تَهابُ لقاءَه الشُّجعانُ

(كَفى بالمرءِ إثماً أن يُحدِّث بكلِّ مَا سَمع)، لماذا تنقل الأخبار ؟ لماذا تُشيع الأخبار، لماذا تتحدَّث عن أمور لا تجدي نفعاً، لماذا تتكلم من غير بينة، اللهُ عزَّ وجل قال: (إن جاءكم فاسقٌ بنبأٍ فتبيَّنوا) وفي رواية (فتثبتوا) (فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)، كلُّكم يتكلم بالسياسة من غير بينة، كلكم يشتم، كلكم يسب، كلكم يقول عن فلان بأنه أخطأ، وعن فلان بأنه أفسد وهكذا دواليك أطلقتَ لسانك حيثُ يجب ُأن تحفظه ولا تطلقه، تقول لي: كيف أوثِّق وأربِط لساني ؟ أقول لك: اشتغِل بالذِّكر، اشتغِل بالقرآن، اشتغِل بالعلم، اشتغِل بالدُّعاء، اشتغل بتربية أهلك، اشتغل بتربية أولادك، اشتغل بالكلام النافع، في الجنة (وهُدُوا إلى الطَّيبِ من القول)، أما أهلُ النَّار فحالُهم (كُلَّما دَخلت أمةٌ لَعنَت أُختَها) حَالُنا كَحالِ أهلِ النَّار، يلعنُ بعضُنا بعضَاً، يتكلَّمُ بعضُنا على بعض، يشتمُ بعضُنا بَعضاً، (سبابُ المسلم فُسوق، وقِتالُه كفر) وقلنا في الأسبوع الفائت: أفضلُ الفَضائل أن تَصفَحَ عمَّن شَتمك. احفظ لسانَك، الآن وأنتَ ترى الأخبار وما يجري في فلسطين، فما عليكَ إلا أن تدعو لإخوانك، وإياك أن تُحلِّل وتتحدَّث إن لم تكن صاحبَ اختصاص، فما بالكم بأشخاصٍ يتكلَّمون بغيرِ علم، وإذا ما تكلموا بغير علم فـ: (مَطِيَّةُ الكذب زَعموا) هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام، أنت تقول هكذا زعموا، هكذا سمعت، هكذا رأيت في القناة الفلانية، احفظ لسانك، توجَّه إلى إخوتك في فلسطين وقل: اللهم انصرهم نصراً عزيزاً مُؤزَّراً، توجَّه لأولئك الذين يعتدون على إخوتنا، والذين يعتدون على أعراضنا، والذين يعتدون على بلادنا، توجه إلى الله وقل: اللهم انتقم منهم، اللهم عليكَ بخذلانهم، اللهم عليكَ بكيدهم فإنهم لا يعجزونك يا رب العالمين، وثِّق لسانك بالذِّكر، بالقرآن، بالعلم، فإن تكلمتَ كلمةً لا تَمتُّ إلى هذا بِصِلة فاستغفرِ الله واصمُت، فـ: (من كانَ يُؤمنُ بالله واليومِ الآخر فليقُل خَيراً أو ليصمُت) ألم تسمع بهذا الحديث الشريف قبل أن تتكلم، وإذا أردتَ الكلامَ فتبيَّن من هذا الذي تتكلَّم، هل تتكلم كَلاماً ينفعك في دينك ودنياك، إذاً تكلم وإلا فلا، اللهم إنا نسألك التوفيق لحفظ ألسنتنا يا رب العالمين، نِعْمَ مَنْ يُسأَلُ أنت، ونِعْمَ النَّصيرُ أنت، أقولُ هذا القولَ وأستغفِرُ الله   .

 

ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السَّلام بحلب الجديدة بتاريخ 26/7/2024

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/tzJr4EQiAI/

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

 

التعليقات

شاركنا بتعليق