آخر تحديث: الإثنين 10 مارس 2025      
تابعنا على :  

خطبة الجمعة

   
سُبُل مواجهة الفتن

سُبُل مواجهة الفتن

تاريخ الإضافة: 2024/10/18 | عدد المشاهدات: 177

سُبُل مواجهة الفتن

أما بعد، فيا أيها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

الفتن كثيرة، وهكذا حدُّثنا عنها من قبل سيد الناس حبيب الحق محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أجل ألا تسقط فيها، ومن أجل أن تنتصر عليها، على كل فتنة تواجهها ما عليك إلا أن تتحلَّى بما يأتي:

خذها وصفة من أجل القضاء على الفتن التي تواجهك، ومن أجل ألا تقع في حبائل تلك الفتن التي تعترضك.

الأمر الأول الذي تواجه به الفتن هو: الإخلاص لله عز وجل، أخلص لربك تقضِ على الفتن التي أمامك والتي خلفك والتي بين يديك، يقول عليه الصلاة والسلام: (يسير الرياء شرك)، (إن الله يحبُّ الأتقياء الأنقياء الأبرياء مصابيح الهدى يخرجون من كل فتنة مظلمة سوداء)، ويقول عليه الصلاة والسلام في حديث آخر: (المُخلصون مصابيح الهدى تنجلي عنهم كل فتنة ظلماء). إذا أردتَ أن تواجه الفتن فأخلص لربك، فإن الفتن عند ذلك سيُقضى عليها وستتلاشى، وستخرج منها. وقد قيل: يا أيتها الفتن كوني برداً وسلاماً على عبدنا هذا الذي أخلصَ لنا.

الأمر الثاني الذي به تقضي على الفتن وتخرج منها سالماً مؤمناً محسناً:

الصِّلة بالله القوية، كُن متَّصلاً بربك فستتلاشى أمامك الفتن، (كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون.

وبالأسحار هم يستغفرون)، (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربَّهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون). حدِّثني عن صِلتك بربك كيف هي ؟ هل تستعين به في أمورك كلها، هل تستخير ربك في شؤونك كلها، هل تَصُفُّ قدميك في الليل لتتصل بربك من خلال دعاء واستغفار

واجتهاد وصلاة ومناجاة.

إن جَلَّ خَطبٌ قُم له سحراً

ونادهِ بعظيمِ لُطفك يا هو.

ناجِ الإله بمُقلةٍ فيَّاضةٍ

ما خَابَ وايمُ الحقِّ مَن ناجاهُ بصلتك بربك تقضي على الفِتن، فهيا إلى الاتِّصال بربك من خلال الصلاة والقرآن والصلاة على النبي المختار، والتأسِّي بهذا السيِّد السَّند العظيم محمد صلى الله عليه وسلم.

الأمر الثالث الذي تواجه به الفتن: الشَّجاعة، كن شجاعاً، كن مقداماً، لا تخشَ في الله لومَة لائم، الشجاعة عندي، أي إن سألتني عن مؤيدات الشجاعة لدي، كيف تكون شجاعاً، اقرأ قول الله عز وجل لتعرف بأنَّه لا فاعلَ إلا هو، (وإن يمسَسك اللهُ بضُرٍّ فلا كاشفَ له إلا هو وإن يمسَسك بخيرٍ فهو على كل شيءٍ قدير)، (أليس اللهُ بكافٍ عبدَه ويُخوِّفونك بالذين من دونه ومن يضللِ اللهُ فما لهُ مِن هاد). كن شجاعاً وأنت تؤمن بالقدر، (قل لن يصيبنا إلا ما كتبَ اللهُ لنا)، (واعلم أنَّ الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضرُّوك بشيء لم يضروك إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلامُ وجَفَّت الصحف)، فلا نامت أعينُ الجُبناء، إن لم تكن شجاعاً فستكون في عِداد الجبناء هؤلاء الذين سيكونون في آخر الناس، سواء أكانوا منتصرين ظاهراً حسبَ ظنِّهم، نصرُهم ليس نصراً، وخذلانهم خذلان، نصرهم ليس نصراً ومتاعهم ومُتَمتّعهم في الحياة ليس تمتعاً مقبولاً ولا مَرضيَّاً، لأنهم استكانوا للظالم فلم يقولوا للظالم أنت ظالم، وقد جاء عن سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، وليسمعِ العالَم أنَّ الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، لم يزجروه اوشَكَ أن يعمَّهم الله بعقاب من عنده، ومما لا شك فيه أنَّ الظالم الأفظع في عصرنا الراهن هو هذا الكيان الغاصِب، فيا أيها المستكينون، ويا أيها المُطبِّعون: إن لم تقولوا لهذا الظالم وبقوة وبإعداد: أنت ظالم فانتظروا عقاباً من الله عَزَّ وجل وما أدري ما ماهية هذا العقاب، انتظروا عقاباً يعمُّه الله عليكم جَلَّ شأنه وهو المنتقم الجبار.

أيها الشّرفاء، أيها العالَم كله، قل لهذا الظالم أنت ظالم، هذا الذي يقتل أبناءنا وبناتنا، هذا الذي يستبيح مُقدّساتنا، إنه لظالم، قولوا له بكل قواكم: أنت ظالم، وابذلوا من أجل المقاومة كل ما تملكون، (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل) وإني أقول في هذا المقام جزاكم الله خيراً أيها المجاهدون في فلسطين، في لبنان، فأنت تقولون للظالم بكل قوة وجرأة وشجاعة واستبسال أنت ظالم، وأنت تقولون للظالم بأيديكم، بسلاحكم وبقوتكم، ولعلكم تكفوننا مؤونة القتال، وعلى الأقل المطلوب منا تجاهكم أن نبتهل إلى العلي القدير لنقول اللهم انصر إخواننا الذين يقومون بفريضة الجهاد وفريضة مقاومة الأعداء، انصرهم على أعدائهم، سدد رميهم، وزلزل الأرض من تحت أقدام اليهود، اللهم ثبتهم، اللهم انصرهم نصراً مؤزراً، فهؤلاء يقدمون الشهيد تلو الشهيد، لأنهم عقدوا العزم بكل قوة أن يقولوا للظالم بكل قوة وشجاعة، وبكل ما يملكون: أنت ظالم، يجابهون الظالم بأيديهم وبسلاحهم وبصدورهم، لأنهم وبلسان حالهم يقولون: نصرُنا آتٍ، فنصرنا نصر، واستشهادنا نصر.

اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد أن تحمينا من الفتن ما ظهر منها وما بطن أن تنصرنا على الظالمين الصهاينة المجرمين المعتدين وعلى من لف لفهم وساعدهم وعاونهم وأمدهم من أي فئة كان، ومن أي دولة كان، ومن أي دين كان، ومن أي جغرافية كان، إنك يا مولانا نعم المولى ونعم النصير، أقول هذا القول وأستغفر الله.

ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السلام بحلب الجديدة بتاريخ ١٨/١٠/٢٠٢٤

لمشاهدة فيديو الخطبة،  لطفاً اضغط هنا
https://fb.watch/vi4pPLMHbY/

التعليقات

شاركنا بتعليق