آخر تحديث: الثلاثاء 03 ديسمبر 2024      
تابعنا على :  

خطبة الجمعة

   
من موانع قبول الحق

من موانع قبول الحق

تاريخ الإضافة: 2024/11/08 | عدد المشاهدات: 91

أمَّا بَعدُ، فيَا أَيُّها الإخوةُ المسلمونَ المؤمنونَ إِن شَاءَ الله:

يسأل سائل: ما دامَ الحق واضحاً، وما دام الحق أحق أن يُتَّبع، 

فلِمَ يُعدَلُ عنه من قِبل بعض الناس، ولماذا لا ينصاع هذا الإنسان بشكل عام للحق ما دام الحق كالشمس، وهل تُنكَر الشمس ؟ أقول لهذا الذي يسأل: نعم، ثمة موانع تمنع الإنسان عن أن ينصاع إلى الحق على الرغم من اعترافِ داخله بهذا الحق،

من هذه الموانع يا سائلي: غَلَبَةُ الشَّهوات، (فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنَّما يتبعون أهواءهم)، (أرأيتَ من اتَّخذ إلهه هواه وأضلَّه الله على علم)، يتبع الهوى، غلبت عليه شِقوتُه، (غَلَبت عَلينا شِقوتنا)، راحَ في طريق الشَّهوات معها وتَماهَت معه، أضحى بعيداً عن الحق فأنكر، لا لأنَّ الحق ليس أبلج، ولكن لأنَّ الشَّهوات طَغَت عليه وعَمت وأعمت عيونه. يقولُ عليه الصَّلاة والسلام: (من أحبَّ دنياه أضرَّ بآخرته، ومن أحب آخرته أضرَّ بدنياه، فآثروا ما يبقى على ما يفنى)، طريق الشَّهوات زائل، وطريق الحق صامت، فيا أيها المسلمون اليوم في بقاع الأرض: الحقُّ مع فلسطين، الحق مع أهل فلسطين، الحق مع بيت المقدس، الحق مع مَسرى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فإن كنتم لا تقفون مع الحق فلأنَّ الشَّهوات تلك والأهواء طَغَت عليكم فأعمتكم وأعمت أبصاركم.

يروي ابن القيم في كتابه "هداية الحيارى" أنَّ رجلاً جاء إلى أبي جهل وقال له: هل كُنتم تتَّهمونَ مُحمداً بالكذب قبل أن يقولَ مَقالته ؟ أي قبل أن يقول بالنبوة ؟ هل كنتم تتَّهمون محمداً بالكذب قبل أن يقول مقالته ؟ فقال أبو جهل: يا هذا، لقد كان محمد فينا وهو شابٌّ يُدعى بالأمين، ما جرَّبنا عليه كذباً قط. فقال له هذا الرجل: لماذا إذاً لا تتبعونه ؟ فقال أبو جهل: تنازعنا، أبو جهل من بني مخزوم، قال: تنازعنا نحنُ وبنو هاشم الشَّرف، فأطعَموا وأطعمنا وسَقوا فسقينا، وأجاروا فأجَرنا، حتى إذا تَجافينا الرُّكب وكنا كَفَرَسَيْ رِهان، قالوا: مِنَّا نبي، فمتى نُدرك ذلك ؟ والله لا نُؤمن به أبداً. اتبعوا اهواءهم وشهواتهم، غَلَبَةُ الشَّهوات مانعٌ مِن مَوانعِ قَبول الحق.

المانع الثاني: الجهل، ولو كنتم تعلمون لرأيتم الحق كما قلنا أبلَج، كالشَّمس في رابعة النَّهار.

من موانع قبول الحق الكبر، التكبر، الاستكبار والعناد والحَسَد، والحسد هذا الذي يقبع في داخل الإنسان الحاسد الحسود، وأول ما يلتهم ذلك الإنسان الحاسد، الحسد نار وأول ما تأكل هذه النار ذلك الحاسدَ نفسَه، (خَلقتني مِن نارٍ وخلقته من طين)، (أأُنزل عليه الذكر من بيننا) هذا هو الحسد، هو الذي يدفع الإنسان من أجل ألا يقبل الحق، لأنَّ الحق ظَهَر على لسانِ غيره ولم يظهر على لسانه، وبالتالي فهو حاسد، هذا الذي ظهر الحق على لسانه، يروى في كتب التفسير وسبب النزول أنَّ رجلاً جاء إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم يدعى أمية بن خلف وحمل بيده عظماً بالياً حائلاً وراح يُفتِّته ويقول: يا محمد، أتزعم أنَّ ربك يبعثُ هذا بعدما رم ؟  فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: نعم يبعثك الله ويدخلك النار، ونزل قوله تعالى: (وضَربَ لنا مثلاً ونَسِيَ خَلقه قال مَن يُحيي العظام وهي رَميم. قل يُحييها الذي أنشأها أولَ مرة وهو بكل خلق عليم) نحن نحتاج اليوم إلى أن نخلع رداء الاستكبار والعناد والحسد والجهل ونخلع رداء هذا الذي تحدثنا عنه، رداء موانع قبول الحق.

سنرى الحق أبلج، أيها الذين يَجهلون، أيها المعاندون، أيها المستكبرون، أيها المتبعون للشهوات والأهواء في قضيتنا اليوم، في قضية فلسطين، في القضية المركزية، نحن على حق، الذين يدافعون عن فلسطين بأرواحهم ودمائهم على حق، والذين يجاهدون الصَّهاينة المجرمين على حق، والذين يريدون لبيت المقدس أن يَتحرر من براثن الصهاينة الأعداء المجرمين الأفَّاكين على حق، فإن لم تَروا هذا الحق فأنتم إما أن تكونوا قد غلبت عليكم شهواتكم، وإما أن تكونوا من الجهلة، وإما أن تكونوا من المعاندين المستكبرين، ولا مجال للكلام عن غير هذه الأمور، إما غلبت عليكم شهواتكم، وإما جَهَلة، وإما مُعاندون مستكبرون، يخرج منكم الحسد على أولئك الأبطال الشهداء، لماذا ارتفعت أسماؤهم فأصبحت رايات من أجل أولئك الذين يتطلعون للعزة والكرامة والشجاعة وأصبحتم أنتم رايةً للمهانة والذل، وهذا ما يُحكَم عليكم به من قبل كل الناس، أو من جماعة غيركم، فإن لم يتكلموا بشكلٍ صريح فلأنهم يخافون بطشكم، وإذا تكلَّموا بينهم وبين أنفسهم قالوا: نِعْمَ المقاومين هم، نِعم الرجال هم، وقالوا عنكم بئس المتخاذلون أنتم، وبئس أولئك الذين يَبيعون شرفهم وكرامتهم أنتم، هذا هو القول الذي يُقال من قلبٍ صادق ومن عقل واع.

أسأل الله عزَّ وجل أن يُهيِّئ منا من يتبع الحق حيثما كان وأينما وجد، ليلاً ونهاراً، سفراً وحضراً، فقراً وغِنىً، ضَعفاً وقوة، اللهم أرنا الحقَّ حقاً وارزقنا اتباعه وحَبِّبنا فيه، وأرِنا الباطلَ باطلاً وألهمنا اجتنابه وكَرِّهنا فيه، نِعم مَن يُسأَلُ ربُّنا، ونِعم النَّصير إلهنا، أقول هذا القول وأستغفر الله.

ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السلام بحلب الجديدة بتاريخ 8/11/٢٠٢٤

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/vK6-oZS3gH/

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك

https://t.me/akkamorg

التعليقات

شاركنا بتعليق