آخر تحديث: السبت 20 إبريل 2024
عكام


أخبار صحـفيـة

   
واجباتنا نحو الكلمة/ قناة نور الشام الفضائية

واجباتنا نحو الكلمة/ قناة نور الشام الفضائية

تاريخ الإضافة: 2012/08/02 | عدد المشاهدات: 2967

الإنسان بين حق وواجب، وعلى الإنسان أن يدرك أنَّ عليه واجباً وأن له حقاً. والناس حيال الحق والواجب ثلاثة أصناف:

فمن قام بواجبه وطالب بحقه فهو عادل، ومن قام بواجبه وتغاضى وتناسى حقه فهو فاضل، ومن لم يقم بواجبه وطالب بحقه ولم يتغاضَ عن حقه وألحَّ على طلبه حقه فهو غافل.

ونحن اليوم أمام واجباتنا تجاه الكلمة، سنتعرَّف على ما يجب علينا نحو الكلمة التي نريد لها أن تخرج لتعبِّر عن إنسانيتنا. ويجب أن نحرص على هذه الواجبات، لأننا نعيش اليوم أزمة كلمةٍ لم تُراعَ فيها الواجبات نحوه.

الواجب الأول: الاجتهاد في أن تكون مُسَدَّدة، أي موافقة للحق المنشود الذي ينشُدُه كل الناس، وقد قال الله تعالى: ﴿اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً﴾ أي قولاً صائباً مجتهداً للوصول إلى الحق، ويسعى من خلاله قائلة لموافقة الحق. يقول عليه الصلاة والسلام كما جاء في البخاري ومسلم: (إن العبد ليتكلم بالكلمة منها يتبين بها يزل بها إلى النار أبعد ما بين المشرق والمغرب). فهيا أيها الإنسان من أجل القيام بواجباتك نحو الكلمة.

الواجب الثاني: الإحسانية في الأسلوب، قال تعالى: ﴿وهُدوا إلى الطَّيِب من القول وهُدُوا إلى صراط الحميد﴾، وقال أيضاً: ﴿فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى﴾. والإحسان إتقان، فلنَنْتقِ الكلمة الأرفق، والأشدّ تناسباً مع المخاطب، والمعبرة عن إنسانية ورحموية، لقد قال ربنا عز وجل: ﴿قولٌ معروفٌ ومغفرةٌ خيرٌ من صدقة يتبعها أذى﴾.

الواجب الثالث: الجرأة والوضوح، فلا مُجاملة على حساب الحق، والمجاملة في الفكر مَفْسَدَةٌ له، فلتكن الكلمة جريئة على المتكلِّم والمخاطَب، بمعنى أن تحمل هذه الكلمة قيمة إيجابية مفيدة ونافعة للإنسان. الجرأة تعني أن تعترف بخطئك إذا أخطأت. وأن تكون الكلمة واضحة: (أفضل الجهاد كلمة حقٍ عند سلطان جائر). هذا فيما يتعلق بالجرأة، أما الوضوح: ﴿يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك﴾ ولطالما رددت عبارة قلت فيها: "الواضح رابح" فلتكن كلماتنا واضحة، وكذلك علاقاتنا واضحة، ولأن الكلام الواضح فقط هو الذي يقبل التنفيذ، أما غير الواضح فلا، ولذلك قال الله عز وجل: ﴿لا إله إلا أنا فاعبدني. وأقم الصلاة لذكري﴾، وهو كلام واضح بيِّنٌ لا لُبسَ فيه ولا غموض.

الواجب الرابع: الإحسان والمناسبة للزمان والمكان، فـ: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم حسب ما جاء في البخاري ومسلم. وثمة حديث مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد رأيته موقوفاً على سيدنا علي رضي الله عنه، وكذا رأيته مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم: (حدِّثوا الناس بما يعرفون، أتحبُّون أن يُكذَّب الله ورسوله !). على كلمتك أن تكون مناسبة للظرف والمكان الذي أنت فيه، ولربما تكلمتَ بكلامٍ غير مناسب فأدَّى ذلك إلى فتنة عظيمة، وقد تكون هذه الكلمة صائبة لكنها قيلت في غير زمانها أو مكانها أو سياقها المناسب، وهذه هي الحكمة المطلوبة في الموعظة والحديث: (ما أنت مُحدِّثٌ قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان عليهم تِرَة) أي وبالاً.

أسأل الله عز وجل أن يجعلنا أوفياء ونحن نقوم بواجباتنا نحو الكلمة، التي هي الأصل والمحور، وعليها تقوم الدنيا، ولطالما تحدّث الأدباء والمفكرون والصوفيون عن الكلمة وأهميتها، فكلمةٌ يمكن أن تشعل الحرب أو تطفئها، ولذلك قيل:

احفظ لسانك أيها الإنسانُ لا يلدغنَّك إنه ثعبانُ

كم في المقابر من قتيلِ لسانه كانت تهابُ لقاءَه الشجعانُ

أسأل الله عز وجل أن يوفقنا لكل خير، وأن يعصِمنا من كل شر، وأن يجعل كلماتنا تصبُّ في مصبِّ الخير والرحمة والعدل والفضيلة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لمشاهدة هذه الحلقة على يوتيوب لطفاً اضغط هنا

 

التعليقات

شاركنا بتعليق