آخر تحديث: الجمعة 19 إبريل 2024
عكام


بحوث و مقولات

   
الجهاد: لمحاتٌ جادة

الجهاد: لمحاتٌ جادة

تاريخ الإضافة: 2018/12/13 | عدد المشاهدات: 4276

1- التشريع 2- احترازات 1- التشريع: أرسل الله محمداً إلى الناس جميعاً وأمره أن يدعو إلى دين الله الحق، ولبث محمدٌ صلى الله عليه وسلم في مكة يأمر ويدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وكان لا بد من أن يلقى مناوأة من قومه الذين رأوا أن الدعوة الجديدة خطر على كيانهم المادي والأدبي، فكان توجيه المولى عز وجل أن يلقى هذه المناوأة والمعاداة بالصبر والعفو والصفح الجميل، قال تعالى: (واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا) -الطور- وقال: (فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون) -الزخرف- وقال: (فاصفح الصفح الجميل). ولم يأذن له أن يقابل السيئة بالسيئة أو يواجه الأذى بالأذى أو يحارب الذين حاربوا الدعوة أو يقاتل الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات، بل قال له: (ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون) -المؤمنون-. وكل ما أمر به جهاداً في هذه الفترة أن يجاهد بالقرآن وبالحجَّة والبرهان، قال تعالى: (فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهاداً كبيراً) -الفرقان-. ولمَّا اشتد الأذى وتتابع الاضطهاد حتى وصل إلى قمَّته بتدبير مؤامرة الاغتيال وعندها اضطر إلى أن يُهاجر من مكة إلى المدينة ويأمر أصحابه بالهجرة إليها (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليُثبتوك أو يقتلوك أو يُخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) وقال أيضاً: (إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) -التوبة-. وفي المدينة عاصمة الإسلام الجديدة تقرر الإذن بالجهاد -القتال- حين أطبق الأعداء المعادون على المسلمين وقاتلوهم وجهدوا في تشريدهم فاضطر المسلمون إلى امتشاق السيف دفاعاً عن النفس وتأميناً للدعوة وحركتها، قال تعالى: (أُذِنَ للذين يُقاتَلون بأنهم ظُلِموا وإن الله على نصرهم لقدير. الذين أُخرِجوا من ديارهم بغير حقٍ إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعضٍ لهُدِّمت صوامع وبِيَعٌ وصلوات ومساجد يُذكَر فيها اسم الله كثيراً ولينصرنَّ الله من ينصُره إن الله لقويٌ عزيز. الذين إن مكَّنَّاهم في الأرض أقاموا الصَّلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور) -الحج-. وفي هذه الآيات تعليلٌ للإذن بالجهاد - القتال - : 1- أن المسلمين ظُلموا بالاعتداء عليهم وإخراجهم من بيوتهم بغير حق. 2- أنه لولا الإذن للناس بمثل هذا الدفاع لهُدِّمت جميع المعابد بسبب ظلم المعتدين الذين يبغون الفساد في الأرض فما بالكم بمجاهدين يُهدِّمون المعابد وقد أُمِروا أن يحموها؟! 3- إن غاية النَّصر والتمكين في الأرض إقامة الصِّلة الطيبة مع الله جل شأنه ورحمة العباد ودعوتهم بالمعروف إلى ما فيه صلاحهم وفلاحهم. 2- احترازات: أ- الجهاد: فريضة إسلامية يتولى تنفيذها صيغةً ووقتاً وليّ الأمر، فما لأولئك القوم لا يكادون يفقهون حديثاً إذ حسبوا هذه الفريضة أمراً يتولاه إمام مسجد أو شيخ طائفة أو متمرِّد على مجتمعه، يا هؤلاء: الجهاد -في النهاية- قد يؤدّي إلى إراقة دماء، فهل هانَ أمرها عندكم إلى هذا الحد ؟! ب- الجهاد: معركة واستخدام سلاح ومواجهة جيوش فلا يجوز إعلانه إلا حين توفّر أسبابه ودواعيه الإنسانية والشرعية والقانونية، فإن نقص من هذا كلِّه سببٌ واحد وجب التوقُّف والإحجام، ويا ويل مَن لم يكن مُحتاطاً أشدَّ الاحتياط في الدِّماء. ج- الجهاد لا يعني تمرُّداً مسلحاً على ظالم، ولا يعني اغتيال مُخالف أو مُعادٍ، ولا يعني حمل السلاح في مواجهة مَن دعاك إلى الكفر بلسانه أو بعمله، ولا يعني إزاحة حاكمٍ بقوَّة السِّلاح ليحلَّ محلَّه آخر أتقى وأصلح، ولا يعني انتصاراً لله بالسيف على مَن لم يُبادرك ويواجهك بالسيف. د- الجهاد فريضة مجملة كالحكم لم يأتِ به قانون بل دستور، فليفصِّله -إذاً- أولو الأمر التشريعي، ولينفِّذه أولو الأمر التنفيذي (المعنيُّون الشرعيُّون الفاهمون). هـ- الجهاد يبتدئ من مجاهدة الإنسان نفسه ليكون مستقيماً وينتهي بمقاتلة مَن يُقاتل ظلماً وعدواناً، وما بين هذا وذاك: جهادٌ بالكلمة الناصحة الصادقة التي تحمل الخير لكلِّ الناس ولكل الإنسان، فأين نحن منها اليوم ؟! د. محمود عكام

التعليقات

شاركنا بتعليق