آخر تحديث: الجمعة 19 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
نداء ودعوة إلى إعادة الثقة بين العرب والأكراد

نداء ودعوة إلى إعادة الثقة بين العرب والأكراد

تاريخ الإضافة: 2004/03/19 | عدد المشاهدات: 3591

أما بعد : أيها الأخوة المؤمنون :

واسمحوا لي أن أقول أيضاً : أيها السوريون :
لا شك في أننا جميعاً سمعنا ما حدث من فتنٍ نسأل الله عز جل أن يمحوها وأن يزيلها وأن يجعلنا أقوى منها .
أيها السوريون : خطابي لكم عرباً وأكراداً وأعراقاً أخرى .
أقول أولاً :
﴿ ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم الأنفال : 46 ويندسُّ في صفوفكم من ليس منكم ، ويخترقَكم أعداؤكم ، فعدوُّ الكردي هو ذاته عدو العربي ، وعدو ذاك الذي يسكن شرقيَّ سورية هو نفسه عدو ذاك الذي يسكن شمال سورية وجنوب سورية .
لا تنازعوا فتفشلوا ، وتُخترقوا ، ويُعتدى عليكم ، ويدخل المستعمر البغيض إلى دياركم ، لا تنازعوا فتفشلوا .
ثانياً : أيها الإخوة في سورية ، أكراداً أو عرباً أو أعراقاً أخرى : لكل مواطن حقوق وواجبات ، لا تزداد حقوق العربي عن حقوق الكردي ، ولا تزداد واجبات الكردي على واجبات العربي .
المواطنون في سورية – وهكذا يجب أن نكون – متساوون في الحقوق والواجبات ، ضمن دائرة علاقة قائمة على حوار وتفاهم وتعايش .
ثالثاً : إني لكم ناصح أيها العرب والأكراد ، أيها الأعاجم والعرب . إني لكم ناصح في أن تدخلوا في رحاب الإسلام ، لأن الإسلام يوحدكم ، ولأن الإسلام لا يُسقط عرقكم بل إنه يُقَدِّر عرقكم ويحترمه ، ولكنه – أي الإسلام – يجعلكم تتطلعون إلى وحدة على أساسٍ من مبدأ سليم ، وإذا كانت الوحدة على أساس من مبدأ سليم فنعمت تلك الوحدة .
لا يُسقط الإسلام ولا يهمل عرق أحد ، ولا يعتدي عليه ولا ينكره . قرأت حديثاً عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والحديث مُحَسَّن يرويه الديلمي في مسند الفردوس . يقول صلى الله عليه وآله وسلم معترفاً بالأعراق ضمن أخوة الإسلام ، يقول : " سيد العرب محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وسيد الروم صهيب ، وسيد الفرس سلمان ، وسيد الحبش بلال " . أرأيتم إلى هذا التآخي ضمن دائرة الإسلام على أساس من اعترافٍ بالعرق ، بَيْدَ أن العرق ينبغي أن لا يعلو في الانتماء إليه على الانتماء للإسلام . أنا مسلم عربي ، وأنت مسلم كردي ، وذاك مسلم تركي ، ورابع مسلم فرنسي . الإسلام هو الساحة الأجمع والأرفع ، ولكننا لا نتناكر فيما بيننا لأعراقنا ، لا نتناكر فيما بيننا لأصولنا العرقية .
منذ أكثر من خمسة أعوام جاءني شاب كردي مسلم ، وطلب مني أن أكتب كلمة تجيش في صدري . ولقد كتبت منذ سنوات هذا الذي سأقرأه عليكم ، وما كنت أدري أنَّ وقتاً سيأتي سأقرأ على المنبر هذا الذي كتبت ، لكن لا بد من الإدلاء بالدلو ، وقد سمعنا ما سمعنا ، وحدث ما حدث . عنونت ما كتبت فقلت :
نداء ودعوة الى إعادة الثقة بين العرب والأكراد
وقف سيدنا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه في هجرة الحبشة أمام النجاشي ، وقال له محدثاً عن الرسالة الجديدة ودورها وأثرها فيهم - آمل من العرب والأكراد وسائر الأعراق أن تكون هذه الرسالة رائدة صفحة فكرهم - :
" أيها الملك : كنا قوماً أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسبي الجِوار ، ويأكل القوي منا الضعيف ، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا ، نعرف نَسَبَه وصِدقَه وأمانته وعفافه ، فدعانا إلى لنوحده ونعبده ، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وحُسنِ الجوار ، والكَفِّ عن المحارم والدماء ، ونهانا عن الفواحش ، وقول الزور ، وأكل مال اليتيم ، وقذف المحصنات ، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً ، وأمرنا بالصلاة ... " هكذا قال سيدنا جعفر .
أما آن الأوان أن نتبنى مثل هذه الرسالة بشكل دقيق وجاد ؟! ثم ألم يأنِ لنا أن نبحث عما يجمع بدلاً من الإمعان في البحث عما يفرق ؟!
إني أتوجه في هذه العجالة الجوابية إلى الإنسان عامة ، والمسلم خاصة ، والعربي مع الكردي بشكل أخص ، قائلاً : الأصل أن يلتقي الإنسان بالإنسان ، وأن يعيش الإنسان مع الإنسان وأن يتحاور الإنسان مع الإنسان ، وأن يرعى الإنسانُ الإنسان ، والإنسانية صفة كافية من أجل كل هذا في مواجهة الطبيعة لتذليلها ، وبقية المخلوقات المغايرة لتأليفها واستخدامها والإفادة منها ، أو لإبعادها عن ساحة الإنسان ، لئلا تسيطر عليه بمخالبها وأنيابها ، وتُعَلِّمه الشراسة والافتراس ! فإذا أضيف إلى الإنسان صفة أخرى تعمق الإنسانية فيه ، كان الداعي إلى التعايش بين ارباب هذه الصفة المعمَّقة أقوى ، ومن هنا فقط أقول للعرب والأكراد : ألستم من عالم الإنسان ؟! وهذه نقطة ارتكاز وأساس .
ثم بعد ذلك : ألستم منفعلين ومتفاعلين في إطار حضارة واحدة عنوانها الإسلام ؟! وثالثاً : ألستم جيراناً ؟! والتجاور قيمة كافية لتحقيق تعايش آمن مطمئن متعاون متضامن . ورابع الأمور : مصيرٌ مشترك تواجهونه ، لا فرق بين من يتكلم العربية أو الكردية ، ما دام مستضعفاً من قوى البغي والعدوان التي تبغي العلو والفساد في الأرض ، والتحكم بكم عن بعد لإشغالكم بكم عنها وهي ترسم مَعالِم سيادة نفسها ، ولا مُقوِّم لها سوى البطش . وفي الأسبوع قبل الماضي تحدثنا عن شرقٍ أوسطي كبير ترسم معالمه الإدارة الفاسدة في أمريكا .
تذكروا واذكروا هذه الأمور التي عرضناها وانظروا التاريخ الذي به تعتبرون وبحوادثه تتعظون ، واعدلوا عن الخلافات والصراعات التي لا مبعث لها سوى التحريش والتحريض من قبل الشيطان الإنسي والجني : " إن الشيطان قد يئس من أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ، لكن في التحريش فيما بينهم " كما قال محمد صلى الله عليه وآله وسلم رسول العرب والأكراد والفرس والعجم و ... في الحديث الذي أخرجه مسلم .
وليعلم الإخوة الأكراد والعرب أن لا مفرَّ ولا محيص من التآخي فيما بين كل شعب على حِدة والتعاون ليصار إلى تعاون أكبر بين شعبين وأمتين ، فالحالة الراهنة لما عليه الأكراد والعرب – من تقاتل فينا بينهم وتشرذم وصراع وعداوة – لا تسعف الباحث الداعي من أجل أن يناديهم إلى تعاون من غيرهم ، وقديماً قالوا : فاقد الشيء لا يعطيه ! وليتدرب الجميع على التعاون الأكبر بتطبيق وتنفيذ وتحقيق تعاون أصغر ، ولا تظنن أن أبناء المجتمع الواحد يدعون إلى التعاون والتماسك وهم في الأسرة – الخلية الاجتماعية الأولى – متفرقون ، فمن عجز عن الأصغر كان عن الأكبر أعجز .
أنا أعلم أن الوقوف عند صفة الكردية أو العربية يعني في النهاية تناحراً ومعاداة ، ولكني – والإسلام منطلقي – أؤكد على ضرورة دمج الصفتين في بوتقة الإسلام التي لا تلغيهما بدورها ، ولكنها تقوم بالتوظيف البناء ، وتقدم كلاً منهما للآخر أخاً ذا امتيازات يدعم بها أخاه ، في مواجهة الملتهم المفسد المستكبر الغاشم . فصلابة الأكراد التي ارتكزت على الحق أدت إلى تحرير القدس من الظالمين البغاة الآثمين ، وفصاحة العرب هَيَّأت من الأكراد عشاقاً لها ، عاشوها لغة أَحبَّ إليهم من لغتهم الأصلية ، فالأكراد عرب ما داموا يعيشون اللسان العربي من خلال التبني لمبادئ القرآن الكريم ، والعرب أكراد إذ يصممون على الصمود في دفاعهم عن مقدساتهم وحقوقهم وحرياتهم .
لا يعني أني ألخص وضع الأمتين والشعبين في كلمتين ، وإنما أبتغي البحث عن انطلاقة تعاون وإخاء ومحبة ومودة ، ومحاولة لوضع النقاط الجادة الهامة على حروف اللقاء المنشود .
لست من هواة اللملمة السريعة التي لا تلامس الحقيقة ولا تقنع العقل ، ولكن البحث عن قواسم مشتركة بين الإنسان والإنسان – بشكل عام – دَيْدَني وأصر على أن عوامل اللقاء بين العرب والأكراد أكثر وأكثر من مقومات الفراق والبعاد . ولا تثار العداوة فيما بين الأكراد والأكراد ، وكذلك بين العرب والعرب أو بين الأكراد والعرب ، لأنهم اكراد وعرب ، وإنما الأمر إثارة عصبيات وجاهليات تبعث على التفرق الموهِن في مقابلة التجمع القوي . لا تخثروا دم الوحدة الذي يضخه المشترك والمصير الواحد والتجاور العميق والتزاوج القريب والعمل الموحد ، لا تبطلوا عمل المصلحين الساعي إلى التوحيد ، ولنسعَ جميعاً ضمن منظور : ريادة الخير ، ودافعية الحب ، وابتغاء الجمع ، وطلبة اللقاء . ولنسع جميعاً إلى ذلك .
أيها الكردي : لا وجود لك اذا كنت تبغي العيش في دائرة الكردية فقط ، وكذلك انت أيها العربي لا وجود لك اذا كنت تبغي العيش في دائرة العربية فقط ، العيش المشترك وعوامله هو معيار تقدم الإنسان وتطوره وفهمه لعلائق وسنن الحياة .
قال عليه وآله الصلاة والسلام كما جاء في الترمذي وأبو داود : " الناس كلهم بنو آدم ، وآدم من تراب " وقال صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في مسند الإمام أحمد : " ألا لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ".
إنه نداء ، فهل يستجاب له ؟!
الثقة : تضحية لصالح الواثق ، فلنبادر كل منا للآخر ولندعها – أعني العصبية – فإنها فتنة ، وإنها عمياء ، وإنها قاتلة ، ولنعد إلى رحاب الإسلام الجامع ، إلى رحاب القرآن الساطع ، إلى رحاب سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
لم أُنَظِّر في هذي الأسطر ، لكنني رجوت وطلبت ، وطوبى لمن دُعِيَ فاستجاب . لست منظراً ، ولكنني من هواة الدعوة إلى الوحدة والالتئام بين من ينتسبون إلى الإسلام .
كلنا يخطئ ويصيب ، ولكن الرَّوعة فينا اذا كنا حينما نخطئ نتوب ، وحينما نصيب نسأل الله الثبات ، ولكنَّ الفظاعة والفجاجة يوم يخطئ الواحد منا في نظرنا فنأتي لنبقيه في ساحة الخطأ رغم أنفه من خلال معاداته ، هذه فظاعة وفجاجة .
ألفوا بين صفوفكم وأجمعوا أمركم ، فصهيون والصهيونية جاثمون على صدوركم لا يريدون لكم اتفاقاً ولا وحدة ، ولا يريدون لكم اجتماعاً ولا ألفة ، ولا يريدون لكم أن تكونوا على مستوى اللقاء الأخوي .
الصهيونية وتدعمها الأمريكية لا تريد لكم وحدة ، أيها العرب ، أيها الأكراد ، أيها المسلمون في كل مكان ، أيتها الأعراق المختلفة المنتسبة للإسلام ، أيتها الجنسيات المختلفة ، أيتها الأقاليم المتنوعة .
صهيونية جاثمة على صدورنا ، الأولى بنا أن نَتَّحد لنجتثها من جذورها لأن جذورها باطلة ، الأولى أن نجتمع لنقاوم المحتل في كل مكان ، المحتل الأمريكي وسواه ، لنقاومه بوحدة على أرضيةِ وساحة : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، والإسلام الخَيِّر الجامع لأفراده ، والذي يقر المخطئ الصادق فيعطيه أجراً ، وأما الذي يجتهد ويصيب فيعطيه أجرين ، فكلنا – من أخطأ منا ومن أصاب ، ما دام صادقاً – يبتغي القرآن ، فهو في ساحة الأجر والثواب ، في ساحة العطاء .
اللهم إني اسألك أن تجمع شملنا ، وأن تلم شعثنا ، وأن توحد كلمتنا ، وأن توحد صفوفنا يا رب العالمين على هذا الكتاب الكريم ، وعلى شخصية سيدنا وقرة عيوننا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم ، نعم من يسأل أنت ونعم النصير أنت ، أقول هذا القول وأستغفر الله .
 

التعليقات

هوزان

تاريخ :2011/05/19

انامن العراق أطلب من كل العرب حل مشاكلهم وحدهم دون تدخل اى بلدان اجنبية

شاركنا بتعليق