آخر تحديث: الثلاثاء 23 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
رسول الله مَثُلنا وقدوتنا ومعيارنا

رسول الله مَثُلنا وقدوتنا ومعيارنا

تاريخ الإضافة: 2004/05/07 | عدد المشاهدات: 2362

أما بعد : أيها الأخوة المؤمنون :

لا شك أن ربنا جل وعلا فَطََرنا على حاجاتٍ مادية ومعنوية ، فكلنا يمتلىء صدره حاجات وتمتلىء جوارحه حاجات أيضاً ، ولا شك أيضاً أن الله تعالى أخذ العهد على ذاته أن يُشبِعَ هذه الحاجات فهو الحي القيوم الصمد الذي يعين ولا يُعَان ، والذي يحتاج إليه غيره ولا يحتاج إلى أحد ، لا أريد أن أتحدث عن كل الحاجات المادية والمعنوية التي نحتاجها ، كما لا أريد أن أتحدث عن كل الحاجات المعنوية التي ترتكز فينا والتي تتأصل في دواخلنا وعلى سطح أجسامنا وفي كل ذراتنا لكنني أقول ، وأريد أن أتحدث اليوم عن حاجات تحتاجها الإنسانية كلها ، وقد أشبعها ربي جلت قدرته بنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ما دمنا نعيش شهر المولد الشريف العظيم النبيل مولد محمد عليه ألف صلاة وألف سلام .
الإنسانية تحتاج ، وهذه حاجة ملحة ، ونحن نتحدث عن الحاجات المُلِحَّة ، الإنسانية تحتاج إلى قدوة فكان محمد صلى الله عليه وآله وسلم : ﴿ يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ﴾
الأنفال : 24 ﴿ قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ﴾ آل عمران : 31 الإنسانية بحاجة إلى قدوة وإذ بربنا عز وجل يُشبِع هذه الحاجة ويُغطي هذه الحاجة بسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
الإنسانية بحاجة إلى معيار ، وكلنا يشعر بتلك الحاجة ، هو بحاجة إلى مرجع من أجل أن يعاير عليه نفسه ، من أجل أن يعاير عليه ذاته ، من أجل أن يعاير عليه عقله ، من أجل أن يعاير عليه كل ما يريد أن يبني من خلاله وجوده ، فأَشبَعَ الله عز وجل هذه الحاجة بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال ربنا عز وجل : ﴿ لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ﴾
التوبة : 128 هو معيار ، هو موئل ، هو مرجع ، وهل يريد الإنسان كل الإنسان هل يريد معياراً أحكم وأمتن وأعظم من هذا المعيار ، من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، هل تريد معياراً أعظم من هذا الذي قال عن نفسه كما جاء في مسند الإمام أحمد : " أنا خيركم نفساً ، وأنا خيركم بيتاً " وهل تريد معياراً أعظم من هذا الذي وصفه سيدنا ابن عمر رضي الله عنهما يوم قال : والله ما رأيت أشجع ولا أجود ولا أنجع من محمد عليه وآله الصلاة والسلام ، وهل تريد معياراً أكثر من هذا الذي قال عن نفسه صلوات الله وسلاماته عليه ، قال عن نفسه كما جاء في صحيح الإمام مسلم: " أنا محمد ، أنا أحمد ، أنا الحاشر يحشر الناس على قدمي يوم القيامة ، أنا العاقب والعاقب من لا نبي بعده ، أنا الماحي يمحو الله بي الكفر " هل تريد مرجعاً ومعياراً أعظم من هذا الذي منَّ الله عز وجل به علينا ؟
ثالثاً : الإنسانية بحاجة الى رمز تلتفُّ حوله ، إلى رمز تلتف حوله ، تحتمي به من أجل أن تدلل على اعتصامها بحبلٍ متين ، وهل ثَمَة رمز يمكن للإنسانية أن تلتف حوله أعظم من هذا النبي عليه وآله الصلاة والسلام ، هل ثمة رمز أعظم من هذا الذي قال عنه الإمام علي كرم الله وجهه : كنا إذا اشتد البأس وحمي الوطيس واحمرت الحدق اتَّقينا برسول الله ، فما يكون أحد أقرب الى العدو منه . أتريدون رمزاً أعظم من هذا الرمز لنُشبِع حاجتنا الى الرمزية ، فالإنسان في داخله يحتاج الى رمز كما قلت لكم .
رابعاً : الإنسانية بحاجة إلى ضمير من أجل أن تستمع إليه ، وربنا يقول : ﴿ واعلموا أن فيكم رسول الله ﴾
الحجرات : 7 وأنا أقول دائماً : إن رسول الله ضمير العالم ، إن رسول الله هو الضمير الحي للدنيا وللبشرية جمعاء ، إذا ما أردت ان تعود الى ضميرك فعد إلى رسول الله ، لأن رسول الله مُسَدَّد ، لأن رسول الله معصوم ، لأن رسول الله مضمون ، أنت بحاجة إلى ضمير ، أَوَلسنا نسمع من الناس كلمة مفادها : عد الى ضميرك ، وأنا أجسد هذه الكلمة وأشخصها فأقول : عندما عندما يطلب منك أن تعود الى ضميرك فعليك أن تعود الى رسول الله ، فإن رسول الله ضمير لم يتغير طعمه ، لأن رسول الله ضمير لم يتغير نقاؤه ، لأن رسول الله ضمير مَصُون لم تتبدل فيه مفرداته نحو سيء وحاشاه ، محفوظ بحفظ الله " كان خُلُقه القرآن " بحاجة الى ضمير أنت ايها الإنسان أينما كنت ، وضميرك قدوتك ، وضميرك رمزك ، وضميرك معيارك من الضمير إن لم يكن الضمير رمزك من الضمير إن لم يكن الضمير معيارك من الضمير إن لم يكن الضمير قدوتك من الضمير ، رسول الله ضميرنا لأن رسول الله رحمة الله ، لأن رسول الله عطاء الله ، لأن رسول الله يُجَسِّد إرادة الخير من الله لعباده فهو ضميرنا ، وأنا أفهم هذه الآية كما قلت لكم : ﴿ واعلموا أن فيكم رسول الله ﴾ الحجرات : 7 في داخلكم في دواخلكم في بواطنكم ، وذلك يوافق ما تقوله القاعدة في علم النفس : إن في داخل كل إنسان إنساناً ، حينما تعمل فأنت تنصب في داخلك إنساناً من أجل أن تجعله قائدك ومن أن تجعل منه مستلهماً تستلهم منه ومن أجل أن تتخذه عنواناً في مسيرتك ، أو لستم تسمعون في مقابلاتٍ يقال لشخص ما : بمن تأثَّرت في حياتك ؟ من كان له الدور الأوفى في مسيرتك ؟ من كان صاحب الحظ الأكبر في حياتك ؟ من هذا الذي لإشعاعاته أثارها الوفيرة في صيرورتك ؟ والناس يجيبون إجابات كثيرة ، لكن إجابة الإنسان العاقل صاحب التأثير الأكبر وصاحب النصيب الأوفى رسول الله ، وقد قلت لكم ذلك من سنة أو أكثر ، قلت لكم قرأت كلمات إعجاب صدرت من غير مسلمين برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعن رسول الله ، وفي حق رسول الله ، وكان من جملتها ما نقلته لكم عن محرر الهند غاندي يوم قال : يجب أن أعترف بأن الذي دعاني إلى المناداة بتحرير الهند هو نبي الإسلام محمد عليه وآله الصلاة والسلام فأنا من أشد المعجبين بهذا النبي . لئن قال هذا فهناك الكثيرون قالوا مثل هذا الكلام وهم غير مسلمين لأن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم يشكل ضمير الإنسان الحر العاقل ، إن الذي دعاني إلى المناداة بتحرير الهند هو نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
خامساً : الإنسان بحاجة الى أسوة فوق القدوة ، وقلت لكم الفرق بين الأسوة والقدوة : إن القدوة تتبعها وإن الأسوة تتبعها وتحبها ، القدوة تتبعها بينما الأسوة تتبعها وتحبها ، ولِمَ لا تحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو العظيم الرحيم الجواد المُخَلِّص الإنسانية من ربقه العبودية لغير الله ، لم لا تحب ، لم إن كنت تهوى البطولة فمحمد في قمة البطولة ، وإن كنت تهوى الرجولة فمحمد سيد الرجولة ، وإن كنت تهوى الأمانة فأمين الدنيا محمد ، وإن كنت تهوى الصدق فالصادق المصدوق محمد ، وإن كنت تهوى الجود والكرم فالكرم والجود تلميذان في مدرسة محمد ، وإن كنت وإن كنت فمحمد صلى الله عليه وآله وسلم أسوة نتبعها ونحبها ، وما أروع حبه وعطفه لنا ، وهل يقابَل الحب إلا بالحب ؟ رسول الله يحبنا ورسول الله أكرمنا ، رسول الله صاحبُ مِنَّةٍ علينا ، وكل هذه الأمور إن كان من حيث الصفات أو كان من حيث منته أو من حيث حبه دوافع من أجل أن نحبه ، أَوَ تذكرون يا أخوتي كما جاء في صحيح الإمام مسلم يوم قرأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله تعالى على لسان إبراهيم ﴿ رب أنهن أضللن كثيراً من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم ﴾
إبراهيم : 36 ثم قرأ قوله تعالى على لسان عيسى عليه السلام : ﴿ إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ﴾ المائدة : 118 ثم بكى صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال الله : يا جبريل ! إذهب إلى محمد - وربك أعلم - وسَلْه ما يبكيك ؟ فسأل جبريل محمداً صلى الله عليه وآله وسلم ما يبكيك يا محمد ؟ فقال : أمتي ، أمتي . فعاد جبريل وقال : يا رب أمته . فقال الله : يا جبريل ! إذهب إلى محمد وقل له : سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك " رسول الله يبكينا حباً وعطفاً ورحمة وهل يكفي هذا من أجل أن تحبه . أعتقد أن ذلك بمفرده يشكل سبباً قوياً ودافعاً متيناً من أجل أن تتوجه قلوبنا الى حبه ، إلى اتخاذه أسوة فوق القدوة ، إذا كان رسول الله بفضل الله يلبي حاجتنا من حيث كوننا نحتاج إلى قائد وإلى رمز وإلى معيار وإلى ضمير وإلى أسوة فَصَلُّوا عليه صلى الله عليه وآله وسلم ، صلوا عليه ، فإن من يصلي عليه سيكون يوم القيامة أولى الناس به كما قال وكما جاء في سنن أبي داوود : " إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم صلاة عليّ " يا شبابنا صلوا على نبيكم في كل أمكنتكم ، في جامعاتكم ومدارسكم ومراكزكم ، يا جنودنا صلُّوا على النبي ، يا حكامنا صلوا على النبي ، فرسول الله إذ تصلون عليه سيشفع لكم عند الله في الدنيا والآخرة لتكونوا سعداء في الدنيا وفَالِحين في الآخرة ، يروي البزار والطبراني عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال - يا أمة الإسلام ، يا أيها الساكنون حيث كنتم ، اسمعوا هذا النداء من النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول : " إن الله أوكل بقبري ملكاً أعطاه أسماء الخلائق من لدن آدم الى قيام الساعة ، فما من أحد يُسلِّم عليّ أو يصلي عليّ ، إلا قال هذا الملك يا محمد إن فلاناً ابن فلان يصلي عليك " اللهم صل على سينا محمد ابن عبد الله ، القائم بأمر الله ، ما ضاقت إلا وفرجها الله ، ما ضاقت في فلسطين إلا وفرجها الله ، وفي العراق ، وفي كل مكان ، اللهم صل على سيدنا محمد ابن عبد الله ، القائم بأمر الله ، ما ضاقت إلا وفرجها الله . قال رجل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم : أرأيت يا رسول الله إن جعلت دعائي كله صلاةً عليك ؟! قال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : " إذاً يكفيك الله ما أهمك " نريد أن يكفينا الله ما أهمنا بالعمل ، بالجهاد ، ولكن نتوج العمل والجهاد بالصلاة على النبي ، يا أيها الشباب الصغار ، يا أيها الرجال الكبار ، يا أيتها النساء ، يا أيتها الفتيات الصغيرات والصبيات : أنادي الجميع أن يكون لهم وِردٌ هو الصلاة على محمد بن عبد الله عليه وعلى آله الصلاة والسلام ، صلوا عليه في كل يوم فَوَالله إن الصلاه على النبي تُنوِّركم ، تنور قلوبكم ، تنور وجوهكم ، تنور حياتكم ، إن من أَحَب شيئاً أكثر من ذكره ، ونحن نحبك يا سيدي يا رسول الله ، وسنكثر من الصلاة عليك يا حبيب الله ، يا قائدنا إلى الله ، يا من علمتنا كل خير ، جزاك ربي في كل ساعة ، في كل دقيقة ، جزاك ربي خير ما يجزي نبياً عن أمته ، خير ما يجزي رسولاً عن أمته ، خير ما يجزي معلماً عن أمته عن تلاميذه عن طلابه ، وهَمِّي يا سيدي أن تكون أنظارك علينا ، هَمِّي يا سيدي أن يكون قلبك عطوفاً علينا ، همي يا سيدي يا رسول الله أن أكون خادماً عند قدميك ، فورب الكعبة إن الخدمة عند قدميك في الدنيا عِزٌّ ما بعده عِز ، هكذا قال الملوك ، وهكذا قال الزعماء الذين وصلوا الى شيء من معرفتهم برسول الله ، ألم يقل مَلِك الحبشة وهو غير مسلم : لو كنت عند رسول الله لغسلت من عند قدميه ، لغسلت من ماء قدميه . هذه مقولة الملوك ، حيثما كنتم قولوا : اللهم صل على سيدي وقائدي وقرة عيني محمد عليه وآله الصلاة والسلام ، اجهر بذلك ، فجهرك بذلك رفعة لك ، وهل ينتسب أحد غيرك إلى أعظم من هذا النبي ، لئن كنت تنتسب الى شخصية ما تتفاخر بها وتذكرها بالتقدير والتبجيل فكيف وأنت تنتسب الى سيد ولد آدم ، أقول هذا الكلام من أجل أن يتقوى شبابنا وهم يظهرون قناعا تهم ، آن الأوان أن نظهر قناعاتنا بلطف ورفق ولكن مع اللطف والرفق قوة ، فوة في الإظهار ، فإن فساد الرأي أن تترددا ، وأن تخجلا ، وأن تكون مهزوماً في داخلك .
أيها الأخوة الرجال والنساء والشباب والبنات والطلاب والجنود والجميع من يشكل أرضنا ووطننا : صلوا على هذا النبي الكريم ، اللهم صل عليه وآله ، اللهم يا رب اجعل نوره محيطاً بذاتي حارساً لي من جميع جهاتي ، نعم من يسأل أنت ، ونعم النصير أنت ، أقول هذا القول وأستغفر الله .

التعليقات

شاركنا بتعليق