أيها العيد أنت رمز الفرح
والبهجة ، لأنك تعود بالذكريات الجميلة والمعاني اللطيفة ، وخُلاصات الأفعال
الحميدة . مَن لا عيد له لا فرحة له . ومَن لا عيد له لا إنسانية لديه .
حين تقترب أيامك ينتشر البشر على الوجوه كما تعبق الأمكنة بأريجك ، وحين تنتهي
أيامك يودع فيك الجميع غالياً عزيزاً ، ويعاهدونك على أن يرقبوك بأمل إلى أن
تعود ثانية .
أيها العيد : من نظر الأطفال فيك نظر أُنساً مضاعفاً وبهجة متزايدة ونعومة
متألقة ، ومن راقب البيوتات بمن فيها فيك شمَّ رائحة وداد وطيباً تفرزه أخلاق
الإنسان السَّمح الأنيق اللطيف .
أنت صديق ودود للصغار والكبار ، للأماكن والأزمان ، للأسواق والمساجد ، للساحات
والكنائس ، للمعابد والملاعب . أنت الحاني الرحيم ، وأنت العطوف الرؤوف ، وأنت
الجليل الجميل ، وأنت النظيف البهيج ، وأنت القيمة الأحلى والمعنى الأرقى .
ولكن أيها العيد ، من الذي سرق منك كل هذه المعاني ؟ من الذي شوَّه الفرحة التي
كَبَت وشاهت . حدثني يا عيدُ حتى لو كنتَ حزيناً ، حدثني عن غِلاظٍ شداد لا
يرقبون في إنسان إلَّا ولا ذمة ، سَطَوا على فرحة الطفل ، واعتدوا على بسمة
المسنّ ، وقضوا بشراسة على بهاء المسجد ومتعة الكنيسة .
حدثني يا عيد عنهم وقل لأطفال فقدوا الفرحة لك من جذورها بسببهم ، قل لهم : إن
الصهاينة المجرمين أفسدوا وطغوا وبغوا .... ونَغَّصوا علينا أعيادنا وفرحة
أعيادنا ، ولا تقتصر على الحديث عنهم يا عيد ، بل قل لأهل الأعياد منا مسلمين
ومسيحيين : كونوا معاً ، وَحِّدوا الكلمة ، ورُصُّوا الصفوف .
اجتمعوا على الخير ، انشروا السلام والأمان ، سرِّعوا خطوات بناء الفضيلة ،
وبعدها جزاك الله عنا أيها العيد حيثما كنت ، وأينما وجدت ، في المسجد أو في
الكنيسة ، في رمضان أو في كانون ، في المولد أو في الميلاد ، فكلنا يا عيد لآدم
وآدم من تراب ، وأكرمنا عند الله أتقانا ، وأتقانا لله أنفعنا لعياله.
د. محمود عكام
5/12/2002
التعليقات