آخر تحديث: الجمعة 19 إبريل 2024
عكام


كلمة الشـــهر

   
النصر قادم ولكن إلى مَن ؟!

النصر قادم ولكن إلى مَن ؟!

تاريخ الإضافة: 2003/05/01 | عدد المشاهدات: 3592

لا تعجب إن قلَّبتَ الصحف الإسلامية أو شاهدت القنوات الإسلامية الفضائية أو سمعت الإذاعات المتديِّنة من تكرار كلمة " النصر " على ألسنة الكتاب والمحاضرين والمنتدين ، فقد غدا الأمر عادة ، ولا تعجب من أن يحتكر المسلمون بشكل عام " نصر الله " ليجعلوه لهم وحدهم دون غيرهم ، فقد أضحى مثل هذا التصرُّف دَيْدَناً ، ويجب عليك ثالثاً ألا تعجب من امتيازات يقدِّمها المسلمون على سبيل الادِّعاء المحض يطلبون على أساسها من الله النصر والغلبة والفتح ليكون لهم وإلا فالمعادلة " الإنسانية الإلهية " - في رأيهم - مقلوبة وهامدة من أحد طرفيها .
ولكن ألا يحق لنا أن نسأل هؤلاء بعد هذا عن سبب عدم ذكرهم للخسارة والفشل والخذلان والذلّ وهم في بؤر هاتيك الصفات غاطسون حتى النخاع .
يا مسلمون : النصر لا يكفي لامتلاكه وحيازته ادِّعاء أهليته ، وانتسابٌ مزعومٌ موهومٌ إلى المتمكنِّين منه في سالف الزمان .
والنصر لا يعطى لمسترسل في الهوان غير معترف به ، والنصر لا يقدم إلى أناسٍ يطيشون إن أصابوه بل ربما طاشوا إذ يصيبهم وهمه .
بل النصر آتٍ إلى مَنْ وعى سُنَن التاريخ وضبط بها حاضره ، والنصر قادم إلى من استمسك فعلاً وقولاً بالعروة الوثقى ، التي هي منهاج منفَّذ حقاً ، ربّاني المصدر ، ووحدة قوية صلبة بين أتباع هذا المنهج ، وعمل دؤوب تظلِّله عناوين ثلاثة : هي الرحمة الشاملة ، والفهم العميق للإنسان وعلاقاته ، والإتقان الذي لا ينتابه توقف وليس له انتهاء . النصر قادمٌ إلى أربابه ، ويظهر أننا الآن لسنا من أربابه ، وإلى أن نصبح من أربابه آمل أن نتكلَّم كثيراً عن الخسارة ومرارتها ، والخذلان وبشاعته ، والذل وفظاعته ، فعسى نكون في حديثنا عمَّا يسوؤنا نحث أنفسنا أكثر على التحقق العملي الجاد بما ينفعنا ( وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيراً كثيراً ) .

 1أيار / 2003
د. محمود عكام

التعليقات

شاركنا بتعليق