آخر تحديث: الثلاثاء 23 إبريل 2024
عكام


كلمة الشـــهر

   
الحبّ في الله عُروة لا تقبل الانفصام

الحبّ في الله عُروة لا تقبل الانفصام

تاريخ الإضافة: 2008/02/10 | عدد المشاهدات: 2993

كثيراً ما نسمع هذا المصطلح الحبيب "الحب في الله" وكثيراً ما نتردد في إطلاقه على هذا أو ذاك أو هذين أو أولئك، ولذا وجدتني أمسك القلم وأسطر هنا دلالاته التي ما انفكت عنه عندي، ولك يا قارئي كبير اختيار من أجل ردٍّ أو نقدٍ أو طرحٍ بديل.

 الحب في الله إنشاء علاقة مع آخر يؤمن بما تؤمن به، قوامها تبادل الكلمة الطيّبة والفعلة الصالحة الخيّرة، ولا يتوقف التبادل عند جدلية العدّ والأخذ والرد، وواحدة بواحدة، بل هو قائم على المبادرة والتنافس الإيجابي دون حسبان أو احتساب لما مرّ من إحسان أو إساءة، فإحسان المبادِر نسيه المبادِر نفسه، وإساءة الآخر هي في طيّ النسيان بالنسبة لمن أسيء إليه وهكذا... ولا استحضار إلا لواجب الحبّ على كلٍّ منّا تجاه الآخر.

الحب في الله: رضىً متبادل، وتعالٍ على السفاسف، وعفو عن الزلاّت والإعراض عن العتاب، وميل صادق لملامة الذات.

الحب في الله: حبٌّ لأجل الله، ومن أجل الله، ولأن الله يحب هذا الحب، ويحبه عنواناً وسلوكاً وحالاً وقالاً للمؤمنين به حقاً، فهيّا إليه كذلك.

الحب في الله: عطاء بلا حدود، وإيداع ما تملك في حساب مَنْ تحب ولصالح مَنْ تحب، والتوقيع عند الإيداع "محب فحسب".

الحب في الله شعار ودثار، ومعيّة وإيثار.

الحب في الله: مسؤولية شريفة لطيفة تسرّ القلب وتسعد العقل وتريح الجوارح وتبهج الناظرين، ومن ذاق عرف، وسل الذين أحسنوا في أدائها والقيام بها.

الحب في الله منجمٌ ثرٌّ للراحة والطمأنينة وللأمن والأمان، وكل عماله القائمين عليه في المشقة مسرورون:

عذاب الحبّ للعشاق عذب         وأعظم لذّة فيه البكاء

الحب في الله: نور الحياة وضياؤها وسرّها وروعتها، فالحمد لله على محبةٍ فيه، والشكر له على أن زوّد قلوبنا بالاستعداد للحب فيه، وأفضل الصلاة والسلام على سيّد المحبين والمتحابّين في الله، وعلى آله الأطهار ورّاث الأنوار، وصحبه الأخيار، والتابعين الأبرار، وسائر مَنْ على دربهم سار، وبهم استنار.

وليسمح لي المتحابون في الله – أخيراً – أن أجعل مسك الختام حديثاً نبوياً شريفاً موضوعه حب الله للمتحابين في الله:

فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أن رجلاً خرج يزور أخاً له في قرية أخرى، فأرصد الله عزوجل في مدرجته (طريقه) مَلَكاً فلما مرّ به قال: أين تريد ؟ قال: أريد فلاناً، فقال: للقرابة ؟ قال: لا، قال: فلنعمةٍ له عندك تربّها (تطلبها)، قال: لا، قال: فلمَ تأتيه ؟ قال: إني أحبه في الله عز وجلّ. قال: فإني رسول الله إليك: إن الله عزوجل يحبك بحبك إيّاه منه".

فهل بعد هذا إلا القول: "إن من أوثق عرى الإيمان الحب في الله"، وهل ثمّة أجر أعظم للمتحابين في الله من الاستظلال بظل الله.

د. محمود عكام

صفر 1429

 

 

التعليقات

شاركنا بتعليق