أخي أيها العامل معي في ميدان الدعوة إلى الله:
اسمح لي - بداية - أن أعرّفك بنفسي، فأنا إنسان عربي سوري مسلم، ولعلك تسألني عن سرّ تأخير صفة مسلم، فها أنذا أجيب: الإسلام اختيار، وما سوى ذلك واقع حال يتجاوز الاختيار، ولذلك قدمت ما وصّفت على ما عملت على توصيف نفسي به بإرادتي واختياري.
واعلم يا أخي أني حريص على كل صفة مذكورة: الإنسانية والعروبة والسورية والإسلام، وحرصي يعني رغبة أكيدة في الحفاظ عليها موصوفاً بها، مشبعاً بدلالاتها الخيّرة دائماً، فالحمد لله على ذلك، بل الشكر الجزيل الثناء العظيم له جل وعلا.
وبعد التعريف: هي دعوة مني إلينا معاً لنرسم غاية واضحة لنا وهدفاً جلياً نصبو إلى تحقيقه. فإن أذنت ذكرت لك ما في نفسي عنهما، وبعد ذلك لك كامل الخيرة في رفض أو قبول. أما الغاية: فسعيٌ حثيث جاد منا لفهم الإسلام فهماً صحيحاً من مصادره المعتمدة بأدوات عقلية علمية لها كبير رصيد في عالم الاعتبار الاجتهادي، حتى إذا ما تلجلج فينا موقف ما تجاه مسألة ما استفتينا قلبنا وصدقنا في استفتائه، والتزمنا تلك الفتوى الصادرة عنه ووضعنا نصب أعيننا في مثل هذه الحال: ﴿وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه﴾، ودعني ألخص لك ما سبق فأقول: لنتحلّ بالوفاء ونحن نفهم الإسلام، فإذا تم الفهم تحلينا بالأمانة ونحن نبلّغ الإسلام الناس وندعوهم إليه. وهذه هي الغاية الكبرى. وثمة غايات مكتنفة وهي: النظرة المقدِّرة المحترمة للناس كافة، فالخلق كلهم عيال الله، ولا نفرق في الاحترام الصادر عنا بين إنسان وآخر من حيث أصل وجود هذه الفضيلة "أعني الاحترام"، وأما الحدود والسوية فهي قابلة للزيادة والإرتقاء على وفق مراتب ومنازل الناس، وإذ نحترم الناس - يا أخي- فإننا نزرع في دواخلهم بذور قبولنا لديهم، وإلا فبما كسبت أيدينا، وما هكذا أمرنا.
وبعد النظرة آنفة الذكر ثمة غاية أخرى، وهي التحلي بالرحمة التي تعني بالنسبة لي: عطاءً نافعاً مقدماً برفق وسَعَة، وهذا ما يجب أن أعلنه بعملي وقولي ابتداءًوحين الانطلاق وأثناء العمل وحين الانتهاء. لا أريد الإطالة في حديثي عن الغاية، وسأنتقل إلى توضيح الهدف، فالهدف ذو شقين: أولهما تمكين الله لنا في الأرض ليزرع الأمن والأمان بكل ما أوتينا، ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾، ولا تظنن يا قارئي أني اكتفيت بالأمن والأمان عن سائر مطالب الإنسان من عدل وعلم وتوازن اقتصادي ومنعة وحرية واعتبار، لكنني ذكرت الأمن والأمان الذي هو نتيجة النتائج ومطلب المطالب، وما هاتيك القيم إلا وسائل وأسباب. وأما ثاني الشقين: فنجاة من عذاب أليم يمنحنا إياها الرحمن الرحيم، وفوز بنعيم مقيم يكرمنا به الودود الشكور، فاللهم سلم قلوبنا من الرياء والحسد والبغضاء والغل والحقد والكراهية، ومتعنا بالحب والرضى.
لك يا أخي - في النهاية – محبتي ومودتي ودعائي في أن يتولانا ربنا، ويجمعنا على خير رضيه لنا، والحمد لله رب العالمين.
الدكتور محمود عكام
2 آذار 2008
التعليقات