نشرت جريدة "الثورة" الصادرة في دمشق بتاريخ 3/4/2009 وفي صفحة "دين ودنيا" دراسة عن كتاب "لطائف قرآنية" للدكتور الشيخ محمود عكام، فيما يلي نصها:
كتاب في التنوير/ لطائف قرآنية.. معايشات فكرية ولغوية ووجدانية
القرآن في ذاته عَجَبٌ للناظرين: عجَبٌ في بُنيته وتركيبه وانتظامه، وفي توافق وحداته ومفاهيمه وأساليبه وانسجامها؛ وحريٌّ بمناهج البحث وعلوم دراسة النصوص التي لا تنفكُّ تتطور كلَّ يوم أن تكون نتائجها مصداقاً لقول النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلَّم عن القرآن: (ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلَق على كثرة الردِّ) بل يتجدَّد بتجدُّد أسئلة الباحثين فيه.
والقرآن في رسالته وأثره رُشْد للمهتدين: أي للإنسان الباحث عن صلاحٍ في نفسه وإصلاح في عمله، وبعبارة أخرى: للإنسان الساعي إلى فَهْم السُّنن, "ونحن نقول عن شخص ما: هذا إنسانٌ راشد. إذا فَهِمَ السُّنن والعلاقات الاجتماعية والكونية فهماً متوازناً صحيحاً".
ولا شكَّ في أنَّ استخراج مواطن العجَب وسُبُلِ الهدى في القرآن يستلزم منَّا عودةً إلى القرآن لنعيدَ اكتشافه، عبر تواصل مباشر ومعايشة حميمة بيننا وبينه، وذلك بتلاوته وقراءته وتدبُّره، وهي المصطلحات التي أجمَلَ فيها الدكتور محمود عكام واجباتنا حيال القرآن الكريم.
وما هذه اللطائف القرآنية التي تشرف دار عالم القرآن الكريم، ودار فصلت بتقديمها اليوم إلا واحدةٌ من القراءات المحتملة للقرآن، وهي حافلة بالكثير من العجب الذي يكتنف عليه القرآن الكريم، إلا أنَّها تسعى في غايتها إلى تدبُّر أمثل لهذا الكتاب المجيد، نستشفي به من أدوائنا التي اعترتنا بكلِّ سوء.
لقد اختار المؤلف لهذه اللطائف أن يدعوها "مُعايشات" وفي هذا الاختيار رسالةٌ مفادها:
1- إنَّ هذا القرآن أرضٌ طيبة معطاء، وهي تعطي من خيرها كلَّ من يمرُّ عليها، إلا أنَّ عطاءها بمقدار ما يمنحها الإنسان من نفسه وعقله وفكره، فليس من مرَّ بالقرآن عابراً كمن صادقه، وليس من صادقه كمن عايشه، وليس من عايشه كمن عاش به حتى كان خلقه القرآن.
2- نحن مدعوُّون من أجل أن نحفظ لمن بعدنا إنتاجاً يتمحور حول القرآن، تتجلَّى في هذا الإنتاج شخصيتنا، ويرى فيه الآخرون عصرَنا، لا عصر من سلفنا، والعصر كما يعرِّفه أستاذنا المؤلف هو: "الزمن الذي يَكنُفُك أنت أيها الإنسان بإنتاجك دون غيرك، ويحيط بك ويحوطك، وتُنسب إليه ويُنسب إليك... لقد أقسم الله عزَّ وجلَّ بالعصر، واختاره من بين الزمن والوقت والعمر لأنه يريد من الإنسان أن ينتج،... فإذا أنتج وفعل أشياء جيدةً ونافعة له ولغيره فهو عصره، وإذا أفدنا الإنسانية في دنياها وأخراها فهذا عصرنا".
هذه اللطائف بعضٌ من تفكيرٍ ووجدان وذوق وعرفان، أثمرتها معايشةٌ حميمة للقرآن الكريم، وترحالٌ دائم في أنحائه الرحبة، وحرْثٌ دائب في أرضه المعطاء الخيِّرة، وثَّق فيها المؤلف ما لاح له من معان وهو يقرأ آيةً أو يسمعها من فم قارئ، جاهداً في أن لا يخرجَ عن المعتمد في اللغة والمنطق والدلالات وسائر فنون علوم الآلة، ننشرها اليوم في كتاب ابتغاءَ أجر وفائدة ونُصح، بعد أن استمع إليها روَّاد جامع التوحيد الكبير بحلب عقب صلاة الجمعة من كل أسبوع.
وقد فرض تحويل المسموع إلى مقروء أن يقوم معدُّ الكتاب باختصار بعض الأمثلة والتوضيحات التي يقتضيها الكلام الشفهي ويستغني عنها المكتوب.
كما اجتهد المعدُّ في أن يعلِّق على بعض الأفكار بما يعززها أو يتمِّمها، فنقل عن علماء اللغة والتفسير وغيرهم بعضاً من آرائهم ونظراتهم.
محمد أديب ياسرجي
لقراءة النص من المصدر، لطفاً اضغط هنا
التعليقات