آخر تحديث: الأربعاء 27 مارس 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
في ظل الله عز وجل

في ظل الله عز وجل

تاريخ الإضافة: 2010/07/02 | عدد المشاهدات: 3032

أما بعد، فيا أيها الإخوة المؤمنون:

نظرتُ الناس في أيام الحر فإذا كلٌ يبحث عن ظل، ونظرت الناس في أيام القر أو البرد وإذا بهم جميعاً أيضاً يبحثون عن ظل يقيهم القرَّ أي البرد، قرأت حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي يتحدث عن يومٍ تشخص فيه الأبصار، يتحدث فيه عن يومٍ، الحر فيه أشد من ذاك الحر الذي نلقاه هذه الأيام، يتحدث عن مصاعب تكتنف ذاك الإنسان تتجاوز في قوتها وشدتها شدة المصاعب التي نلقاها في حياتنا هذه، وهناك أيضاً حيث الحر، ولا حرَّ في الدنيا يمكن أن يقارب ذلك الحر، وحيث القَرّ، حيث لا يمكن للقر في الدنيا أن يقارب أو أن يماثل أو أن يكون نسبة ضئيلة من ذاك الذي سيكون هناك. هناك أيضاً يبحث الإنسان عن ظل، يأتي سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم هنا يقول لأمته أتريدون أن تستظلوا بظل ربكم الذي يحميكم من حرٍ وقرٍ هناك ؟ أتريدون ؟ لو أن إنساناً قال لنا اليوم هنا أتريد ظلاً تستظل به من الشمس المحرقة ومن البرد القارس ومن الحر القاسي أتريد ظلاً ؟ الجواب من كلنا: نعم نريد ظلاً حتى نحمي أنفسنا من الشمس الحارة القاسية وحتى نحمي أنفسنا أيضاً من البرد القارس، قال النبي صلى الله عليه وسلم لنا منذ أربعة عشر قرناً وزيادة، أيها الباحثون عن ظل إن في الدنيا أو في الآخرة، إليكم أولئك الذين سيستظلون بظل الله يوم القيامة، وفي الدنيا إليكم أولئك الذين سيظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله وبلا شك سيكونون أيضاً في ظل الله وكنفه ورعايته وحمايته في الدنيا، هناك في الآخرة وهنا في الدنيا، إليكم هؤلاء والحديث معروفٌ لديكم أيها الإخوة: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله) أتريد أن تستظل بظل الرحمة الإلهية في الدنيا والآخرة ؟ أتريد أن تستظل بظل عطاء الله في الدنيا والآخرة ؟ أتريد أن تستظل بظل كنف الله في الدنيا والآخرة ؟ أتريد أن تُحمى من أي مكروه وأنت مستظلٌ بظل الله في الدنيا والآخرة ؟ مَن منا يا إخوتي يرفض هذا العرض ؟  لكن لهذا العرض ثمن، فمن أولئك الذين سيظلهم الله في الدنيا والآخرة في ظله في عنايته في رعايته في كنفه في حفظه في أمانته في رضوانه في مغفرته في تلطفه في تعطفه ؟ (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمامٌ عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه، ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وافترقا عليه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله رب العالمين).

إمام عادل: والعدل أساس الملك وأساس الحياة وبه قامت السموات والأرض، ولا حياة من غير عدل ولا إنسان من غير عدل، إمامٌ عادل على مستوى قيادة الأمة وقيادة الدولة وعلى مستوى قيادة الأسرة وعلى مستوى قيادة الدائرة وعلى مستوى قيادة المدرسة، إمامٌ عادل حيثُ نُصِّبت إماماً فيجب أن يكون العدل هاجسك، في أي دائرة من دوائر الحياة صغرت تلك الدائرة أم كبرت فالعدل سمة وصفة يجب أن تتحلى بها وأن تكون من أهلها وإلا فلن تستظل بظل الله لا في الدنيا ولا في الآخرة، إمامٌ عادل، ويقول سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في صحيح مسلم: (إن أحب الناس إلى الله عز وجل يوم القيامة وأقربهم منه مجلساً إمامٌ عادل، وإن أبغض الناس إلى الله يوم القيامة وأبعدهم منه مجلساً إمامٌ جائر) وأريد أن نستوعب بأن الإمام يجب ألا نقصره على الحاكم فقط فكلنا إمام (كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته) الحاكم، نبتدئ من الدائرة الأكبر وننتهي إلى أصغر دائرة تمثلها أنت فهل تعدل بين جوارحك ؟ وهل تعدل في أسرتك ؟ وهل تعدل بين أولادك ؟ وهل تعدل بين عمالك ؟ وهل تعدل بين موظفيك ؟ وهل وهل.. أسئلة كثيرة تتعلق بالعدل وما يجب أن يتحلى به ذاك الإنسان، لأن كل إنسان منا إمام في دائرة ما، وهذه الإمامة تصغر وتكبر بحسب المساحة، لكن العدل مطلوبٌ في أصغر دائرة وفي أكبر دائرة، إمامٌ عادل. أتريد أن تستظل أيها الإمام في ظل الله في الدنيا وفي الآخرة ؟ إذن فليكن العدل سمتك وصفتك وهاجسك وديدنك والأمر الذي تأوي إليه والمرجع الذي تلوذ به وإلا فلا ظل لك لا في الدنيا حماية ورعاية من ربنا جل شأنه ولا في الآخرة.

الذي يستظل في ظل الله ثانياً: شابٌ نشأ في عبادة الله، وهنا أقول لشباب أمتي: يا شباب قرأت حكمةً منذ أكثر من ثلاثين سنة لابن عطاء الله السكندري يقول: "من لم تكن له بداية مُحرِقة لن تكون له نهاية مُشرقة". شابٌ نشأ في عبادة الله، أين تنشأ أنت أيها الشاب ؟ الآن انتهت المدارس والجامعات لمن يدرس، والآن امتلكت ناصية عطلة سنوية لمن يعمل وهكذا دواليك، فبالله عليك هل تفكر في أن تكون واحداً من هؤلاء الذين يُطلق عليهم بأنه شابٌ نشأ في عبادة الله، يحب الله، يحب عبادة الله، يتوجه إلى الله في قلبه وفي مسيره وفي رجوعه وفي طعامه وفي شرابه، يتوجه بقلبه وقالبه ليقول لربه إني أحبك فاحفظني يا رب، واجعل مني إنساناً صالحاً مُصلحاً، إنساناً قوياً مقوياً، إنساناً قادراً ومقدرَّاً، إنساناً أسعى وأعمل من أجل أن يسعد الإنسان، من أجل أن يبنى الوطن من أجل أن أكون علامة فارقة في صفحة الإصلاح لأننا خلقنا من أجل أن نكون صالحين ومصلحين، شابٌ نشا في عبادة الله، أيها الشاب يا من بلغت العاشرة يا من بلغت أكثر من العاشرة هل تفكر في هذا ؟ يا أطفالنا يا أبناءنا أريدكم أقوياء أريدكم شجعاناً أريدكم مُتَحدّين لكل الصعوبات الحياتية التي تكتنفنا، أريدكم سدوداً مانعة أمام كل سيلٍ يحمل في طياته الفساد لقلوبكم وعقولكم وعيونكم ولن يكون هذا إلا إذا عقدتم صلة قوية بربكم، شابٌ نشأ في عبادة الله..

ثالثاً: ورجلٌ قلبه معلق بالمساجد: أين قلبك معلق ؟ القضية قضية محاسبة بين الإنسان وبين نفسه، أنا لا أقول عليك أن تعلق قلبك بجدران المساجد، ولا بالمسجد الأجمل، ولا بالمسجد الأقرب، ولا بالمسجد الأكثر زخرفة، ولكن أريدك أن تعلق قلبك بالمسجد من حيث كونه مسجداً لأنك تسجد فيه لرب السموات والأرض، لأنك تسجد فيه لمحبوبك لله فأنت تحب الله والله يحبك، لأن المسجد مكانٌ تكون فيه أقرب إلى المحبوب، أرأيت يوم تَعِدُ إنساناً تحبه في مكانٍ ما ويتكرر الموعد لهذا الإنسان الذي تحب في ذاك المكان أرأيت إلى قلبك كيف يتعلق بهذا المكان، لا لذات المكان وإنما لما سيكون فيه، للموعد الذي سيتحقق فيه، للقاءِ الذي سيكون فيه، فأنت ستلقى بالمكان الذي تعلق به قلبك ستلقى حبيباً أو صديقاً أو إنساناً تعزه أو إنساناً تقدره، ولهذا ستذهب وتروح وتغدو وأنت تتغنى بالمكان لا من أجل المكان ولكن من أجل المكين، ورجلٌ قلبه معلق بالمساجد. رُبينا على أن نذهب إلى المسجد وعلى أن نغدو إلى المسجد وعلى أن نعود ونروح إلى المسجد، ولذلك كنت أقول ولا زلت أردد هذه الكلمات أقول لمن حولي: ووالله إن جلسة في مسجد ما، ولا سيما في المساجد القديمة التي عُبئت من أنفاس الصالحين تعدل عندي جلسة في أبهى وأجمل مكان اليوم في عالم الدنيا الآخر من مزرعة ومقصف، أنا لا أقول بأن المزرعة لا يُذهب إليها ولكننا إذ ربينا على أن تتعلق قلوبنا في المسجد لا لذات المسجد وأؤكد على هذا ولكن لأننا في المسجد نشعر بقربٍ من الله ومع الله وبالله، فاللهم لا تحرمنا الأنس بك ولا تحرمنا أن نستظل بظلك في الدنيا قبل الآخرة، لا تحرم شباب امتنا من أن يتقووا بك يا رب العباد.

رابعاً: ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، حدّثني عن علاقتك بهذا الذي تمشي معه، بصديقك، هل تحبه في الله ؟ هل تقدّم له ما يحتاج ؟ هل تفرج عنه كُربه ؟ هل تنفّس عنه همومه أم أنك تصحبه ظاهراً ؟ تصحبه صحبة تقول بلسان حالك ما بيني وبينك كما بين هذه السارية وتلك، كتلة تمشي بجانب كتلة لا أكثر ولا أقل، أما القلوب فكل قلب بمعزل عن الآخر لا تحبه، قد تدعي حبه لكنك لا تحبه لأنك لا تفتديه، أنتم ونحن اليوم لا نعيش الأخوة فيما بيننا، للأخوة علامات ومن علاماتها يقول أبو الدرداء أحد صحابة رسول الله رضي الله عنه الذين رُبّوا على الأخوة ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ربوا على هذا يقول: "لو كانت الدنيا لقمة ووضعتها في فم أخي لاستقللتها عليه". الولد يفر من والده في دنيانا هذه، والوالد يفر من ولده، والأخ يفر من أخيه، ويدَّعي بأنه مشغول، ولا تكلمني يا صاحبي عن أمر أقدّمه لك فأنا صاحبك وحبيبك لكن من غير أي ثمن أقدمه أو تقدمه.

إن أخاك الحق من كان معك                    ومن يضر نفسه لينفعك

ومن إذا ريب الزمان صدعك                    شتت فيه شمله ليجمعك

أقسم بالله أيها الأخوة لو أن واحداً منا احتاج إليه أخوه بعشر معشار ماله، لقضيةٍ تمس حياته، لما قام هذا المحتاج إليه بتلبية حاجة أخيه، لأننا نعيش اليوم كما قلت لكم ادّعاءاتٍ كثيرة وصحوة إسلامية، لكننا من حيث الإيمان فنحن في غفلةٍ ساهون، بل نائمون، بل في سُباتٍ عميق، بل لا نشعر، بل لا نحس، بل إن لم أقل في عداد الأموات، لأن صحوة الإيمان هي الأصل، لكننا نعيش صحوةً إسلامية ظاهرية، نصلي ونصوم ظاهراً، لكن حقيقة الصلاة لا نقترب منها، وكذلك لا نقترب من حقيقة الصيام، لكننا فيما يتعلق بالأخلاق والأخلاق دلائل الإيمان لا شيء منها عندنا، وبالتالي لسنا في صحوة إيمانية بل نحن في سبات الإيمان، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه.

سادساً: ورجلٌ تصدق فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، قلت البارحة لبعض الإخوة لا تنفق شماله ولا تنفق يمينه فلا شماله تعرف ما تنفق يمينه لأن يمينه لا تنفق، ولا يمينه تعرف ما تنفق شماله لأن شماله لا تنفق، أين صدقة السر ؟ الصدقة الكثيرة المشبعة التي تلبي حاجة ؟ أين صدقتك السرية يا صاحب المال، يا من تملك مالاً ؟ ورجلٌ تصدق بصدقة فأخفاها، صدقة السر تجعل عندك سراً، صدقة الجهر تنال عليها أجراً، أما صدقة السر فتجعل لك سراً، بصدقة السر تكون صاحب سر، لكن أين صاحب الأجر حتى نبحث عن صاحب السر ؟ أين من يتصدق الصدقة التي تفي بحاجة أصحاب الحاجة ؟ أين تلك الصدقات حدثوني عنها، أروني إن كان هناك من يتصدق بمليون ليرة سورية وهو يمتلك خمسمئة مليون ليرة سورية، أي واحد على خمسمئة، حدثوني عنه، أنا أتحدث عن صدقة غير الزكاة حتى عن الزكاة فورب الكعبة إننا بأسرنا ما أعتقد أن جميعنا يخرج الزكاة الحقّة الواجبة عليه، ولو أن أغنياءنا أخرجوا زكواتِ أموالهم كما أمر شرع الله ما وجدت محتاجاً اليوم، انظروا الفقراء الذين يعيشون، هنالك من لا يجد ما يأكل وصدقوني، وهنالك من لا يجد من يُسعفه بعملية إن أهملها أودت بحياته ولا تكلف كثيراً، تكلف عشرين ألفاً على سبيل المثال، لكن أغنياءنا لا يُزكون ولا يتصدقون، وحدّثهم عن كل شيء، حدثهم عن الحج فسيكونون مسرورين، حدثهم عن الصلاة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسيكونون مسرورين، أما إن حدثتهم عن الزكاة والصدقة وتلبية الحاجة وتنفيس الكرب، عند ذلك إن نظرت إلى وجوههم فوجوههم كيومٍ عبوس قمطرير. ورجلٌ تصدق بصدقة فأخفاها، هل تصدقت اليوم صدقة أخفيتها ؟ هل تصدقت البارحة ؟ هل تصدقت قبل البارحة ؟ إن كنت لا تملك مالاً فهل تصدقت بعطاءٍ معنوي ينفع ؟ هل قدمت كلمة ؟ (لا تحقرن من المعروف شيئاً - هكذا قال صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في صحيح الإمام مسلم - ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق) هل قدمت كلمة نافعة للأمة على مستوى الثقافة وعلى مستوى الفكر أم أنك تردد كلمات من أجل أن تجني من ورائها رفعة، تتكلم بالكلمة لا تُقنِع بها وأنت غير مقتنع بها، ولكن تريد أن تكسب من ورائها عزاً، وكثيرون أولئك هم الشباب الذين يدرسون الشريعة الإسلامية يتكلمون كلاماً لا يعتقدونه، لكنهم يريدون من ورائه أن يرضوا الجماهير، لا يتكلمون بما يرضي عليهم ضميرهم وعقلهم وإنما يتكلمون كلاماً ينتظرون منه هز الرؤوس من أولئك الجماهير حتى يكونوا معاً في عزٍ موهومٍ ومزيف، ورجلٌ تصدق بصدقة فأخفاها.

أخيراً: ورجلٌ دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله رب العالمين: كن عفيفاً أيها الشاب، كن صامداً أمام المغريات، كن قوياً أمام تلك المرأة التي تدعوك وأمام ذاك المال الذي يناديك لكنه مالٌ حرام، قل إنه ربي أحسن مثواي، إن دعتك امرأة ذات منصب وجمال أو لم تكن ذات منصب وجمال، أو ناداك مالٌ فيه حرام أو فيه شبهة فقل لا، ﴿إنه ربي أحسن مثواي﴾، ورجلٌ دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله، تخيل أيها الشاب لو أنك دُعيت فماذا سيكون الجواب، علّم نفسك ودرّب نفسك على أن يكون جوابك إنه ربي أحسن مثواي، إني أخاف الله رب العالمين، بينك وبين نفسك ضع الاحتمالات وضع التخيلات وقل لو أني دعيتُ إلى مالٍ حرامٍ كثير وأنا بحاجة إليه فسأقول بفضل الله وبفضل الاستعانة بالله إنه ربي أحسن مثواي، ولئن دعيت إلى فاحشة فسأقول لا، إنه ربي أحسن مثواي، حدّث نفسك بهذا من أجل أن يعينك ربك في الموقف الحقيقي الواقع.

اللهم إني أسألك أن تجعلنا من أولئك الذين يستظلون بظلك في الدنيا قبل الآخرة وفي الآخرة بعد الدنيا، إمامٌ عادل وشابٌ نشأ في عبادة الله ورجلٌ قلبه معلق بالمساجد ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجلٌ دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله رب العالمين. اللهم وفقنا لذلك، نعم من يسأل أنت ونعم النصير أنت أقول هذا القول وأستغفر الله.

ألقيت بتاريخ 2/7/2010

التعليقات

شاركنا بتعليق